الصراع الروسى / الامريكى .. فى المتوسط
الجمعة-18 رمضان 1434 الموافق26 تموز/ يوليو.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
اعداد :سميحة عبد الحليم
كثفت روسيا من ارسال قطع بحرية من السفن والغواصات وحاملات الطائرات وآلاف الجنود والاسلحة المتطورة التابعة لاسطول البحرالاسود الى البحر الابيض المتوسط و منطقة الشرق الاوسط , والتي تعتبرمن المناطق الساخنة في العالم والمهمة لكل الاطراف الدولية.
وشدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ضرورة تواجد البحرية الروسية بشكل دائم في البحر الأبيض المتوسط نظرا للمصالح الاستراتيجية لروسيا في المنطقة.مؤكدا أن “هذه منطقة هامة وتضمن المصالح المرتبطة بالأمن القومي لروسيا الاتحادية”
واوضح بوتين ان لهذه الأسباب “تنوي روسيا خلق ظروف ملائمة لمرابطة سفنها الحربية في البحر الأبيض المتوسط”. مشيرا إلى أنه يأمل في أن يتم تزويد الأسطول الحربي الروسي بأسلحة وسفن عصرية ومعربا عن ثقته بأن القوات الروسية ستبني علاقات طيبة وشراكة مع زملائها من بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط وغيرها من قوات الدول الأخرى المرابطة بالمنطقة.
و ترى روسيا ان تواجدها العسكري في ميدان الصراعات الاقليمية لاجل اعادة التوازن في العلاقات الدولية .
ويؤكد بوتين أهمية وجود جيش قوي خفيف الحركة منذ عودته للرئاسة بعد أربع سنوات قضاها في منصب رئيس الوزراء، وخلال 13 عاما قضاها في السلطة كثيرا ما كان بوتين يستشهد بتهديدات خارجية عندما يتحدث عن ضرورة الوحدة في روسيا.
يشار الى ان روسيا تختلف مع الغرب بشأن الحرب في سوريا وقد استخدمت حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لعرقلة المساعي الغربية للإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
اما بعض المراقبين فقد حللوا هذه الخطوة الروسية بانها تأكيد للعالم بأن روسيا موجودة في البحر المتوسط، وجاءت هذه الخطوة لتعزيز هذا الوجود. وقد تكون أيضاً استعراضاً للعضلات ولاثبات أن روسيا متواجدة في كل مكان، وهي جادة أيضاً في حماية وتعزيز وجودها في المتوسط.
صراع روسى / امريكى
———————
وتشير قراءة الواقع والتاريخ الى ان التواجد البحرى الروسى انما هو رد على الوجود الامريكى فى البحر المتوسط والذى يتمثل فى :
الأسطول الأمريكي الخامس ..
ويتخذ الأسطول الأميركي الخامس التابع لسلاح البحرية الأميريكي، من المياه الإقليمية المقابلة للبحرين قاعدة له. ويصفه خبراء أميركيون بأنه أكثر الأساطيل الأميريكية الإستراتيجية أهمية في منطقة الخليج العربي.
وتُعد مملكة البحرين من أقدم الدول العربية التي أقامت تعاونا عسكريا مع أميركا، وبعد حرب الخليج الثانية، وتحديدا بتاريخ 27 أكتوبر/تشرين الأول 1991، وقعت المنامة وواشنطن اتفاقا عرف باسم “التعاون الدفاعي”.
ومنذ 1993 أصبحت القيادة المركزية للبحرية الأميركية، مقيمة في البحرين، ومنذ يوليو/تموز 1995 استضافت البحرين الأسطول الأميركي الخامس.
ويضم الأسطول الخامس حاملة طائرات أميركية وعددا من الغواصات الهجومية والمدمرات البحرية وأكثر من سبعين مقاتلة، إضافة لقاذفات القنابل والمقاتلات التكتيكية وطائرات التزود بالوقود.
وتشير تقديرات سابقة إلى أن عدد البحارة الأميركيين المتمركزين في البحرين نحو 3500 بحار، فيما يقدر عدد السفن التابعة لسلاح البحرية الأميركي والراسية في البحرين بست عشرة سفينة.
