أخطاء عامة في شهر رمضان

السبت-19 رمضان 1434 الموافق27 تموز/ يوليو.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).

إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهد الله فلا مضل له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا ِِإله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله…..

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إلا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [سورة آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ علىكُمْ رَقِيبًا ﴾ [سورة النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [سورة الأحزاب: 70 ،71].

أما بعد..

فإن أصدق الحديث كتاب الله – تعالى- وخير الهدي هدي محمد – صلى الله عليه وسلم – وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

عدم تعلُّم أحكام الصيام:

فيدخل هذا الشهر المبارك على الناس فتراهم يستعدون فيه بإعداد الطعام والشراب، وشراء الملابس، وهذا يشغلهم عن الاستعداد الديني – وهو تعلم أحكام الصيام – وهذا فرض عين على كل مكلف، فربما وقع في بعض المخالفات أو الأخطاء والتي تقدح في صحة صيامه، والتي ربما ذهبت به بالكلية، وعليه نقول: إن مَن دخل عليه رمضان فينبغي عليه أن يتعلم أركان الصيام، وما يباح له وما لايجوز له، وكذلك يتعلم مبطلات الصيام حتى لا يقع فيها، ولا يكتفي بهذا بل يعلم أهل بيته هذا، عملاً بقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عليها مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].

خطأ يقع فيه البعض عند رؤية الهلال:

فعند رؤية هلال رمضان، يقول البعض: “رمضان هلّ هلالك، جل جلالك، شهر مبارك”.

وتناقل هذا القول الأجيال، حتى جعلوه سنة، وهذا خطأ، والصواب هو قول النبي – صلى الله عليه وسلم -، فكان إذا رأى الهلال قال – صلى الله عليه وسلم -: “اللهم أهلَّه عاينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، ربي وربك الله هلال رشد وخير” (رواه الترمذي من حديث طلحة بن عبيدالله).

اقرأ أيضا  الأغنياء في مواجهة الفقراء

ترك الدعاء في وقت السحر:

فالناس في شهر رمضان في صيام وقيام، وغالب أحوالهم أنهم يسهرون ويدركون وقت السحر، ومع ذلك لا يستغلون هذه الفرصة العظيمة وقت نزول الملِك إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل، فيقول: “أنا الملك. أنا الملك. مَن الذي يدعوني فاستجيب له، مَن الذي يسألني فأعطيه، مَن الذي يستغفرني فأغفر له”.

• وفي لفظ مسلم: “حتى ينفجر الفجر”

وفي “صحيح مسلم” عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:

“إن في الليل لساعة لا يوافقها رجلٌ مسلم يسأل الله خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه وذلك كل ليلة”.

كثرة الغضب وهيجان الأعصاب بحجة أنه صائم:

فترى أثناء الصيام تكثر المشاجرات والسبُّ واللعن ونفاذ الصبر وعدم تحمل الغير، والصيام برئ من هذا كله براءة الذئب من دم يوسف؛ لأن الصيام تربية وتهذيب.

فقد جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة – رضى الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “الصيام جُنَّة فإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم”.

فالصائم لا يقابل الإساءة بالإساءة، بل يذكِّر السابُّ بأن الذي يمنعني من السب وسوء الأخلاق هو صيامي.

وأخرج الحاكم بسنده أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال:

“مَن كان سهلاً هيِّناً ليِّناً، حرَّمه الله على النار”.

قراءة القرآن وعدم العمل به:

يقول ابن الجوزي – رحمه الله – عندما تكلم في كتابه “تلبيس إبليس” عند ذكر تلبيسه على القرَّاء فقال: “فمن ذلك أن أحدهم يشتغل بالقراءات الشاذة وتحصيلها، فيفني أكثر عمره في جمعها، وتصنيفها، والإقراء بها، ويشغله ذلك عن معرفة الفرائض والواجبات، فربما رأيت إمام مسجد يتصدَّى للإقراء، ولا يعرف ما يفسد الصلاة، وربما حمله حبّ التصدُّر حتى لا يرى بعين الجهل، على أن يجلس بين يدي العلماء ويأخذ عنهم العلم، ولو تفكروا لعلموا أن المراد حفظ القرآن، وتقويم ألفاظه، ثم فهمه، ثم العمل به، ثم الإقبال على ما يصلح النفس، ويُطهِّر أخلاقها، ثم التشاغل بالمهم من علوم الشرع، ومن الغبن الفاحش تضيِّع الزمان فيما غيره الأهم.

