مسائل وأحكام متعلقة بالصدقات

الإثنين14 محرم1435 الموافق18 تشرين الثاني / نوفمبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).

الشيخ عادل يوسف العزازي 

مسائل وأحكام متعلقة بالصدقات

تمام المنة – الزكاة (5 /15)

(1) صدقة السر:

عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول اللَّه – صلَّى الله عليه وسلَّم – يقول: ((سبعةٌ يظلُّهم الله في ظله يوم لا ظلَّ إلا ظله – وذكر منهم -: ورجُل تصدَّق بصدقة فأخفاها؛ حتى لا تعلم شمالُه ما تُنفق يمينه))[1].

في هذا الحديث دليلٌ على فضل إخفاء الصدقة على إبدائها؛ لأنه أبعدُ عن الرياء، ولكن يجوز إظهار الصدقة إذا كانت هناك مصلحةٌ تقتضي ذلك؛ كترغيب الناس في الاقتداء به، قال – تعالى -: ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ [البقرة: 271].

 

(2) أفضل الصَّدقة:

عن حَكيم بن حزام – رضي الله عنه – عن النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: ((اليد العليا خيرٌ من اليد السُّفلى، وابدأ بمن تعول، وخيرُ الصَّدقة ما كان عن ظهرِ غِنًى، ومن يستعفِفْ يعفَّه اللَّه، ومن يستغنِ يغنِه الله))[2].

 

ففي هذا الحديث أنَّ أفضل الصَّدقة ما بقِي صاحبها بعد إخراجها مستغنيًا، عنده مال يستظهر به على حوائجِه ومصالحه.

 

قال القرطبي:

والمختار أن معنى الحديث: أفضلُ الصدقة ما وقع بعد القيام بحقوق النفس والعيال، بحيث لا يصير المتصدِّق محتاجًا بعد صدقتِه إلى أحد” [3].

 

قال البخاري:

ومن تصدَّق وهو محتاج أو أهله محتاجون، أو عليه دَينٌ، فالدَّين أحقُّ أن يُقْضى من الصدقة والعِتْق والهبة، وهو ردٌّ عليه، ليس له أن يُتلفَ أموال الناس[4].

 

ومعنى (وهو ردٌّ عليه): أنَّ صاحب الدَّين المُستغرِقِ لا يصحُّ منه التطوع.

 

وقد ثبت في الحديث: ((إنك أن تَذَرَ ورثتك أغنياءَ خيرٌ لك من أن تتركهم عالة يتكفَّفون الناس))[5].

 

ولا يعارض هذا حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قيل: يا رسول اللَّه، أيُّ الصَّدقة أفضل؟ قال: ((جُهدُ المقلِّ، وابدأ بمن تعول))[6].

 

قال البيهقي:

والجمع بين قوله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((خيرُ الصدقة ما كان عن ظهر غنًى))، وقوله: ((أفضل الصدقة جُهدُ المقلِّ)) أنه يختلف باختلاف الناس في الصبر على الفاقة والشدة” [7].

 

وبِناءً على ذلك، هل يجوز للإنسان أن يتصدق بجميع ماله؟

من العلماء من يرى عدم جواز ذلك؛ مستدلِّين بحديث: ((خيرُ الصَّدقة ما كان عن ظهر غنًى))، وبحديث: ((إنك أن تذَرَ ورثتَك أغنياءَ خيرٌ لك من أن تذرَهم عالةً يتكفَّفون الناس))[8].

 

ولكنَّ الجمهور ذهبوا إلى أنه يجوز أن يتصدَّق بماله كلِّه في صحَّة عقله وبدنه، حيث لا دَيْن عليه، وكان صبورًا على الفقر والضِّيق، ولا عيال له، أو له عيال ويصبرون مثلَه[9].

 

واستدلُّوا على ذلك بحديث أبي بكر – رضي الله عنه – حيث تصدَّق بماله كلِّه، وقال: ((أبقيتُ لهم الله ورسولَه))[10].

 

ويرى البعض أن يجعل صدقتَه من الثلث؛ جمعًا بين الأدلّة.

 

هذا، وقد ورد في بيان أفضل الصدقة ما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: “أتى رسولَ اللَّه – صلَّى الله عليه وسلَّم – رجُلٌ، فقال: يا رسول اللَّه، أيُّ الصدقة أعظم؟ فقال: ((أن تصدَّقَ وأنت صحيحٌ شحيحٌ تخشى الفقر وتأمُل الغنى، ولا تُمهل حتى إذا بلغتِ الحلقوم، قلتَ: لفلان كذا، ولفلان كذا…)) [11].