وتتلخص مهمة الأسطول الأساسية في تأمين إمدادات النفط من الخليج إلى الأسواق العالمية، ومراقبة إيران عن قرب، والإشراف على عمليات في الخليج العربي وبحر عمان والبحر الأحمر وأجزاء من المحيط الهندي.
كما يشارك بشكل مباشر في العمليات العسكرية في كل من العراق وأفغانستان ومراقبة إيران، ومكافحة ما يسمى “بالإرهاب” والقرصنة في المياه الدولية.
وسبق أن صرح الأدميرال وليم غورتني -الذي كان قائدا للأسطول- بأن أميركا اضطرت للمشاركة في تأمين الملاحة الدولية في منطقة تشكل 75% من الصادرات النفطية وتوفر ممرا مائيا ملاحيا لمختلف دول العالم، منها ثلاثون دولة لها مصالح إستراتيجية هامة.
ومنذ أواسط 2008 بدأ الأسطول بتوسيع قاعدته في البحرين، وتحديدا في ميناء سلمان شرق العاصمة المنامة، على مساحة سبعين فدانا، بتكلفة تقدر بحوالي 580 مليون دولار، وتستكمل في 2015.
وتتضمن التوسعة الجديدة التي ينفذها ويشرف عليها قيادة الهندسة في البحرية الأميركية -التي تتخذ من نابولي في إيطاليا مقرًا لها- مرافق عديدة بينها مركز عمليات وميناء ومساكن للأفراد ومبان إدارية وغيرها.
ومع اندلاع الاحتجاجات العربية وانتقالها إلى البحرين أواخر فبراير/شباط 2011 عبرت الإدارة الأميركية عن قلقها، وأعلنت أن الأسطول الخامس يراقب الموقف بدقة.
الأسطول السادس الأميريكي ..
يعتبر الأسطول السادس قوة الولايات المتحدة الضاربة في منطقة البحر الأبيض المتوسط, وتتوزع قواعده على عدة مناطق بدول الحوض المتوسطي خاصة إيطاليا وإسبانيا.
ويتمركز هذا الأسطول عادة في وسط البحر المتوسط أو الجزء الشرقي منه ويوجد مقر قيادته بمدينة نابولي الإيطالية، وهو يتكون من حوالي 40 قطعة بحرية تشرف عليها قوة بشرية قوامها نحو 21 ألف عسكري.
ويشمل هذا الأسطول حاملة طائرات أو حاملتين –حسب التطورات السياسية أو العسكرية في المنطقة- وثلاث غواصات نووية إضافة إلى نحو 170 طائرة وعدد من الطرادات والمدمرات والفرقاطات الحاملة للصورايخ الموجهة التي يبلغ عددها حوالي عشرين.
كما يضم الأسطول قطعا بحرية تشرف على عمليات التأمين والاستطلاع ومروحيات وطائرات للنقل الثقيل والنقل المتوسط وطائرات بدون طيار, ويقع مركز قيادته الرئيسية في مدينة غاييتا جنوبي إيطاليا.
أما مهام الأسطول فتتمثل أساسا في القيام بعمليات في البلدان القريبة من المنطقة التي قد تندلع فيها حروب ونزاعات, والسيطرة على مداخل البحر المتوسط خاصة مضيق جبل طارق في الغرب وقناة السويس, إضافة إلى خلق نوع من الضغط السياسي على دول المنطقة المتوسطية.
وتستطيع قوات الأسطول التحرك نحو أي منطقة في محيط البحر المتوسط والقيام بعمليات إنزال جوية أو برمائية, والقيام بعمليات انتشار للوحدات العسكرية خلال فترة زمنية لا تتجاوز 24 ساعة.
وللأسطول -إضافة إلى قاعدة نابولي الرئيسية- عدد من القواعد موزعة على مناطق عديدة بدول الحوض المتوسطي, ومن أبرزها ليفورنو وإسبيزيا بإيطاليا وحيفا بفلسطين المحتلة وسودا باليونان وسالونيك بقبرص وروتا بإسبانيا.
