صورة المسلم في الإعلام الغربي
الأربعاء 25 ذوالحجة1434 الموافق30 تشرين الأول / أكتوبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
د. فهمي قطب الدين النجار
حتى تتكوَّن عندنا صورة كاملة للدعاية الغربية، لا بد من تِبيان الثمار الفاسدة التي أثمرتها هذه الدعاية في المجتمعات الغربية خاصة، والمجتمع العالمي عامَّة، فقد كوَّنت صورًا مشوَّهة للمسلم، بل مُضحِكة أيضًا، ومما يؤسَف له أن الإعلام العربي ساعد في تركيز هذه الصورة في أذهان الجماهير الساذجة، البعيدة عن التصور الإسلامي الصحيح، باعتبار أن كثيرًا من وسائل الإعلام العربية والإسلامية ما زالت عبيدة لوكالات الأنباء الغربية، فهي تنقُل عنها حرفيًّا، دون تَمعُّن فيما تنقل.
ومن هذه الصور التي تُردِّدها وسائل الإعلام الغربية، وغايتها الدعاية فقط، لاستهواء عقول الناس وقلوبهم – ما يلي[1]:
1- صورة الغني السفيه الذي يَملِك مالاً هائلاً، ولا يعرف كيف يتصرَّف به؛ ولذا يجب أن تكون عليه وصاية في ماله، فصورة المسلم هو الغني أكثر من اللازم، مع العلم أن أكثر المجتمعات ترفًا هو الشعب الأمريكي، ومثال ذلك: رجل يَملِك كلبًا خصَّص له صاحبه سيارة خاصة وسائقًا خاصًّا وطباخًا، وله جناح خاص في البيت، وعندما مات هذا الرجل ترك خمسة آلاف دولار وهبها للكلب.
• فالواقع نحن لسنا أغنياء حقيقة، بل في حالة متوسطة.
2- صورة الهمجي الجالس وراء برميل النفط يُهدِّد حضارة الغرب بزيادة الأسعار.
3- صورة العِقال والجمل، والإعلام العربي يُسهِم في هذه الصورة.
4- صورة المزواج الشهواني، مسلم يَجُر وراءه طابورًا من النساء، أو مسلم يملأ بيته بالإماء، أو مسلم يَنثُر الدنانير على أفخاذ غانية.
5- صورة المتعصب المتشدد، فالإعلام الغربي يصوغ الخبر كالآتي:
• قام مسلمون متشددون بكذا.
• قام الطلاب المتعصبون في جامعة أسيوط بمظاهرات.
وصحفنا تنقل الخبر حرفيًّا دون تعليق!
6- صورة القاتل الظالم المتحمِّس للدم والقتل، والأولى أن تكون هذه الصورة للإنسان الصليبي الحاقد على الإسلام مما شهِد به كتَّابهم وعلماؤهم، وهذا واقعهم أيضًا يشهد بذلك في كثير من بلاد المسلمين..
7- صورة العاجز عن التفكير المنهجي: يقولون: إن العقلية الغربية هي العقلية الدقيقة التأمل، التي تستطيع أن تفكِّر تفكيرًا منطقيًّا سليمًا، أما غيرهم من الشعوب – وخاصة الإسلامية – فإن عقليَّتهم ساذجة بسيطة، أو بالأصح “ذرية” كما عبَّر بذلك المستشرق “جب” في كتابه “وِجْهة الإسلام“، ويَقصِد بذلك أن العقلية الإسلامية تُدرِك الأمور بواسطة الجزئيات، ولا تدركها إدراكًا كليًّا[2].
• وأن عقلية المسلم خرافية؛ فهو يعتقد أن الأرض محمولة على قرن ثور.
• وأنه وثني يعبد محمدًا – صلى الله عليه وسلم – وأن محمدًا ربط اسمه باسم الله في الشهادة، وأنه أمر المسلمين أن يُقلِّدوه في كل شيء.
8- يُصوِّر المسلم بصورة المحتقِر للمرأة المضطهِد لها، المرأة في الإسلام أقل من الرجل، المرأة لها نصف الميراث، وهي مسجونة في البيت، وكل همها إرضاء نزوات الرجل، ومع الأسف أن المسلمين يُعينون على تشويه صورتهم، مع العلم أن الإسلام هو الذي كرَّم المرأة وخلصها من نير العبودية الجاهلية.
9- يُصوِّر المسلم بصورة تاجر الرقيق، وفي إفريقية تتعمَّد الكنائس تصوير المسلم بهذه الصورة.
10- في الولايات المتحدة، وارثة الإرث الاستشراقي، وظَّفت هذا الإرث في إعلامها، وجامعاتها، وثقافتها الشعبية، وسياستها الاستعمارية؛ فصورت المسلم في الأفلام السينمائية والكاريكاتورية كغوغاء مُتعطِّش للدماء، أو ذوي أنوف معقوفة، أو كالساديين[3] الفساق[4].
وبمقابل هذه الصورة القبيحة للإنسان المسلم، تُصوِّر الأمريكي بأنه إنسان طموح، يُلِم بكل شيء، لا يُخدع ولا يستطيع أحد الضحك عليه، ويظهر بمظهر المروءة (إطفاء الحريق، إنقاذ المرأة).
هذه الصورة للرجل الأمريكي لا تُعرَض عَفويًّا، إنما تُعرَض بصورة منظَّمة، وإذا عرفنا أن أمريكا تُصدِر أكثر من 200 ألف ساعة “برامجية تلفزيونية” كل عام، تغزو أكثرها الدول العربية والإسلامية، سنُدرِك مقدار تأثير هذه الدعاية في المجتمعات الإسلامية.
[1] زين العابدين الركابي – من محاضراته التي ألقاها عام (1398هـ) على طلبة السنة الثالثة – في المعهد العالي للدعوة الإسلامية في الرياض.
[2] الاستشراق والمستشرقون؛ د. مصطفى السباعي (ص: 62).
[3] السادية (أو جنون القسوة): هي الميل إلى التعذيب في نفس المعذب، وقد دعيت بالسادية نسبة إلى (ألفونس دي ساد)، وهو كاتب فرنسي اشتهرت عنه هذه النزعة، والسادية هي لفظة تُطلَق في معنى واسع على النزعة إلى القسوة بصورة عامة؛ (ارجع إلى معجم مصطلحات علم النفس)، (منير وهيبة الخازن) (ص:130) دار النشر للجامعيين – بيروت.
[4] مجلة (الأمان) البيروتية – العدد 14، 7 جمادى الآخرة 1399هـ.
مقال: الإسلام والاستشراق والغرب للدكتور إدوار سعيد؛ ترجمة المجلة.
المصدر : الألوكة