 

فهذا الحديث يبيِّن أنَّ أفضل الصدقة من حيث الوقت والزمن وهو في حالة صحَّته؛ حيث يُمسك المال، ويخشى إضاعته، بينما الحديث السابق يبيِّن أفضل الصَّدقة من حيث قدرُ وكمِّية إخراجها، وهو ما يُبقي لصاحبها غنًى بعد إخراجها، فلا تعارض بين الحديثينِ.

 

(3) أحق الناس بالصدقة:

اعتبر الإسلامُ النَّفقة على النفس والأهل والأولاد من الصَّدقات، فلا بد أولاً أن يكفيَ حاجة من يعولهم ولا يتركَهم يتكفَّفون الناس.

 

عن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول اللَّه – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كفى بالمرء إثمًا أن يضيِّع من يقُوت))[12]، وفي لفظ عند مسلم: ((أن يحبِسَ عمَّن يقوت قُوتَهم)).

 

وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول اللَّه – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((تصدَّقوا))، فقال رجُل: يا رسول اللَّه، عندي دينار، قال: ((تصدَّق به على نفسك))، قال: عندي آخر، قال: ((تصدَّق به على ولدِك))، قال: عندي آخرُ، قال: ((تصدَّق به على زوجك))، قال: عندي آخر، قال: ((تصدَّق به على خادمِك))، قال: عندي آخرُ، قال: ((أنت أبصَرُ به))[13].

اقرأ أيضا  من هو العدو الأكبر

 

(4) هل للمرأة أن تتصدَّق من مال زوجها؟

عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: قال النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا أنفقتِ المرأةُ من طعام بيتِها غيرَ مُفسِدةٍ، كان لها أجرُها بما أنفقتْ، ولزوجِها أجرُه بما اكتسب، وللخازن مثلُ ذلك، لا ينقص بعضُهم من أجر بعض شيئًا))[14].

 

فيه دليل على جوازِ تصدُّق المرأة من بيت زوجها.

 

قال الصَّنعاني:

والمراد: إنفاقُها من الطعام الذي لها فيه تصرُّف بصفته للزَّوج ومن يتعلَّق به، بشرط أن يكون ذلك بغير إضرارٍ، وألاَّ يخلَّ بنفقتهم” [15].

 

فعن أسماءَ بنت أبي بكر الصديق – رضي الله عنها – أنها سألت النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – فقالت: إنَّ الزُّبير رجل شديدٌ، ويأتيني المسكين، فأتصدَّق عليه من بيته بغير إذنه، فقال رسول اللَّه – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ارضَخي، ولا توعي فيوعَى عليك))[16].

 

ومعنى: “ارضَخي”: أي: أعطي القليل الذي جرت به العادة، (ولا توعي): لا تدَّخري المال في الوعاء فيمنعه الله عنك.

 

قال ابن العربي:

قد اختلف السَّلَف في ذلك، فمنهم من أجازه في الشيء اليسير الذي لا يؤبَهُ له، ولا يظهر به النُّقصان، ومنهم من حمله على ما إذا أذِن الزوجُ ولو بِطَريق الإجمال، وهو اختيار البخاري، ويدل له ما أخرجه مسلم والترمذي عن أبي أمامة قال: قال رسول اللَّه – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تُنفق المرأة من بيت زوجها إلا بإذنه))، قيل: يا رسول اللَّه، ولا الطعام؟ قال: ((ذلك أفضلُ أموالنا))[17].

 

ويعارِض هذا ما رواه البخاري من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول اللَّه – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: ((إذا أنفقت المرأةُ من كسْب زوجها من غير أمرِه، فلها نصفُ أجرِه))[18].

 

ولعلَّه يقال في الجمع بينهما: “إنَّ إنفاقَها مع إذنه تستحق به الأجرَ كاملاً، ومع عدم الإذن نصف الأجر، وإنَّ النهي عن إنفاقها من غير إذنه إذا عرَفت منه الفقر أو البخل، فلا يحلُّ لها الإنفاقُ إلا بإذنه، بخلاف ما إذا عرَفت منه خلافَ ذلك، جاز لها الإنفاقُ من غير إذنه، ولها نصفُ أجره…” [19].

