قس أمريكي يهدي طفله للإسلام “دون أن يدري”
الخميس،21 ربيع الاول 1435ه الموافق 23 كانون الثاني /يناير2014م وكالة معراج للأنباء “مينا”.
مصر – القاهرة
“سجنوه… عذبوه..نفوه خارج البلاد.. وضعوا له السم في الطعام.. فأسلم على يده العشرات”، هذا هو ملخص حياة طفل أمريكي مسيحي من أب “قس” يعيش في الولايات المتحدة، لم يتخيل أن مكتبة والده تحوي أعظم كنز يمكنه اغتنامه، وجعل القدر والده سببا لدخوله الإسلام.
الدكتور عبد العزيز بن أحمد سرحان، عميد كلية المعلمين بمكة المكرمة، يسرد تلك القصة العظيمة لهذا الرجل التقي، الذي هجر الجهل بالدين لينتقل إلى بلاد المسلمين العامرة بالحق.
قابل الدكتور سرحان شخصا يدعى أبو محمد، هو من عرف الطفل وجالسه وسمع منه قصته، ليكشف لنا كيف تحول من ابن قس إلى داعية إسلامي.
وإلى نص القصة كما رواها أبو محمد:
كنتُ في مدينة جوهانسبرج، وكنتُ أصلي مرة في مسجد، فإذا بطفل عمره عشر سنوات يلبس ثيابًا عربية -أي ثوبًا أبيض وعباءة عربية خليجية تحملها كتفاه وعلى رأسه الكوفية والعقال.
شدّني منظره، فليس من عادة أهل جنوب إفريقيا أن يلبسوا كذلك، فهم يلبسون البنطال والقميص، ويضعون كوفية على رؤوسهم، أوأنهم يلبسون الزيّ الإسلامي الذي يمتاز به مسلمو الهند والباكستان.. فمرّ من جانبي، وألقى عليّ تحية الإسلام, فرددت عليه التحية، وقلت له: هل أنت سعودي؟.
قال لي: لا، أنا مسلم، أنتمي لكل أقطار الإسلام.. فتعجبت من إجابته وسألته: لماذا تلبس هذا الزيّ الخليجي، فرد عليّ: لأني أعتزّ به، فهو زيّ المسلمين.
وفجأة مرّ رجل يعرف الصبي، وقال لي: اسأله كيف أسلم؟..فتوجهت بسؤال للصبي: ألم تكن مسلمًا من قبل، ألست من عائلة مسلمة، ثم تدافعت الأسئلة في رأسي، ولكن الصبي قال لي: سأقول لك الحكاية من بدايتها حتى نهايتها, ولكن أولاً.. قل لي من أين أنت؟.. قلت :أنا من مكة المكرمة.
وما أن علم الطفل بأنّي من مكة المكرمة، حتى اندفع نحوي يريد معانقتي وتقبيلي، وأخذ يقول: من مكة! من مكة وما أسعدني أن أرى رجلاً من مكة المكرمة بلد اللّه الحرام، إنّي أتشوق لرؤيتها.
فتعجبت من كلام الطفل، وقلت له: بربك أخبرني عن قصتك.. فقال الطفل:
ولدت لأب كاثوليكي قس، يعيش في مدينة شيكاغو بأمريكا، وهناك ترعرت وتعلمت القراءة والكتابة في روضة أمريكية، تابعة للكنيسة.
ويكمل: والدي كان يعتني بي عناية كبيرة من الناحية التعليمية، فكان دائمًا ما يصحبني للكنيسة، ويخصص لي رجلاً يعلمني ويربيني، ثم يتركني والدي في مكتبة الكنيسة لأطالع المجلات الخاصة بالأطفال والمصبوغة بقصص المسيحية.
وفي يوم من الأيام بينما كنت في مكتبة الكنيسة، امتدت يدي إلى كتاب موضوع على أحد أرفف المكتبة، فقرأت عنوان الكتاب فإذا به كتاب الإنجيل.. وكان كتابًا مهترئًا باليا، ولفضولي أردت أن أتصفح الكتاب، وسبحان اللّه ما أن فتحتُ الكتاب، حتى سقطت عيناي ومن أول نظرة على سطر عجيب، قرأت آية تقول: (وقال المسيح: سيأتي نبي عربي من بعدي اسمه أحمد).