ضد الدرع الصاروخي
فيما أكدت جهات ومصادر عديدة أن هناك سفينة امريكية تتواجد في البحر المتوسط وهي جزء من منظومة الدرع الصاروخي الموجه لروسيا والصين، ولذلك قررت روسيا تعزيز وجودها في البحر المتوسط كرد على ذلك، وكرسالة للامريكين بأن روسيا أعدت نفسها لمواجهة هذا الدرع الصاروخي المقام على المياه أيضاً، وان البحر الابيض المتوسط لن يكون حكراً على الامريكان، فهو لجميع الدول المحيطة به، ولكل من يستطيع الابحار فيه. ولانهما ضد الدرع الصاروخي فقد اتفقت الصين وروسيا على حماية أجوائهما من أي اعتداء صاروخي غربي، لذلك أبقت حماية مياه المحيط الهادىء على عاتق الصين، وأما حماية البحر المتوسط فهي على عاتق روسيا.
تحقيق الاستقرار..
فيما يرى مراقبون روس أن تواجد الاسطول البحري الروسي في مياه البحر الابيض المتوسط سيساهم إلى حد كبير في توفير الا ستقرار في منطقة الشرق الاوسط وذلك من خلال:
– منع أي تدخل عسكري خارجي في سورية، إذ أن تواجد روسيا سيكون عائقاً أمام مخططات من هذا النوع.
– رفض أي اجراء أحادي الجانب من أية دولة غربية يخالف القانون الدولي ضد سورية أو غيرها من الدول.
– حماية حقول الغاز المتنازع عليها المتواجدة في شرق البحر الابيض المتوسط،.بعد توارد معلومات تؤكد أن سورية قررت منح شركة غاز/
بروم الروسية امتياز استخراج الغاز من هذه الحقول المتواجدة قبالة السواحل السورية، اضافة الى حصول غاز بروم العديد من العمليات
بهذا الشأن مع كل من لبنان وقبرص.. أي التواجد البحري الروسي قد يمنع الاحتكاك أو المواجهة.
– تعزيز التواجد البحري الروسي في ميناء طرطوس السوري، وحماية القاعدة البحرية الروسية هناك، ومنع أية محاولة للمس بهذه المدينة
أو بقاعدتها البحرية.
عودة قوية ..
ومن وجهة نظر المحللين ان عودة الروس إلى منطقة الشرق الأوسط بقوة يؤكد أنهم دولة عظمى، تحافظ على مصالحها المهمة في منطقة الشرق الأوسط.،وان روسيا تؤكد أن عهد القطب الواحد في العالم قد ولى..
مشيرة بذلك الى القضية السورية وانها ليست في يد “واشنطن”، بل هي في يد “موسكو” لأن لديها الثقل اللازم، وتعمل لمنع تدمير منطقة الشرق الأوسط.
فيما يرى آخرون ان عودة روسيا من أجل مواجهة خطر آت من الشرق الأوسط اليها، وهوخطر مدعوم وممول من قبل امريكا وحلفائها، وهوعلى – حد زعمهم – خطر انتشار وتوسع المجموعات الدينية (سلفية/ وهابية/ جهادية..) فى المنطقة نحو روسيا ومناطق أخرى من العالم.
وعلى ذلك فان هذا التحرك الروسي يأتي في اطار حماية مصالحها، عبر فرض سيادة القانون الدولي، وعدم انتهاك سيادة الدول تحت شعارات وأعذار غير مقبولة.. كما يأتي هذا التحرك لتحقيق توازن استراتيجي مجدداً بين الشرق والغرب، وهذا التوازن سيؤدي الى استقرار، وقد يمنع حدوث حرب واسعة النطاق في المنطقة أو في العالم.
معلومات حول الاسطول الروسى ..
أفادت مصادر مقربة من وزارة الدفاع ان سفن الأسطول الحربي الروسي ستتواجد في البحر الأبيض المتوسط اعتبارا من عام 2015 ضمن تشكيلة عملياتية دائمة تتكون نواتها من مجموعة سفن اسطول البحر الأسود .
ومن المقرر تشكيل المجموعة الجديدة على غرار المجموعة العملياتية الخامسة التي كانت ترابط في البحر الابيض المتوسط في زمن الإتحاد السوفيتي ومارست دور قوة الكبح والتصدي في أثناء الحرب الباردة.
وذكرت وزارة الدفاع، أنها ستقوم بتدوير هذه السفن بشكل دورى للإبقاء على تواجد مستمر لنحو أكثر من عشر سفن فى المنطقة، وتمتلك روسيا قاعدة بحرية فى ميناء طرطوس السوري، وتقوم سفنها بزيارات منتظمة إلى البحر المتوسط لإظهار الدعم للرئيس بشار الأسد.
