الإسلام دين علم ورسالة تحضر
الخميس24 محرم1435 الموافق28 تشرين الثاني / نوفمبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
أ. د. عبدالحليم عويس
الإسلام دين علم ورسالة تحضُّر
إنسانية الإسلام في تكريم الجنس الآدمي
﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ﴾
المزجُ بين العلم والدين، والعقل والوحي – من حقائق هذا الدين، كذلك فإن البلاغ الديني، والعملَ لكلِّ أفراد الجنس البشري – رسالةُ هذا الدين، بعيدًا عن الأنانية والعنصرية.
ولم يكن تأثيرُ المسلمين الحضاريُّ في الأوروبيين أو غيرهم تعبيرًا عفويًّا عن تقدُّم عقلي أو علمي وصلوا إليه؛ وإنما كان هذا التأثير شرعيًّا، ونتيجة ضرورية لمنطلقَينِ أساسيين في الإسلام:
أولهما: أن الإسلامَ بطبيعتِه ليس مجرَّد دينٍ بالمعنى التقليدي أو اللاهوتي للدين، بل هو دينٌ ودنيا، وروحٌ ومادة، ونظام وعقيدة، ومنهاج شامل يقدِّم الكليات والإشارات الضرورية لمسيرة الحضارة الإنسانية؛ حتى تحتفظ بأساليب إنسانية، وتصل إلى غايات كريمة دينًا ودنيا.
ثانيهما: أن الإسلام ليس دينَ جنسٍ أو قوم، بل هو دينٌ عالمي يجب على المؤمنين به أن ينشروه – بمفهومه الشامل – بين الناس جميعًا، بالوسائل الحكيمة، القائمة على الحوار والبلاغ بالتي هي أحسن.
ويُعَدُّ العلم النافع للدنيا والدين – بكل أنواعه – من وسائل نشر هذا الدين؛ لأنه يقدِّم الدنيا مصحوبة بغايات كريمة، حاملاً في بنائه الفكري وجهةَ النظر الإسلامية للكون والحياة والإنسان!
ولهذه الطبيعة الإسلامية؛ لم يكن تأثيرُ الإسلام – كما يفهم بعضُهم – في الحضارة الإنسانية تأثيرًا كميًّا، يتمثَّل في غَرْس بعض القِيم، أو في تنقية بعض المعارف، أو تحقيق تقدُّم كيفي أو كمي في بعض العلوم والوسائل؛ إنما كان تأثير الإسلام أبعد من ذلك بكثير.
لقد كان ظهور الإسلام منعطفًا جديدًا في تاريخ الأديان والحضارات، فإن كتابًا سماويًّا ينزل في بَطْحَاء مكة الجَرْدَاء ليقول لكل إنسان: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ [العلق: 1] – لا يمكن إلا أن يكون بدايةَ عصرٍ جديد، هو عصر القراءة والعقل والتضخم المعرفي.
لقد أصبح العقل والمعرفة يتصدَّران الحياة باسم الدين، بينما كانت المذاهب والحضارات السابقة تحكمها الموروثاتُ البالية، والتقاليد الراسخة الجامدة، جاء الإسلام أشبهَ ما يكون بعاصفة كونية تحارب كلَّ ذلك، وفي كل الأماكن التي وصلتْ إليها إشعاعاتُ الإسلام تأثَّرتْ به طباعُ الناس وعقولُهم على اختلاف عقائدهم ومذاهبهم.
يقول (برهولت): المؤرِّخ العالمي المشهور:
“ما من ناحية من نواحي تقدُّم أوربا إلا وللحضارة الإسلامية فيها فضلٌ كبيرٌ، وآثارها سمةٌ لها تأثير كبير“.
ويقول في موضعٍ آخر:
“لم تكن العلوم الطبيعية – التي يرجع فيها الفضل إلى العرب – هي التي أعادت أوربا إلى الحياة، ولكن الحضارة الإسلامية قد أثَّرت في حياة أوربا تأثيرات كبيرة ومتنوعة“.
وها هي أمريكا وأوربا تخترع اتفاقية لحقوق المِلْكية الفكرية، تمنعُنا فيها من العلم والمعرفة؛ لكي نبقى فقراء ومستورِدين معتمدين عليهما.
وبالتالي ننتهي إلى أن نكون خدمًا أو عبيدًا للحضارة الغربية، ويُفرَض علينا الجهل والتخلُّف.
المصدر:الألوكة