محللون: استمرار التصعيد في غزة مرتبط بتنفيذ تفاهمات التهدئة
غزة(معراج)- يرى كتاب ومحللون سياسيون أن استمرار جولة التصعيد الإسرائيلي بين المقاومة والاحتلال الإسرائيلي مرتبطة بتنفيذ تفاهمات التهدئة التي تم الاتفاق عليها سابقاً برعاية المخابرات المصرية.
وتوقع المحللون في تصريحات منفصلة، بأن إسرائيل تحاول الانقلاب على تفاهمات التهدئة لكسب مزيد من الوقت للاحتفال بمهرجان الأغنية الأوروبية، للحصول على اعتراف علني من العالم على موافقتها على جوهر صفقة القرن وهو أن اسرائيل عنصر طبيعي في نسيج المنطقة وليس عنصر توتير في الشرق الأوسط، وفق فلسطين اليوم.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي شن منذ صباح اليوم السبت سلسلة غارات على أهداف ومواقع عسكرية وأراضٍ فارغة في قطاع غزة ما أدى لاستشهاد مواطن وطفلة لا يتجاوز عمرها العام، وإصابة 13 مواطن بجراح مختلفة، مما دفع المقاومة الفلسطينية للرد على جرائم الاحتلال بقصف المستوطنات المحاذية للقطاع بعشرات القذاف الصاروخية والتي أدت لإصابة عددٍ من المستوطنين بجراح وصفت حالة بعضهم بالخطيرة.
سببان اسرائيليان لاستمرار التصعيد
الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة، رجح استمرار جولة التصعيد في قطاع غزة بين المقاومة والاحتلال الإسرائيلي، لعدة أيام حتى يستجيب بنيامين نتنياهو وحكومته لمطالب المقاومة، وتنفيذ شروط التهدئة التي تم الاتفاق عليها مسبقاً.
وأرجع الكاتب أبو شمالة ترجيحاته لاستمرار جولة التصعيد إلى عدة أسباب أولها أن رئيس أركان جيش الاحتلال الجديد أفيف كوخافي يريد إظهار قوته وقدرته العسكرية على مواجهة الاخطار التي تواجه إسرائيل، وثاني الأسباب أن نتنياهو يريد أيضاً أن يثبت لوزراء حكومته التي لم يشكلها بعد، قوته وحفاظه على ثوابته التي أعلنها في الانتخابات للدفاع عن “إسرائيل”.
ويرى أبو شمالة في تصريح لـ”فلسطين اليوم”، أن جولة التصعيد الحالية أيضاً تتناغم مع إرادة أبناء شعبنا الفلسطيني خاصة في قطاع غزة الذي مل لعبة الانتظار، ولا يريد كل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع موجة تصعيد أو هدوء فهو يريد العيش بحرية وكرامة.
وقال: “في تقديري أن المقاومة الفلسطينية أدركت مغازي الاحتلال الإسرائيلي في عدم تنفيذ التفاهمات السابقة وذلك لاستثمار الزمن لصالح الأمن الإسرائيلي في تمرير الأكذوبة والرواية الإسرائيلية من خلال مهرجان الأغنية الذي سيقام في “تل أبيب” أمام العديد من الوفود الأوروبية والدولية.
ويعتقد أبو شمالة أن رد المقاومة الفلسطينية قبل مهرجان الأغنية في “إسرائيل” يدلل على أن ردها ليست مجرد ردة فعل بل هو ردٌ من نوعٍ خاص يهدف إلى فضح الرواية الإسرائيلية وتكذيبها وإبراز القضية الفلسطينية وجرائم الاحتلال بحق أبناء شعبنا.
وأشار إلى أن إظهار المقاومة قوتها من خلال قصف “إسرائيل” بأكثر من 100 صاروخ خلال ساعة واحدة يدلل على ارباك قادة الاحتلال التي بدأت تتحرك ضد نتنياهو وتطالب بالرحيل، لافتاً إلى أنه رغم خنوع العرب والتطبيع إلا أن غزة شامخة تفرض نفسها في الميدان وتعدل الخارطة السياسية في المنطقة.
وبين أبو شمالة أن المقاومة تستمد قوتها من سيد المقاومة في لبنان السيد حسن نصر الله الذي قال قبل أيام “إن الجيش الإسرائيلي الذي يفكر في احتلال لبنان سيدمر وسيسحق”، معتقداً بأن تلك الرسالة وجدت صداها بين أبناء المقاومة للتأكيد على أن من يدخل قطاع غزة سيواجه بالصمود والثبات والتحدي والقوة.
وقال: “في تقديراتي الشخصية أرى أن المقاومة في لبنان وفلسطين لن تقبلا تفرد الاحتلال الإسرائيلي بجبهات المقاومة، وأتوقع أن تتوحد الجبهات في مواجهة جيش الإرهاب الإسرائيلي”.
