الإيمان بالله تعالى، والصلاة على وقتها أحب الأعمال إليه سبحانه
السبت4 صفر 1435 الموافق 7 كانون الأول / ديسمبر2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
محمد محمود صقر
أحبُّ الأعمال إلى الله تعالى:
عن قتادة عن رجل من خثعم قال: أتيت النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو في نفر من أصحابه، قال قلت: أنت الذي تزعم أنك رسول الله؟ قال: «نعم»، قال قلت: يا رسول الله! أي الأعمال أحبُّ إلى الله؟ قال: «إيمانٌ بالله»، قال قلت: يا رسول الله، ثم مه؟ قال: «ثم صلة الرحم»، قال قلت: يا رسول الله! ثم مه؟ قال: «ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، قال قلت: يا رسول الله! أي الأعمال أبغَضُ إلى الله؟ قال: «الإشراك بالله»، قال قلت: يا رسول الله! ثم مه؟ قال: «ثم قطيعة الرحم»، قال: قلت يا رسول الله! ثم مه؟ قال: «ثم الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف»[1].
وعن عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه – قال: سألتُ النبي – صلى الله عليه وسلم- أيُّ العمل أحبُّ إلى الله؟ قال: «الصلاة على وقتها». قال: ثم أيّ؟ قال: «ثم بِرُّ الوالِدَين». قال: ثم أيّ؟ قال: «الجهادُ في سَبِيلِ الله». قال: حدثني بهن ولو استزدتُه لزادَنِي[2].
قال الإمام النووي – رحمه الله تعالى -: باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال؛ أما أحاديث الباب، فعن أبي هريرة وأبي ذر وعبدالله بن مسعود – رضي الله عنهم – قال: سئل رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أي الأعمال أفضل؟ قال: «الإيمان بالله»، قيل: ثم ماذا؟ قال: «الجهاد في سبيل الله»، قيل: ثم ماذا؟ قال: «حج مبرور»[3]، وفي رواية: «إيمان بالله ورسوله»، وفي رواية: «الإيمان بالله والجهاد في سبيله»[4]، وفي رواية: أي العمل أفضل؟ قال: «الصلاة لوقتها»، قلت: ثم أي؟ قال: «بر الوالدين»، قلت: ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله»، فما تركت أستزيده إلا ارعاء عليه، وفي رواية: لو استزدته، لزادني[5].
وكثيرةٌ هي الأعمال التي وُصِفت بأنها أحب الأعمال إلى الله تعالى، ومنها: المداومة على العمل الصالح وإن قلَّ، وكثرة السجود لله تعالى، وأن يموت ذاكرًا لله تعالى، والصلوات لمواقيتها، ثم بر الوالدين، ثم الجهاد، وأدلة ذلك قوله – صلى الله عليه وسلم-: «وأن أحب الأعمال أدومها إلى الله وإن قل»[6]، وقال ثوبان – رضي الله عنه – لرسول الله: أخبرني بعمل أعمله يدخلني الله به الجنة، أو بأحب الأعمال إلى الله، فقال: «عليك بكثرة السجود؛ فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة»[7]، وعن أبي الدرداء مثله[8]، وعن معاذ بن جبل – رضي الله عنه – قال: سألت رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: أي الأعمال أحبُّ إلى الله؟ قال: «أن تموت ولسانُك رطبٌ من ذكر الله»[9]، وعن عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه – قال: قلت: يا رسول الله، أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: «الصلوات لمواقيتها» قلت: ثم أي؟ قال: «ثم بر الوالدين» قلت: ثم أي؟ قال: «ثم الجهاد» ولو استزدته لزادني[10].
فقد تعدَّد ذِكْر أحبِّ الأعمال إلى الله – سبحانه – وأفضلها وخيرها، وكذا أحب الناس إليه تعالى، في السُّنَّة الصحيحة التي لا تُدْفَع؛ مما أشكل على بعضهم، وما حدا بالعلماء إلى محاولة الجمع بين المختلفات بما يُقوِّي الإيمان ويَدْفَع الشك؛ قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله تعالى -:
ومحصِّل ما أجاب به العلماء عن هذا الحديث وغيره، مما اختلفت فيه الأجوِبةُ بأنه أفضل الأعمال: أن الجواب اختلَف:
1- لاختلاف أحوال السائلين، بأن أعلم كلَّ قوم بما يحتاجون إليه، أو بما لهم فيه رغبةٌ، أو بما هو لائِقٌ بهم.
2- أو كان الاختلافُ باختلافِ الأوقات، بأنْ يكون العملُ في ذلك الوقت أفضلَ منه في غيرِه؛ فقد كان الجهادُ في ابتداء الإسلام أفضلَ الأعمال؛ لأنه الوسيلةُ إلى القيام بها، والتمكن من أدائها، وقد تضافرت النصوصُ على أن الصلاةَ أفضلُ من الصدقة، ومع ذلك ففي وقت مواساة المضطَر تكون الصدقةُ أفضل؛ أي إنَّ لكلِّ عملٍ وقتًا هو أحبُّ ما يمكن عمله فيه، فإذا كان المسلم يذكر الله تعالى أو يتلو القرآن مثلاً، ثم دخل وقت الصلاة، فإن إقام الصلاة وقتئذٍ هو أحب الأعمال إلى الله، وكذا كل عملٍ أمر به الله تعالى – دخل وقتُه – هو أحب الأعمال إليه – سبحانه – في هذا الوقت، فإن دخل وقت العصر مثلاً، فذهب المسلم بصدقة؛ ليعطيها مستحقًّا، فإن هذا العمل الأخير إحسانٌ، لكنه لا يحبه الله تعالى حالئذٍ؛ لأنه صرف عما يحبه الله – سبحانه – وما هو أحب إليه تعالى، يدل لهذا حديث عمرو بن عبسة – رضي الله عنه – قال: أتيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقلت: هل من ساعة أحب إلى الله من أخرى؟ قال: «نعم، جوف الليل الأوسط؛ فصَلِّ ما بدا لك حتى يطلع الصبح، ثم انته حتى تطلع الشمس، وما دامت كأنها حجفة حتى تبشبش، ثم صلِّ ما بدا لك حتى يقوم العمود على ظله، ثم انته حتى تزيغ الشمس، فإن جهنم تسجر نصف النهار، ثم صلِّ ما بدا لك حتى تصلي العصر، ثم انته حتى تغرب الشمس، فإنها تغرب بين قرني الشيطان، وتطلع بين قرني الشيطان»[11]، وحديث ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر»[12]، وقد فسر كثير من العلماء العمل الصالح هنا بالصوم، وسيأتي بشرحه فيما بعد – إن شاء الله.
3- أو أن «أفضل» ليست على بابها، بل المرادُ بها الفضل المطلق.
4- أو المراد «من أفضل الأعمال»، فحذفت «مِن» وهي مرادة.
5- وقال ابن دقيق العيد: الأعمال في هذا الحديث محمولةٌ على البدنيّة، وأراد بذلك الاحتراز عن الإيمان؛ لأنه من أعمال القلوب، فلا تعارُضَ حينئذٍ بينه وبين حديث أبي هريرة «أفضل الأعمال إيمانٌ بالله»[13] الحديث.