وقد يطرح هذا السؤال عما اذا كانت محاولات روسيا لتعزيز تواجدها العسكري في حوض البحر الأبيض المتوسط تمثل مؤشرا على عودة اجواء التوتر في المنطقة، لاسيما وان أكثر التهديدات خطورة على المصالح الوطنية الروسية تتركز في هذه المنطقة، كما يقول وزير الدفاع الروسي.
ويعزو عدد من الخبراء والمحللين تطلعات روسيا هذه بشأن المنطقة ليس فقط الى غياب الإستقرار فيها وتأزم الموقف بسبب الحرب الأهلية في سورية ، بل والى تعزيز الأسطول الأمريكي في حوض البحر الابيض المتوسط.
ويعتقد العسكريون الروس ان المنظومة الجديدة للدفاعات المضادة للصواريخ والتي يتهيأ الأميركيون لنشرها على سفنهم في البحر الأبيض المتوسط يمكن ان تشكل تهديدا وخطرا على روسيا.
وبناءً على ذلك تبقى في شرق هذا البحر السفن الحربية الروسية التي قامت بمناورات على مقربة من السواحل السورية في مطلع عام 2013.
وتعلل روسيا زيادة حضورها العسكري هنا بضرورة تنفيذ مهمات دفاعية. ومع ذلك فإن انتشار الأسطول الروسي إشارة سياسية واضحة ودليل لا جدال فيه على اهتمام موسكو البالغ بتطورات الموقف في الشرق الأوسط.
مكافحة الإرهاب في البحر المتوسط..
فيما أعلنت روسيا استعدادها للتعاون مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) في مكافحة الإرهاب في البحر المتوسط، بحال استند التعاون إلى المبادئ نفسها التي يعتمد عليها العمل المشترك في مكافحة القراصنة قبالة شواطئ الصومال.
العمل يجري على قدم وساق..
الأميرال فيكتور تشيركوف، القائد العام للأسطول البحري الحربي الروسي،اكد ان العمل يجري على قدم وساق لتشكيل غرفة قيادة عمليات
هذه المجموعة لتتخذ إحدى سفن المجموعة مقرا لها.
مضيفا ان المجموعة التي ستتبع لأسطول البحر الأسود الروسي، إداريا، ستتألف من 5 إلى 6 سفن حربية من هذا الأسطول وكذلك من
الأساطيل الروسية الثلاثة الأخرى (البلطيق، الشمال، المحيط الهادئ) بالإضافة إلى عدد من قطع الإمداد والتموين.
وقد يتم توسيع تشكيلة المجموعة وضم غواصات ذرية إليها عند الضرورة، على حد قوله.
وأضاف أن المجموعة ستكون مخصصة ليس لتنفيذ المهمات في حوض البحر الأبيض المتوسط بل وللاستفادة من إمكانياتها للعمل في
المناطق القريبة من المحيطين الأطلسي والهادئ أيضا.
ولم يستبعد الأميرال أن تستخدم إحدى حاملات الهليكوبترات من طراز “ميسترال” التي تبنيها فرنسا بطلب روسيا كمقر لقيادة المجموعة في
المستقبل، أي بعد دخول أول سفينة من هذا النوع الخدمة في الأسطول الحربي الروسي عام 2015.
وكان وزير الدفاع الروسي الجنرال سيرغي شويغو أعلن في مارس/آذار الماضي عن إمكانية تشكيل مجموعة من القطع البحرية الروسية للتتواجد في البحر المتوسط بصفة دائمة.
وقال شويغو خلال اجتماع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين مع أركان وزارة الدفاع الروسية إن المناورات التي نفذتها وحدات من الأسطول الحربي الروسي عامي 2012-2013 في البحرين الأسود والمتوسط أثبتت قدرة الأسطول البحري الحربي الروسي على تنفيذ هذه المهمة.
كما أعلن شويغو أن خطة تسليح القوات المسلحة تتضمن تسليم 24 غواصة و54 سفينة حربية حديثة إلى القوات البحرية الروسية في الفترة من 2013 إلى 2020.
وفي السياق نفسه قال الجنرال ألكسندر بوستنيكوف، نائب رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية إن روسيا الاتحادية أوضحت لحلف الناتو الهدف من استحداث المجموعة العملياتية للسفن الحربية الروسية في البحر الأبيض المتوسط.
