دروس من الهجرة النبوية

الإثنين 30 ذوالحجة1434 الموافق4 تشرين الثاني / نوفمبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).

جمال عبدالناصر 

لقدْ كانتِ الهجرةُ النبوية المبارَكة مدرسةً تُعلِّم الصبر والتوكُّل على الله تعالى، فلم تكن طلبًا للراحة، ولا هربًا من العدوِّ، بل كانتْ تحمُّلاً لمشاقِّ الدعوة وأعبائها، وفوق هذا وذاك كانتْ بأمرٍ من الله تعالى في وقت أشدَّ ما تكون البشريةُ في ذلك الزمن إلى هُدى الإسلام ونوره، حيث أرسلَ الله – عزَّ وجلَّ – نبيَّه محمدًا – صلَّى الله عليه وسلَّم – إلى البشرية وهي أحوجُ ما تكون إلى دعوتِه الغرَّاء، دعوة الإسلام دِين الحَنِيفيَّة السَّمحاء، وذلك بعدَ أنْ أصبح الكثيرُ مِن الناس في ظلمات الشرك والجهْل والكفر، فأرْسل الله عبدَه ونبيَّه محمدًا – صلَّى الله عليه وسلَّم – هادمًا للأصنام، داعيًا إلى توحيدِ الله – عزَّ وجلَّ – داعيًا إلى مكارمِ الأخلاق؛ قال الله – تعالى -: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف: 158].

 

فجاء نبيُّ الرحمة – صلَّى الله عليه وسلَّم – داعيًا الناس إلى العفافِ والطُّهر، والخُلُق الكريم والاستقامة، وصِلة الأرحام وحُسْن الجوار، والكفِّ عن المظالِم والمحارم، ويدعوهم إلى التحاكُم إلى الكتاب العزيز، لا إلى الكهَّان وأمر الجاهلية، وكسْبِ المال من وجوه الحلال، وإنفاقه في الطُّرق المشروعة والمباحة، وجعْل الناسِ كلِّهم أمامَ شريعة الله سواءً، يَتفاضلون بالتقوى؛ قال الله – تعالى -: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [الأعراف: 33].

 

ولقدْ دعا رسولُ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – الناس إلى هذا المعنى العظيم، وقام بهذا الواجبِ الكبير، فدعا إلى دينٍ قويم يرقَى به الإنسانُ إلى أعْلى المنازل، ويسعد به في الآخِرة سعادةً أبدية في النعيمِ المقيم، فاستجابتْ له القِلَّةُ المؤمنة المستضعَفة في مكة، فسامَهم المشركون سوءَ العذاب، واشتدَّ الكربُ في مكة، وضُيِّق الخِناقُ على المسلمين المستضعَفين.

 

بُعدًا للقوم الظالمين

 

لقدِ ائتمر المشركون بمكَّةَ على قتْل رسولِ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – وباتوا عندَ بابه ليضربوه ضربةَ رجل واحد، فخرَج – عليه الصلاة والسلام – عليهم وهو يتلو صدرَ سورةيس“: ﴿ يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ * لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ * وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ [يس: 1 – 9]، وذرَّ على رؤوسهم التراب، وأخَذ اللهُ أبصارَهم عنه فلم يروه، وأخَذَهم النُّعاس.

اقرأ أيضا  تأخير نصر الدين لُطف بالمؤمنين ومُكر بالكافرين والمنافقين

 

معية الله في الهجرة

 

لقدْ لجأ رسولُ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – وصاحبُه أبو بكر الصِّدِّيق – رضي الله عنه – إلى غار ثور، ومكثَا فيه ثلاثةَ أيام، حتى هَدَأَ الطلبُ، وفتَّشتْ قريش في كلِّ وجه، وتتبَّعوا الأثَر، حتى وقفوا على الغار، فقال أبو بكر: يا رسول الله، لو أنَّ أحدَهم نظر إلى موضع قدميه لأبصرَنا! فقال: ((يا أبا بكر، ما ظنُّك باثنين الله ثَالِثُهما؟!))؛ أي: إنَّ الله تعالى مُطَّلع علينا لا تخفَى عليه خافيةٌ، ثم يمَّما نحوَ المدينة، فكانتْ هجرةُ المصطفى – صلَّى الله عليه وسلَّم – نَصرًا للإسلام والمسلمين، حيث أبْطل الله مكرَ المشركين وكيدَهم في تقديرهم القضاءَ على الإسلام بمكة، وظنِّهم القُدرةَ على قتْل رسولِ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – وفي هذا يُحدِّثنا القرآن قائلاً: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة: 40].