6- وقال غيره: المراد بالجهاد هنا ما ليس بفرض عينٍ؛ لأنه يتوقف على إذن الوالدين، فيكون بِرُّهما مقدَّمًا عليه[14].
وقِس على ذلك ما جاء بلفظ «خير» أو بلفظ «أحب» ونحوهما؛ ففي هذا الحديث مثلاً أحب الأعمال إلى الله – سبحانه -: الصلاة على وقتها، ثم بر الوالدين، ثم الجهاد في سبيل الله، فلا تعارض إذًا بين أحاديث أحب الأعمال وخير الأعمال وأفضل الأعمال، فإن الأفضل هو الأحب وهو الخير، ولكننا في هذا الكتاب اقتصرنا على ما جاء أنه الأحب إلى الله تعالى، أو أنه – سبحانه – يحبُّه؛ كيلا يطول الكتاب، مع بقاء رجائنا أن ييسِّر الله بآخر حول أفضل الأعمال وخيرها.
فلا تعارض بين حديث ابن مسعود وحديث الرجل من خثعم؛ لأن الصلاة الواردة أوَّلاً في الأوَّل داخلة في الإيمان الوارد أولاً في الثاني، وبر الوالدين الوارد ثانيًا في الأول، داخل في صلة الرحم الواردة ثانيًا في الثاني، والجهاد الوارد ثالثًا في الأول، داخل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الوارد ثالثًا في بعض روايات الثاني، وعكس الثلاثة المحتوي عليها حديث ابن مسعود، وإن لم يذكرها صراحةً داخلة في عكس الثلاثة الواردة في الشطر الثاني، من حديث الرجل من خثعم دخولاً شرعيًّا وعقليًّا، فبين الحديثين خصوصٌ وعموم، وبذا تنسجم الشريعة مع نفسها ويوافقها العقل، ويوافق نفسَه.
ولذا سنتحدث عن كلِّ عمومٍ من هذه الثلاثة، ثم نتبعه خصوصه؛ الإيمان فالصلاة، ثم صلة الأرحام فبر الوالدين، ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالجهاد في سبيل الله.
أولاً: الإيمان بالله تعالى وحدَه، وقوَّة الإيمان:
عن قتادةَ عن رجل من خثعم، قال: أتيت النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو في نَفَرٍ من أصحابه، قال قلت: أنت الذي تزعم أنك رسول الله؟ قال: «نعم»، قال قلت: يا رسول الله! أيُّ الأعمال أحبُّ إلى الله؟ قال: «إيمانٌ بالله»[15]، وعن أبي هريرةَ – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: «المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خيرٌ»[16].
قال النووي – رحمه الله تعالى -: قوله – صلى الله عليه وسلم-: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير»، والمراد بالقوة هنا: عزيمة النفس والقريحة في أمور الآخرة، فيكون صاحب هذا الوصف أكثر إقدامًا على العدو في الجهاد، وأسرع خروجًا إليه وذهابًا في طلبه، وأشدَّ عزيمةً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصبر على الأذى في كل ذلك، واحتمال المشاقِّ في ذات الله تعالى، وأرغب في الصلاة والصوم والأذكار وسائر العبادات، وأنشط طلبًا لها، ومحافظةً عليها ونحو ذلك، وأما قوله – صلى الله عليه وسلم -: «وفي كلٍّ خير»، فمعناه في كلٍّ من القوي والضعيف خير؛ لاشتراكهما في الإيمان مع ما يأتي به الضعيف من العبادات[17].
وقال العجلوني: ولا يعارضه – أي حديث «المؤمن القوي» – ما عند البخاري في «تاريخه» عن أنس: «المؤمن ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره»؛ فإن المراد بالقوي في الحديث الأول القوة في الدين، وفيما يوافق الشرع، وبالضعيف في الثاني الضعيف في أمور الدنيا وما لا نفع فيه[18].
ثانيًا: الصلاة على وقتها:
عن عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه – قال: سألتُ النبي – صلى الله عليه وسلم-: أيُّ العمل أحبُّ إلى الله؟ قال: «الصلاة على وقتها»، قال: ثم أيّ؟ قال: «ثم بِرُّ الوالِدَين»، قال: ثم أيّ؟ قال: «الجهادُ في سَبِيلِ الله”، قال: حدثني بهن ولو استزدتُه لزادَنِي[19].
وإنما كانت «الصلاة على وقتها» أحب الأعمال إلى الله تعالى؛ لأنها متضمِّنةٌ لما قبلها، ومَبِنيٌّ عليها ما بعدها من أسباب تحصيل المحبة الإلهية، ولم يسبقها إلا الشهادتان بحسب حديث أركان الإسلام، والطهارة لكونها من شروطها؛ ولذا لا يعارَض حديث «الصلاة على وقتها» بحديث: «وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله»[20]، ولا بحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: سئل رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: أي الأعمال أفضل؟ قال: «إيمان بالله» قال: ثم ماذا؟ قال: «الجهاد في سبيل الله»، قال: ثم ماذا؟ قال: «حج مبرور»، وفي رواية محمد بن جعفر قال: «إيمان بالله ورسوله»[21]؛ لتضمُّن الفاتحة – وهي ركن في الصلاة – للتوحيد، ولوجود «لا إله إلا الله» في التشهد الذي هو جزء منها.
قال الحافظ – رحمه الله تعالى -: قوله «الصلاة على وقتها»، قال ابن بطال: فيه أن البدار إلى الصلاة في أول أوقاتها أفضل من التراخي فيها؛ لأنه إنما شرط فيها أن تكون أحبَّ الأعمال إذا أقيمت لوقتها المستحب، قلت: وفي أخذ ذلك من اللفظ المذكور نظر، قال ابن دقيق العيد: ليس في هذا اللفظ ما يقتضي أوَّلاً ولا آخرًا، وكأن المقصود به الاحتراز عما إذا وقعت قضاءً، وتُعِقِّب بأن إخراجها عن وقتها محرَّم، ولفظ «أحبُّ» يقتضي المشاركة في الاستحباب؛ فيكون المراد الاحتراز عن إيقاعها آخرَ الوقت، وأجيب بأن المشاركة إنما هي بالنسبة إلى الصلاة وغيرها من الأعمال؛ فإن وقعت أحبُّ إلى الله من غيرها من الأعمال، فوقع الاحتراز عما إذا وقعت خارج وقتها من معذور كالنائم والناسي، فإن إخراجهما لها عن وقتها لا يوصف بالتحريم، ولا يوصف بكونه أفضل الأعمال مع كونه محبوبًا، لكن إيقاعها في الوقت أحبُّ[22].
ومعلوم أن الصلاة أفضل العبادات في الإسلام، وقال بعضهم: أفضل العبادات العمليَّة، وأفضلها مطلقًا الإيمان، ولا تعارض بين أحاديث أحب الأعمال إلى الله، على رغم تعدد واختلاف الأعمال الموصوفة بتلك الأحبية لأدلة كثيرة.
1- أن الإيمان توحيد، والصلاة تتضمن التوحيد؛ فالتوحيد توحيد ربوبية وألوهية وأسماء وصفات، وجميعها في فاتحة الكتاب التي لا صلاةَ بغيرها؛ كما في حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه -: «لا صلاةَ لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»[23].