وتوقع الكاتب أبو شمالة، أن يخضع نتنياهو في نهاية المطاف لتنفيذ شروط المقاومة، قائلاً: “علينا أن نصبر ونتحمل جرائم الاحتلال حتى تُحقق المقاومة شروطها.
ظروف موضوعية وراء التصعيد
واتفق الكاتب والمحلل السياسي ناصر اليافاوي مع سابقه بترجيح استمرار جولة التصعيد بين المقاومة والاحتلال لعدة أيام أقصاها أسبوع بهدف الضغط على “إسرائيل” لتنفيذ تفاهمات التهدئة.
ويرى اليافاوي في قراءة له نشرها على موقعه الشخصي في الفيسبوك، أن هناك ظروف ذاتية وموضوعية تقف وراء التصعيد الصهيوني على غزة، بينها ظروف دولية ومحلية.
وقال: “إن الظرف الدولي الذي سمح لنتنياهو في شن التصعيد ضد قطاع غزة هي أولاً التحيز الأمريكي المطلق لـ”إسرائيل” وكأن ترامب ونتنياهو زوج من الجراء يشد بعضهما بعض، ثانياً لانشغال المجتمع الدولي بقضايا مدبرة في بورما وحصار إيران، وإشعال أمريكا بدول شرق أسيا والصين”.
وفيما يتعلق بالظروف المحلية، أشار اليافاوي إلى أن نتنياهو يسعى لإرضاء اليمين الإسرائيلي المتطرف بتقديم قرابين فلسطينية ليتسنى له تشكيل الحكومة بنمط يميني لسحب البساط أمام حزب أزرق أبيض.
ولفت إلى أن الهدف الأخر هو التنصل من الالتزام التي تم التوصل إليها قبيل الانتخابات ونسف التفاهمات التي تمت برعاية مصرية.
وتوقع اليافاوي تدخل جهات إقليمية ودولية تفضي كالمعتاد لهدنه.
خياران لا ثالث لهما
وفي ذات السياق قال الكاتب والمحلل السياسي حسن لافي: “إن غزة أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الاحتواء من خلال الحلول الانسانية مستفيدون من ١٢ عاما من الحصار والضغط المتزايد على الحواضن الشعبية التي لا تقدر على تلبية احتياجاتها المعيشية الأساسية، وإما حلا عسكريا هدفه شل قدرات المقاومة في غزة، ومن ثم الذهاب للحل الأول دون أي قدرة لمواجهة هذا المخطط”.
وأضاف: “ما يحدث الآن هو أن نتنياهو بعد الانتخابات الاسرائيلية الأخيرة والتي حقق بها كل ما سعى له، يخطط لتحويل التفاهمات مع غزة المبنية على التخفيف من الحصار مقابل استبعاد الادوات الخشنة من مسيرات العودة وكسر الحصار، بمعنى تفاهمات بلا ابعاد سياسية، إلى ترتيبات سياسية تصب في خطة احتواء غزة، لذلك تراجع عن تنفيذ الجزء الأهم الذي يضخ المال الذي من الممكن يعزز صمود الحواضن الشعبية اقتصاديا، حيث ذلك يمنح المقاومة متنفسا زمنيا ولو لفترة قصيرة اذا اخذنا بعين الاعتبار ان الولايات المتحدة الامريكية ستعلن عن صفقة القرن أوائل شهر يونيو، وفي هذه الحالة غزة تكون اكثر قدرة على ان تقول لا لصفقة القرن وهذا ما لا يريده كل من امريكا واسرائيل ودول التطبيع العربي”.
وتابع قوله: “مشكلة نتنياهو أن هناك احداث مهمة جدا لدولة الاحتلال تجعله غير قادر على الذهاب الى تصعيد عسكري حتى ولو لعدة أيام من الممكن تسقط فيها صواريخ المقاومة على المدن الكبرى في كيان الاحتلال اهمها مهرجان الاغنية الاوروبية الذي سيحضر الى دولة الاحتلال اكثر من اربعين دولة للاحتفال بهذا المهرجان الذي يتزامن مع احتفالات الكيان بإعلان دولته الواحد والسبعين على انقاض نكبة الشعب الفلسطيني, وهذا اعتراف علني من العالم على موافقتها على جوهر صفقة القرن وهو ان اسرائيل عنصر طبيعي في نسيج المنطقة وليس عنصر توتير في الشرق الأوسط”.
وأشار الكاتب لافي، إلى أن سلوك الاحتلال هو نتاج التوتر ما بين التخطيط الاستراتيجي والفعل التكتيكي مرتبطا بالتأكيد بعامل التوقيت الزمني، لكن يبقى الاهم هو الفعل الفلسطيني، حيث يجب أن لا يقبل الفلسطيني بصفقة القرن أو أن يصمت عن تنفيذها دون مقاومة.
وكالة معراج للأنباء