الحج بين أسرار القرآن وعظمة الزمان وقداسة المكان

الجمعة- 6 ذوالحجة1434 الموافق11 تشرين الأول / أكتوبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).

تتنوع آيات الحج، في سور مختلفة من القرآن الكريم، البقرة، الحج، الشعراء وغيرها، تجوب في القلوب كما تجوب في الآفاق، فتشرق فيها كما تشرق الشمس في الآفاق، نجد فيها أن الحج يجمع بين الماضي والحاضر، والدنيا والآخرة، والتجارة والعبادة، ويجمع المساجد كلها بالمسجد الحرام، والمسلمين جميعهم بأبيهم إبراهيم عليه السلام كيف؟ الحج يجمع بين الماضي والحاضر… فالذي نادى له منذ بالبداية بأمر الله هو إبراهيم عليه السلام والذي قاد قوافله وبين فضائله هو محمد عليه الصلاة والسلام، ولا زالت الوفود تهوي إلى البيت الحرام حتى اللحظة.

الحج يجمع بين الدنيا والآخرة..!!

كيف؟ ﴿ فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ [البقرة: 200]… والذي يريدهما معا – يجعل دنياه مزرعة لآخرته – يحوزهما معا ﴿ وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ۞ أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [البقرة: 201-202]…جاء ذلك في معرض الحديث عن الحج في كتاب الله عز وجل.

 

فالحج قوة سياسية بالتشاور والتحالف، وقوة اقتصادية بالبيع والشراء، وقوة اجتماعية بالاتحاد والإخاء، وقوة روحية بالذكر والدعاء….!!

 

والحج بجمعه الكبير في الدنيا يذكرنا بيوم الجمع الأكبر في الآخرة..!! والله أنزل سورة سميت بسورة الحج جاء في مطلعها ﴿ يأيها النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ۞ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [الحج: 1-2]… يذكر الناس أن يوما ما ستنتهي الحياة، وأن مجامعهم ستؤول إلى الله، فالمال يفنى والملك لا يبقى وسلطان الحياة يزول وعز الدنيا لا يدوم ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن: 27]..

 

وأنزل سورة سميت بسورة إبراهيم عليه السلام أبو الأنبياء، ومطلق النداء جاء فيها ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ ۞ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ۞ رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ [إبراهيم: 35-37] دعاء آخر لأمن البيت، الذي تحقق بفضل الله فلا يصاد صيده، ولا يروع طيره، ولا يقطع شجره، ولا يخوف زائره ﴿ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الحج: 25] وتتحدث السورة أيضا في جلها عن الآخرة، وتختتم ببلاغ من الله للناس، كل الناس أبيضهم وأسودهم، مؤمنهم وكافرهم، قويهم وضعيفهم، غنيهم وفقيرهم، الحاكم والمحكوم، الرئيس والمرؤوس، التابع والمتبوع…! ﴿وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا اللّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ [إبراهيم: 21]…!

اقرأ أيضا  الكشف عن العبد الصالح بالقرآن والسنة

 

وتربط السورة بين رجم الشيطان في الحج وخطبته في الآخرة ﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [إبراهيم: 221]…! وكأنها تربط الدنيا بالآخرة، وتربط الحج الأكبر بيوم الجمع الأكبر، وتطلق تحذيرا غير مسبوق للظالمين والمجرمين.!! ﴿ وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ۞ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء…. [إبراهيم: 42-43] إلى قوله تعالى ﴿ هَذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ [إبراهيم: 52].

 

لا يعظم الزمان، ولا يقدس المكان، إلا بقدر ما فيهما من ذكريات حافلة، وتجليات حاضرة، وعظات مؤثرة لهذا الدين العظيم من لدن آدم عليه السلام إلى يوم الدين.

 

شهر رمضان لا يقدس لأنه دورة معينة من دورات الزمن، وإنما يقدس عند المسلمين لأنه نزل فيه القرآن، وفيه الصوم الذي يذكر بهدي القرآن ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ… [البقرة: 185].

 

ويوم الجمعة لا يقدس لأنه يوم الجمعة، وإنما يقدس لأن الله استدعى الناس فيه من بيوتهم وأعمالهم وبيوعهم إلى خير بقاع الأرض (بيوته) يناجونه ويدعونه ويستغيثون به.. أنزل الله تعالى سورة سميت باسم ذلك اليوم (الجمعة) قال فيها: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [الجمعة: 9]، يدعوهم فيه ليقفوا أمام، ويخشعوا بين يديه، ويبثوا حوائجهم إليه وهمومهم، يخافون عذابه، ويرجون رحمته، ويحصلون أجره.. قال عليه الصلاة والسلام: (من غسل يوم الجمعة واغتسل وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها) قال الشيخ الألباني: صحيح.

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – (خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها ولا تقوم الساعة لا في يوم الجمعة). رواه مسلم.

 

ويوم عرفة لا يقدس لأنه يوم عرفة..! وإنما يقدس لأن الله تعالى قال ﴿فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ [البقرة: 198] وعن عائشة أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله عز وجل فيه عبدا أو أمة من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة) قال الشيخ الألباني: صحيح.