2- أن الإيمان يشمل الصلاة؛ ومما يدل على ذلك: أن الإيمان اعتقادٌ وقولٌ وعملٌ، والصلاة من العمل، أو هي أوَّل وأخطر العمل؛ فهي بهذا جزء من الإيمان، وفي الحديث «لا إيمان لمن لا صلاة له»[24]، وعن جابر – رضي الله عنه – قال: سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم- يقول: «إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة»[25]، وقال محمد بن نصر المروزي: سمعت إسحاق يقول: صح عن النبي – صلى الله عليه وسلم- أن تارك الصلاة كافر، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي – صلى الله عليه وسلم-؛ أن تارك الصلاة عمدًا من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر؛ انتهى[26].
3- أن الإيمان مرتبةٌ من مراتب الإسلام؛ كالإسلام والإحسان، وباعتبار ذلك يكون الإيمان شاملاً لكل أوامر ونواهي وفرائض، ونوافل الإسلام؛ فالصلاة إيمانٌ كما قيل في تفسير قوله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ الله لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ﴾ (البقرة: 143)، قيل: صلاتكم تجاه بيت المقدس قبل تحويل القبلة إلى البيت الحرام؛ فعن البراء ابن عزب – رضي الله عنه – قال: وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحول قِبل البيت رجال، لم ندر ما نقول فيهم، فأنزل الله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ الله لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ﴾ الآية[27]، وعن ابن عباس – رضي الله عنهما -: لما حُوِّلت القبلة، قال أناسٌ: يا رسول الله، أصحابنا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس، فأُنزلت: ﴿ وَمَا كَانَ الله لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ﴾[28].
ومن الإيمان العمل الصالح أيًّا كان، الذي يحب الله تعالى المداومة عليه وإن قل؛ كان صومًا أو صدقةً أو صلةً أو غيرَه، فأن تعمل عملاً صالحًا، فتُديم عليه، خير من أن تعمل كلَّ الأعمال كلَّ عملٍ مرةً أو مراتٍ، ولا تُدِيم على شيءٍ، مع ضرورة الالتزام – إلى جانب العمل المُدام عليه – بالحد الأدنى من الإسلام؛ كاجتناب الكبائر، والتزام الفرائض، ولا شك أن ترك الصلاة من أكبر الكبائر، وأن إقامتها أول الفرائض.
ولتمام الفائدة ينبغي التعريج على ذكر مواقيت الصلاة، كما صحت في الشريعة، فعن مالك بن أنس – رحمه الله عليه – عن ابن شهاب الزُّهْري: أن عمر بن عبدالعزيز أخَّر الصلاة يومًا، فدخل عليه عروة بن الزبير، فأخبره: أن المغيرة بن شعبة أخَّر الصلاة يومًا وهو بالكوفة، فدخل عليه أبو مسعود الأنصاري، فقال: ما هذا يا مغيرة؟! أليس قد علمت أن جبريل نزل فصلى، فصلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثم صلى؛ فصلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثم صلى، فصلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثم صلى، فصلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثم صلى، فصلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثم قال: «بهذا أمرتَ»، فقال عمر بن عبدالعزيز لعروة: اعلم ما تحدث به يا عروة! أوَإِن جبريل – عليه السلام – هو الذي أقام لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقت الصلاة؟ فقال عروة: كذلك كان بشير بن أبي مسعود الأنصاري يحدث عن أبيه[29]، قال عروة: ولقد حدثتني عائشة أن رسول الله كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر[30].
ثالثًا: صلاةُ الجماعة:
فعن أبي بن كعب – رضي الله عنه – قال: صلى بنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يومًا الصبح، فقال: «أشاهد فلان»؟ قالوا: لا، قال: «أشاهد فلان»؟ قالوا: لا، قال: «إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين، ولو تعلمون ما فيهما، لأتيتموهما ولو حبْوًا على الرُّكَب، وإن الصف الأول على مثل صف الملائكة، ولو علمتم ما فضيلته، لابتدرتموه، وإن صلاةَ الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كثُر فهو أحب إلى الله – عز وجل»[31].
فمن سأل عنهما النبي – صلى الله عليه وسلم – منافقان، وأثقل الصلوات على المنافقين هما صلاتا الفجر والعشاء، ويستفاد من هذا الحديث أن صلاة الجماعة مما يحبُّه الله تعالى، وكلما كانت الجماعة أكبر، كان ذلك أحبَّ إليه – عز وجل – ولذا تستحب الصلاة في المسجد الجامع على الصلاة في المساجد الأصغر، كما هو معلوم من دين الإسلام، وكذلك يستحب اللحاق بالجماعة الأولى؛ لأنها في الغالب هي الأكبر عددًا، وأفضل منه التبكير بالذهاب إلى المسجد للحاق بالصف الأول وتكبيرة الإحرام.
ولذا كثيرًا ما يعقد العلماء في كتب الحديث والفقه بابًا بعنوان «مواقيت الصلاة»، يثبتون فيه أحاديث ميقات كل فرضٍ أو يشرحونها، وهذه المواقيت توقيفية لا ينبغي تقديمها أو تأخيرها[32].
رابعًا: المساجد:
فعن أبي هريرة أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «أحبُّ البلاد إلى الله مساجدُها»[33].
قال النووي – رحمه الله تعالى -: قوله «أحب البلاد إلى الله مساجدها»؛ لأنها بيوت الطاعات، وأساسها على التقوى والحب والبغض من الله تعالى إرادته الخير والشر أو فعله ذلك بمن أسعده أو أشقاه، والمساجد محل نزول الرحمة والأسواق ضدها[34].
خامسًا: قول «آمين» بعد الفاتحة:
فعن أبي موسى قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: «إذا صليتم فأقيموا صفوفكم، ثم ليؤمكم أحدكم، فإذا كبر فكبِّروا، وإذا قرأ ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ﴾ (الفاتحة: 7) فقولوا: آمين يُجبْكم الله…»[35].
قال الإمام النووي – رحمه الله تعالى -: «وإذا قال: ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ﴾، فقولوا آمين» فيه دلالة ظاهرة لما قاله أصحابنا[36] وغيرهم أن تأمين المأموم يكون مع تأمين الإمام لا بعده، فإذا قال الإمام: ﴿ وَلاَ الضَّالِّينَ ﴾، قال الإمام والمأموم معًا «آمين»، وتأوَّلوا قوله – صلى الله عليه وسلم-: «إذا أمن الإمام، فأمِّنوا» قالوا: معناه إذا أراد التأمين ليجمع بينه وبين هذا الحديث، وهو يريد التأمين في آخر قوله ﴿ وَلاَ الضَّالِّينَ ﴾، فيعقب إرادته تأمينه وتأمينكم معًا، وفي «آمين» لغتان: المد والقصر، والمد أفصح، والميم خفيفة فيهما، ومعناه: استجِب.
قوله – صلى الله عليه وسلم -: «فقولوا آمين، يُجبْكم الله» هو بالجيم؛ أي: يستجب دعاكم[37]، وهذا حث عظيم على التأمين؛ فيتأكد الاهتمام به[38].
