الإيمان بالله تعالى وعدم الشرك به
السبت،27جمادى الأولى1435ه الموافق29 آذار/مارس 2014 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا“.
د. محمد منير الجنباز
قال الله تعالى: ﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ﴾ [الأنعام: 151].
بدأ الله سبحانه وتعالى قولَه في هذه الآيات الكريمة بخطاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم ليدعوَ قومه، ويُسمِعهم ما حرَّم عليهم ربهم، فقال له: قل لهم يا محمد: تعالَوا إليَّ لأقصَّ عليكم وأخبرَكم بما حرَّم ربكم عليكم خبرًا يقينيًّا صادقًا أتى من السماء، ليس فيه ظن ولا تخرُّص، بل وحي من الله مبارَك، وأمر من عنده.
والأصل في استعمال كلمة “تعالوا” أنها كانت لخطاب أناس كانوا جالسين، فأُمروا بأن يقفوا أو يرتفعوا؛ ليصبحوا بمحاذاة من يخاطبهم، أو في مستواه؛ ليسمعوا الخطاب ويعُوه، ثم انتقل استعمالها من هذا الخصوص إلى العموم، فأصبحت تطلق للنداء، بأن أقبلوا وهلموا، وأما التلاوة: فهي الإخبارُ بما نزل، والتبليغ لأحكام الله، والإخبار هنا في هذه الآيات بما حرَّم لا بما أحلَّ – دليلٌ على أن الأصل في الأشياء الإباحة[1]، وهذا فيه توسعة على الناس، بأن تركهم على ما هم عليه من مزاولة أعمالهم، وشؤون حياتهم، واستثنى منها ما أخبرهم بتحريمه ليجتنبوه، فكان هذا المحرمُ بمثابة استثناء الجزء من الكل، تمامًا مثل قوله تعالى: ﴿ كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ ﴾ [آل عمران: 93]، فاستثنى الجزءَ من الكل، ويجب أن يكون التحريم صادرًا من الشارع الحكيم، لا عن الهوى والنفس؛ قال الله تعالى: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ﴾ [يونس: 59]، وقال أيضًا: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴾ [النحل: 116]، وقال أيضًا مبكِّتًا مَن يفعل هذا: ﴿ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ ﴾ [التوبة: 37].
فالله سبحانه وتعالى هو العليم بما يحرِّم، وهو الخبير بما ينفعُنا وبما يضرُّنا، فله الأمر وله النهيُ؛ قال الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾ [الأعراف: 157]، وذلك بوَحْي من الله وإخبار منه، وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما نهيتُكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتُكم به فأتوا منه ما استطعتم؛ فإنما أهلك الذين مِن قبلِكم كثرةُ مسائلهم، واختلافُهم على أنبيائهم))[2].
وقد يكون الظلمُ مدعاةً للتحريم؛ قال الله تعالى: ﴿ فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا ﴾ [النساء: 160]، وهم اليهود؛ فقد حرَّم عليهم ربُّهم طيبات كانت حلالاً لهم، ومنَعهم منها جزاءً وفاقًا لظُلمهم، ولما بعَث الله لهم عيسى عليه السلام رسولاً أخبَرهم بأنه سيعيد للأصل بعضَ ما حرِّم عليهم، ليعود حلالاً طيبًا؛ قال الله تعالى: ﴿ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾ [آل عمران: 50]، ومِن استعراضنا لآيات التحريم ينحصر التحريمُ في ثلاثة أمور:
1- تحريم ما يؤدي إلى الإخلال بالفطرة السليمة وتغيير الاعتقاد.
2- تحريم ما يؤدِّي إلى الإخلال بنظام المجتمع من عادات وتقاليد ومعاملات غير سوية، فهذا النوعُ والنوع الأول هو ما سنتعرَّض له من خلال الآيات الثلاث في سورة الأنعام التي نحن بصدد شرحِ وصاياها.
3- تحريم بعض المَطْعومات والمشروبات.
ففي النوع الأول، نرى التحريمَ من أجل صيانة النفس عن الكفر والإلحاد، وصيانة صاحبها من التعرض لِمَقْت الله وغضبه والسقوط في نار جهنَّم خالدًا فيها أبدًا.
والنوع الثاني، لصيانة المجتمع من التفكُّك والانحلال، وتفشِّي الفوضى، وانعدام الترابط والمحبة بين أفرادِه.
والنوع الثالث، لصيانة الفرد من الأمراض والآفات لتناولِه الخبائث، وعن هذا النوع قال ابن القيم: “مشارب تُفسِد العقول، ومطاعم تفسد الطِّباع وتغذي غذاءً خبيثًا، فصان بتحريم ما حرَّم من الأطعمة والأشربة العقولَ عما يُزيلها ويُفسدها، والقلوبَ عما يُفسِدها من وصول أثَر الغذاء الخبيث إليها“.
