الأسرة والمجتمع = الأمن والأمان
علي بن راشد المهندي
الأربعاء 25 ذوالحجة1434 الموافق30 تشرين الأول / أكتوبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
إن المجتمع هو الأسرة الكبيرة التي تنبثق منها الأسر الصغيرة وأفرادها، وبذلك تعدّ الأسرة عنوان قوة تماسك المجتمع أو ضعفه لأنها مأخوذة من الأسر وهو القوة والشدة، فهي تمثل الدرع الحصين لأفرادها، وقد أكدت مجريات الأحداث بالمجتمعات البشرية دور الأسرة في عملية استتباب الأمن وبسط الطمأنينة التي تنعكس آثارها على الأفراد والمجتمعات سلباً أو إيجابا، وهذا ما يؤكد الحقيقة التي تقول إنّ قوة الأسرة هي قوة للمجتمع وضعفها ضعف له.
ولا شك ان هذا الدور لا يتحقق إلا في ظل أسرة واعية تحقق في أبنائها الأمن النفسي، والجسدي، والغذائي، والعقدي، والتعليمي، والاقتصادي، والصحي والاجتماعي بما يشبع حاجاتهم النفسية والتي ستنعكس بالرغبة الأكيدة في بث الطمأنينة في كيان المجتمع كله وهذا ما سيعود على الجميع بالخير الوفير.
إن المجتمع هو الأسرة الكبيرة التي نريدها متمسكة بدينها وعقيدتها الإسلامية السمحة قولاً وعملاً، المعتزة بانتمائها لأمتها الإسلامية، المستوعبة لأصول دينها والمحافظة على الالتزام به، المبتعدة عن البدع والمحافظة على قيمها ومبادئها المستقاة من ديننا الحنيف، وفي نفس الوقت لا مانع من الانفتاح على العالم المعاصر وتقنياته ومتغيراته بصدر رحب، وعقل ناضج، تفيد من تقدمه بما لا يتعارض مع عقيدتها وما تحمله من قيم نبيلة.
• أهمية الأمن:
إن كلمة الأمن خفيفة على اللسان، عميقة في الوجدان، والأمن هو مطلب أساسي لا تستقيم الحياة بدونه، وضعه الله جنباً إلى جنب مع مطلب الغذاء، بل قدّمه عليه تارات لأهميته. والأمن هو غاية المنى التي يسعى كل أحد للاستظلال بظلاله ولا حياة مع الخوف الذي تتحول الدنيا فيه إلى غابة يفترس القوي فيها الضعيف، وتصبح الحياة ظلمات بعضها فوق بعض. إن الأمن الذي يمنّ الله به على الأمم لا يدوم مع جحود نعم الله ونكرانها، بل يبدلها الله به الخوف والجوع، وسوء الحياة، كما قال تعالى: (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) [سورة النحل آية ١١٢]، ومن الأمم التي امتن الله عليها بالأمن ثم بدّلها به خوفا لكفرانها مشركو قريش حيث قال الله مبيّنا حال أمنهم: (فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف). فلما أصروا على الكفر ومحاربة الله ورسوله، أبدل أمنهم خوفا، وغناهم فقرا، وشبعهم جوعا، وهو ما حكاه عنهم في آية سورة النحل السابقة.
• الأسرة والمجتمع:
إن الأسرة التي تقوم بغرس العقيدة في نفوس أفراد ناشئتها لا شك أنها تملأ أوقات الفراغ لديهم بكل نافع ومفيد، وبالتالي تجنبهم الوقوع في الانحراف، وتبعدهم عن كل مظاهر العنف، وتبني شخصياتهم على الخير والعمل الدؤوب والمشاركة الإيجابية في خدمة الوطن والأمة، وبالتالي تحقق لهم الأمن في أنفسهم بتحقيق حاجاتهم الدينية والنفسية والمادية، وهذا يدفعهم للشعور بحاجات المجتمع وقيمه بما يحقق له الأمن والاستقرار.
• الأمن مسؤولية الجميع:
وفي هذا الصدد نذكر الجميع بالمحافظة على الأمن والأمان العقدي للمجتمع، والتوازن مطلوب، لا إفراط ولا تفريط، سددوا وقاربوا، بحيث انه ليس من مقومات الأمن وحفظ النعم الركض وراء أهواء الدنيا والانشغال بالماديات وترك النواحي المعنوية المهمة مثل المحافظة على الدين والعقيدة وهوية مجتمعنا الإسلامي وسلامته من البدع والتي تؤثر سلباً بشكل مباشر وغير مباشر على كل أفراد المجتمع.
• دعاء:
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلحنا وأصلح أئمتنا واحفظ ولاة أمورنا، اللهم وفقهم لهداك، واجعل عملهم في رضاك، وهيئ لهم البطانة الصالحة تعينهم على الخير وتدلهم عليه، اللهم احفظ علينا أمننا وأماننا واحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.. اللهم آمين.
المصدر : بوابة الشرق