الإخلاص وصدق النية
الإثنين- 24 ذوالقعدة 1434 الموافق30 أيلول / سبتمبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
د. محمد بن فهد بن إبراهيم الودعان
إن الإخلاص لله – تعالى – سبب لكل خير في الدنيا والآخرة، ولا بد من توفر الإخلاص وصدق النية في الحوار؛ ذلك لأن العمل المتقبل، لا بد أن يكون خالصاً لله-تعالى-وابتغي به وجهه، صواباً وموافقاً لشريعة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.
وقد جاءت دعوة الأنبياء لأقوامهم، بصدقهم فيها، وإخلاصهم وحسن مقصدهم، ولهذا وصف الله – تعالى – نبيه يوسف – عليه السلام – بهذه الصفة:
1- قال تعالى: ﴿ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾ [يوسف: 24]
ومن النصوص الواردة في الإخلاص في الحوار: ما جاء في دعوة يوسف – عليه السلام – للسجينين، ولامرأة العزيز، ولإخوته، وصدقه وحسن نيته في حواره، وإبداء النصح لهم والبلاغ ومراقبة الله – تعالى – في السرِّ والعلن:
2- قال تعالى: ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [يوسف: 23].
فهنا يوسف – عليه السلام – في حواره مع امرأة العزيز أعلن لها قطع الطريق الموصل إلى المعصية، مع وجود الداعي القوي فيه، وقدم مراد الله على مراد النفس الأمارة بالسوء، وقدم الخوف ومراقبة الله على الفعل القبيح؛ لأنه على الحق ومن خالفه فهو على الباطل.
3- قال تعالى: ﴿ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 40].
يلاحظ في حوار يوسف – عليه السلام – مع صاحبي السجن أنه وطَّن نفسه، وروضها على الإخلاص لله في دعوته معهما، فدعاهما لعبادة الله وحده، وإخلاص الدين له، والتبرؤ من كل ما سوى الله – تعالى -.
4- قوله تعالى:- عندما صارح يوسف إخوته في حواره معهم بالحقيقة: ﴿قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ * قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ * قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 89-92].
يتضح جلياً كمال يوسف – عليه السلام – في نصحه وصدق نيته، وتصفية قلبه مع إخوته – مع ما بدر منهم – بعيداً عن الجدل والنزاع والفتنة، وهكذا سار الأنبياء في حواراتهم مع أقوامهم ودعوتهم ومضيهم إلى طرق القلوب وتليينها واستمالتها.
المصدر :الألوكة