 

إنها إذًا معيةُ الله، وأيُّ معيَّةٍ تلك؟ إنَّها المعيَّة الخاصَّة التي تكون بالتَّأييد والتَّوفيق، والحِفظ والمَعونة والنَّصْر، إنَّما جعلَها الله – تعالى – لأوليائِه المتَّقين المحسِنين، الذين بذَلوا حقَّ الله عليهم في توحِيده وإفرادِه بالعبادةِ وترْكِ الإشراكِ به، ثمَّ بامتثالِ أوامرِه والانتهاء عمَّا نهاهم عنه، والمعيةُ تأتي بمعنى العِلم؛ كقوله – تعالى -: ﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ [الحديد: 4]؛ أي: عالِم بكم حيث كُنتم، فالله – تعالى – لا يَخفَى عليه شيء، عالِم بالأماكن كلها، حتى إذا سكَن الطلبُ عن رسولِ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – وأبي بكر  – رضي الله عنه – قليلاً، خرجَا مِن الغار بعد ثلاث ليال مُتَّجهين إلى المدينة؛ “فلمَّا مضتْ لبقائهما في الغار ثلاثةُ أيام، أتاهما عبدُالله بن أريقط براحلتيهما، وأتتهما أسماءُ بسفرتهما، وكانتْ قد شقَّت نِطاقها فربطَتْ بنصفه السفرة، وانتطقَت النصف الآخر، ومِن هنا سُمِّيت ذات النطاقين، فركبَا الراحلتين، وأردف أبو بكر عامر بن فُهَيرة، وحمَل أبو بكر مع نفْسه جميعَ ماله؛ وذلك نحو ستَّة آلاف دِرهم، فمرُّوا في مسيرهم بناحية موضِع سُراقة بن مالك بن جعثم، فنظَر إليهم فعَلِم أنهم الذين جعلتْ فيهم قريشٌ ما جعلت لمَن أتى بهم، فركِب فرسه وتبعهم ليردَّهم بزعمه، فلمَّا رآه رسولُ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – دعا عليه، فساختْ يدَا فرسه في الأرض، ثم استقلَّ فأتبع يديه دُخَان، فعلم أنَّها آيةٌ فناداهم: قِفُوا عليَّ وأنتم آمنون، فوقَف رسولُ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – حتى لحِق بهم، ثم همَّ به فساختْ يدَا فرسه في الأرض، فقال له: ادعُ الله لي، فلن ترى مني ما تَكْرَه، فدعا له فاستقلَّتْ فرسه، ورغِب إلى رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – أن يكتبَ له كتابًا، فأمر أبا بكر فكتَب له…”؛ “الدرر في اختصار المغازي والسِّير” (1/88).

اقرأ أيضا  رسائل نصرة الأقصى الرسالة الثانية .•*•.أزمة المقاطعة وأزمات الهوية الإسلامية.•*•.

 

ثم يعود سُراقةُ ويكمل الرسولُ الكريم مسيرتَه إلى يثربَ، ويصل هناك ليستقبلَه المسلمون بحفاوةٍ وترحيب، وفرَح وحُب، وليؤسِّس – صلَّى الله عليه وسلَّم – دولةَ الإسلام، ويُعِزُّ الله دِينه ويُعلي كلمتَه ولو كره الكافرون، ولو كرِه المشركون.

