اللاجئون من دول إسلامية نحو دول غربية أكثر هشاشة وأسرع كسرا
الأربعاء 11 ذوالحجة1434 الموافق16 تشرين الأول / أكتوبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
اللاجئون من دول إسلامية نحو دول غربية أكثر هشاشة وأسرع كسرًا
كانت تجرِبتي العمليَّةُ داخل المراكز المستقبِلة للاجئين من دول العالم بأسْرِه – أرضًا مُتشعّبة لاستيعاب المراحل التي يمرُّ بها كل لاجئ على حِدة، منذ وصوله مكتب طالبي اللجوء إلى آخر محطة تستدعي اندماجه داخل المجتمع الأوربي.
وقفتُ في هذا المقال أتصفَّح التجارِبَ المتعلِّقة بإخواننا المسلمين بصفة عامة، والعرب منهم بصفة خاصة؛ من الشيشان إلى الجزائر، إلى الأكراد إلى العراقيين، والإخوان السوريين مؤخّرًا.
تبدأ الرحلة قبل الساعة السابعة صباحًا، من المستحسَن الوقوف أمام المفوَّض العام لشؤون اللاجئين وعديمي الجنسية الساعة الخامسة صباحًا؛ لضمان الدخول إلى المبنى 59.
قبل اختراق باب المكاتب يُمِدونك برقم معين؛ لتبتدئ رحلة الانتظار الطويلة، بين الحين والآخر يستدعونك لأخذ معلومات يسيرة مثل: اسمك بالكامل، وعُنوانك في بلدك الأم، وكيفية الوصول، ثم يأخذون لك صورةً شخصيَّة، وكذلك بصمة الأصابع وأشعة الصدر، لحين إكمال الإجراءات اللازمة، بعدها يُمِدونك بورقة عليها صورتك الشخصية، وهي تعتبر هُويَّتك الخاصة رسميًّا، تُسمَّى (الانكس)، ويُكتَب عليها تأجيل لحين حضورك مرة أخرى لأخذ معلومات كافية عنك، وكي يتأكَّدوا أن بصمتك لا تُطابِق أيًّا منها في أي دولة من دول الاتحاد الأوربي.
وبعد أخذ المعلومات، تُرفَع قضيَّتك إلى البِناية 26، وهي التي بصفتها تستدعيك؛ لغرض إجراء الحوار الرئيسي، وبعدها تنتظر الجواب.
يسألونك عن اللغة التي تُتقِنها؛ كي يُمِدونك بمركز مؤهّل لاستقبالك؛ مثلاً: إذا كنت تُجيد اللغة الفرنسية، سيوجّهونك إلى مركز فرنكفوني، وإذا كنت تتحدّث اللغة الإنجليزية، يوجهونك نحو مركز استقبال فلاماني أو جرماني، هذه المراكز التي توفّر المأكل والمشرب والتغطية الصحية و7 يورو أسبوعيًّا، إضافة إلى خدمة إدارية اجتماعية وقانونية.
لاحظت أن مسيرة كل لاجئ تُعَد محكًّا حقيقيًّا لمعرفة درجة الانصهار أو رفضه بأرض يَحُط بها رحالَه؛ هربًا من الحرب مرة، أو بحثًا عن مستقبل أفضل مرات.
خصوصًا أن المواجهة تبدأ في مراكز الاستقبال باختلاطٍ، يرى أثر ثقب واضحة الفجوة بينه وبين حدود الله.
ومعاشرته (لفظًا) لمن يختلفون عنه ثقافةً ومِلة ولغة وتقاليدَ وأعرافًا.
وراعني أن الإسلام جاء بقانون اللجوء قبلهم منذ عصور؛ إذ لا أحد منا يجهل أن فضل الله على كل إنسان (يخشى على نفسه من الأذى) تمحور في السماح له بأن يلوذَ بالفِرار.
بناء على ذلك؛ وضعت الشريعة الإسلاميّة القواعد المرعيّة الأساسية لحق اللجوء، الذي يُعتَبر الحماية الممنوحة من قِبَل دول (أو منظمة دولية أو إقليمية).
إن أهمية حق الملجأ واضحة جدًّا، لا تخفى على أحد؛ إذ هو حق تنتظِم بمنحه كافة حقوق الإنسان، كما أن عدم منحه قد يؤدي في كثيرٍ من الأحيان إلى محو كرامة الفرد من القاموس الإنساني.
بل إن القرآن الكريم يقرِّر صراحةً أن مَن يأوي مَن هاجر إليه – أي: التجأ – هو المؤمن الحق؛ يقول تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [الأنفال: 72]، فالهجرة تُعادِل في مصطلحات القانون الدولي المعاصر “اللجوء“؛ أي: الانتقال من دار يَخشى فيها الإنسان على نفسه وأهله وماله، إلى دار يَستظِلُّ فيها بالأمن والحماية، ومن يقوم بإيواء اللاجئ أو المهاجر هو – في الإسلام – من المؤمنين حقًّا؛ لأنه يطبِّق القواعد المحرّرة، والأسس المقرّرة في شريعة الإسلام.
المصدر : الألوكة