اقرأ أيضا  فضل العشر الأواخِر من رمضان

 

وبيوت الله في الأرض (المساجد) التي نعمرها بالبناء والتشييد، ونعمرها بالصلاة والذكر والتسبيح لا تقدس لذاتها، وإنما تقدس لأن الله تعالى انتدبنا إليها، وأوجب علينا الصلاة فيها فقال سبحانه ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ۞ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ [النور: 36-37].

 

والبيت الحرام كذلك لا يقدس لذاته، ولا يعظم لبنائه، وإنما لأن الله قال فيه ﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ [آل عمران: 96] ودعانا إليه، وأوجب على المستطيع حجه وزيارته ﴿ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران: 97] دعاهم للطواف حوله والسعي فيه، فضلا على الصلاة عندما انتدب إبراهيم عليه السلام أن ينادي في الناس ﴿ وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ [الحج: 27].

 

والحجر الأسود لا يقدس لأنه حجر كذلك، وإنما يقدس ويقبل لأنه عمل من أعمال الحج، ومنسك من مناسك الحج، ومشعر من مشاعر الحج التي أمرنا الله أن نعظمها لأن في ذلك الخير لنا ﴿ ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ… [الحج: 30]،…!! كذلك لننال تقواه ورضاه ﴿ ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج: 32] كذلك الحجر جزء من البيت العتيق، عنده تسكب العبرات، وتقبل القربات، وتمحي الذنوب والسيئات، وقد قبَّله رسول الله – صلى الله عليه وسلم.

 

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه: “والله إني لأعلم انك حجر لا تضر ولا تنفع، وما قبلتك إلا لأني رأيت رسول الله يقبلك“.

 

تجاوب القلوب:

آيات بينات لمن يريد أن يصل إلى منزلة عظمى من الله، ومكانة عليا من الدين، لمن يريد أن يستشعر هذه المعاني، وأن يعي تلك المحطات، حتى ولو كان بعيدا عن ذلك المحفل العظيم، لمن يريد أن يحصل رحمات الله تعالى، فإنما هي نفوس تستشعر، وعيون تدمع، وقلوب تخشع… المؤمن ما هو إلا مجموعة من المشاعر والأحاسيس، وإذا ذهبت هذه المشاعر وتبلدت هذه الأحاسيس، أصبحت الحجارة أفضل منه، لأنها ربما تتصدع من خشية الله ﴿ لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [الحشر: 21].. أو تهبط من خشية الله ﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [البقرة: 74] وقد هبطت الحجارة مع إبراهيم وهو يرفع القواعد من البيت، وعلامة ذلك موجودة حتى الآن هناك على الحجر….!!!.

اقرأ أيضا  نشأة أصول الفقه

 

الحج يربط بين المساجد في الكون كله، في الدنيا بأسرها بأول مسجد وضع للناس، فهم يتجهون في صلاتهم إليه، ثم ينتدبون في الوصول إليه، مرة في العمر واجبة التنفيذ على المستطيع…!!، ويرتبط المسلمون في كل الدنيا بأبيهم الأول إبراهيم عليه الصلاة السلام، فهو الذي نادى، وهم الذين لبوا النداء، يؤدون نفس ما أداه ويعملون ما أمرهم به الله….!!

 

الحج يربط بين التجارة والعبادة:

الحج موسم تجارة – في كل الحالات مع الله – تجبى إليه ثمرات كل شيء.. ﴿ أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ [القصص: 57]، أحلَّ الله فيه البيع والشراء ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضالين﴾ [البقرة: 198]…!! وهو أيضا مؤتمر عبادة يجمع بين العبادة البدنية (صلاة وطواف وسعي) والعبادة الروحية (تلبية وذكر وتهليل وتسبيح)، الله وجَّه الذين تفاخروا هناك بالألقاب والأنساب إلى شيء آخر. إلى ذكره وشكره ﴿َإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً.. [البقرة: 200].

 

إنها مشاعر لا توصف، وأحاسيس لا تكتب، إنما يستطعمها الذي يؤديها، ويحسها الذي يلبي نداءها، ويستشعرها الذي يحضرها، فينظر الكعبة، ويعانق الحجر، ويصلي عند المقام، يسعي كما سعت هاجر عليها السلام، ويضحي كما ضحى إبراهيم عليه السلام، ويطيع كما أطاع إسماعيل عليه السلام، ويطوف كما طاف محمد عليه الصلاة والسلام، ويقبل الحجر كما قبل عمر رضي الله عنه، فقط عن حب ورغبة وإخلاص، لعل قدم تأتي مكان قدم، وطواف يأتي مكان طواف، وسعي يأتي مكان سعي، فيزداد الإيمان ويكون الغفران، وينتشر الأمن ويأتي الأمان…….!)

 

اللهم ارزقنا حجا مبرورا وذنبا مغفورا وسعيا مشكورا، وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

المصدر : الألوكة

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.