انطلاق أعمال منتدى عمان الدولي لمكافحة التطرف
جاكرتا(معراج)- انطلقت الثلاثاء أعمال منتدى عمان الدولي لمكافحة التطرف العنيف، تنظمه القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، بدعم من منظمة روح أميركا الدولية، بهدف تبادل المعرفة والأفكار وإيجاد أفضل سبل التطبيق والدروس المستفادة عبر عقود زمنية في مكافحة التطرف والإرهاب.
ويسعى المنتدى، المنبثق عن المركز العسكري لمكافحة الإرهاب والتطرف التابع لكلية الدفاع الوطني الملكية الأردنية، وبالتنسيق مع السفارة الأميركية في عمان، من خلال العمل مع الخبراء العسكريين والأمنيين والقادة، إلى منهجة كل السبل في مكافحة التطرف والإرهاب في المنطقة، وفق منظميه الذين أكدوا “وجود رؤى موحدة ومشتركة بين المشاركين لوأد التطرف بأنجع السبل المحكمة”.
وقال آمر كلية الدفاع الوطني الملكية الأردنية العميد الركن عبدالله الشديفات في كلمته بالمنتدى الذي رعاه مساعد رئيس هيئة الأركان المشتركة للاستخبارات، إن “التطرف بمفهومه الواسع هو ظاهرة تاريخية وليست مستحدثة إلا أنه بات مرضا مزمنا اتسع نطاقه، واشتدت وطأته، واتخذ أشكالا متعددة ومنحنى خطيرا بعد أن طور أهدافه وأساليبه ووسائله”، وفق السوسنة.
وأضاف بحضور عسكريين ومسؤولين حكوميين وأكاديميين وممثلي منظمات مجتمع مدني، من دول شقيقة وصديقة، ان “الأردن عانى من نتائج التطرف العنيف، وقدم مئات الشهداء عبر سنوات خلت، تقدمهم الملك المؤسس عبدالله الأول، واثنان من رؤساء الوزراء، وأبطال من القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، وأبرياء مدنيون”.
وقال، إن الأردن آمن منذ نشأته بأنه لا مكان فيه للفكر المتطرف وحملته ومروجيه، ورسم سياسات وصاغ استراتيجيات ترسخ الوسطية والاعتدال، وتكافح التطرف وأفكاره المسمومة عبر خطة وطنية شاملة تستثمر الأساليب والوسائل كافة لحماية أجيال المستقبل من داء التطرف.
ولفت العميد الشديفات إلى أن جلالة الملك عبدالله الثاني قدم على مدى السنوات الماضية؛ رؤى استراتيجية عميقة وواقعية، علمية وعملية، منطقية وعقلانية، وهي دقيقة في معانيها، ومتدرجة في تطبيقاتها، تهدف لنشر قيم الأمن والمحبة والسلام، وبناء جسور التواصل والاتصال بين الأمم، بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والطائفية والعرقية، وهي رؤى أسهمت بشكل كبير في صياغة مفاهيم عالمية موحدة تتصدى للتطرف العنيف في إطار جهود دولية مشتركة.
وحول المنتدى قال الشديفات، إنه ينعقد في أعقاب هزائم ميدانية وجيوسياسية متتالية تلقتها العصابات الإرهابية في المحيط الإقليمي، مؤكدا أن هذه الهزائم لا تعني بالتأكيد انتهاء العصابات وتلاشيها، كون أيديولوجيتها قائمة أساسا على الفكر المتطرف والتطرف العنيف، ما يتطلب بالضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية بشكل مكثف ومركز لتطوير استراتيجية عالمية لمكافحة التطرف.
وفي حديثه عن دور الإعلام في مواجهة التطرف والإرهاب، قال الوزير الأسبق سميح المعايطة، إن دور الإعلام هو دفع الناس للتفكير بالتطرف والإرهاب ومبررات وجودهما، ما يضع أمام الناس معطيات تجعل العقل يرفضها مستخدما التجارب الحديثة للعصابات الإرهابية، والتاريخ وفكر العلماء.
وأضاف، انه حين نريد صناعه إعلام له دور، فعلينا أن نصنع له منطقا ومضمونا ومحتوى قادرا على هزيمة سلاح العدو، فالتطرف يقدم نفسه فكرا ودينا وطريقا للخلاص من الظلم ونيل رضا الله تعالى والجنة، ويعتمد على رموزه وخطاباتهم وفتاواهم.
وقال المعايطة، “علينا أن نتذكر دائما أن الإعلام كان دائما سلاحا مركزيا في عمل التنظيمات المتطرفة لتسويق أفكارها، وتزيين صورتها، أو التجنيد، أو تقديم نماذج بطولية تبث الرعب في الدول والمجتمعات، مشيرا إلى أن الاستخدام الاستراتيجي للإعلام من التنظيمات يجعلنا ملزمين بصناعة إعلام مضاد؛ يحسن مجتمعاتنا، ويفشل أهداف العدو، ويستهدف معسكر التنظيمات وعناصرها والمتعاطفين معها.