وقال العظيم آبادي – رحمه الله تعالى -: «فقولوا آمين» هو بالمد والتخفيف في جميع الروايات وعن جميع القراء، وحكى أبو نصر عن حمزة والكسائي الإمالة، وفيه ثلاث لغات أُخَر شاذة: القصر حكاه ثعلب، وأنشد له شاهدًا وأنكره بن درستويه، وطعن في الشاهد بأنه لضرورة الشعر، وحكى عِياض ومن تبِعه عن ثعلب: إنما أجازه في الشعر خاصة، والثانية: التشديد مع المد، والثالثة: التشديد مع القصر، وخطَّأهما جماعةٌ من أئمة اللغة، و«آمين» من أسماء الأفعال، ويفتح في الوصل؛ لأنها مثل كيف، ومعناه: اللهم استجِب عند الجمهور، وقيل غير ذلك ما يرجع جميعه إلى هذا المعنى، وقيل: إنه اسم لله حكاه صاحب القاموس عن الواحدي[39]. وقال: «يحبكم الله» بالحاء المهملة من الحب، هكذا في أكثر النُّسخ، وفي بعضها بالجيم «يُجبكم الله»، وهكذا في رواية مسلم[40].
سادسًا: السجود لله تعالى، وخاصة سجود الشكر:
عن عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه -: أنه قال: إن أصحاب العجل قالوا: هطا سقماثا، أزبه مزبا؛ بالعربية: حنطة حمراء قوية، فيها شعرة سوداء؛ فذلك قوله – عز وجل -: ﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ ﴾ قال: أمر الله الجبل أن يقع عليهم، فنظروا إليه قد غشيهم فسقطوا سُجدًا على شق، ونظروا بالشق الآخر، فرحمهم الله، فكشفه عنهم، فقالوا: ما سجدة أحب إلى الله تعالى من سجدة كشف بها العذاب عنكم، فهم يسجدون لذلك على شق، فذلك قوله- عز وجل -: ﴿ وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ﴾[41].
سابعًا: المداومة على صلاة الليل كصلاة داود في الحضر والسفر والسراء والضراء:
أ- صلاةُ الليل مشروعيتُها وحكمُها: قال العلاَّمة الشوكاني: وأما صلاة الليل، فالأحاديث فيها صحيحة متواترةٌ لا يتسع المقام لبسْطها، وأكثرها ثلاث عشرة ركعة يوتر في آخرها بركعة إما منفردةً أو منضمة، إلى شفعٍ قبلها، وقد كان – صلى الله عليه وسلم- يصلِّي صلاة الليل على أنحاءٍ مختلفة؛ فتارةً يصلي ركعتين ركعتين، ثم يوتر بعدها بركعة، وتارةً يصلي أربعًا أربعًا، وتارةً يجمَع بين زيادةٍ على الأربع، وذلك كلُّه سنةٌ ثابتة[42].
وكانت صلاةُ الليلِ فريضةً، ثم إن الله منَّ على العباد، فخفَّفها ووضعها[43]، وقد أمر تعالى رسوله بعد المكتوبات بقيام الليل؛ فإن التهجُّد ما كان بعد النوم، قاله علقمة والأسود وإبراهيم النخعي وغيرُ واحدٍ، وهو المعروف في لغة العرب، وكذلك ثبتت الأحاديث عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه كان يتهجَّد بعد نومه عن ابن عباس وعائشة، وغيرِ واحد من الصحابة – رضي الله عنهم – [44].
وعن ابن عمر قال: سألَ رجلٌ النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – وهو على المنبر: ما ترى في صلاة الليل؟ قال: «مثنى مثنى، فإذا خَشِي الصبحَ صلى واحدةً، فأوترت له ما صلَّى»، وإنه كان يقول: اجعلوا آخر صلاتكم وترًا، فإنَّ النبي – صلى الله عليه وسلم – أمر به[45]، ومعنى قول السائل: ما ترى؛ أي: أعلِمني عن حالها وحكمها، و«مثنى مثنى» ركعتين ركعتين[46].
ب- فضل صلاة الليل في السفر: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – يرفعُه: سُئِل: أيُّ الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ فقال: «أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل»[47].
وأحاديث قيام الليل كثيرة، وتلك التي تصرح بأنها محبوبة إلى الله تعالى كثيرة أيضًا، وهي حددت طريقتها وميعادها، وحالات أصحابها على النحو التالي:
1- فعن عمرو بن دينار أن عمرو بن أوس أخبره أن عبدالله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – أخبره أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال له: «أحب الصلاة إلى الله صلاة داود – عليه السلام – وكان ينام نصف الليل ويقوم ثُلثه وينام سُدسه» الحديث[48].
قال الحافظ – رحمه الله تعالى -: قوله: «أحب الصلاة إلى الله صلاة داود»، قال المهلب: كان داود – عليه السلام – يجمُّ نفسه بنوم أول الليل، ثم يقوم في الوقت الذي «ينادي الله فيه: هل من سائل فأعطيه سُؤله»[49]، ثم يستدرك بالنوم ما يستريح به من نصَب القيام في بقية الليل، وهذا هو النوم عند السحر، وإنما صارت هذه الطريقة أحبَّ من أجل الأخذ بالرفق للنفس التي يخشى منها السآمة، وقد قال – صلى الله عليه وسلم-: «إن الله لا يمل حتى تملوا»[50]، والله أحب أن يُديم فضله ويوالي إحسانه، وإنما كان ذلك أرفق؛ لأن النوم بعد القيام يريح البدن، ويُذهب ضرر السهر ودبول الجسم، بخلاف السهر إلى الصباح، وفيه من المصلحة أيضًا: استقبال صلاة الصبح وأذكار النهار بنشاط وإقبال، وأنه أقرب إلى عدم الرياء؛ لأن من نام السدس الأخير أصبَح ظاهر اللون سليم القوى، فهو أقرب إلى أن يُخفي عمله الماضي على من يراه، أشار إلى ذلك ابن دقيق العيد.
وحكي عن قوم أن معنى قوله: «أحب الصلاة» هو بالنسبة إلى من حاله مثل حال المخاطب بذلك، وهو من يشق عليه قيام أكثر الليل، قال: وعمدة هذا القائل اقتضاء القاعدة: زيادة الأجر بسبب زيادة العمل، لكن يعارضه هنا اقتضاء العادة والجبلة التقصير في حقوق يعارضها طول القيام، ومقدار ذلك الفائت مع مقدار الحاصل من القيام غير معلوم لنا، فالأولى أن يجري الحديث على ظاهره وعمومه، وإذا تعارضت المصلحة والمفسدة، فمقدار تأثير كل واحد منهما في الحث أو المنع غير محقق لنا، فالطريق أننا نفوِّض الأمر إلى صاحب الشرع، ونجري على ما دل عليه اللفظ مع ما ذكرناه من قوة الظاهر هنا، والله أعلم[51].
