دين البهائية وشريعتها
الأحد،19جمادى الثانية1435الموافق20نيسان/أبريل2014 وكالة معراج للأنباءالإسلامية”مينا”.
الشيخ عبدالرحمن الوكيل
البهائية كفر جبان، وفي لحظات قوة الأمة تنكر البهائية أنها تدعو إلى دين جديد، ولقد ذكرت لك بعض النصوص التي تؤكد إيمان البهائية بأنها دين جديد، وبأنها ناسخة للإسلام وللعمل بالقرآن. ولكني أذكرك بنص آخر غير ما سبق. يقول بهائي كبير: “إن الدين البهائي لا يضارعه غيره من جهة صحة كتبه المقدسة وكثرتها”: ويقول الميرزا في الأقدس: “حضرت لدى العرش عرائض شتى من الذين آمنوا، وسألوا فيها الله – يعني نفسه – لذا نزلنا اللوح بطراز الأمر” يعني بالشريعة!
رأيهم في التوحيد:
قال الميرزا في الأقدس: “أول ما كتب الله على العباد عرفان مشرق وحيه، ومطلع أمره” فالتوحيد – إذن – هو معرفة الأجساد البشرية التي حلت، أو تجلت فيها الحقيقة الإلهية. وكل ما يقال عن حقيقة التوحيد، وعن الله يجب أن يقال عن الجسد البشري الذي حلت فيه روح الله، فيقال عنه – لا عن الله -: إنه الخلاق البارئ المصور الرحمن[1].
جهل وثني:
يحكم أبو الرذائل على زمر من الناس بالشرك والوثنية؛ لأنهم يعتقدون في معبوداتهم أنها مظاهر للحقيقة الإلهية المقدسة، ومطالع لها، ووسائط الاستفاضة من فيوضها، وروابط العبادة للهوية[2]، والبهائية نفسها ملطخة بهذه الوثنية الجاحدة التي تكفر بوجود الله سبحانه وتعالى، فهي تقول عن معبوداتها هذا القول نفسه، وما ثم من فرق بين وثنية البهائية، وبين وثنية عبدة العجل إلا في شيء واحد، هو أن بني إسرائيل عبدوا عجلا له خوار، أما البهائية فتعبد عجلا كان ينطق ويفسق، فالحكم بالوثنية والشرك يصدق على كل من يصرف أي نوع من أنواع العبادة إلى غير الله، أو ينسب إلى غير الله ما هو لله وحده، سواء في ذلك عبد الشيطان، وعبد الإنسان. ولكن البهائية يفسرون الوثنية تفسيرا يشهد لهم بالغباوة؛ إذ يزعمون أن من يصرف العبادة إلى عجل أو كوكب فهو مشرك، أما من يصرفها إلى ولي أو رسول أو عجل البهائية فموحد!
لا بد من وسائط في الدين:
وكما عبدت الصهيونية والصليبية أحبارها ورهبانها عبدت البهائية شيوخ دينها وقد سمتهم: “حملة أسرار الأحدية”: أي الذين حلت فيهم إشراقات روح الله، وقد حرمت البهائية على غيرهم التكلم في أمور الدين؛ لأنهم وحدهم الذين يعرفون تغنيات ورقاء الهوية، وورقاء الهوية – في زعمهم – هي روح الله وحقيقته المتجسدة في جسم بشري، أما التغنيات فوحي الحقيقة الإلهية! أما في حياة عبدالبهاء فما كان لأحد أن يرجع في أمر من أمور الدين إلا إليه[3]؛ لأنه مشرق مواهب البهاء، ومعين فيضه!
معبود البهائية:
تعبد البهائية – كما بينا – ميرزا “حسين علي”؛ فله يصلون وإلى قبره يحجون، وبجيفته يستغيثون، فقد قال لهم الميرزا في الأقدس: “من توجه إليَّ، فقد توجه إلى المعبود” أما الذين يتوجهون بعبادتهم إلى الله فإنما يتوجهون بها إلى وهم أفكته الظنون! وفيما سبق تفصيل لدينهم في هذا الأمر.
وترى البهائية أن الميرزا “حسين علي” هو وحده المعبود الأعظم؛ لأنه – كما يقول عبدالبهاء – الظاهر باسم الله الأعظم، ورب القيامة الموعود في كل الكتب ولا سيما التوراة والإنجيل والقرآن، وقد تجلى الله فيه – كما تزعم البهائية – وهو في أتم وأكمل وأبهى ما له من تجليات، أما عيسى وغيره من الأنبياء، فلم تكن لهم من مهمة سوى إعداد النفوس لظهور الله في صورة الميرزا[4].
