لاجئو فلسطين في سوريا.. معاناة مضاعفة
السبت -9 ذوالقعدة 1434 الموافق 14 أيلول /سبتمبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
بقلم كاظم عايش
كنا وكان لاجئو مناطق أخرى يغبطونهم على الوضع الذي كانوا فيه، رغم قسوة النظام مع معارضيه من كل الأطياف، إلا أنهم كانوا يتمتعون بكل امتيازات المواطن السوري في العمل والمعيشة والتنقل، حتى الوظائف الامنية والعسكرية والحكومية الرفيعة لم يكونوا ممنوعين منها، وعاشوا حياتهم بدون شعور بالاضطهاد او الدونية او المنغصات التي عاشها نظراؤهم في مناطق أخرى من اللجوء، كما هو حال اللاجئين عادة.
في الأزمة الاخيرة التي عاشها الشعب السوري حين ظن انه يمكن ان يحصل على حقوقه المغتصبة من النظام الحاكم في دمشق، أصبح الوضع حرجا بالنسبة للاجئين الفلسطينيين، شأن القوى الفلسطينية التي كانت تقيم وما زال بعضها هناك، فالنظام المأزوم لم يترك لهؤلاء الخيار في تحديد موقفهم، وقد كانوا يفضلون الحياد على الانحياز لأحد الفريقين، فكرم الاقامة الذي تمتعوا به طيلة وجودهم لم يكن من قبل النظام وحسب، بل كان الشعب السوري يحتضنهم بنفس الدفء أن لم يكن أفضل، وهم لا يستطيعون ان يتنكروا لأي من الفريقين، ولكن النظام وضعهم أمام الخيارات الصعبة، بل والمستحيلة، فهم حسب رأي النظام يجب أن يقاتلوا الى جانبه، ويدفعوا ثمن استضافتهم على أرضه، أما هم فلم يستجيبوا له الا فريقا من الذين باعوا ضمائرهم ومواقفهم وخاضوا في دماء السوريين والفلسطينيين على حد سواء.
في مخيم اليرموك يعيش السوري الى جانب الفلسطيني في تداخل سكاني لا يمكن فصله، وهم بحكم الجوار والمعاناة المشتركة لا يمكنهم التخلي عن اخوانهم وجيرانهم حين يتعرضون للمحنة والاذى، على الاقل في البعد الانساني، فمداواة جريح أو اسعافه لا تتطلب كبير عناء ولا تفكير، وايواء مشرد او مطارد من قبل شبيحة النظام لا يمكن ان يرفضه احد، ولو كان المستجير على خطأ، فكيف وقد ظهر ان ظلما كبيرا وقع على الشعب السوري من قبل عصابات زعمت انها نظام ودولة.
حدثني الهاربون من مخيم درعا انهم كانوا بعيدين عما جرى من صراع وقتل، ولكن حين لجأ بعض السوريين من بطش النظام الى مخيم درعا، وقام اللاجئون بواجبهم الانساني نحوهم، قامت الوحدات التابعة للجيش السوري بقصف المخيم وتهديمه على رؤوس ساكنيه، ولا ذنب لهم سوى انهم قدموا الطعام والاسعافات الاولية الى من استجار بهم من اخوانهم السوريين.
في مخيم اللاذقية وبقية مخيمات سوريا حدثت امور مماثلة، وكان نصيبها من الاجرام الاسدي لا يقل عن غيرها من المخيمات، وهكذا اصبح اللاجئون الفلسطينيون في سوريا هدفا لنظام مأزوم موتور، تحكمه عقلية ضيقة، خلاصتها إما أن تكون معي أو ضدي ولا خيارات أخرى، وتستمر هذه المعاناة، وتزداد بشكل أكبر حين يحاول هؤلاء اللاجئون ان ينجوا بانفسهم الى مناطق أخرى ودول مجاورة ليجدوا ان الامر اسوأ، فدول لا تسمح لهم بالدخول لحسابات ديموغرافية، وخشية استقرارهم فيها، ودول تعاملهم معاملة خاصة دون تلك التي يتلقاها الاخوة السوريون، وبعد الانقلاب العسكري في مصر اصبح الفلسطينيون اللاجئون هناك هدفا للجيش والبلطجية بحجة مساعدتهم لمناهضي الانقلاب، وهكذا تتضاعف المعاناة التي يواجهها اللاجئون الهاربون من بطش النظام في سوريا، وقد قارب عدد الذين استشهدوا منهم الفين ونيفا، قضى بعضهم بالهجوم الكيماوي على ريف دمشق، وبهذا يكون نظام الاسد هو أول من يقتل الفلسطينيين بالكيماوي، ولم يفعلها العدو الصهيوني معهم.
معاناة اللاجئين في ظل الربيع العربي لم تتوقف، وهي مرشحة للتصاعد، ولم يحرك احد ساكنا للوقوف الى جانبهم، لا منظمة التحرير ولا الدول العربية ولا الغربية ولا المؤسسات الانسانية ولا الانروا، ولا أحد، وهؤلاء شعورهم بالظلم والغربة والاضطهاد مضاعف، لأنه لا بواكي لهم، ولا أحد يهتم لشأنهم.
كنا نظن أن الربيع العربي سيفتح آفاقا جديدة للاجئين واملا في العودة الى وطنهم الذي انتظروا العودة اليه طويلا، ولكن يبدو ان الوقت لم يحن بعد، لا لتخفيف معاناتهم، ولا لعودتهم الى ديارهم، بل وتصاعدت المعاناة الى مستويات غير مسبوقة كما يحدث الآن في غزة التي نرجو الله ان يفرج كربتها.
المصدر : السبيل