ولنعُدْ بعد هذه المقدمة إلى الآية الكريمة، إلى الوصية الأولى: ﴿ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ﴾ [الأنعام: 151]؛ لنستنتج من النهيِ عن الشرك أن الأصل في عقيدة الإنسان التوحيدُ، والشرك طارئ على العقيدة، حالٌّ محلَّها بسبب مؤثراتٍ خارجية؛ قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 172]، وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل مولودٍ يولَدُ على الفطرة؛ فأبواه يُهوِّدانه أو يُنصِّرانه أو يُمجِّسانه))، وفي صحيح مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله: إني خلقتُ عبادي حنفاءَ، فجاءتهم الشياطينُ فاجتالتهم عن دينهم، وحرَّمتْ عليهم ما أحللتُ لهم))، وفي الصحيحينِ عن أنس بن مالك قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يقالُ للرجل من أهل النارِ يوم القيامة: أرأيتَ لو كان لك ما على الأرض من شيءٍ، أكنتَ مفتديًا به، قال: فيقول: نعم، فيقول: قد أردتُ منك أهونَ من ذلك، قد أخذتُ عليك في ظهر آدم أنْ لا تشرك بي شيئًا، فأبيتَ إلا أن تشركَ بي))، فأنت ترى أن الإيمانَ بالله تعالى هو الأصل وهو الفطرة التي فُطِر الناس عليها، لكنهم بدَّلوا وغيَّروا في هذه الحياة الدنيا؛ حيث أغواهم الشيطان، وزيَّن لهم الشركَ؛ ليبعدَهم عن طريق النور، وهذا دأبه بعد أن طرده اللهُ من رحمته، فسخَّر نفسه للشر، ولتكثيرِ أتباعه؛ ليكونوا معه في نار جهنَّم، وهذه حكايته بعد أن عصى أمرَ الله تعالى، ورفَض السجودَ لآدم؛ قال الله تعالى: ﴿ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ * قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ [الأعراف: 13 – 17].
وفي سورة الحِجْر قال تعالى يبيِّن إغواء الشيطان للإنسان: ﴿ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [الحجر: 39]، وقد يقول الإنسان: كيف يُغوي الشيطانُ وهو لا يُرَى ولا نسمع له كلامًا.. إلى آخر ما يقال في هذا؟
أقول: إن أي فِعل يفعله الإنسان يكون فيه مخالفًا لِما أمر الله، فإنما يكون بوَحْي من الشيطان، وإن الله تعالى قد سلَّطه على الإنسان، وزوَّده بقدرة عجيبة لأداء عمله، وبالمقابل فقد زوَّد المؤمن بسلاح مضاد، وهو الإسلام؛ حيث رسم لنا الطريقَ الصحيح، فإذا سلكناه وَفْق هدى الإسلام، فلا تأثير للشيطان علينا؛ فإغواؤه للمسلم الملتزم يكون الوسوسة لترك الأفضل، فإن أراد الصلاةَ في المسجد مع الجماعة – مثلاً – يأتيه خاطرٌ أو وسواس يقول له: الطريق طويلة، والجو حار، إن كان في الحر، أو: الجو بارد، إن كان في البرد، ويظل يوسوس له لكي يؤديَ صلاته في البيت، وأن عُذْره في ذلك مقبولٌ، فإن سمع لهذا الهاجس وقعَد في البيت يكون قد أطاع رغبة الشيطان دون أن يدري، وإن رفض طاعته وغلب هذا الهاجس بما يعلَمُ من فضل صلاة الجماعة، والحث عليها من نبينا الكريم، يكون قد انتصَر على الشيطان وهزَمه، والشيطان يعُود من أبواب أخرى، ومرات أخرى، وهو في صراع دائم لا يترُكه إلى أن يلقى هذا المؤمنُ ربَّه، ومع ضِعاف الإيمان يكون عمله أسهلَ، فيُغريهم أولاً بارتكاب الصغائر، ثم يرتقي معهم إلى ارتكاب الكبائر، وهكذا كلما هدم عروة انتقل إلى غيرها حتى ينسلِخوا من الإيمان، فيُحلوا ما حرَّم الله، ويحرِّموا ما أحل الله، فإذا ما وصلوا إلى هذه الحالة، أصبَحوا من أعوانه وأنصاره، فيُسخِّرهم لإغواء الناس وإضلالهم.