 

إنَّ هذه الهجرةَ المباركةَ وعِبرَها هيَ جديرةٌ بأن تَبعثَ فينا اليومَ ما قدْ بعثَتْه بالأمسِ مِن رُوحِ العزَّة، وما هيَّأته مِن أسبابِ الرِّفعة وبواعثِ السموِّ، وعواملِ التَّمكين؛ ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ [النحل: 128].

 

الهجرة.. دروس وتوجيهات

 

إنَّ هجرةَ رسولِ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – فيها مِن العِبر والعِظات، والدروس والتوجيهات، الكثيرُ والكثير، وقدْ شاء الله تعالى أن تكونَ بأسبابٍ مألوفة للبشَر، يتزوَّد فيها للسَّفَر، ويركب الناقَة، ويستأجر الدليل، ولو شاءَ الله لحملَه على البُراق؛ ولكن لتقتديَ به أمَّتُه بالصبر والتحمُّل لمشاقِّ الدنيا والعمل الدؤوب للآخِرة التي هي العُقْبى، فيَنصر المسلِمُ دِينَه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بالحِكمة والموعظة الحسَنة.

 

وإنَّ حالَ المسلمين في العالَم حريٌّ بالاستفادة مِن معاني الهِجرة النبويَّة المبارَكة، بفَهْم أمر الدِّين، فلن يصلحَ حالُ المسلمين في هذا العصْر إلا بالأمور التي صلَح بها السَّلَف الصالِحُ مِن العلم والمعرفة الصحيحة لدِين الله، والتحذير مِن المضلِّلين أصحاب الفتاوى السيِّئة التي جلبَتِ الويلاتِ للمسلمين، وبالخُلُق الكريم، والصِّدْق مع الله، والتوكُّلِ عليه، والصبر على المكاره، وإحسان العبادة، على وَفقِ ما جاء به النبيُّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – في السُّنَّة المطهَّرة؛ قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اتَّقِ الله حيثما كُنتَ، وأتْبِع السيئةَ الحسنةَ تمحُها، وخالِقِ الناس بخُلُق حسَن))؛ رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.

 

الهجرة غيَّرت مجرى التاريخ

 

لقدْ تبوَّأتِ الهجرةُ النبوية المبارَكَة مكانًا عاليًا، ومقامًا كريمًا، حيث كانتْ بحقٍّ فتحًا مبينًا، ونصرًا عزيزًا، ورِفعةً وتمكينًا، وظهورًا لهذَا الدِّين، وهزيمةً وصَغارًا للكافرين.

 

ففي وقائعِ الهِجرة مِن الدُّروس والعِبَر، وفي أحداثِها مِن الفوائد والمعاني، ما لا يَكاد يُحِيط به الحصْرُ، ولا يستوعِبه البيانُ، ولا بدَّ لنا مِن أن نُفتِّش في سيرةِ رسولِ الله الكريم؛ كي نتعلمَ منها ونربِّيَ أنفسنا وأولادَنا على هَدْيه الكريم.

 

العقيدة أم الوطن؟

 

إنَّ العقيدةَ أغْلى مِن الأرض، والديار، والأوطان، وإنَّ الإسلامَ خيرٌ من القناطير المُقنطَرة من الذَّهب والفِضَّة والخيلِ المُسوَّمة والأنعام والحَرْث، ومِن كلِّ متاعِ الحياة الدنيا، يتجلَّى هذا المعنَى بيِّنًا في خروجِ هذا النبيِّ الكريم – صلواتُ الله وسلامُه عليه – مع صاحبِه الصِّدِّيق – رضي الله عنه – مهاجرَيْن مِن هذا الحِمى المبارَك، والحرمِ الآمِن، والأرضِ الطيِّبة، التي صَوَّر واقعَها النبيُّ الكريم؛ حيث رُوي عن عبدالله بن عديٍّ بن حمراء الزُّهريِّ عن رسولِ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – أنه قال مخاطبًا مكة: ((واللهِ، إنَّك لخيرُ أرضِ الله، وأحبُّ أرضِ الله إلى الله، ولولا أنِّي أُخرجتُ منكِ ما خرجْتُ))؛ أخرجَه أحمد في مسندِه، والترمذيُّ وابن ماجه في سُننهما بإسنادٍ صحيح.

