سنبقى ندافع حتى يبقى وحده هو المدافع
سالم الفلاحات
الإثنين07 محرم1435 الموافق11 تشرين الثاني / نوفمبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
سبحان الله. من ظن أن حوله وطوله وتخطيطه وقدراته ستفعل شيئاً مذكوراً فهو مخطئ واهم.. ومن ركن إلى الأسباب وحدها فقد أشرك بالله.
ومن ترك الأخذ بالأسباب فقد عصى الله وكذب عليه. وبينهما الصواب، الإعداد والاستعداد والتوكل على الله والرضى بما يريد، هذه هو طريق النجاة، إنه هو الفاعل على الحقيقة والناس أدوات فقط، تختفي خلفها القدرة المؤثرة الناجزة.
هو الذي أخرج الذين كفروا..(هو).
وهو القاهر فوق عباده..(هو). هو الله يحيي ويميت. يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء.
ربما توقفنا عند هذه الآية جُزئياً عندما رأينا أنه نزع الملك من مبارك وأوليائه وكان ذلك أمراً عظيماً فوق الطاقة البشرية الشعبية والمعطيات على الأرض.
وكذلك عندما نزع الملك من «ابن علي» بجهود بسيطة فقذف في قلبيهما الرعب وآتاهما من حيث لم يحتسبا، لكننا لم ندقق ملياً في أنه «تؤتي الملك من تشاء»، وكيف حتى مع التخطيط والتضحية والتجرد واتخاذ معظم الأسباب.. فهو الفاعل على الحقيقة «وحده» ولذلك فهو الواحد الأحد.
اليوم يبذل المصريون ولا أقول الإخوان المسلمون وحزب الحرية والعدالة فقط «بذلوا» جهوداً كبيرة وتضحيات هائلة ومتواصلة ليل نهار لأكثر من أربعة أشهر، تخرج ذوات الخُدور بأطفالهن ووالداتهن كبيرات السّن حتى أصبح هذا هو البرنامج اليومي.
يخرج الطلاب الصغار وطلاب الجامعات شباباً وشابات يتحدون القهر والظلم والاعتقال والاغتيال.
قال لي أحد الأصدقاء: لله در المصريين (يعني معارضي الانقلاب) تعبنا من مشاهدة فعلهم ونحن جلوس أمام شاشات الفضائيات وهم لم يتعبوا من الفعل نفسه، أليسوا بشراً؟ أليس لهم أطفال وآمال؟ أليسوا من أبناء الدنيا؟
أعلم أنه لا يريد جواباً. ثم قال وكيف يكون صبرهم هذا وإصرارهم على السلمية قولاً وفعلاً مع أنهم يشهدون الظلم والضيم والقهر ألواناً.
قلت يا أخي لله درهم، هذا جيل شرفه الله بالدفاع عن الأمة وليس عن مصر وحدها وشعبها، أليست كنانة الله في أرضه وليست كنانة الفراعنة الجدد أو الغابرين على حد سواء.
نعم إنّه سر في حضارة هذه الأمة لا تشبهها حضارة؛ فكما أن جذروها من عند الله ربانية خالصة فتحقيقها غالٍ وعالٍ ونفيس لا يمكن أن يتم قبل أن يبلغ الكتاب أجله، فيتحقق بشهود من يستحقون حتى وإن استبدل قوماً بعد قوم حتى يأتي وقت الوعد الذي لا يتخلف «وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم…».
فهو الذي يُمكّن وليس الناس مهما كانت قوتهم. وهو الذي يستخلف وليس الناس مهما كانت مُقدراتهم. وهو الذي يحقق أمنهم وليسوا هم أنفسهم.
وشرطه العبادة والتسليم الذي يقتضي العمل الجاد.
إنه قانون الاستخلاف الرباني الذي لا يتخلف ومن تولى وأعرض وخالف استبدله الله. «وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم». فالله لا يحابي الأسماء ولا الهيئات ولا الأجناس ولا الأصول حتى لو تظاهروا بالانتساب إليه.
إذا بلغ الناس هذه الحقيقة يقيناً في قلوبهم دون تردد أو شك وعلموا أن لا إله سواه ويئسوا من حولهم وطولهم، جاءهم نصرنا فنجّي من نشاء ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين.
إنّ الله يدافع عن الذين آمنوا، يدافع عنهم بالقريب والبعيد وبالمؤمن والفاجر حتى ينصر الحق والعدل.
انظر إلى الجوادي السهم القاطع واللسان الحكيم، وانظر إلى المصريين والمصريات من غير الإخوان، انظر إلى بعض المنصفين على قلتهم، انظر إلى خطايا الانقلابيين في الأداء كيف تتحول كلها إيجابيات للدفاع عن المقهورين، انظر إلى سوط الظلم كيف يحول الله مفاعيله إيجابيات..
أليس هو الذي يدافع عن الذين آمنوا؟ وسندافع حتى يبقى هو المدافع وننتصر.
المصدر:السبيل