المفتش اللندني ريتشارد فيرلي”عامان من البحث والقراءة عرفت”

 

الثلاثاء،7جمادى الثانية1435 الموافق8نيسان/أبريل 2014 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا“. 

عندما درست الجيولوجيا في جامعة إكستر جنوب غرب بريطانيا في الفترة ما بين 1980 و1982م لم أكن أعلم أن تلك الدراسة ستكون مفتاحي إلى الهداية، وعندما أردت كسب عيشي وعملت كضابط في الشرطة وتحديدًا في تخصص مكافحة الإرهاب لم أكن أعلم أن الله يقدر لي طريقًا لملاقاة معجزته التي تليت على الناس منذ أكثر من 1400سنة، فلقد نشرت رواية في لندن بالتحديد في 26 سبتمبر 1988 أثارت غضب المسلمين بشدة.. تلك الرواية كانت من تأليف كاتب بريطاني من أصل هندي، وكان علي أن اٌقرأها كجزء من وظيفتي لمعرفة ما الذي ضايق هؤلاء المسلمين تحديدًا، وكان مهمًّا لعملي أن أقرأ القرآن كذلك، هذا الكتاب المقدس الذي يقول المسلمون إنه من عند الله وأن تلك الرواية طعنت فيما يقول، ووقتها أيضًا لم أكن أعلم أني على موعد مع ثلاث آيات ستفتح أفاق عقلي ووجداني لإدراك الحقيقة، فالجيولوجيا كما تعلمون هي علم دراسة الأرض من حيث تركيبها وكيفية تكوينها والحوادث التي وقعت في نشأتها الأولى .

 

قرأت {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا}، وتمعنت في تفسيرها ثم راجعت ما درسته، وقرأت كثيرًا عما كتب في ذلك، فالجبال ثبت أخيرًا أنها تزيد على الارتفاع الظاهر بعدة مرات، ولم تكتشف هذه الحقيقة إلا في النصف الأخير من القرن التاسع عشر، وأصبح معلومًا على وجه القطع أن للجبال جذورًا مغروسة في الأعماق تصل إلى ما يعادل 15مرة من ارتفاعاتها فوق سطح الأرض، وأن لها دورًا كبيرًا في إيقاف الحركة الأفقية الفجائية لصفائح طبقة الأرض الصخرية! وتساءلت من أين أتى رجل أمي بهذه المعلومات قبل مئات السنين من اكتشافها!

اقرأ أيضا  فلسطين تندد بمقتل وإصابة مواطنين برصاص إسرائيلي في جنين

 

أما الآية الثانية فكانت {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} وعرفت من قراءتي التي استمرت شهورًا طويلة أن العالم هابل اكتشف في زمننا هذا أن كل هذه الملايين المؤلفة من المجرات في ابتعاد مستمر عن بعضها فالكون يتسع فعلًا.

 

وأما الآية الثالثة فكانت {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا}، وقرأت تفسير الآية فعرفت أن الكلمة الأولى الرَّتق عكس الثانية الفتق، فالرتق هو الجمع، والفتق هو الانفجار والعلماء يفكرون منذ قرون في نشأة الكون، والنظرية السائدة هي نظرية الانفجار العظيم أو(Big Bang)، تقوم على أن المجرات تتباعد عن بعضها البعض بسرعات هائلة وإن هذا التباعد لو عدنا به إلى الوراء يجمع مادة الكون في جِرم واحد كانت له كتلة حرجة، وكثافة عالية، فانفجر.

 

بعد عامين من الغوص في أعماق القرآن الكريم، وقراءة جزء كامل من القرآن في كل ليلة مع البحث والتدقيق والتردد على المركز الإسلامي في منطقة ريجنت بارك بوسط لندن أعلنت إسلامي.

اقرأ أيضا  نظرة المجتمع الدولي للخليج بعد فشل حصار قطر

 

وأذكر في صباح 19 أغسطس عام 1993 كيف ذقت لأول مرة طعم الإيمان وصفاء النفس، كان ذلك لحظة نطقي بالشهادة، الفرح كان يقفز من عيني، والسكينة كانت على وجوه مشايخ المسجد المركزي بلندن ومنهم الداعية يوسف إسلام مطرب البوب السابق.

 

حاولت أن أكون مسلمًا ايجابيًّا، وأذكر أني عندما اعتنقت الإسلام لم يكن هناك كثير من المسلمين في الشرطة الإنجليزية، فقط بعض الباكستانيين، ولم تكن لنا أي رابطة على الرغم من وجود رابطة لأفراد الشرطة المسيحيين، ورابطة للسيخ، وتعرفت على رجل مسلم شجعني على أن ننشئ رابطة للمسلمين في الشرطة الإنجليزية وشاء الله أن يتم ذلك في عام 2000، وأصبحت رئيسًا لها، كما أنشأنا موقعًا إلكترونيًّا لها هناك باسم «Association of Muslim Police».

 

وقد تمكنت الرابطة من إيصال صوت الأفراد والضباط المسلمين في بريطانيا لأصحاب القرار في وزارة الداخلية والحكومة البريطانية، فسمح للشرطية المسلمة لأول مرة بارتداء الحجاب وتخصيص مصليات للنساء.

 

أما اللحظات التي أعجز عن التعبير عنها بعد إسلامي فهي لحظات جاءت بعد 17 عامًا كنت أوجه فيها وجهي من لندن شطر الكعبة المشرفة بمكة المكرمة خمس مرات في اليوم، وأخيرًا وجدت نفسي فجأة وجهًا لوجه أمام هذا النور الذي يملأ جنبات الحرم المكي الشريف، كنت أؤدي العمرة، فوددت لو أنني قضيت بقية عمري في هذا المكان، ودعوت الله عز وجل في مقام إبراهيم وأثناء الطواف أن يكتب لي الركن الخامس وينعم علي بشعيرة الحج.

اقرأ أيضا  كالا يدعو أمين إلى مكتب نائب الرئيس للمناقشة

 

استجاب الله لي ولا أعرف ما أصابني أنا الضابط المتمرس المدرب جيدًا، فقد وجدت نفسي فجأة أبكي بشدة والدموع تنهمر من عيني، لا أعرف حتى الآن سر هذا البكاء.. لكنني شعرت بأنني قريب للغاية من الله عز وجل، وشعرت بعلامات كثيرة على أن هذا الدين حق وكتابه منزل من السماء.

 

القرآن دائما ما يبصر القلوب قبل العقول لما له من تأثير حقيقي على الإنسان، وهذا ما نسعى اليه في لجنة التعريف بالإسلام من خلال توزيع مليون نسخة من القرآن المترجم  لجميع أمصار الأرض وبمختلف اللغات وذلك بواسطة مشروع مليونية القرآن.

المصدر: البشرى

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.