اقرأ أيضا  التوبة شعار الصالحين

 

التمكين للدعوة في المدينة

 

لقدْ وجَدَتِ الدعوةُ الإسلاميَّة صدًى طيبًا بيْن أهل يثرب (الأوس والخزرج)، الذين أيْقَنوا بأنَّ هذا هو نبيُّ آخِرِ الزمان عن طريق ما عرَفوه من الصفات التي أخبرَهم بها اليهود، فآمَن منهم سِتَّةٌ كانوا سببَ انتشار الدعوة بعدَ ذلك، ولقدْ وجدوا في دعوة التوحيدِ وتعاليم النبيِّ ما يُوحِّد كلمتَهم، ويجمع شتاتَ شملهم، ويقضي على ما بَينهم مِن تنازُع وبغضاء، ووجدوا في شخصيةِ الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – ضالَّتَهم المنشودةَ، فاجتمعوا تحتَ لوائه، لقدْ دعاهم إلى التوحيدِ الخالص، ونهاهم عن عبادة الأوثان، وعلَّمهم الإيمانَ برُسل الله وكتبه المُنزَّلَة، وملائكته المقرَّبين، وبالبعث والجزاء، كما دعاهم إلى مكارمِ الأخلاق وترْك الخبائث مِن الأعمال والسيئات مِن العادات، وهذا مِصداقًا لقولِه – جلَّ وعلا – في سورة الجمعة: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ [الجمعة: 2]، وهكذا انتشَرَ الإسلامُ بالمدينة، ثم لمَّا سمِعتْ قريش بإسلام الأنصار ومبايعتِهم له – صلَّى الله عليه وسلَّم – جَزَعوا وفَزِعوا أشدَّ الفَزَع، ووجدوا في ذلك خطرًا عليهم، فيزول سُلطانُهم، وتذهب رِيحُهم، وتتعرَّض تجارتهم إلى الشام لخسرانٍ عظيم، ولما وصَل النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – وصاحبُه – رضي الله عنه – إلى المدينة كانتِ النصرةُ والتأييد مِن الأنصار، وآخَى الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – بينهم وبيْن المهاجرين، فكانتْ نقطةَ تحوُّل مهمَّة، كسبتْ منها الدعوةُ الإسلامية قوةً واندفاعًا، وذُيوعًا وانتشارًا، وأعوانًا وأنصارًا.

 

ووقَع حبُّ الدِّين الجديد في قلوبِ المؤمنين، فالإسلام يدعوهم إلى العدلِ والإحسان، ويَنهاهم عن البغيِ والعدوان، ويُؤلِّف بين قلوب كانتْ فرَّقتها الجاهلية، ويجمع كلماتٍ مزَّقتْها العصبية، وأمرَهم نبيُّهم بإفشاءِ السلام، وهو عنوان المودَّة والرَّحْمة، وأمرَهم بإطعام الطعام، وهو آيةُ التعاون والتراحُم، وبصلاة اللَّيْل والناس نِيام، وهي صلاة الأوَّابين المتبتِّلين.

 

فعن عبدالله بن سلاَم – رضي الله عنه – قال: لما أنْ قدِم رسولُ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – المدينةَ، وانجفَل الناسُ قبله، فقالوا: قدِم رسولُ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: فجئتُ في الناس لأنظرَ إلى وجهه، فلمَّا رأيتُ وجهَه عرَفتُ أنَّ وجهه ليس بوجه كذَّاب، فكان أول شيءٍ سمعتُه منه أنْ قال: ((يا أيها الناس، أطعِموا الطعام، وأفْشُوا السلام، وصِلُوا الأرحام، وصَلُّوا والناس نيام، تَدخلوا الجنةَ بسلام))؛ “دلائل النبوة” (2/401)، “رياض الصالحين” باب فضل قيام الليل.

المصدر:الألوكة

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.