شريعة البهائية:
الصلاة: يقول البهاء في الأقدس: “قد كتب عليكم الصلاة تسع ركعات[5] لله منزل الآيات حين الزوال، وفي البكور والآصال. وعفونا عن عدة أخرى أمرا في كتاب الله – يعني الكتاب الأقدس- أنه لهو الآمر المقتدر المختار“.
الطهارة:
يقول البهاء في الأقدس: “انغمست الأشياء في بحر الطهارة في أول الرضوان؛ إذ تجلينا على من في الإمكان بأسمائنا الحسنى، وصفاتنا العليا” يزعم أن كل شيء أصبح طاهرا منذ حلت فيه روح الله، وهو في حديقة نجيب باشا ببغداد، وقد سمتها البهائية” حديقة الرضوان.
القبلة:
يقول البهاء في الأقدس: “إذا أردتم الصلاة ولوا وجوهكم شطري الأقدس المقام المقدس الذي جعله الله مطاف الملأ الأعلى” يعني قصره الباذخ في عكا. أما بعد هلاكه، فقبره هو قبلة البهائية.
الزكاة:
من يملك مائة مثقال من الذهب يؤخذ منه تسعة عشر مثقالًا.
أما الصوم:
فكما هو عند البابية[6].
أما الحج:
فمفروض على الرجال فقط، ومهوى حجهم قبر ميرزا حسين علي. أما في حياته، فكان إلى المكان الذي ينزل فيه [7].
الزواج:
كان للميرزا “حسين علي” زوجتان؛ ولهذا حرم الزواج بأكثر من اثنتين. وللرجل الحق في توثيق صلته بالمرأة التي يرغب في الزواج منها قبل أن يستشير والديها، وقبل العقد في المحفل البهائي. ومهر من في المدينة أكثر من مهر من في القرية، ولم يصرح الميرزا بتحريم امرأة سوى الأم.
الطلاق:
يفترق الزوجان عاما كاملا، فإذا لم يمكن التوفيق انفصلا بالطلاق.
الميراث:
هو عين ما في البابية، غير أن البهاء زاد من نصيب الذرية، ونذكر هنا نص كلام البهاء في الأقدس؛ ليعلم القراء – فوق ما علموا – أي مخبول كان البهاء: “قسمنا الميراث على عدد الزاء منها قدر لذرياتكم من كتاب الطاء على عدد المقت. وللأزواج من كتاب الحاء على عدد التاء والفاء – وللآباء من كتاب الزاء على عدد التاء والكاف[8]” فهل يصلح خرف كتاب التعويذات والتمائم لقيادة أمة؟
ثم تدبر آيات الميراث في كتاب الله؛ ليتجلى لنا سفه البهائية في جهالتها؛ إذ تظن أن باطلها الأحمق يستطيع أن يحل محل الحق الأبلج.
إباحة الربا:
أحل الله البيع، وحرم الربا. هذا أصل من أصول الإسلام في التوراة، وفي الإنجيل وفي القرآن. غير أن اليهود جعلوا “للتلمود“[9] – وهو كتاب أحقاد الصهيونية وطفاستها – الهيمنة على التوراة، وقد أوجبت فيه الصهيونية على كل يهودي أن يأكل الربا من كل أجنبي، وأباحت له أكله من أولاده وأهل بيته! وقد أبت الصهيونية المسيطرة على الميرزا إلا أن تدس أنفه في الرغام – أكثر مما دست – فأوجبت عليه إباحة سحت الربا؛ ليقيم الدليل تلو الدليل على أن حذاء الصهيونية يضغط على عنقه؛ فقد سأل يهودي الميرزا عن حكم الربا – وهو يعرف قبلا ما سيجيب به الميرزا – فكان جواب الميرزا: “وأما ما سألت عن أرباح منافع الذهب والفضة، فقد صدر البيان الآتي من ملكوت الرحمن منذ عدة سنين خاصا لاسم الله زين المقربين – عليه بهاء الله الأبهى – قوله تعالى – يعني قوله هو: فضلا على العباد قررنا الربا كسائر المعاملات المتداولة بين الناس- أي ربح النقود – صار ربح النقود حلالا طيبا طاهرا وقد توقف القلم الأعلى – يعني قلمه هو – في تحديده حكمة من عنده وسعة لعباده” [10].
