“جددوا إيمانكم” بقلم الشيخ: سعيد سطل “أبو سليمان”
سعيد سطل ابو سليمان
السبت،2 ربيع الاول 1435ه الموافق 4 كانون الثاني /يناير2014م وكالة معراج للأنباء “مينا”.تحية المسلمين السلام , والسلام اسم من أسماء الله الحسنى , والله تعالى سمى الآخرة دار السلام فقال : والله يدعو إلى دار السلام , سماها دار السلام لأنه لا خوف فيها ولا حزن ولا همً ولا غمٌ ولا قلق ولا فقر ولا جوع ولا مرض , وكلمة السلام تبعث الطمأنينة في النفس , ومن معانيها الأمن والأمان والسلامة للناس , فعندما تحّي أحدا بقولك السلام عليكم فكأنك تقول له : لك مني الأمن وعليك الأمان , أي اطمئن لا غدر ولا خيانة ولا طعن في الظهر , والسلام جعله الله تعالى تحية أهل الجنة , فقال تحيتهم يوم يلقونه سلام.
ومن مقاصد الشريعة الإسلامية إشاعة السلام في الأرض من خلال إفشائه بين الناس , روى البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما , أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير؟ قال تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف , وعندما نستعرض أحوال المسلمين المتردية محليا وإقليميا وعالميا , لا نرى أثرا للسلام في حياتهم , ولا في معاملاتهم مع بعضهم , بات السلام شعارا فارغا من المضمون والمعنى , أصبح مجرد كلمة تقال باللسان , ما نراه ونشاهده على الساحة العربية والإسلامية منافي تماما لمعنى السلام , لا امن ولا أمان ولا استقرار , إنما إرهاب وترويع ورعب وسفك دماء , قتل وخطف وتفجير واعتداء على الأبرياء , لا حُرمة لأرواح ولا لأعرض ولا لممتلكات ولا لمقدسات , بات الدم المسلم في بلاد العرب والمسلمين ارخص من أي سائل يباع في الأسواق , لا قيمه له ولا حُرمة.
عجيب كيف يمكن أن يتخلى المسلمون عن أسمى القيم والمبادئ التي جعلها الله تعالى من مميزاتهم وصفاتهم , لقد وصفهم الله تعالى باللين والرحمة فقال : أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين , ونفس الوصف جاء في موضع آخر حيث قال عنهم : أشداء على الكفار رحماء بينهم , وفي السُنّة النبوية شبههم النبي بالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر, النبي صلى الله عليه وسلم الحريص على أمته الرءوف الرحيم بهم يخاطبهم قائلا : والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا , ولا تؤمنوا حتى تحابوا , أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم , افشوا السلام بينكم , هل افشوا السلام بينكم مجرد كلمة تقال باللسان كما نفعل ؟ إفشاء السلام من شأنه إشاعة المحبة بين المسلمين , والإيمان كما مر مرتبط بالمحبة ارتباطا عضويا لا انفصام بينهما , ولا تؤمنوا حتى تحابوا , المحبة بين المسلم وأخيه المسلم شرط لصحة الإيمان , هذا الإيمان القائم على المحبة بين المسلمين , هو تأشيرة الدخول إلى الجنة النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق يقسم بالله , والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا , النص واضح وصريح لا دخول إلى الجنة إلا بتأشيرة ممهورة بالإيمان.
فما بال المسلمين يضربون بهذا الهدي النبوي عرض الحائط , فبدلا من إفشاء السلام بينهم , يفشون الحقد والكراهية يفشون العداوة والبغضاء بيينهم , يخوّن بعضهم بعضا , يلعن بعضهم بعضا , يسب بعضهم بعضا , يكفّر بعضهم بعضا , يستحلون دماء بعض وأعراض بعض وأموال بعض , وجاء في الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم : سباب المسلم فسوق وقتاله كفر , وروى الترمذي والنسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم صححه الألباني , المجازر التي يرتكبها المسلمون بحق بعض في العراق وسورية ومصر وباكستان وغيرها , باستعمال السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة والتي تحصد أرواح الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال , في ظل هذه الأجواء الدموية الإجرامية التي تخيّم علينا , احسب أن على جميع المسلمين دون استثناء وفي جميع أقطار الأرض , عليهم جميعا أن يجددوا إيمانهم لان هذه الجرائم منافية للإيمان ونافية للإسلام بالجملة , ولا حول ولا قوة إلا بالله.
المصدر: يافا