مؤكدا انهم أبلغوا شركاءهم في الناتو أن القيادة السياسية العسكرية الروسية اتخذت قرارا بتشكيل هذه المجموعة في المتوسط بهدف أداء المهام المندرجة في إطار التزامات روسيا الدولية، بما في ذلك في مجال التعاون العسكري الدولي.
وأوضح بوستنيكوف أن المهام المطروحة على عاتق هذه المجموعة الحربية المتوسطية الروسية تشمل إجراءات إجلاء السكان الآمنين من المناطق التي يحتمل نشوب نزاعات مسلحة فيها، ومكافحة عمليات القرصنة والإرهاب، وكذلك التعاون مع القوات البحرية الموحدة للناتو اذا اقتضى الأمر. فيما أفادت وزارة الدفاع الروسية أن كل السفن والطائرات والمروحيات والآليات الحربية والعسكريين الذين شاركوا في المناورات عادوا إلى قواعدهم في سيفاستوبل (شبه جزيرة القرم الأوكرانية) ونوفوروسيسك ومقاطعة روستوف (جنوب روسيا) بعد اختتام الفعاليات المدرجة ضمن خطة التدريبات.
وكانت مجموعة من السفن الحربية التابعة لأسطول البحر الأسود الروسي قد نفذت سلسلة من الرمايات التدريبية مع إنزال وحدات من مشاة البحرية على شاطئ ميدان تدريبي قرب مدينة فيودوسيا في شبه جزيرة القرم. وتم دعم عملية الإنزال بواسطة أسراب من طائرات الانقضاض الروسية من طراز “سو-24”.
وشاركت في المناورات 36 سفينة حربية من قاعدتي سيفاستوبل ونوفوروسيسك، إضافة الى 20 طائرة ومروحية تابعة لسلاح الطيران
الحربي الروسي، وحوالي 250 عربة مدرعة. وبلغ عدد الأفراد المشاركين فيها سبعة آلاف شخص.
اسباب تاريخية ..
يرى بعض الخبراء انه بمتابعة تاريخ العلاقات الدولية منذ الحرب العالمية الاولى والثانية وما قبلهما وما بعدهما وقراءة احداثها ونتائجها والتطورات في العلاقات الدولية التي تلتها يمكن استخلاص اسباب فعلية وحقيقية فرضت على روسيا تكثيف تواجدها العسكري في البحر الابيض المتوسط ومن هذه الاسباب اسباب تاريخية تكمن في ان روسيا في القرن الواحد والعشرين وضعت لها سياسة خارجية قائمة على ثوابت استراتيجية بعيدة بعض الشيئ عن البراجماتية الشائعة في العلاقات ما بين الدول .
وهذه الثوابت الاستراتيجية مرتبطة ومتفاعلة مع الدور الروسي الجديد لتغيير التوازن في العلاقات الدولية و ان روسيا قد راعت في ثوابتها الاستراتيجية لسياستها الخارجية التجربة التاريخية للاتحاد السوفياتي في فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية وما بعدها .
وذلك ارتباطاَ بالدور الروسي الجديد و بحفظ مصالح روسيا الاقليمية والدولية ,اي بمعنى ان الاسباب التاريخية اصبحت جزء من العناصر الاساسية في مكونات السياسة الخارجية لروسيا .
الدرس التاريخي الذي استوعبته روسيا الجديدة في القرن الواحد والعشرين ..
وباشارة الى تجربة الاتحاد السوفيتي قبل الحرب العالمية الثانية وبالذات في نهاية العشرينات من القرن التاسع عشر وحتى سقوط الاتحاد السوفياتي في تسعينات القرن , نجد ان الاتحاد السوفيتي قد تم محاصرته بطوق من الدول بعضها اطلسية والبعض الآخر كانت حليفة او متعاونة مع حلف الاطلسي وهي في الغالب انظمة مستبدة دكتاتورية عسكرية وبعضها انظمة ملكية او جمهورية وامتد هذا الطوق من المانيا وفرنسا غرباَ الى الصين قبل الاستقلال شرقاَ وصولاَ الى الشرق الاوسط ومنطقة الخليج , وبدول مثل تركيا وايران وباكستان والعراق وبعض من دول المنطقة ودول الخليج , وامتد الى شمال افريقيا التي تقع بعض دوله على البحر الابيض المتوسط اضافة الى البحر الاحمر , عدا ذلك هناك قاعدة بحرية واحدة انشأت في الستينات في مصر وتم اغلاقها في بداية السبعينات .