ويبدو لك من أسلوبه في إطنابه وتفصيله مبلغ حرصه الشديد على توكيد أنه يبيح خبث الربا، وهو الذي يلوذ بالرمزية والتلويح في البيان عن دينه! كما يبدو لك أيضا أنه – في أول الأمر – كان يحل الربا لخاصة أصحابه، بل لفرد واحد منهم دون الباقين، وأنه كان حريصا على إخفاء هذا لولا بطش الصهيونية بعبوديته لها وإرغامها له على الجهر به. وقد ترك مقداره غير محدد؛ لتطحن الصهيونية بالربا من تشاء باسم دين جديد! ومتى أذن الدين لدنس الربا أن يلوث قدس روحانيته؟ وهل يجوز للبهائية أن تزعم – وقد أباحت الربا – أنها دين إنسانية وأخوة عالمية؟
العقوبات:
يقول البهاء في الأقدس: “كتب على السارق النفي والحبس. وفي الثالث، فاجعلوا في جبينه علامة يعرف بها؛ لئلا تقبله مدن الله ودياره” ويقول عن الزناة: “حكم الله لكل زان وزانية دية مسلمة إلي بيت العدل وهي تسعة مثاقيل من الذهب، وإن عاد مرة أخرى عودوا بضعف الجزاء هذا ما حكم الله به مالك الأسماء في الأولى، وفي الأخرى قدر لها عذاب مهين” ولكنه لم يحدد نوع هذا العذاب! وهكذا يعيش بيت عدله على ثمن الأعراض ويكفي من يريد اقتراف هذه الخطيئة أن يدفع ثمنها لبيت العدل!.
تحريم الجهاد:
يقول البهاء: “البشارة الأولى التي منحت من أم الكتاب في هذا الظهور الأعظم لجميع أهل العالم محو حكم الجهاد من الكتاب. وقد نزل هذا الأمر المبرم من أفق إرادة مالك القدم” وقد ردد هذا القول مرارا في كتبه، وفي كل مرة يؤكد أن الحكم بنسخ الجهاد حكم أبدي لا يقبل النسخ! والاستعمار هو الذي كان يعمل في سبيل أن يبغض الجهاد إلى المسلمين، حتى لا يرفعوا في وجه بغيه سيفا! ويقول عبدالبهاء عن أبيه: “محا آية السيف ونسخ حكم الجهاد“[11] والبهائية بهذا تثبت أنها ربيبة الصهيونية في قناعها الصوفي؛ فالصوفية هي التي حولت المثل الأعلى للمسلم من مؤمن فدائي البطولة يضع عزيمته الجبارة في سيفه المشرع ذيادا عن دين الحق وكرامة الإنسان وسلام العالم إلى شبح واهن تقعقع عظامه تحت دياجير المغاور والكهوف. وهو عاكف على مسبحته الرعناء زائغ العينين، ذاهل الفكر، خلق الثياب أشعث أغبر، منتن الريح، لا نفع له أن يفزع منه، ويفرّ السراة! ولقد عاش كبار أئمة الصوفية كالغزالي وابن عربي وابن الفارض في عهود كانت الصليبية فيها تدمر مساجد الله، وتبيح محاريبها للخنازير، وتحرق المصاحف، وتذبح اليتامى فلم تهف بأحدهم نزعة إيمان تحرضه على أن يحمل السيف، أو حتى على الدعوة إلى حمل السيف!!
البهائية تابعة للأهواء:
العقيدة التي كانت تسيطر على أعماق الميرزا، ولا يستطيع الخلاص منها هو أنه دجال كذوب. ولقد كان يؤمن أن الحياة بواقعها ستفضح كذبه الأبرص، كما كان يؤمن أن هوى أتباعه يقهر هواه، ولهذا قرر أن البهائية تابعة لهوى الناس، ولما تتطلبه الحياة. أي حياة! وإن كانت حياة المواخير! يقول: “بما أن كل يوم يقتضي أمرا، وكل حين يستدعي حكمة؛ فلذلك ترجع الأمور إلى بيت العدل؛ ليقرر ما يراه موافقا لمقتضى الوقت، وقد فرض على الكل إطاعتهم” [12].
غاية العابد:
وغاية العابد في البهائية: “فناء ذاته وصفاته وكينونته وإنيته كلها بسطوات آيات التوحيد، كما تفنى الأظلال عند شروق شارق القديم، وثمت يصبح وإرادته عين إرادة الله، ويرتفع الحجاب، ويضمحل الشرك في حقيقة الفؤاد“[13] ويعني باضمحلال الشرك في حقيقة الفؤاد: فناء الشعور في النفس بثنائية الوجود، فلا ترى إلا وجودا واحدا، أو ذاتا واحدة تتجلى بحقيقتها وأسمائها وصفاتها في كون مشهود ظاهره خلق عابد، وباطنه خلاق معبود! والذي يعرف “النرقانا” في التصوف الهندي، والوله والجذب عند “أفلوطين” و“الفناء والاتحاد” عند الصوفية يعرف جيدا مصدر البهائية في هذا. يقول البسطامي: “للخلق أحوال، ولا حال للعارف؛ لأنه محيت رسومه، وفنيت هويته بهوية غيره، وغيبت آثاره بآثار غيره” [14] ويقول المستشرق نيكلسون عن أسطورة البسطامي هذه: “والفكرة الصوفية في فناء النفس الذاتية في الوجود الكلي هي عنده دون ريب من أصل هندي“[15].