وقال الحافظ – رحمه الله تعالى – أيضًا: قوله: «كان ينام نصف الليل».. إلخ، في رواية ابن جريج عن عمرو بن دينار عند مسلم «كان يرقد شطر الليل، ثم يقوم ثلث الليل بعد شطره»، قال ابن جريج: قلت لعمرو بن دينار: عمرو بن أوس هو الذي يقول يقوم ثلث الليل؟ قال: نعم؛ انتهى.
وظاهره أن تقدير القيام بالثلث من تفسير الراوي، فيكون في الرواية الأولى إدراج، ويحتمل أن يكون قوله: «عمرو بن أوس ذكره»؛ أي: بسنده، فلا يكون مدرجًا، وفي رواية ابن جريج من الفائدة ترتيب ذلك بـ(ثم)، ففيه رد على من أجاز في حديث الباب أن تحصل السنة بنوم السدس الأول مثلاً، وقيام الثلث ونوم النصف الأخير، والسبب في ذلك أن الواو لا ترتب[52].
2- وعن عمرو بن عبسة – رضي الله عنه – قال: أتيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقلت: هل من ساعة أحب إلى الله من أخرى؟ قال: «نعم، جوف الليل الأوسط[53]؛ فصل ما بدا لك حتى يطلع الصبح، ثم انته حتى تطلع الشمس، وما دامت كأنها حجفة حتى تبشبش، ثم صل ما بدا لك حتى يقوم العمود على ظله، ثم انته حتى تزيغ الشمس؛ فإن جهنم تسجر نصف النهار، ثم صل ما بدا لك حتى تصلي العصر، ثم انته حتى تغرب الشمس؛ فإنها تغرب بين قرني الشيطان، وتطلع بين قرني الشيطان»[54].
فقد بيَّن الحديث أن خير ميعاد لقيام الليل هو جوف الليل؛ أي: قبل طلوع الفجر في الساعة التي ينزل فيها رب العالمين – سبحانه – إلى السماء الدنيا.
3- وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله: «ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم، ويستبشر بهم، والذي له امرأة حسنة وفراش لين حسن، فيقوم من الليل، فيقول: يذَر شهوته فيذكرني، ولو شاء رقَد، والذي إذا كان في سفر وكان معه ركب، فسهِروا ثم هجعوا، فقام من السحر في سرَّاء وضرَّاء»[55]، وفي حديث أبي ذرٍّ عن الثلاثة الذين يحبُّهم الله والثلاثة الذين يبغضُهم عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: «رجلٌ يسافر مع قومٍ فأدْلجوا، حتى إذا كانوا من آخر الليل وقع عليهم الكرى والنعاس، فضربوا رؤوسهم، ثم قام فتطهَّر رهبةً لله، ورغبةً لما عِنده»[56].
فهاتان حالان لصاحب إحداهما أو كلتيهما خير مآل عند الكبير المتعال – سبحانه -:
فالأول: له زوجة جميلة يشتهيها، وفراش ناعم مريح، فترك ذلك كله لله تعالى، ويقوم للتهجد بالليل؛ فيقول الله تعالى: «يذر شهوته ويذكرني ولو شاء رقد»؛ يعني: يدع شهوته وحاجة نفسه إلى النوم أو إلى امرأته من أجل مناجاتي وذكري، ولو شاء نام ولم يقم.
والثاني: رجل سافر مع رفقة، فسهروا بالليل ونصبوا – أي: تعِبوا – ثم هجعوا – أي: ناموا – ولا شيء هو أحب وأشهى للمسافر من النوم بعد التعب والسهر، فقام هو من دونهم يصلي بالسحر، وهو جوف الليل الآخر، وترك النوم لله تعالى، وقام يناجيه بالسحر ويدعوه، وعن أبي ذَرٍّ – رضي الله عنه – عن رَسولِ الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «ثلاثة يحبهم الله، فذكر منهم القوم يسافرون، فيطول سراهم، حتى يحبوا أن يمسوا الأرض، فينزلون، فيتنحى أحدهم، فيصلي حتى يوقظهم لرحيلهم»[57].
وقوله: «في سراء أو ضراء» يعني: أن ذلك حاله مع ربه لا يختلف، يذكر الله على كل حال، سواء كان في مسرة أو في مضرة.
قال الحافظ ابن رجب – رحمه الله تعالى -: «من فضائل التهجد أن الله تعالى يحب أهله، ويباهي بهم الملائكة، ويستجيب دعاءهم»[58]، وعن عبدالله بن عمرو – رضي الله عنهما – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة؛ يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفِّعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل، فشفعني فيه، قال: فيشفعان»[59]، وعن ابن مسعود – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «عجب ربنا – عز وجل – من رجلين، رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين أهله وحيه إلى صلاته، فيقول ربنا: أيا ملائكتي انظروا إلى عبدي ثار من فراشه ووطائه ومن بين حيه وأهله إلى صلاته؛ رغبةً فيما عندي، وشفقةً مما عندي، ورجل غزا في سبيل الله – عز وجل – فانهزَموا، فعلِم ما عليه من الفرار وما له في الرجوع، فرجع حتى أُهريق دمه؛ رغبةً فيما عندي، وشفقةً مما عندي، فيقول الله – عز وجل – لملائكته: انظروا إلى عبدي رجع رغبةً فيما عندي ورهبةً مما عندي حتى أُهريق دمه»[60].
وإذًا فمقيم الليل محبوب إلى ربه تعالى، وهو أحب إليه – سبحانه – إذا كان مديمًا على ذلك، أو كان صاحب زوجٍ جميلةٍ وفرُش وثيرة، أو في سفر، فهجع الرفاق وقام فصلى، أو كان ذلك ديدنه وشأنه في السراء والضراء والحضر والسفر، لا يتخلف ليلة عن القيام بين يدي ربه – سبحانه – يناجيه في جوف الليل الآخر.
خلاصة هذا السبب:
1- كما أن الكفر والشرك أول موانع حصول محبة الله للعباد؛ فإن الإيمان بالله تعالى وحده أول أسباب تحصيل محبته تعالى للعباد، وأنه أحب الأعمال إليه – سبحانه – وذلك لأنه لا تصح الأعمال إلا بعد الإيمان؛ لحديث عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها – قلت: يا رسول الله، ابن جدعان كان في الجاهلية يصلُ الرحم ويطعم المسكينَ، فهل ذاك نافِعُه؟ قال: «لا ينفعُه، إنَّه لم يقل يومًا ربِّ اغفِرْ لِي خطيئتي يوم الدِّين»[61]، وغيره من النصوص في ذلك.
2- أن الصلاة على وقتها أحب الأعمال إلى الله تعالى، وأول أسباب تحصيل محبَّته – سبحانه – لدخولها في الإيمان دخولا أوليًّا لا ينفك عنه.
3- مما يلحق بهذا صلاة الجماعة في المساجد؛ خاصة المسجد الجامع، وبخاصة صلاتي الفجر والعشاء.
4- قول «آمين» بعد انتهاء الإمام من تلاوة الفاتحة.
5- وكذلك كثرة السجود لله تعالى، وسجود الشكر؛ خاصة عند نزول مصيبة.
