الخليل: تسريع مخطط تهويد البلدة القديمة وإقامة بلدية المستوطنين فيها
غزة (معراج)- لم يكن سعي الاحتلال للسيطرة على مدينة الخليل وتكريسها كمدينة يهودية بالجديد، فمنذ بدأ الاحتلال على المدينة في العام 1967 بدأت “إسرائيل” بمخططات زرع المستوطنين في قلب المدينة، وتحديدا في محيط الحرم الإبراهيمي الشريف، والسيطرة على أكبر قدر من العقارات والمباني هناك.
وبدعوى قدسية الحرم لليهود حينا، والسيطرة بقوة السلاح أحيانا كثيرة بنيت في البلدة القديمة من المدينة عشرات البؤر الاستيطانية، إلى جانب المستوطنات الكبرى في محيطها.
تمسك الاحتلال بالمدينة، التي تعتبر من أكبر مدن الضفة، وعدم قبوله أيه مفاوضات بشأن الانسحاب الكلي منها ظهر خلال مفاوضات الحل النهائي في العام 1995 عندما رفضت “إسرائيل” الانسحاب من قبل المدينة، وقسمت المدينة إلى مناطق وكانت اتفاقية الخليل الخاصة بها.
و تسعى ٍ”إسرائيل” ومستوطنيها اليوم لحسم مصيرها من خلال مخطط متكامل بدأته منذ سنوات، وهو تحويل المدينة إلى مدينة مختلطة لليهود والفلسطينيين، على غرار المدن الفلسطينية في الداخل وإنشاء بلديتين واحد يهودية وأخرى فلسطينية كما الحال في مدينة الناصرة.
وترافق مشروع إنشاء مجلس بلدي للمستوطنين في الخليل بإجراءات على الأرض يمكن رصدها من خلال متابعة التقارير الشهرية للجنة إعادة إعمار البلدة القديمة في الخليل، والتي ترصد الانتهاكات التي تقوم بها سلطات الاحتلال والمستوطنين بالمدينة.
اعتداءات بالجملة
ففي التقرير الأخير عن الانتهاكات خلال شهر كانون أول/يوليو الفائت الذي أصدرته اللجنة اليوم الأحد (12 كانون ثاني/يوليو) وثقت اللجنة 36 انتهاكا، وخاصة ضد الحرم الإبراهيمي حيث من منع للأذان 49 مرة، وأكثر من مرة عرقلت قوات الاحتلال وصول المصلين، إلى جانب الانتهاكات المباشرة مثل تركيب شبك بين السوق والحرم.
وفي هذا الشهر أيضا قام المستوطنين بنصب شمعدان على سطح الحرم الإبراهيمي بحجة الاحتفال بعيد الأنوار، وتمديد كهرباء وأعمال صيانة على سطحه.
ووثق التقرير اعتداءات مباشرة على المواطنين في قلب البلدة القديمة وحاراتها، وكتابة شعارات عنصرية على سيارات المواطنين في منطقة السهلة، وعطب إطاراتها،
وشملت الانتهاكات قيام المستوطنين بحماية من جيش الاحتلال بجولات استفزازية في السوق وعرقلة المتسوقين، وإغلاق كامل لحاجز تل الرميدة ومنع السكان من الدخول أو الخروج إلى المنطقة على مدار يومين، وعرقلة المرور في شارع الشهداء أكثر من مرة.
وشملت هذه الانتهاكات أعمال صيانة وتغير في منزل أبو رجب الذي استولى عليه المستوطنين في منطقة السهلة، حيث قام المستوطنين بإعمال تمديد المياه من بيت الزعتري المستولى عليه إلى بين أبو رجب، وبناء خشبي بمحيطه، ونصب شمعدان في فناءه.
الناشط ضد الاستيطان والمتابع لهذه الانتهاكات هشام الشرباتي قال إن المشروع ليس بالجديد، ما يجري الأن هو محاولة فرضة على أرض الواقع بالممارسات.
