علامات الإيمان

رمزي السعيد (داعية مصري)

الخميس-7 ذوالقعدة 1434 الموافق 12 أيلول /سبتمبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).

إن الله سبحانه وتعالى فرض لنا الفرائض وشرع لنا المنهاج الذي تقوم على أسسه تربية النفوس وتهذيبها فيكون المسلم بعد العبادة صاحب نفس طيبة وهمة عالية يستمد العون من الله تعالى ويسير على منهج النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فيداوم على الطاعة والعبادة فيزداد قربا من الله وتمتلئ نفسه شوقا لطاعة الله يحس بلذة العبادة والمناجاة فيطمح للمزيد من تقوى الله، فالمرء الذي أكرمه الله تعالى برحلة مباركة لبقاع الأرض المقدسة يلجأ إلى ربه فيتجدد لديه الإيمان والإسلام ويقوى عنده العزم والإرادة، وينشط لديه الحرص على الطاعة والعمل الصالح، فما أروعها من فرصة للمسلم كي يغير من نفسه ويرتقي بها فالذي يلبي نداء الله عز وجل مستشعرا عظمة الخالق سبحانه وتعالى ، يعلم حق العلم أنه ما خلق في هذه الحياة إلا للعبادة لذا فهو يشعر بلذة المناجاة عندما يتضرع إلى ربه وهو يؤدي هذه العبادة ، كي يغير من نفسه ويرتقي بها للوصول إلى الهدف المنشود في إصلاح النفس وتربيتها وتزكيتها، فالمسلم بالمحبة تصفو الحياة أمامه وتشرق شمس التقى له ويرقص قلبه طربا،أما حين نغفل عن الحب الحقيقي تظلم النفوس وتضيق الصدور فإن أعظم وأسمى وأصدق أنواع الحب هو حب الله تعالى وحب النبي صلى الله عليه وسلم وذاك من أعظمعلامات الإيمان ، فلا يكون العبد كامل الإيمان إلا بمحبة الله تعالى وحب نبيه صلى الله عليه وسلم ،فإذا عمر المسلم قلبه بهذه المحبة يزداد قربا من الله ويحس بلذة الإيمان والتي تشرق في النفس حب الحياة وتهون معها كل شئ فاسمع قول أنس بن مالك رضى الله عنه : “بينما أنا والنبي صلى الله عليه وسلم خارجان من المسجد،فلقينا رجلا عند سدة المسجد فقال:يا رسول الله متى الساعة ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم :وما أعددت لها؟فكأن الرجل استكان ثم قال:يا رسول الله ما أعددت لها كثير صيام ولا صلاة ولا صدقة ولكني أحب الله ورسوله ، قال له :(أنت مع من أحببت)رواه البخاري.

اقرأ أيضا  ماذا قال ملك المغرب حول وضع القدس؟

إن العبد الذي  علم معنى العبودية وعلم أنها الاستسلام لله تعالى بالجوارح والإتيان بالأركان والتصديق بالقلب تجده من خلال تلك الفرائض الربانية يكون قد عايش عناصر العملية التربوية كاملة من استعداد نفسي وبيئة صالحة وصحبة صالحة  ويكون أيضا قد تفاعل معها وتأثر بها، وبالتالي كان ولا بد أن يظهر الأثر بعد إتمام الفريضة في شخصية المسلم الإيجابي فيعينه الله في إحداث هذا التغيير الشامل في النفس (والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم) , فالمسلم يعلم علما يقينيا لاشك فيه أن الشريعة كلها مصالح إما تدرأ مفسدة أو تجلب مصلحة, ذاك هو الحب الحقيقي النابع من القلب وليس الحب المزيف إنه الحب الذي يقرب إلى الله وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،إنه الحب الذي دعا الصحابي إلى أن يقول هذه الكلمات النيرات “والله ما أحب أن محمدا يصاب برعاف في أنفه وأنا معاف في بدني وجالس في أهلي” إنه الحب الذي ملك قلوب أولئك الصحابة الأبرار الأطهار,فلقد كانت بعثته إشراقا لشمس الهداية الربانية بمبعوث العناية الإلهية, وإيذانا ببدء ثورة شاملة حررت الإنسانية قاطبة وشمل التغيير الأزمنة والأمكنة،ورفعت عن البشرية إصر العبوديات الباطلة والأغلال الكثيرة التي كانت تعوق انطلاقها جميعا، فأخذ الإنسان حريته بيده وصاغ هوية زمانه ومكانه صياغة جديدة، فنمت عناصر الخير في كل شيء، فعندما كان احتجاجا قبليا على كل عناصر الخير، وقف الإنسان على ربوة التاريخ يسدد خطواته نحو الأشرف والأفضل ووقف المكان يحتضن وينبت الأروع والأنصع ووقف الزمان ليفسح ويتيح للأكمل والأشمل, فالعبودية ليست قصصا تروى ولا كلمات تقال ولا ترانيم تغنى ولا تكون دعوة باللسان ولا هياما بالوجدان،وإنما هي طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم والمحبة عمل بمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم ،تتجلى في السلوك والأفعال والأقوال “قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم”,فعن عبد الله بن هشام قال:(كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ؛ فقال له عمر يا رسول الله : لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي،فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك ، فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي  ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الآن يا عمر)رواه البخاري,وبذلك يعلم كل مسلم أن محبته صلى الله عليه وسلم أصل من أصول الدين ،فلا إيمان لمن لم يكن الرسول حبيبه لأن محبته شعبة من محبة الله تعالى نسعى من خلالها نحو عالم أكمل وأمثل وحياة فضلى تسودها المحبة والمودة.

اقرأ أيضا  الإدارة الإلكترونية

المصدر : بوابة الشرق

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.