6- قيام الليل، وهو أحب إليه – سبحانه – إذا كان مديمًا على ذلك، أو كان صاحب زوجٍ جميلةٍ وفرُش وثيرة، أو في سفر، فهجع الرفاق وقام هو فصلى، أو كان ذلك ديدنَه وشأنَه في السراء والضراء والحضر والسفر، لا يتخلف ليلة عن القيام بين يدي ربه – سبحانه – يناجيه في جوف الليل الآخر.
ثم صلاةُ الليل في السفَر؛ فإنها وإن كانت نافلةً في موطن رخصة دليل همة العابد وارتباط العبدِ بربه، ثم إنها عملُ خيرٍ ينبغي للمواظب عليه ألا يهجره في حضَرٍ ولا سفر، وإن أحبَّ الأعمال إلى الله أدومُها، كما سيأتي في آخر هذا الباب.
[1] [إسناده جيد]، سبق تخريجه.
[2] [متفق عليه]، أخرجه البخاري في مواقيت الصلاة، باب: فضل الصلاة لوقتها (ح504 وأطرافه في 2630، 5625، 7096)، ومسلم في الإيمان، باب: بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، (ح85) من حديث عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه.
[3] [متفق عليه]، أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب: من قال: إن الإيمان هو العمل (ح26، وطرفه في 1519، كتاب الحج، باب: فضل الحج المبرور)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب: كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال (ح83) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه.
[4] [متفق عليه]، أخرجه البخاري في كتاب العتق، باب: أي الرقاب أفضل (2518)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب: بيان كون الإيمان بالله أفضل الأعمال، (ح84) من حديث أبي ذر – رضي الله عنه.
[5] انظر: شرح النووي على مسلم (ج2 ص73-74) باختصار.
[6] [متفقٌ عليه]، أخرجه البخاري في الرقاق (ح6099)، ومسلم في صفات المنافقين (ح2818).
[7] أخرجه مسلم في الصلاة (ح488) من حديث ثوبان وأبي الدرداء – رضي الله عنهما.
[8] [صحيح]، هو ضمن الحديث السابق.
[9] [حسن]، أخرجه البخاري في «خلق أفعال العباد» (1/72)، والطبراني في «مسند الشاميين» (1/122 ح191)، وفي «المعجم الكبير» (20/93 ح181)، و(20/106 ح208) و(20/107 ح212)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (1/393 ح516)، وصححه ابن حبان (3/99 ح818) جميعًا من حديث معاذ بن جبل – رضي الله عنه.
قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (10/74): «رواه الطبراني بأسانيد، وفي هذه الطريق خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك، وضعفه جماعة ووثقه أبو زرعة الدمشقي وغيره، وبقية رجاله ثقات، ورواه البزار من طريقه إلا أنه قال «أخبرني بأفضل الأعمال وأقربه إلى الله»، وإسناده حسن». ذكره الدارقطني في «العلل» (6/48 سؤال 968)، وبين ما فيه من اختلاف ثم قال: «والصحيح قول من قال عن بن ثوبان عن مكحول عن جبير عن مالك بن يخامر عن معاذ». وحسنه الحافظ ابن حجر في «نتائج الأفكار» (92/1).
[10] [صحيح]، أخرجه الطبراني في «الكبير» (10/22 ح9818)، وأبو يعلى في «مسنده» (9/226 ح5329)، وابن حبان في «صحيحه» (4/340 ح1476)، جميعًا من طريق أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه – فذكره، وأصله عند مسلم في الإيمان (ح85) من طريق أبي عمرو الشيباني عن عبدالله بن مسعود، قال: «سألت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: ثم الجهاد في سبيل الله، قال: حدثني بهن ولو استزدته لزادني».
[11] [صحيح]، أخرجه ابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: ما جاء في الساعات التي تكره فيها الصلاة (ح1251)، وقال الألباني: «صحيح إلا قوله جوف الليل الأسود، فإنه منكر، والصحيح جوف الليل الآخر».
[12] [صحيح]، صدر حديث أخرجه أحمد في «المسند» (ح6505)، وأبو داود في الصيام، باب: في صوم العشر (ح2438)، والترمذي في الصوم، باب: ما جاء في العمل في أيام العشر (757)، وقال: «وفي الباب عن ابن عمر وأبي هريرة، وعبدالله بن عمرو وجابر»، قال أبو عيسى: «حديث ابن عباس حديث حسن صحيح غريب»، وابن ماجه في كتاب الصيام، باب: صيام العشر (ح1727)، وابن خزيمة في «صحيحه» (4/273 ح2865)، وابن حبان في «صحيحه» (2/30 ح324) بإسناد على شرط الشيخين، والطبراني في «الكبير» (11/450 ح12278 و12/13 ح12326)، وفي «الأوسط» (2/210 ح1756)، وفي «الصغير» (2/269 ح1147)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (4/228 ح19540)، والبيهقي في «الشعب» (3/353 ح3749 و3/356 ح3758)، وفي «السنن الكبرى» (4/284 ح8175)، وقال الهيثمي في «المجمع» (4/7 ح5930): «رواه أحمد والطبراني في «الكبير» كل منهما بإسنادين ورجال أحدهما ثقات، وقال الألباني في «صحيح أبي داود» وفي «صحيح الترمذي» وفي «صحيح ابن ماجه»: «صحيح»، والحديث أخرجه البخاري في كتاب العيدين، باب: فضل العمل في أيام التشريق (ح926) بلفظ آخر.
[13] [متفق عليه]، أخرجه البخاري (ح26 و1447) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – ومسلم في الإمارة، باب: من قتل في سبيل الله، كفرت خطاياه إلا الدَّين (ح1885) من حديث أبي قتادة – رضي الله عنه – بألفاظ مختلفة.
[14] انظر: فتح الباري، (ج2، ص9) بتصرُّف وزيادة كبيرة.
[15] [إسناده جيد]، سبق تخريجه.
[16] أخرجه مسلم في القدر، باب: في الأمر بالقوة وترك العجز، (ح2664)، وأحمد في «المسند» (ح8777 وح8815)، وابن ماجه في المقدمة (ح79) وفي كتاب الزهد، باب: التوكل واليقين (ح4168)، وابن حبان في «صحيحه» (13/28 ح5721 و13/29 ح5722)، وأبو يعلى في «مسنده» (11/124 ح6251 و11/230 ح6346)، والبيهقي في «الشعب» (1/216 ح194)، وقال الألباني في «صحيح ابن ماجه»: «حسن».
[17] انظر: شرح النووي على مسلم، (ج16 ص215).
[18] انظر: كشف الخفاء ومزيل الإلباس فيما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس» (2/1710 ح2713).
[19] [متفق عليه]، أخرجه البخاري في مواقيت الصلاة، باب: فضل الصلاة لوقتها (ح504 وأطرافه 2630، 5625، 7096)، ومسلم في الإيمان، باب: بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال (ح85) من حديث عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه.