[1] ص132 بهاء الله، ص27 الحجج.
[2] 73 مجموعة الرسائل. والهوية باطن الحقيقة الإلهية.
[3] ص120 إشراقات، ص267 مكاتيب.
[4] 95، 242، 208 بهاء الله. والدروز يزعمون أيضا (أن الحاكم هو رب القيامة الذي نصت عليه جميع الكتب السماوية) ص61 طائفة الدروز.
[5] تقدس البهائية الرقم (9) لأسباب منها: أنه يساوي بحساب الدجل مجموع الأعداد التي تعطيها حروف كلمة (بهاء) وأنه يساوي الفرق بين مجموع أعداد كلمة (القائم) ومجموع أعداد كلمة (القيوم). وقد كان الباب يزعم أنه القائم، فجاء البهاء يزعم أنه (القيوم) وإليك نص قول البهاء في الأقدس: (بهذه التسعة أراد – جل ذكره. يعني: ذكره هو – ظهور التسع في مقام هذا: ما نرى الفرق في ظاهر الاسمين: القائم والقيوم). لهذا تقدس البهائية رقم (9)! فهل رأيت مخبولًا مأفونًا كهذا العتل الزنيم؟! وصلاة البهائية هي بعينها صلاة الصابئة الوثنية. يقول ابن القيم: (وهم – أي الصابئة – إذا طلعت الشمس سجدوا كلهم لها، وإذا غربت، وإذا توسطت الفلك) ص223 إغاثة اللهفان.
[6] تابع البهاء الباب في جعل السنة تسعة عشر شهرا، والشهر تسعة عشر يوما وأسماء الشهور هي: (البهاء، الجلال، الجمال، العظمة، النور، الرحمة، الكلمات، الأسماء، الكمال، العزة، المشيئة، العلم، القدرة، القول، المسائل، الشرف، السلطان، الملك، العلا) وأول شهر من التقويم البهائي يقابل 21 من مارس. وتقع خمسة الأيام النسيء من 26 فبراير إلى أول مارس.
[7] ينكر البهائيون أنهم يتواصون بهدم البيت الحرام. ويقولون: أين النصوص؟ وأقول لقد فرض البهاء الحج إلى قبره، أو إلى القصور التي نزل فيها، يقول في الأقدس: (ارفعن البيتين في المقامين أو المقامات التي فيها عرش ربكم الرحمن كذلك يأمركم مولى العارفين). يأمرهم بتشييد بيوت حج وعبادة متعددة في الأمكنة التي أقام فيها.
[8] يبدو لك جلياً مبلغ تأثر البهاء بالحروفية والعددية. ومعنى ما يقول أنه قسم الميراث على سبعة أنواع لأن الزاي في حساب الدجالين = 7 للذرية منها، لأن الطاء = 9 و(مقت) = 540 ويجعل ال 9 بسطًا فوق ذلك العدد تنتج. وهكذا في بقية ما عرف به.
ويجوز أن يهب البهائي كل أملاكه لفرد يختاره ص147 بهاء الله.
[9] التلمود من وضع (حاخاميم) اليهود. وهو مؤلف من قسمين (المشنا)، وهو خلاصة الشريعة اليهودية الشفوية، ومجموعة القوانين السياسية والدينية لليهود والقسم الآخر (الجمارا) وهو عبارة عن شروح الحاخاميم للمشنا التي بدأ جمعها الحبر شمعون سنة 166 وأتمها يهوذا سنة 216. ومما جاء فيه: (لا شغل لله في الليل غير تعلم التلمود مع الملائكة).
[10] ص15 إشراقات.
[11] ص108، 109 إشراقات، ص169 بهاء. وقائل هذا قاتل لأهله بالسم والساطور.
[12] ص101 وما بعدها إشراقات.
[13] ص91 مكاتيب.
[14] ص184 الرسالة للقشيري، والهوية حقيقة الذات.
[15] ص22 التصوف في الإسلام.
المصدر: الألوكة