سوريا معركة الوعي وقعقعة السلاح

حازم عياد

الخميس24 محرم1435 الموافق28 تشرين الثاني / نوفمبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).

معركة وعي هكذا يرى الكثير من الناشطين السوريين معركتهم رغم قعقعة السلاح وهيمنة الصراع المسلح على المشهد، وهو أمر مثير للاهتمام لم نكن نسمعه في العراق في اللحظات التي احتدم فيها الصراع بعيد الاحتلال الامريكي للعراق، حيث طغت العقلية التعبوية التي اعتادها العراقيون وتمترس خلفها النظام السابق بقيادة الرئيس صدام حسين، لينتهي بهم الحال بتأثير من العقلية التعبوية التي طغت على مفاهيم المناورة السياسية الى انقسام قوى المقاومة وتصارعها، والوقوف امام خيارين إما الصحوات أو دولة العراق (صراع تعبوي) وخطاب سياسي مفقود بل شبه معدوم.
معركة الوعي أمر لا بد من ملاحظته في سوريا وهو لا يقتصر عند حدود (الصراع التعبوي) بل يمتد الى الخطاب والسلوك السياسي والميداني، توحد سبعة من فصائل سورية تحت مسمى الجبهة الاسلامية أعطت مؤشرا على قيمة وأهمية الخطاب السياسي ومعركة الوعي الدائرة في سوريا ليقدم بديلا وطنيا قابلا للتطور والنمو على شكل تحالف عريض لقوى المجتمع السوري ومكوناته وهو الاختبار الحقيقي الذي ستحاكم من خلاله الجبهة الموحدة.
الخيارات التي خلفها الموقف الإقليمي والدولي في الساحة السورية ألقى بظلاله على المشهد السوري والساحة السياسية خصوصا بعد اعلان النظام السوري موافقته على نزع أسلحته الكيميائية، فوضى التمويل وشبح دولة العراق والشام واحتمالات انفجار الصراع مع جبهة النصرة وتفكك وانقسام المعارضة الخارجية والداخلية وضياع المجتمع السوري بين هذه الخيارات، مخاطر وإشكالات تولدت عن هذا التحول، فالصعود الصاروخي لدولة العراق والشام أثار ريبة السوريين وقلقهم، وامتد أثره الى جبهة النصرة التي دخلت في صراع غير معلن مع دولة العراق والشام لأشهر طويلة قبل أن يتحول الصراع الى سلوك وخطاب ظاهر للعيان.
لقد وجد السوريون أنفسهم أمام خيارات وسيناريوهات عراقية اتخذت للحظات سمة الحتمية، إما عملية سياسية تشرف عليها قوى دولية وتكون إيران ناظم الإيقاع فيها، وإما أن يبحثوا عن صحوات تخرجهم من نيران المشهد المشتعل ميدانيا بين الفصائل المتناحرة، ولكنها ستدخلهم في صراع مرير بين الممولين، أو أن يدينوا للنظام، أو يقبلوا بما تقدمه لهم دولة العراق والشام، أو أن ينحازوا الى النصرة.
كسر هذه الحتمية توحدت الفصائل السبعة، وتشكل الجبهة الجديدة التي أعطت فسحة أمل لإمكانية ظهور عقل سياسي وعسكري قادر على بناء تحالفات ميدانية قابلة للتوسع لتشمل الجيش الحر وغيره من القوى السياسية والميدانية داخليا وخارجيا، ليمتد أثرها الى تكوين جسم سياسي مؤثر في تركيبة الائتلاف السوري ومكوناته.
معركة الوعي تظهر في هذا المشهد رغم قعقعة السلاح ودموية المشهد، انسياق المجتمع السوري الى سيناريوهات التفتيت والتفكيك للمجتمع السوري وتحولها الى حروب بالوكالة اعتمد أساسا على غياب البديل، وعجز المجتمع السوري وثواره عن إفراز قوى سياسية ميدانية قادرة على التفاعل بإيجابية مع المخاطر التي تواجهها، السوريون يدركون خطورة فوضى التمويل والفوضى الاقليمية والرغبات والهواجس الدولية والنزعات غير العقلانية التي أثقلت ثورتهم وهددتها منذ اللحظة الاولى بأن تتحول الى حرب بالوكالة أو صحوات أو مجرد دولة فاشلة.
ضبط فوضى التمويل وايجاد قيادة مركزية قادرة على بناء تحالف عريض سياسي وميداني عسكري، قادرة على تطوير وصياغة خطاب سياسي مبني على المواطنة والهوية العربية الاسلامية للمجتمع السوري دون إقصاء لأي طرف، تحدي مواجهة، والنجاح فيه سيعني تقديم بديل لحلفاء النظام لصالح امكانية بناء حوار واطلاق عملية تفاوض بأبعاد وطنية تخفف من وطأة تأثير العامل الاقليمي ومخاطر التدخل الدولي، ستكشف الايام مدى قدرة السوريين على الانتصار في معركة الوعي ومواجهة تحدي القعقعة العالية للسلاح

اقرأ أيضا  السودان يتدحرج نحو التطبيع مع (إسرائيل) ؟!

المصدر:السبيل 

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.