يستطرد: تعجبت من تلك العبارة، وهرعت إلى والدي وأنا أسأله بكل بساطة “والدي والدي.. أقرأت هذا الكلام في هذا الإنجيل؟” فردّ والدي: وما هو؟، قلت: هنا في هذه الصفحة، كلام عجيب.. يقول المسيح فيه إنّ نبيًّا عربيًّا سيأتي من بعده.. من هو يا أبي النبيّ العربيّ، الذي يذكره المسيح بأنه سيأتي من بعده؟ ويذكر أن اسمه أحمد؟.. وهل أتى أم ليس بعد يا والدي؟.
ولكن الطفل وجد عكس ما كان يتوقع، حيث نهره والده مستفسرا عن مصدر هذا الكتاب، فأخبره الطفل أنه من مكتبة الكنيسة الخاصة بالقساوسة، والتي يقرأ منها والده.
قال الأب : إن ما فيه كذب وافتراء على السيد المسيح..فقاطعه ابنه “ولكنه في الإنجيل يا والدي ألا ترى ذلك مكتوبًا في الإنجيل !؟.
أسرع الأب بقوله “مالك ولهذا، فأنت لا تفهم هذه الأمور، أنت لا زلت صغيرًا… هيا بنا إلى المنزل”، فذهبا إلى المنزل، وأخذ يصيح بالطفل ويتوعده وبأنه سيفعل به كذا وكذا إذا أنا لم أترك ذلك الأمر.
ويستكمل الطفل: لكنني عرفت أن هناك سرًّا يريد والدي أن يخفيه عني، ولكنّ اللّه هداني بأن أبدأ البحث عن كل ما هو عربي، لأصل إلى النتيجة، فأخذت أبحث عن العرب لأسألهم؛ فوجدت مطعمًا عربيًّا في بلدتنا فدخلت وسألت عن النبيّ العربيّ فقال لي صاحب المطعم: اذهب إلى مسجد المسلمين، وهناك سيحدثونك عن ذلك أفضل منّي.
ذهب الطفل للمسجد, وصاح في المسجد: “هل هناك عربٌ في المسجد، فقال له أحدهم: ماذا تريد من العرب؟ فقال لهم: أريد أن أسأل عن النبيّ العربيّ أحمد؟ فقال له أحدهم: تفضل اجلس، وماذا تريد أن تعرف عن النبيّ العربيّ؟.
قال الطفل: لقد قرأت أن المسيح يقول في الإنجيل الذي قرأته في مكتبة الكنيسة أن نبيًّا عربيًّا اسمه أحمد سيأتي من بعده. فهل هذا صحيح ؟ قال الرجل: هل قرأت ذلك حقًّا؟ إن ما تقوله صحيح يا بُنيّ..ونحن المسلمون أتباع النبيّ العربيّ محمد صلى اللّه عليه وسلم. ولقد ذكر قرآننا مثل ما ذكرته لنا الآن.
صاح الطفل وكأنه وجد ضالته: أصحيح ذلك، فرد عليه الرجل: نعم صحيح… انتظر قليلاً.. وذهب الرجل وأحضر معه نسخة مترجمة لمعاني القرآن الكريم، وأخرج الآية من سورة الصف التي تقول: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6]، فصاح الطفل: أرني إيّاها.. فأراه الرجل الآية المترجمة فصاح الطفل: يا إلـهي كما هي في الإنجيل لم يكذب المسيح، ولكن والدي كذب عليّ.
وظهرت علامات الراحة على وجه الطفل قائلا: كيف أفعل أيها الرجل لأكون من أتباع هذا النبي فقال: أن تشهد أن لا اله إلا اللّه وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن المسيح عيسى بن مريم عبده ورسوله فقال الطفل: أشهد أنه لا إله إلا اللّه وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبده ورسوله، بشر بهذا النبيّ محمد صلى اللّه عليه وسلم ما أسعدني اليوم سأذهب لوالدي وأبشره.