ولنعُدْ إلى الآية الكريمة بعد هذا الاستطراد ﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ﴾ [الأنعام: 151] إن أول ما يتبادر إلى السامعِ عند سماعه لهذه الآية هو تحريمُ الشرك بالله تعالى، ويكفيه هذا الفهم، ولكن أهل النحو والغوص على دقيق المعاني وقَفوا عندها وقفات تأمُّلية طويلة، وقد أورد صاحب تفسير حاشية الجَمَل على الجلالين تسعة أوجه في قوله تعالى: ﴿ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ﴾ [الأنعام: 151]، ومدار هذه الأوجه فيمن عد “أن” مفسرة و“لا” ناهية أو “أن” حرف ناصب و”لا” زائدة، وعلى تأويل المصدر من أن وما بعدها، هل هو في محل نصب أو جر أو رفع، والمعطوفات التي تلت ﴿ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ﴾ [الأنعام: 151]، مثل: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الأنعام: 151] إلى آخر الوصايا العشر، ففيها نهي وفيها أمر، فكيف يستقيم المعنى: ﴿ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الأنعام: 151] إذا كان التحريم منصبًّا على الشِّرك، فكيف عطف: ﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الأنعام: 151]؟
ففي هذا أجهَد العلماءُ عقولهم لتجلية المسألة، فمن أقوالهم[3]: “أنه لما وردت هذه الأوامرُ مع النواهي، وتقدَّمهن جميعًا فعل التحريم، واشتركن في الدخول تحت حكمة، علم أن التحريم راجعٌ إلى أضدادها، وهي الإساءة إلى الوالدين، وبخس الكَيل والميزان، وتَرْك العدل في القول، ونكث العهد”، ومنهم من قال: هنالك فعل محذوف، وهو “أوصيكم“، فيكون التقدير: أوصيكم ألا تشركوا به شيئًا، وأوصيكم بالوالدين إحسانًا، وهذا تقدير حَسَنٌ يدرأ التعارض الظاهر، وكذلك عند من جعل “لا” زائدة – وفي القرآن تُعَد صلةً أدبًا مع كلام الله – وذلك إذا اعتبرنا “أنْ” ناصبة؛ لأنه لو لم تكن زائدة، لكان المعنى تحريم عدم الشرك، وهذا فاسد، تمامًا مثل قوله تعالى: ﴿ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ ﴾ [الأعراف: 12]، فـ: “لا” هنا زائدة، وقوله تعالى: ﴿ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا ﴾ [النحل: 70].
والخلاصة في: ﴿ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ﴾ [الأنعام: 151] كما ذكر في أهم الأقوال اعتبار:
1- “أن” مفسرة و“لا” ناهية، ولهم الحق في ذلك؛ لأن شروط أنِ المفسرة مستوفاة في هذا المقام[4]، ولو استبدلت “أن” بـ: “أي“؛ لأنها بمنزلتها – لكان السياقُ مقبولاً؛ أي لا تُشركوا به شيئًا، وعليه تكون “لا” ناهية.
2- اعتبار “أنْ” حرفًا مصدريًّا ناصبًا، و“لا” زائدة؛ ليكون التحريمُ منصبًّا على الشرك، فما فائدة “لا” طالما أنها زائدة؟
أقول: إن الزوائد كلها تفيد التوكيد، و“لا” في هذه الآية وأمثالها تفيد توكيدَ نفي الشرك، وهذا أسلوبٌ بليغ من أساليب العرب، ألا ترى خطاب الله تعالى وتعنيفه لإبليس بقوله: ﴿ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ ﴾ [الأعراف: 12] أقوى وأبلغ في بيان امتناعه عن السجود فيما لو قال له: ما منعك أن تسجد، فالأُولى أبلغ؛ حيث فيها بيانُ نفي السجود، وفيها كما قال الزمخشري ينجرُّ معنى آخر مع التوكيد، كالتعنيف مثلاً.
وكذلك في الزوائد الأخرى، ففي أداة الاستثناء عندما تصبح استثناء مفرغًا مُلغًى، فإنه يبقى فيها التوكيدُ والمعنى البلاغي، فقولنا: “محمد رسول الله“، تختلفُ في المعنى البلاغي والتوكيد عن ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ ﴾ [آل عمران: 144]، فإنها أفادت الحصرَ وتوكيد النبوة.
[1] في الموافقات للشاطبي: أن أصل الأشياء إما الإباحةُ وإما العفو، والعفو: التَّركُ.
[2] رواه البخاري ومسلم.
[3] راجع تفسير هذه الآيات في تفسير حاشية الجَمَل على الجلالين لمزيد من المعرفة، وكذلك: مغني اللبيب عند الحرف: لا.
[4] راجع مغني اللبيب في شروط “أن” المفسرة.