فتنة في المخيم
ماهر أبو طير
الأحد- 1 ذوالحجة1434 الموافق6 تشرين الأول / أكتوبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
مؤسف جداً،ان نستدعي كل جاهليتنا عند كل حادثة تجري بين طرفين،وقد شهدنا مشاجرة في مخيم غزة بين شباب من المخيم وقرية الحدادة في جرش التي يعيش بها افراد عشيرة معروفة.
مثل هذه المشاجرة تجري كل يوم،بين ابناء القرى والبوادي،وسمعنا عن الاف المشاجرات بين ابناء عشيرة واحدة هنا او هناك،على خلفية الانتخابات البلدية او النيابية،او لاعتبارات شخصية،فالمشاجرات باتت حدثا يوميا عاديا.
المشاجرة في مخيم غزة،ايا كان المعتدي فيها او المعتدى عليه،اخذت الطرفين الى مصالحة،ثم سرعان ماتجددت المشاجرة،بين الطرفين وادت الى تدخل الدرك والامن،بعد مواجهات بالعصي والحجارة وحرق ممتلكات داخل المخيم.
شبع الناس من الافتاء على رؤوسهم حول طبيعة علاقتهم الازلية،لكنك بدأت تسمع عن فتنة اردنية فلسطينية بين ابناء المخيم وقرية الحدادة،وهذا كلام مؤسف،ويدل على اننا جميعا نستدعي جاهليتنا الاولى عند كل مواجهة،وكأننا لانتعلم لا من دين ولاعروبة،ولاحتى من واقع مدمر في كل المنطقة اخذتنا اليه ثورات وفتن وانحيازات صغيرة للفئة او المذهب او الاصل او العرق او الدين.
بدأت مشاجرة وانقلبت الى فتنة ،والذي يرى دول الجوار وكيفية انهيارها تحت وطأة عناوين مختلفة،يعرف ان مفتاح الفتنة الاكبر في البلد هنا سيكون العبث المريض بقصة الاصول والمنابت،وهذا عبث سيؤدي الى تدمير وتخريب .
لانريد تحميل القصة فوق ماتحتمل،لكننا نقرأ المؤشرات،فكلما اختلف اثنان،بحثا عن عنوان للعداء،فإما اصل ومنبت،وفي حالات مسلم ومسيحي،وفي حالات اخرى هذا الجناح من العشيرة ضد ذاك الجناح،والاستثمار في الثنائيات المريضة،هو كارثتنا الكبرى.
نريد من الجميع،ان يعودوا الى رشدهم،فالجميع اهل واقارب،ودمهم واحد،وايا كانت اسباب المشكلة،ومفردات الاختلاف،وايا كانت التعبيرات عن المشكلة والى اين اخذت ابناء منطقة واحدة،فأن على الجميع،اطفاء الفتنة،وخمد نيرانها،فلايعقل ان نسترجل على بعضنا البعض،لاتفه الاسباب،ونحن نرى ماذا يجري حولنا وحوالينا؟ّ!.
كنت ظالما ام مظلوما.لافرق.لان الاهم ان لانسمح بأخذ البلد الى فتنة،وهذا نموذج مصغر،لكيفية استثارة النعرات غير المحترمة،ولعل العقلاء من اهل المنطقتين،يضعون حداً لهذه المهازل،فالفتن الكبرى تبدأ بشرارة صغيرة على يد هذا او ذاك.
ثنائية الاصول والمنابت،خطيرة جدا،اذا تم توظيفها،ولاتعرف لماذا يتم استدعاؤها عند كل مشكلة،بدلا من تحاور اي طرفين يختصمان على قاعدة الحق فقط،وعلينا جميعا ان لانسمح باي انفلاتات في التعبيرات،لاننا نقول لمن يرقبنا ان مفتاح هدم البلد متوفر ببساطة عبر اثارة النعرات بين الناس،باي طريقة كانت؟!.
لانعرف من الظالم والمظلوم في كل القصة،لكننا نتحدث بكل بساطة عن خلاف بين اهل جيران لايجوز ان يتحول الى تعبير آخر عن كراهية مصطنعة،وهي كراهية مذمومة،خصوصا،حين تكون كل المنطقة العربية في جهنم،فيما ابناؤها يجدون وقتا لتبادل الصفعات؟!.
الاردن مثل رقم واحد وهو غير قابل للقسمة،وفي حال سعي احدنا لتجزئته،سيتحول الى كسور واعشار،والكل سيدفع الثمن
المصدر: فلسطين الآن