 

قلت: وبِناءً على ما تقدم من هذه الأحاديث يمكِن أن نخلُص إلى ما يلي:

(ألا يجوز للمرأة أن تنفق من مال زوجها إن علمت منه فقرًا أو بخلاً إلا بإذنه.

 

(بفإن لم تعلم منه فقرًا أو بخلاً، جاز لها أن تنفقَ من غير إذنه، بشرط ألاَّ تفسد مالَه، وفي هذه الحالة يكون لها نصفُ الأجر.

 

(جـفإن أنفقت مع إذنه استحقت الأجر كاملاً، واللَّه أعلم.

 

ويمكن أن يقال:

إنها تستحقُّ الأجر كاملاً إذا أنفقت من المال الذي خصَّها زوجها بالتصرُّف فيه – كالطعام – غيرَ مفسدة للنفقة – ولو بغير إذنه – مع علمِها بأنَّ زوجها لا يعاني فقرًا أو بخلاً.

 

(5) صدقة المرأة من مالها من غير إذن زوجها:

يجوز للمرأة أن تتصدَّق من مالها الخاص بها من غير إذن زوجها، وهذا رأيُ جمهور العلماء، وهو الراجح؛ لِما ثبت من تصدُّق النساء من حليِّهن بعد أن وعظَهن رسول اللَّه – صلَّى الله عليه وسلَّم – وذلك في حديث ابن عباس[20].

 

ولِما ثبت أن ميمونة – رضي الله عنها – أعتقت وليدةً لها، ثم أخبرت النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – بعد ذلك[21]، وأنَّ أسماء بنت أبي بكر باعت جارية لها، وتصدَّقت بثمنها دون أن تستأذن الزُّبيرَ زوجَها[22].

 

ولا يعارض هذا حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده – رضي الله عنه – أنَّ رسول اللَّه – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: ((لا يجوز لامرأة أمرٌ في مالها إذا ملك زوجُها عصمتَها))[23]، فهو من حيث القوةُ لا يعارض الأحاديثَ السابقة؛ فإنها أقوى منه.

اقرأ أيضا  حصتك الأولى أيها المدرس

 

قال ابن حزم:

ولو صحَّ، لكان منسوخًا بحديث ابن عباس.

 

قلتوحمله أهل العلم – كالخطابي والشافعي والبيهقي وغيرهم – على حُسن العِشْرة والأدب والاختيار[24].

 

(6) تستحبُّ الصدقة باليمين:

لقوله – صلَّى الله عليه وسلَّم – في السَّبعة الذين يظلهم اللَّه تحت ظله يوم القيامة: ((ورجُل تصدَّق بصدقة فأخفاها؛ حتى لا تعلم شمالُه ما أنفقت يمينه))؛ ولفضل اليمين في الأعمال الصالحة الشريفة، وهذا لا يمنع من جواز الصدقة بالشمال.

 

(7) التَّحذير من المنِّ بالعطيَّة:

قال – تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى [البقرة: 264].

 

وعن أبي ذَرٍّ – رضي الله عنه – عن النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: ((ثلاثة لا يكلِّمهم اللَّه يوم القيامة ولا ينظرُ إليهم ولا يزكِّيهم ولهم عذاب أليم))، قال: فقرأها رسول اللَّه – صلَّى الله عليه وسلَّم – ثلاث مِرَارٍ، قال أبو ذرٍّ: خابوا وخسِروا يا رسول اللَّه، من هم؟! قال: ((المسبِل، والمنَّان، والمنفِّق سلعتَه بالحلِف الكاذب))[25].

 

(8) الصدقة من القليل والكثير:

لا يَحقِرُ اللَّه صدقةً وإن كانت قليلة؛ فعن عديِّ بن حاتم – رضي الله عنه – قال: قال رسول اللَّه – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اتقوا النار ولو بشقِّ تمرة))[26]، وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: كان النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – يقول: ((يا نساءَ المسلماتِ، لا تحقرنَّ جارةٌ لجارتِها، ولو فِرْسِنَ شاة))[27].

 

و(الفِرسن): هو الظِّلْف، وأصله في البعير، ويطلق على الغنم استعارة.