وبهذا الحصار البحري الشاسع استطاع حلف شمال الاطلسي فرض عزلة بحرية دولية على الاتحاد السوفيتي لتقليص او اضعاف دوره في الساحة الدولية وتاثيره السياسي والدبلوماسي والعسكري والاقتصادي والتجاري .
اسباب جيوسياسية ..
لعل الموقع الجغرافي لروسيا بحكم قربها من الحدود التركية , مكنها من ان تكون في موقع طريقه قصير الى البحر الابيض المتوسط , وتنظر روسيا الى تركيا انها دولة عضو في حلف الناتو منذ نهاية الحرب العالمية الثانية , وهذا مافسرته روسيا ووضعته في عين الاعتبار في سياستها الخارجية الجديدة , مسألة حصارها البحري وتوسع الناتو , فوجدت في حالة عدم معالجة ذلك على الارض فأن التهديد الاستراتيجي والحصار الذي فرض على الاتحاد السوفياتي سيتواصل بطرق حديثة وتكنولوجيا جديدة عليها , لهذا فان هذه الاسباب الجيوسياسية , مكنت روسيا من ايجاد ثقل عسكري لها في البحر الابيض المتوسط وبالذات في شرق البحر الابيض المتوسط .
وقد يكون هذا هو توجه او خطة عسكرية استراتيجية لروسيا لاختراق الحصار في حالة فرضه عليها . اما على المدى البعيد فقد يمكن هذا الاختراق روسيا من افشال اي محاولة تشكل خطرعسكري عليها من طرف الناتو عبر تركيا من خلال البحر الابيض المتوسط والموقع الهام الذي حصلت عليه روسيا في شرق البحر الابيض المتوسط هو (القاعدة البحرية العسكرية في مدينة طرطوس السورية) .
هذه القاعدة التي تشكل مصدر قلق للاطلسي ولبعض دول المنطقة ، ليس لانها فرضت تواجد عسكري ضخم لروسيا في البحر الابيض المتوسط وانما سيمكنها من اختراق تركيا نظراَ لقرب مضيق البوسفور من القاعدة العسكرية في طرطوس في حالة تحول السواحل التركيةالى مرتكز لمحاصرة او مهاجمة روسيا من قبل الناتو .
الدور الروسي الجديد في السياسة الدولية :
ويمكن القول ان السياسة الخارجية الجديدة المعلنة لروسيا , قائمة على رؤية جديدة لعالم جديد , لا مكان فيه للقطبية الاحادية وانما عالم قائم على التعددية القطبية في العلاقات الدولية , هذه الرؤية السياسية الجديدة ربما هي خطط ومتغيرات على ارض الواقع وتطور في الجانب الاقتصادي والعسكري والتكنولوجي والسياسي والدبلوماسي والعسكري والاعلامي .
هذا الدور الجديد يتطلب من روسيا ان يكون لها حضور جديد في مناطق عدة من العالم , لضمان التوازن على الارض ومن هذه المناطق هي منطقة الشرق الاوسط والبحر الابيض المتوسط التي هي من المناطق الساخنة في العالم وتعد من اهم المصالح الحيوية لروسيا وبقية المنافسيين الغربيين .
أهمية القاعدة العسكرية في طرطوس لروسيا :
وفقاً للاتفاقية الموقعة في عام 1971، تستأجر روسيا مرافق في مرفأ طرطوس، لاستخدامها كمركز تخديم تقني. و كثيراً ما تطلق وسائل الإعلام على قاعدة طرطوس اسم ” قاعدة حربية “، ولكن، حسب رأي مجموعة من الخبراء ، فإن هذه ” القاعدة ” بوضعها الحالي، ليست أكثر من مركز تقني صغير لخدمة السفن.
وتعتبر القاعدة العسكرية البحرية في طرطوس من اهم القواعد العسكرية ذات اهمية استراتيجية لروسيا في العالم , فهي تشكل تواجد دائم للاسطول الروسي في البحر الابيض المتوسط , وما لهذا التواجد من تأثير وخلق حالة توازن في اهم منطقة حيوية في العالم .