[20] [حسن]، أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب: في دعاء يوم عرفة (ح3585)، حدثنا أبو عمرو مسلم بن عمرو الحذاء المديني، حدثني عبدالله بن نافع عن حماد بن أبي حميد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، فذكره، وقال: «هذا حديث غريب من هذا الوجه، وحماد بن أبي حميد هو محمد بن أبي حميد، وهو أبو إبراهيم الأنصاري المديني، وليس بالقوي عند أهل الحديث»، والطبراني في «الدعاء» (ص273)، من حديث علي – رضي الله عنه – ومالك في «الموطأ» (1/214 ح500، و1/422 ح945)، وعبدالرزاق في «مصنفه» (4/378 ح8125)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (4/284 ح8174، و5/117 ح9256)، وفي «فضائل الأوقات» (ص367)، مرسلاً صحيحَ الإسناد من حديث طلحة بن عبيدالله بن كريز، وقال الألباني في «مشكاة المصابيح» رقم (2598): «صحيح»، وفي «السلسلة الصحيحة» رقم (1503): «حسن».
[21] [متفق عليه]، وسبق تخريجه قريبًا.
[22] انظر: «فتح الباري» (ج2 ص9-10)، وقال الحافظ – بعد هذا الكلام-: اتفق أصحاب شعبة على اللفظ المذكور في الباب – أي في لفظ البخاري – وهو قوله: «عن وقتها»، وخالفهم علي بن حفص وهو شيخ صدوق من رجال مسلم، فقال: «الصلاة في أول وقتها»، أخرجه الحاكم والدارقطني والبيهقي من طريقه؛ قال الدارقطني: ما أحسبه حفظه؛ لأنه كبر وتغير حفظه، قلت: ورواه الحسن بن علي المعمري في «اليوم والليلة» عن أبي موسى محمد بن المثنى عن غندر عن شعبة كذلك، قال الدارقطني: تفرد به المعمري، فقد رواه أصحاب أبي موسى عنه بلفظ «على وقتها»، ثم أخرجه الدارقطني عن المحاملي عن أبي موسى كرواية الجماعة، وهكذا رواه أصحاب غندر عنه، والظاهر أن المعمري وهم فيه؛ لأنه كان يحدث من حفظه، وقد أطلق النووي في «شرح المهذب» أن رواية «في أول وقتها ضعيفة»؛ ا هـ.
لكنْ لها طريقٌ أخرى أخرجها ابن خزيمة في صحيحه والحاكم وغيرهما من طريق عثمان بن عمر عن مالك بن مغول عن الوليد، وتفرد عثمان بذلك، والمعروف عن مالك بن مغول كرواية الجماعة، كذا أخرجه المصنِّف – أي الإمام البخاري رحمه الله تعالى – وغيره، وكأن من رواها كذلك ظن أن المعنى واحد، ويمكن أن يكون أخذه من لفظة «على»؛ لأنها تقتضي الاستعلاء على جميع الوقت، فيتعين أوله؛ قال القرطبي وغيره: قوله «لوقتها» اللام للاستقبال؛ مثل قوله تعالى ﴿ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ﴾؛ أي: مستقبلات عدتهن، وقيل: للابتداء؛ كقوله تعالى ﴿ أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ﴾، وقيل: بمعنى في؛ أي في وقتها، وقوله: «على وقتها»، قيل على بمعنى اللام؛ ففيه ما تقدم، وقيل لإرادة الاستعلاء على الوقت، وفائدته تحقق دخول الوقت؛ ليقع الأداء فيه.
[23] [متفق عليه]، أخرجه البخاري في صفة الصلاة، باب: وجوب القراءة للإمام والمأموم (ح723) واللفظ له، ومسلم في الصلاة، باب: وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة (ح394).
[24] [صحيح موقوف]، رواه الطبراني في «الكبير» (6/44 ح5459)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (2/904) موقوفًا على سعد بن عمارة، و(2/903) من حديث أم الدرداء عن أبي الدرداء – رضي الله عنهما – وقال الهيثمي – في «مجمع الزوائد» (1/527) -: «فيه عبدالله بن سعد عن أبيه، ولم أر من ترجمهما»، وقال مرة: «رواه الطبراني ورجاله ثقات»، وقال العجلوني في «كشف الخفاء» (1/324-325): «وهو موقوف، وأخرجه أحمد والطبراني بسند رجاله ثقات، ورواه عبدالله بن أحمد في «زوائده» من طريق محمد بن عبدالرحمن الطفاوي، وأخرجه ابن منده في «المعرفة»، والخطيب في «المؤتلف» عن العاص عن عمته أم غادية، وأخرجه ابن سعد في «طبقاته»، وقال الألباني – في «صحيح الترغيب والترهيب» رقم (575) -: «صحيح موقوف، وعن أبي الدرداء – رضي الله عنه – قال: لا إيمان لمن لا صلاة له، ولا صلاة لمن لا وضوء له؛ رواه ابن عبدالبر وغيره موقوفًا».
[25] أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب: بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة (ح82).
[26] انظر: «تعظيم قدر الصلاة» (2/929)، و«صحيح الترغيب والترهيب» (ج1 ص139).
[27] أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب: (سيقول السفهاء)، (ح4486).
[28] [صحيح]، أخرجه أحمد في «المسند» (1/295 و1/347)، والترمذي في كتاب التفسير، سورة البقرة (ح2964)، والنسائي في كتاب السنة (ح4680)، والحاكم في «المستدرك» (2/269)، كلهم من طريق سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس – رضي الله عنهما – وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح»، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي في «التلخيص»؛ انظر: «تفسير ابن عباس ومروياته في التفسير من كتب السنة»؛ للدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الحميدي (ج1 ص49 وما بعدها).
[29] [متفق عليه]، أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب: مواقيت الصلاة وفضلها (ح521 وطرفاه في 3221 و4007)، ومسلم في كتاب المساجد، باب: أوقات الصلوات الخمس (ح610) عن عبدالله بن مسلمة القعنبي، ويحيى بن يحيى التميمي، كلاهما عن مالك به، وانظر: «الموطأ» برواياته الثمانية (1/185-187 ح2-1)؛ تحقيق: أبي أسامة سليم بن عيد الهلالي، ط. مجموعة الفرقان التجارية – دبي 1424.
[30] [متفق عليه]، أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب: مواقيت الصلاة وفضلها (ح522 وأطرافه في 544 و545 و546 و3103)، ومسلم في كتاب المساجد، باب: أوقات الصلوات الخمس (ح611)، وانظر: «الموطأ» برواياته الثمانية (1/185-187 ح3-2).