 

وكذلك لا يعيب أحد على المتصدِّق لقلَّة صدقته، كما لا يُرْمَى بالرِّياء لكثرتها؛ فعن أبي مسعود – رضي الله عنه – قال: لَمَّا نزلت آية الصدقة كنَّا نتحامل، فجاء رجل فتصدَّق بشيء كثير، فقالوا: مُرَاءٍ، وجاء رجُلٌ فتصدَّق بصاع، فقالوا: إن اللَّه لغنيٌّ عن صاع هذا، فنزلت: ﴿ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [التوبة: 79][28].

 

ومعنى “نتحامل”: نحمل الأحمال بالأُجرة.

 

(9) الصدقة من المال الطيب:

فهذه هي الصَّدقة التي يرجى لها القَبول، وأما المال الحرام، فلا يُقبل عند اللَّه؛ قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تُقبل صلاةٌ بغير طُهور، ولا صدقةٌ من غُلول))[29].

 

و”الغُلول”: الخيانة والسَّرقة، والمقصود أن يأخذ الغنيمةَ قبل أن يقسِمها الإمام.

 

(10) يجوز للمتصدِّق أن يحبس أصل الصَّدقة “أي: يمنعَ بيعَها”، ويكون ريعُها صدقة (يسمَّى هذا وقفًا):

فعن ابن عمر – رضي الله عنهما – أن عمر بن الخطاب أصاب أرضًا بخيبرَ فأتى النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – يستأمره فيها، قال: ((إن شئتَ حبستَ أصلَها وتصدَّقت بها)).

 

قال: فتصدَّق بها عمر، أنَّه لا يباعُ، ولا يوهَب، ولا يُورث، وتصدَّق بها في الفقراء، وفي القربى، وفي الرقاب، وفي سبيل اللَّه، وابنِ السبيل، والضيف، ولا جناح على مَنْ وَلِيها أن يأكل منها بالمعروف، ويطعمَ غيرَ متموِّلٍ[30].

 

(11) يجوز الصدقة عن الميت:

وإن لم يكن أوصى بذلك؛ فعن أنس – رضي الله عنه – أن سعدًا أتى النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – فقال: يا رسول اللَّه، إن أمِّي توفِّيت ولم توصي، أفينفعُها أن أتصدَّق عنها؟ قال: ((نعم، وعليك بالماء))[31].

 

يعنى: الصَّدقة بالماء.

 

(12) هناك أنواع أخرى من الصدقات:

فعن أبي موسى الأشعريِّ عن النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: ((على كلِّ مسلم صدقة))، فقالوا: يا نبي اللَّه، فمن لم يجد؟ قال: ((يعمل بيدِه فينفع نفسَه ويتصدَّق))، قالوا: فإن لم يجدْ؟ قال: ((يُعين ذا الحاجة الملهوف))، قالوا: فإن لم يجد؟ قال: ((فليعمل بالمعروف، وليمسكْ عن الشر؛ فإنَّها له صدقة))[32].

 

وعن أبي ذرٍّ – رضي الله عنه – قال: قال رسول اللَّه – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((على كلِّ نفس في كلِّ يوم طلعت فيه الشمسُ صدقةٌ على نفسِه))، قلت: يا رسول اللَّه، من أين أتصدَّق وليس لنا أموال؟ قال: ((لأنَّ من أبواب الصدقة: التكبيرَ، وسبحان اللَّه، والحمد للَّه، ولا إله إلا اللَّه، وأستغفر اللَّه، وتأمرُ بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتعزلُ الشوكة عن طريق الناس والعَظْمةَ، والحجَر، وتَهدي الأعمى، وتُسمع الأصمَّ والأبكم حتى يفقهَ، وتدُلُّ المستدلَّ على حاجة له قد علمتَ مكانها، وتسعى بشدةِ ساقيْكَ إلى اللَّهفان المستغيث، وترفع بشدَّةِ ذراعيْكَ مع الضعيف، كلُّ ذلك من أبواب الصَّدقة منك على نفسك، ولك في جماعِك زوجتَك أجرٌ))، قال أبو ذرٍّ: كيف يكون لي أجرٌ في شهوتي؟ فقال: ((أرأيتَ لو كان لك ولد، فأدركَ ورجوتَ خيرَه فمات، أكنتَ تحتسبه؟))، قلت: نعم، قال: ((فأنت خلقتَه؟))، قال: بل اللَّهُ خلَقه، قال: ((فأنت هديتَه؟))، قال: بل اللَّه هداه، قال: ((فأنتَ ترزقُه؟))، قال: بل اللَّه يرزقُه، قال: ((كذلك فضعْه في حلالِه، وجنِّبْه حرامَه، فإن شاء أحياه، وإن شاء أماته، ولك أجر))[33].