يذكر ان لروسيا قاعدتين بحريتين خارج حدودها الاولى في اوكرانيا على البحر الاسود حيث يتواجد اسطول البحرالاسود هناك والثانية في طرطوس . وتولي روسيا اهمية للحفاظ على القاعدة العسكرية في طرطوس حيث تجوب في البحر الابيض المتوسط قطع حربية من اسطول البحر الاسود , وللقاعدة موقع استراتيجي في المنطقة لقربها من مضيق البوسفور ومن ثم جبل طارق وهذا الموقع يمكن روسيا من وصول قطعها البحرية الى المحيط الاطلسي . اضافة الى ان القاعدة تسمح بتواجد عسكري روسي , لا سيما ان للولايات المتحدة الامريكية وحلف الناتو تواجد ضخم في البحر الابيض المتوسط وفي البحر الاحمر , مع قواعد عسكرية منتشرة في السعودية وفي قطر ومنطقة الخليج , من هنا تأتي اهمية القاعدة العسكرية في طرطوس لروسيا في ظل المتغيرات الجيوسياسية الحاصلة في مناطق عديدة من العالم وارتباطاَ بالدورالروسي الجديد في الساحة الدولية وهذه المتغيرات الجديدة فرضت على روسيا تواجد قطع من اسطولها في البحر الابيض المتوسط , والذي تمتد دائرة عملياته لحدود دول عديدة تقع في آسيا وافريقيا واوربا .
وارتباطاَ بالمتغيرات في المنطقة و في العلاقات الدولية وبمصالح روسيا الاستراتيجية , وخضوع المنطقة لتنافس قوى عديدة , يمكن القول ان روسيا سوف لن تتخلى بسهولة عن احتفاظها بالقاعدة العسكرية في طرطوس .
ومع هذا نلاحظ ان لروسيا سياسة واضحة هو تبني الحل السلمي للوضع في سورية من اجل احلال بديل ديمقراطي فيها , وتعارض اي تدخل عسكري خارجي ارتباطاَ بتجربة العراق , من هذا فهي تراهن على عدم انهيار الدولة السورية حتى في حالة تغيير النظام .
وعلى الصعيد الدولي تحتفظ روسيا باوراق عديدة تلعب بها من اجل الاحتفاظ بالقاعدة , كما لديها اتفاقات مع سورية , في ظل التطورات وتوازن القوى في المنطقة فأي بديل في حالة توازن القوى الدولية عليه ان يحترم الاتفاقات والمعاهدات التي ابرمتها الدولة مع الدول الاخرى , ومع هذا لا يستبعد في حالة اخلال التوازن العسكري الداخلي ان تضطر روسيا الى افراغ قاعدتها العسكرية وتبقى على سفنها في البحر الابيض المتوسط وهنا ستواجهها صعوبات في الخدمات والصيانة والتزود بالوقود ….. الخ لقطعها البحرية .
وعلى صعيد الموقف الروسي هناك مؤشرات عديدة تؤكد رغبة موسكو في الاحتفاظ بالقاعدة العسكرية في طرطوس, الا ان الشيئ الحاسم والذي يعتبر عنصر اساسي في المتغيرات هو الواقع على الارض , وحسب ما تنقله وكالات الانباء هو التواجد الفعلي الكثيف للقطع الحربية من الاسطول الاسود المتواجدة الآن في البحر الابيض المتوسط قرب السواحل السورية من سفن وغواصات وحاملات طائرات وآلاف الجنود , هذا التواجد البحري يوضح ما تريده روسيا انه مؤشر على رغبة روسيا في الاحتفاظ بقاعدتها العسكرية في طرطوس , وفي ظل المتغيرات الحالية تعتبر عنصر توازن في الوقت الذي تتواجد حشود الاساطيل الامريكية قرب السواحل التركية , كما انه يؤكد على رغبة روسيا في الحل السلمي للازمة السورية.
على اية حال ربما يسهم انتصار السياسة الخارجية الجديدة لروسيا في انبثاق عالم جديد , قائم على التعددية القطبية وانهاء نظام القطب الواحد في العلاقات الدولية .
المصدر :أخبار مصر