انطلق الطفل ببراءته وعفويته فرحًا لوالده القس ووجه مبتسم: والدي والدي لقد عرفت الحقيقة إن المسلمين موجودون في أمريكا، وهم أتباع محمّد صلى اللّه عليه وسلم، ولقد شاهدت القرآن عندهم يذكر نفس الآية التي أريتك إياها في الإنجيل لقد أسلمت..أنا مسلم الآن يا والدي هيّا أسلم معي لا بدّ أن تتبع هذه النبي محمد صلى اللّه عليه وسلم. هكذا أخبرنا عيسى في الإنجيل“.
فإذا بالقس وكأنّ صاعقة نزلت على رأسه سحب ابنه الصغير وسجنه في غرفة صغيرة وأغلق عليه الباب وطالب بقية الأسرة بعدم الرأفة معه.. وظلّ في السجن أسابيع يؤتى إليه بالطعام والشراب ثم يغلق عليه مرة أخرى.
وعندما خاف القس أن يَفتضح أمره لدى السلطات الحكومية؛ خاصة بعد أن أخذت المدرسة التي يدرس فيها الابن تبعث خطابات لتوضيح سبب غياب الابن، وخاف أن يتطور الأمر وقد يؤدي به إلى السجن، ففكر في نفي ابنه إلى تنزانيا في إفريقيا، حيث يعيش والدا القس.
وبالفعل نفاه إلى هناك، وأخبر والديه بأن لا يرحموه، إذا ما هو عاد لكلامه وهذيانه -كما يزعمون- وإن كلفهم الأمر بأن يقتلوه فليقتلوه؛ ففي إفريقيا لن يبحث عنه أحد!.
سافر الطفل إلى تنزانيا ولكنه لم ينس إسلامه وأخذ يبحث عن العرب والمسلمين، حتى وجد مسجدًا فدخله وجلس إلى المسلمين وأخبرهم بخبره فعطفوا عليه وأخذوا يعلمونه الإسلام ولكن الجدّ اكتشف أمره فأخذه وسجنه كما فعل والده من قبل، ثم أخذ في تعذيب الغلام ولكنّه لم ينجح في إعادة الطفل عن عزمه، ولم يستطع أن يُثنِيَه عمّا يريد أن يقوم به، وزاده السجن والتعذيب تثبيتًا وقوة للمضيّ فيما أراد له اللّه.
وفي نهاية المطاف، أراد جده أن يتخلص منه، فوضع له السمّ في الطعام.. ولكن اللّه لطف به، فبعد أن أكل قليلاً من الطعام أحس أن أحشاءه تؤلمه فتقيأ، ثم قذف بنفسه من الغرفة التي كان بها إلى شرفة ومنها إلى الحديقة، التي غادرها سريعًا إلى جماعة المسجد، الذين أسرعوا بتقديم العلاج اللازم له حتى شفاه اللّه سبحانه وتعالى، بعدها طلب منهم أن يخفوه لديهم، ثم هرّبوه إلى إثيوبيا مع أحدهم.
يقول الطفل: وها أنا ذا هنا في جنوب إفريقيا أجالس العلماء وأحضر اجتماعات الدعاة أين ما وجدت.. وأدعو الناس للإسلام.. هذا الدين الحق.. دين الفطرة.. الدين الذي أمرنا اللّه أن نتبعه.. الدين الخاتم.. الدين الذي بشر به المسيح عليه السلام بأنّ النبيّ محمد سيأتي من بعده وعلى العالم أن يتبعه.
وتابع محذرا: إن المسيحيين لو اتبعوا ما جاء في المسيحية الحقيقية, لسعدوا في الدنيا والآخرة..فها هو الإنجيل غير المحرّف الذي وجدته في مكتبة الكنيسة بشيكاغو يقول ذلك.. لقد دلّني اللّه على ذلك الكتاب، ومن أول صفحة أفتحها, وأول سطر أقرأه تدلني على الحق أيضا..يا إلـهي ما أرحمك, ما أعظمك, هديتني من حيث لا أحتسب.. وأنا ابن القس الذي ينكر ويجحد ذلك!!.
يقول أبو محمد: لقد دمعت عيناي يا دكتور وأنا أستمع إلى ذلك الطفل الصغير.. المعجزة.. في تلك السن الصغيرة، يهديه اللّه بمعجزة لم أكن أتصورها.. يقطع كل هذه المسافات هاربًا بدينه، وسمّى نفسه محمدًا.
المصدر: الشرق