وعن مفهوم الإعلام اليوم، أوضح أنه اختلف من حيث الأدوات عما سبق، لكن يبقى الإعلام علما وصناعة ونعمة لها أصول وقواعد، مبينا أن وسائل التواصل الاجتماعي ليست إعلاما لكنها جزء من أدوات الإعلام، لافتا الى انه حين يكون الحديث عن دور الإعلام في أي قضيه، فإن الجوهر هو المضمون، والرسالة، والأهداف، والفئات المستهدفة، علاوة على دور الإعلامي وكفاءته والمهارات المطلوبة منه لضمان نجاح الرسالة في الوصول للجمهور، وأن الإعلام المباشر القائم على الوعظ أو الحشد والتعبئة هو الأقل تأثيرا، ولذلك فنحن بحاجة إلى الإعلام الدائم الناعم المؤثر وطويل الأمد.
وأكد أن الدور اليوم منوط بإعلام ذكي منطقي يقوده مفكرون وخبراء، قادر على تفكيك فكر التنظيمات المتطرفة وممارساتها، ويقدم التطرف نقيضا للفهم السليم للدين وعدوا للحياة.
من جانبه، قال آمر المركز العسكري لمكافحة الإرهاب والتطرف العقيد الركن أحمد بني عامر، إن المركز جاء استجابة لرؤية وتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني بأن مواجهة التطرف والإرهاب على المدى البعيد لا بد أن تكون مواجهة فكرية طويلة الأمد عبر توعية المجتمع وتحصينه ضد الفكر المتطرف، مضيفا أن التطرف والإرهاب خطر عالمي عابر للحدود والقارات، ويتطلب تكاتفا وتكثيفا للجهود الدولية وبشكل شمولي على المدى البعيد.
ولفت إلى أن المنتدى، الذي يتزامن مع الذكرى الأولى لتأسيس المركز، يتميز بتنوع وشمولية الحضور من عسكريين وأكاديميين ومؤسسات مجتمع مدني من داخل الأردن ومن الدول الشقيقة والصديقة، مشيرا الى أنه يتميز كذلك بعدد من الفرص الثمينة التي تمكن المجتمعين من تبادل الآراء والأفكار فيما بينهم بما يخص محاور المنتدى، والوصول إلى وجهات نظر مشتركة تساعد المجتمعات على التعامل مع التطرف العنيف الذي أصبح يشكل تحديا وتهديدا لأمن الدول على مستوى العالم.
بدوره، أكد مندوب السفارة الأميركية في عمان نيكولاس كرينجر أهمية الشراكات الأممية في سبيل معالجة التحديات التي يواجهها العالم اليوم من تطرف وإرهاب، وصولا إلى وأدهما وكل ما يعيق مسيرة النمو والبناء في شتى أرجاء العالم.
وقال، إن تضافر الجهود الدولية أخيرا حرر ما يقارب 95 بالمئة من مناطق استولت عليها عصابة داعش الإرهابية في العراق وسورية، مؤكدا تصميم الولايات المتحدة الأميركية والشركاء الدوليين على وأد بؤر التطرف والإرهاب أينما وجدت، وبما يحقق مكاسب كبرى ضد العصابات الإرهابية.
وبين كرينجر أن المجتمعات حول العالم اختبرت تحديات ونتائج التطرف المؤلمة، مضيفا أن تمكين الشباب وتوفير فرص العمل المناسبة لهم وتحصينهم له أكبر الأثر في الحد من التطرف وتبعاته التي لطالما عانى العالم منها. وقال مدير عمليات منظمة روح أميركا اسحق إيجان، “نحن نسعى لأن نتصدر جهود مكافحة التطرف والإرهاب على مستوى المنظمات والهيئات العاملة في هذا المجال”، مشيرا الى أن المنظمة حققت مكاسب كبيرة في مكافحة التطرف يمكن ملاحظتها في مناطق العمل المستهدفة.
وأضاف، “إننا مستمرون بثبات للتصدي للتطرف بمختلف أشكاله” مؤكدا قوة الإلهام التي تعد أقوى وأكثر تأثيرا من قوة التهديد في مواجهة هذا الوباء العالمي.
وقال، ان المنظمة تعمل مع القوات المسلحة الأردنية والشركاء الدوليين لتعزيز الأمن والاستقرار في العالم، لافتا إلى تأكيد جلالة الملك عبد الله الثاني المستمر بأن خطر الإرهاب والتطرف يهدد العالم أجمع، ويسعى لاختطاف الشباب ومستقبلهم، وأن مكافحة الإرهاب ليست مسألة عسكرية أو أمنية فحسب، بل هي مسألة أيديولوجية وفكرية في المقام الأول تتطلب وقتا للتعامل معها، ما يؤكد ضرورة تحصين الشباب منه، وتكامل الجهود بين دول العالم لمواجهته عبر نهـج شمولي.
وكالة معراج للأنباء