[31] [حسن]، أخرجه أحمد في «المسند» (ح21302 و21303)، وأبو داود في الصلاة، باب: في فضل صلاة الجماعة (ح554)، والنسائي في كتاب الإمامة (ح843)، وابن خزيمة في «صحيحه» (2/366 ح1476)، وابن حبان في «صحيحه» (5/405 ح2056)، والحاكم في «المستدرك» (1/375 ح904)، والطيالسي في «مسنده» (1/75 ح554)، والطبراني في «الأوسط» (2/231 ح1834)، وعبدالرزاق في «مصنفه» (1/523 ح2004)، والبيهقي في «الشعب» (3/58 ح2861)، وفي «السنن الكبرى» (3/61 ح4744 و3/67 ح4780 و3/102 ح4974)، والنسائي في «السنن الكبرى» (1/295 ح917)، وقال الألباني في «صحيح أبي داود» وفي «صحيح النسائي»: «حسن»، وقال الأعظمي في حديث ابن خزيمة: «إسناده صحيح»، وقال الزيلعي في «نصب الراية» (2/26): «أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان وابن ماجه من حديث أبي بن كعب، وصححه ابن السكن والعقيلي والحاكم، وذكر الاختلاف فيه وبسَط ذلك، وقال النووي: أشار عليُّ بن المديني إلى صحته، وعبدالله بن أبي بصير قيل لا يعرف؛ لأنه ما روى عنه غير أبي إسحاق السبيعي، لكن أخرجه الحاكم من رواية العيزار بن حريث عنه، فارتفعت جهالة عينه، وأورد له الحاكم شاهدًا من حديث قباث بن أشيم، وفي إسناده نظر، وأخرجه البزار والطبراني، ولفظه صلاة الرجلين يؤم أحدهما صاحبه أزكى عند الله من صلاة أربعة تترى، وصلاة أربعة يؤم أحدهم هو أزكى عند الله من صلاة ثمانية تترى، وصلاة ثمانية يؤم أحدهم أزكى عند الله من صلاة مائة تترى».
[32] راجع في ذلك على سبيل المثال: أبواب مواقيت الصلاة من «صحيح البخاري»، ومواقيت الصلاة من كتاب «الفقه على المذاهب الأربعة».
[33] جزء من حديث أخرجه مسلم في كِتَاب الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةِ، باب: فَضْلِ الْجُلُوسِ فِي مُصَلَّاهُ بَعْدَ الصُّبحِ (ح1082)، وسبق تخريجه.
[34] انظر: «شرح النووي على مسلم» (ج5 ص171) باختصار.
[35] أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب: التشهد في الصلاة (ح617)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب: تفريع أبواب الركوع والسجود (ح829)، والنسائي في كتاب الطهارة، التوقيت في المسح على الخفين للمقيم (ح821)، وفي «الكبرى» (ح894)، وأحمد في «المسند» (ح19191)، والدارمي في «سننه» (ح1282)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ح1501)، وابن حبان في «صحيحه» (ح2206)، والبزار في «البحر الزخار» (ح2655)، والبيهقي في «الكبرى» (ح2599)، الجميع من حديث أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – وإسناده متصل رجاله ثقات، وانظر: «صحيح الجامع» (رقم 672).
[36] يعني الشافعية.
[37] هذا على رواية مسلم، وقال الخطابي: «يريد أن كلمة آمين يستجاب بها الدعاء الذي تضمنته السورة والآية؛ كأنه قال: فتلك الدعوة متضمنة بتلك الكلمة أو معلقة بها»؛ انظر: «عون المعبود شرح سنن أبي داود» (ج3 ص181).
[38] انظر: «شرح النووي على مسلم» (ج4 ص120).
[39] انظر: «عون المعبود» (ج3 ص147-148).
[40] انظر: السابق (ج3 ص180-181).
[41] [صحيح موقوف]، أخرجه الحاكم في «المستدرك» (2/352 ح3252)، وقال: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه»، وقال الذهبي في «التلخيص»: «على شرط مسلم».
[42] انظر: «الدراري المضية شرح الدرر البهية» (ص128-129) ن. دار الجيل – بيروت 1407.
[43] انظر: «تفسير الطبري» (ج12 ص285) ط2 دار المعرفة للطباعة والنشر 1392.
[44] انظر: «تفسير ابن كثير» (ج3 ص75).
[45] [متفقٌ عليه]، أخرجه البخاري في الصلاة (ح472)، ومسلم في صلاة المسافرين (ح749) كلاهما من حديث عبدالله بن عمر – رضي الله عنهما.
[46] من تعليق د. مصطفى أغا على «صحيح البخاري» (ج1 ص179).
[47] أخرجه مسلم في الصيام (ح1163) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه.
[48] [متفق عليه]، جزء من حديث أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود (ح3191)، وفي كتاب الجمعة، أبواب تقصير الصلاة، باب: من نام عند السحر (ح1070) بلفظ: «أحب الصلاة إلى الله صلاة داود – عليه السلام – وأحب الصيام إلى الله صيام داود، وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، ويصوم يومًا ويفطر يومًا»، ومسلم في كتاب الصيام، باب: النهي عن صوم الدهر لمن تضرر (ح1976 و1977) بلفظ: «أحب الصيام إلى الله صيام داود؛ كان يصوم نصف الدهر، وأحب الصلاة إلى الله – عز وجل – صلاة داود – عليه السلام – كان يرقد شطر الليل، ثم يقوم، ثم يرقد آخره، يقوم ثلث الليل بعد شطره»، قال: قلت لعمرو بن دينار: أعمرو بن أوس كان يقول يقوم ثلث الليل بعد شطره؟ قال: نعم.
[49] [متفق عليه]، جزء من حديث النزول؛ أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب: قول الله تعالى: ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ الله ﴾ (ح7494)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة (ح758) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – ونصه: «ينْزل ربنا تبارَك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حتى يبقى ثُلث الليل الأخير، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له».
[50] [متفق عليه]، أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب: الجلوس على الحصير ونحوه (ح5441)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: فضيلة العمل الدائم من قيام الليل (ح1308).
[51] انظر: «فتح الباري» (ج3 ص526-527).
[52] انظر: «فتح الباري» (ج3 ص527).
[53] الصحيح: «جوف الليل الآخر» كما سبق.
[54] [صحيح] سبق تخريجه قريبًا.
[55] [حسن]، أخرجه الحاكم في «المستدرك» (ح68)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ح931)، وقال الهيثمي – في «المجمع» (2/525) -: «رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات»، وقال المنذري – في «الترغيب والترهيب» (1/245) -: «رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن»، وحسنه الألباني في «الصحيحة» (رقم 3478)، وفي «صحيح الترغيب والترهيب» (رقم 629).
[56] [صحيح]، أخرجه أبو داود الطيالسي في «مسنده» (ح464)، والحاكم في «المستدرك» (2/98 ح2446)، والبزار في «مسنده» (9/349 ح3908)، والبيهقي في «الشعب» (7/81 ح9549) من طريق: يزيد بن عبدالله بن الشِّخير أبي العلاء عن مطرف بن عبدالله عن أبي ذر، وقال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم، ولم يُخرجاه»، وقال البزار: «هذا الكلام قد روي بعضُه عن أبي ذرٍّ من غير وجهٍ، ولا نعلمه يروى عنه بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه، ولا روى مطرف عن أبي ذر إلا هذا الحديث»، وقد سبق تخريجه بتوسُّع في أول الكتاب.
[57] [صحيح]، أخرجه أحمد في «المسند» (ح20833)، وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (رقم 3074).
[58] انظر: «لطائف المعارف»؛ لابن رجب (ص43).
[59] [صحيح]، أخرجه أحمد في «المسند» (ح6589)، وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (رقم 7329).
[60] [حسن]، أخرجه أحمد في «المسند» (ح3939)، وحسنه الألباني في «صحيح الترغيب» (رقم 630).
[61] أخرجه مسلم في الإيمان، باب: الدليل على أن من مات على الكفر لا ينفعه عمل (ح214) من حديث عائشة – رضي الله عنها.
المصدر: الألوكة