اقرأ أيضا  شرطة لامبونج تواصل التحقيق في قضية اعتداء علي جابر

قال الحسن البصري – رحمه الله -:

“أُنْزِل القرآن ليُعْمل به، فاتخذ الناس تلاوته عملاً” يعني أنهم اقتصروا على التلاوة وتركوا العمل به.

التباهي أمام الناس بختم القرآن:

وهذا يتنافى مع الإخلاص، بل ربما يجمع أحدهم الناس ليدعو بهم لأنه ختم القرآن، وهذا فيه ما فيه من إظهار العمل، وهذا على خلاف ما كان عليه السلف.

قال ابن الجوزي – رحمه الله – كما في “تلبيس إبليس”:

ومن أعجب ما رأيت فيهم أن رجلاً كان يُصلِّي بالناس صلاة الصبح يوم الجمعة، ثم يلتفت فيقرأ المعوذتين، ويدعو بدعاء الختمة؛ ليعلم الناس أني قد ختمت الختمة، وما هذه طريقة السلف، فإن السلف كانوا يسترون عبادتهم، وكان عمل الربيع بن خثيم كله سراً، فربما دخل عليه الداخل وقد نشر المصحف فيغطيه بثوبه، وكان أحمد بن حنبل يقرأ القرآن كثيراً ولا يُدْرَى متى يختم.

وصدق إبراهيم التيمي حيث يقول: المخلص مَن يكتم حسناته كما يكتم سيئاته.

ترك الصيام من أجل الامتحانات:

فيحرم الإفطار من أجل الامتحان أو المذاكرة.

• وقد سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء هذا السؤال:

هل الامتحان عذر يبيح الإفطار في رمضان؟

فأجابت اللجنة: الامتحان المدرسي ونحوه لا يعتبر عذراً مبيحاً للإفطار في نهار رمضان، ولا يجوز طاعة الوالدين في الإفطار للامتحان؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإنما الطاعة في المعروف، كما جاء بذلك الحديث الصحيح عن النبي – صلى الله عليه وسلم -. أهـ (فتوى رقم 9602).

وإذا كان الإفطار من أجل الامتحان لا يجوز، فالفطر من أجل الكورة لا يجوز من باب أولى، وكذلك مَن يعملون في الأفران، وفي الأعمال الشاقة، فلا يُباح لهم الفطر ابتداءً، لأنهم مكلفون، إلا إذا كان الصيام سيؤدي إلى الهلكة.

يقول الشيخ ابن باز – رحمه الله – عن هذا الصنف:

“فيجب عليهم تبييت نية صوم رمضان بأن يصبحوا صائمين، ومَن اضطر منهم للفطر أثناء النهار، فيجوز له أن يفطر بما يرفع اضطراره، ثم يمسك بقية يومه في الوقت المناسب. أ هـ، وعليه قضاء ذلك اليوم.

اقرأ أيضا  حين يستخف ترامب بالسلطة؟!

تسمية الناس الجمعة الأخيرة بالجمعة اليتيمة:

وهذه التسمية ليس لها سند من الدين.

صلاة مخترعة تُفْعَل ليلة عيد الفطر:

وهي مائة ركعة بالفاتحة والإخلاص “عشر مرات”، ويستغفر بعدها مائة مرة….. إلخ.

حديث طويل ذكره السيوطي في “اللآلئ”، وقال: موضوع، وكذا صلاة نهارها.

اعتقاد البعض أن الزواج في رمضان حرام:

وهذا اعتقاد باطل، فإن الزواج جائز في جميع الأوقات، إلا للمُحْرم حتى يتحلل، ومما يدل على إباحة الزواج في رمضان أن الله – سبحانه – أباح الجماع بعد الإفطار إلى طلوع الفجر الصادق، قال تعالى:

﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ﴾ [البقرة: 187].

وبعد…،

فهذا آخر ما تيسر جمعه في هذه الرسالة:

نسأل الله أن يكتب لها القبول، وأن يتقبلها منَّا بقبول حسن، كما أسأله سبحانه أن ينفع بها مؤلفها وقارئها ومن أعان على إخراجها ونشرها…… إنه ولي ذلك والقادر عليه.

هذا وما كان فيها من صوابٍ فمن الله وحده، وما كان من سهوٍ أو خطأ أو نسيانٍ فمنِّي ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وهذا بشأن أي عمل بشري يعتريه الخطأ والصواب، فإن كان صواباً فادع لي بالقبول والتوفيق، وإن كان ثمّ خطأ فاستغفر لي.

وإن وجدت العيب فسد الخللا 

جلّ من لا عيب فيه وعلا  

فاللهم اجعل عملي كله صالحاً ولوجهك خالصاً، ولا تجعل لأحد فيه نصيب. 

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

المصدر:الألوكة

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.