مدينة خليل يهودية
وأشار الشرباتي في حديث خاص، إلى أن هذا المشروع هدفه الأساسي هو خلق مدينة خليل يهودية، بتواصل جغرافي بين المستوطنات في محيط المدينة وتحديدا مستوطنات كريات أربع المقامة على أراضي المواطنين شرق المدينة، والبؤر الاستيطانية بلقب البلدة القديمة.
يضاف لهذا التواصل سيطرة كبيرة على مناطق واسعة من خلال إغلاقها بالحواجز، مثل شارع الشهداء وتل الرميدة، وهو الحي الذي أغلق بالكامل ليكون منطقة عسكرية مغلقة بالكامل من نوفمبر 2015، ولا يسمح إلا لسكانه دخوله.
حي الرميدة خلال الشهر الفائت أغلق أكثر من مرة، هو وغيره من المناطق المغلقة بالحواجز، والهدف هو التضيق على السكان هناك بهدف ترحيلهم جماعيا.
هذا بالإضافة إلى وجود 12 كم من الطرق التي يحظر على الفلسطينيين قيادة السيارات عليها، وكيلو ونصف يمنع على الفلسطينيين حتى المشي فيها.
يقول الشرباتي: “إن هذه الأوضاع خلقت مشاكل اجتماعية واقتصادية لسكان هذه الأحياء والبلدة القديمة عموما، مما جعل العشرات منهم يهجرونها”.
وفيما يتعلق بتأسيس مجلس بلدي للمستوطنين، يقول الشرباتي: “إن هذا الطرح كان من ثلاثة سنوات بشكل رسمي، والقرار عالق في المحكمة العليا بعد الاستئناف الذي قدمته لجنة إعادة إعمار بلدة القديمة في الخليل، ولكن على الأرض نفذ المستوطنين هذا القرار من خلال تشكيل لجنة، تقوم بعمل البلدية، مثل نصب شواخص للطرق بأسماء يهودية، مد خطوط مياه وكهرباء للبؤر الاستيطانية الجديدة، وتنظيف الشوارع”.
وتابع:” المستوطنين أعلنوا أن أي خلل في البنية التحتية لا تقوم بلدية الخليل الفلسطينية بإصلاحه أو قامت بإنجازه بشكل غير مهني، بحسب وصفهم، تقوم بلدية المستوطنين بإنجازه”.
هذا الحال أدخل بلدية الخليل بتناقض بين القيام بهذه الاعمال للمستوطنين وبالتالي الاعتراف بوجودهم، أو تجاهلها وبالتالي قيامهم هم بذلك وتثبيت وجود مجلس البلدي المستوطنين.
وفيما يتعلق بالقرار الأخير بهدم سوق الخضار القديم، يقول الشرباتي، إن هذا السوق أغلق في العام 1994 بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي، وبعد التوقيع على اتفاقية أوسلو اتفق على إعادة فتحه للتجار الفلسطينيين، ولكن الاحتلال لم يطبق الاتفاقية.
والأن تطرح سلطات الاحتلال الموافقة على مشروع البؤرة الاستيطانية بالمكان مقابل هدم السوق بالكامل وبناء محلات تجارية لأصحاب المحال التي ستهدم للفلسطينيين، فيما تبنى البؤرة الاستيطانية على أسطح هذه المباني.
رواية صهيونية للمدينة
ويرى الشرباتي إن الخطورة من هذا المشروع كبيرة، وخاصة فيما يتعلق بإنقاص عدد الفلسطينيين الذين يعيشون في البلدة القديمة وإحلالهم بإعداد أكبر من المستوطنين.
وإلى جانب أخر هناك جانب خطورة فيما يتعلق بالرواية الصهيونية لتاريخ وملكية المكان لصالح المستوطنين واليهود، من خلال أعادة تسمية الأحياء والطرق، وبناء المتاحف والمراكز السياح.
وكالة معراج للأنباء