اقرأ أيضا  سيدنا آدم عليه السلام

 

ومن أنواع الصَّدقات الصَّدقةُ بالماء، والتصدُّق بالزرع، وإعطاء المنيحة؛ ففي الحديث: ((ما من مسلمٍ يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمةٌ، إلا كان له به صدقة))[34].

 

وفي الحديث قال رسول اللَّه – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أربعون خَصْلة، أعلاهنَّ مَنيحةُ العَنْز، ما من عامل يعمل بخَصلة منها رجاءَ ثوابها وتصديقَ موعودها، إلا أدخله اللَّه بها الجنة))[35].

 

و(المَنيحة): النَّاقة الحلوب: يعطيها الرجل لمن يأخذ حلْبها ثم يردُّها إليه بعد ذلك.

 


[1] البخاري (660)، (1423)، ومسلم (1031)، والترمذي (2391)، والنسائي (8/222).

[2] البخاري (1427)، ومسلم (1034)، والترمذي (2463)، والنسائي (5/62).

[3] فتح الباري (3/296).

[4] فتح الباري (3/294).

[5] البخاري (1296)، (3936)، ومسلم (1628)، وأبو داود (2864).

[6] صحيح: أخرجه أحمد وأبو داود (1677) وصححه ابن حبان.

[7] نقلاً من سبل السلام (1/80).

[8] البخاري (1396)، (3936)، ومسلم (1628).

[9] انظر فتح الباري (3/295).

[10] حسن: أبو داود (1678)، والترمذي (2675)، والحاكم (1/16)، وصححه على شرط مسلم وأقره الذهبي.

[11] البخاري (1419)، ومسلم (1032)، وأبو داود (2865)، والنسائي (6/237).

[12] صحيح: أبو داود (1692)، وهو عند مسلم (996).

[13] حسن: رواه أبو داود (1691)، والنسائي (5/62)، والحاكم (1/415)، وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.

[14] البخاري (1425)، مسلم (1024)، وأبو داود (1685)، والترمذي (672)، وابن ماجه (2294).

[15] سبل السلام (ص627).

[16] البخاري (2590)، ومسلم (1029)، والترمذي (1960)، والنسائي (5/74).

[17] حسن: الترمذي (670)، وفي صحيح الجامع (1789).

[18] البخاري (2066)، ومسلم (1026)، وأبو داود (1687).

[19] نقلاً عن “سبل السلام” للصنعاني (2/628).

[20] انظر البخاري (98)، ومسلم (884)، وأبو داود (1142)، وابن ماجه (1273)، والنسائي (3/192).

[21] البخاري (2592)، ومسلم (999).

[22] مسلم (2182)، (35).

[23] رواه أبو داود (3546)، والنسائي (5/65)، وابن ماجه (2388)، والحاكم (2/47)، وصححه ووافقه الذهبي.

[24] انظر معالم السنن (3/816)، هامش سنن أبي داود، السنن الكبرى للبيهقي (6/60)، المحلى (8/309).

[25] مسلم (106)، وأبو داود (4087)، والترمذي (1211)، وابن ماجه (2208).

[26] البخاري (1417)، ومسلم (1016)، والنسائي (5/75).

[27] البخاري (6017)، ومسلم (1030)، والترمذي (5/75).

[28] البخاري (1415)، ومسلم (1018)، والنسائي (5/59).

[29] مسلم (224)، والترمذي (1)، وابن ماجه (272).

[30] البخاري (2737، 2764)، ومسلم (1630)، وأبو داود (2878)، والترمذي (6375).

[31] رواه الطبراني في الأوسط (8/91)، وصححه الألباني في الترغيب والترهيب (961).

[32] البخاري (1445)، ومسلم (1008)، والنسائي (5/64).

[33] رواه أحمد (5/168)، والنسائي في الكبرى (5/325)، وانظر الصحيحة للألباني (575).

[34] البخاري (2320)، ومسلم (1552)، والترمذي (1382).

[35] البخاري (2631)، وأبو داود (1683).


المصدر:الألوكة

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.