هل إندونيسيا تقود هجمات إلكترونية أم أنها ضحية؟
جاكرتا (معراج)- في السنوات الأخيرة، لم تعد البلدان توصف بالدفاعية عندما يتعلق الأمر بمواجهة عدد متزايد من الهجمات الإلكترونية. لأنه أصبح تراكم قدرات الحرب السيبرانية الهجومية هو ميدان حروب الأمن السيبراني بين البلدان.
وتقدر منصة الإنترنت في جنيف، وهي مبادرة تدعمها السلطات السويسرية، أن هناك 29 دولة قادرة حالياً على شن الهجمات الإلكترونية القاتلة.
وكانت واحدة من أكثر الهجمات الإلكترونية التي تم الاستشهاد بها هي التي قام بها مجموعات من القراصنة في الهجوم الإليكتروني الضارب الذي أصاب استونيا في عام 2007. رأينا حينها كيف أن استونيا قد تعرضت للشلل التام في جميع أجهزة الدولة، لبضعة أسابيع عندما هاجم المخترقون مواقع الحكومة، والبرلمان، والمصارف، وحتى الإعلام. ثم اتهمت حكومة استونيا روسيا برعاية الهجوم.
مثال آخر هو Wannacry ransomware التي هاجمت 150 بلدا، بما في ذلك إندونيسيا، في العام الماضي. وقد اعتقدت الولايات المتحدة دون أدلة حقيقية أن هذا الهجوم الإلكتروني العالمي قد رعته كوريا الشمالية.
وقد اتخذت الأمم المتحدة خطوات تجريبية، لتوقع الآثار السلبية لاستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من قبل الدول.
ففي عام 2004، أنشأت الأمم المتحدة مجموعة من الخبراء الحكوميين في مجال المعلومات والاتصالات السلكية واللاسلكية في سياق الأمن الدولي. ومن 2004 إلى 2017، أصدرت المجموعة ثلاثة تقارير عن الآثار المترتبة على استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الأمن والاستقرار الدوليين.
في تقرير عام 2015، حقق فريق خبراء الأمم المتحدة اختراقاً حيوياً، عندما وافق ممثلو حكوماته على إضافة معايير طوعية للسلوك المسؤول للبلدان.
ضمن هذه المعايير: يجب على الدول عدم إجراء أو دعم أو السماح باستخدام أراضيها للأفعال الخبيثة باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ويجب على الدول عدم استخدام وكلاء لارتكاب أفعال غير مشروعة دوليًا باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. كما ينبغي للبلدان مساعدة البلدان الأخرى التي تعاني من وجود منفذي الأعمال التخريبية على أرضها. ومع ذلك، فإن اتجاه الدول التي تسعى إلى امتلاك أسلحة الإنترنت آخذ في الزيادة بوتيرة سريعة. لأنه ينظر اليوم العديد من صانعي السياسة إلى القدرات السيبرانية المسيئة والهجومية جزء لا يتجزأ من أنظمة الدفاع الخاصة بهم. الأسلحة الإلكترونية هي أيضا أسهل وأرخص من الأسلحة التقليدية، وهي أكثر قدرة على إدارة التأثيرات المدمرة.
وقد تساهم إندونيسيا عن قصد أو بدون قصد في تصعيد هذا الاتجاه حتى يصل إلى حرب عالمية. وتعلم إندونيسيا أنها قد تعاني من عواقب غير مقصودة، وذلك بالنظر إلى أن الأراضي الإندونيسية تستخدم في الغالب من قبل جهات مجهولة كمنصة لإطلاق الهجمات السيبرانية. ففي عام 2013، حلت إندونيسيا محل الصين كأكبر مصدر للحركة الإلكترونية في العالم، وفقاً لشركة Akamai لمراقبة الإنترنت.
ووفقًا لوزارة الاتصالات والمعلومات، كانت إندونيسيا هدفاً لأكثر من 205 مليون هجوم في عام 2017. بل حتى على صعيد مواقع الشركات الخاصة، والمواقع الشخصية في إندونيسيا، وقد تواجه إندونيسيا هجمات أكثر تنسيقاً، قد تعطل البنية التحتية الحيوية والخدمات العامة والشركات. وبالتالي، فإن الحرب الإلكترونية تشكل تهديدًا خطيرًا لرؤية إندونيسيا، لتصبح أكبر اقتصاد رقمي في جنوب شرق آسيا بحلول عام 2020.
لتوقع التراكم العالمي لقدرات الحرب السيبرانية، يجب على إندونيسيا أولاً أن تنشر رسمياً ورقة بيضاء حول استراتيجيتها الدولية في الفضاء السيبراني. ويمكن لمثل هذه الوثيقة أن تفسر موقف إندونيسيا من القدرة السيبرانية الهجومية وتأثيرها على الأمن والاستقرار الدوليين.
ويمكن لإندونيسيا أيضا أن تعلن عن نواياها السلمية لتسخير ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحالية وموقفها من استغلال أرضها في الأعمال الخبيثة. وفي هذا السيناريو، يمكن لإندونيسيا أن تحدد معاييرها الخاصة للسلوك المسؤول للدول في استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. أيضا يمكن لإندونيسيا أن تطلق صوتها علناً أمام العالم، أن حكومتها أو أرضها لم تكن راعية لأي هجوم إلكتروني منبثق من إندونيسيا.
ثانياً، يجب على إندونيسيا أن تبادر إلى إقامة تعاون ثنائي يتجاوز التعاون التقني وبناء القدرات مع البلدان التي لديها قدرات إنترنت هجومية أكثر تقدماً.
وينبغي أن يشمل هذا التعاون الثنائي العديد من مجالات الأمن السيبراني، بدءاً من القضاء على إساءة استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، من جانب الجماعات الإجرامية والإرهابية، وإقامة نقاط اتصال للتشاور في الحوادث السيبرانية الخطيرة، والاتفاق على الامتناع عن استخدام الأسلحة السيبرانية بين الدول، ضد بعضها البعض.
ومن شأن هذا التعاون تحسين الثقة وتوقع مشاركة تلك الدول في العمليات السيبرانية ضد إندونيسيا.
وأخيرا، يجب أن تقود إندونيسيا إنشاء قواعد الأمن السيبراني في الآسيان. في قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان الثانية والثلاثين) التي عقدت في سنغافورة في أبريل، حيث التزم القادة الإقليميون بوضع معايير طوعية لسلوك الدولة في الفضاء السيبراني.
وستكون قواعد ASEAN الإلكترونية ذات أهمية حاسمة في الحفاظ على السلام والاستقرار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث أنها ستضع معايير للسلوك بالنسبة للدول في استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وكالة معراج للأنباء
Comments: 0