تعالوا شوفوا العجب في قطاع غزة
الثلاثاء-06شوال 1434 الموافق13 آب/ أغسطس.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
ياللخسارة .. لقد مات بعد ان تعود قلة الأكل، قالها احدهم بعد ان مات حصانه الذي سعى لتخفيف الأكل عنه تدريجيا لتقليل معدل أكله اليومي، لكنه مات نتيجة لذلك، فهو لم يتحسر على فعله الغبي المجنون، وإنما على جهده الذي ذهب سدى، وعلى حصانه الذي مات بعد ان عوده قلة الأكل !!
يبدو أن الأمر مشابها في قطاع غزة، فقد يتحسر البعض على فشل ترويضهم للناس، او لموت الشعب الذي يحكمون بعد ان يحاولوا تعويده على حال لم يتعوده، ولان الشعب لا يموت، فقد يكون ندم البعض وقتها على مصير شعب ينحى بفعله لاتجاه آخر، لتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، ومن حيث لا يحتسب حكام قطاعنا “المحاصر”، اللذين يصرون على إنكار الحال البائس للعامة الذي يتصاعد يوم اثر يوم، لدرجة أن احدهم قال متبجحا بأنه على استعداد لدعم الحال في الضفة الغربية !!.. الحمد لله نحن هنا في سنغافورة ومستوى المعيشة فوق الخيال، وحال الخدمات المقدمة فوق ريح، ولدينا من الفائض ما ندعم به الأقاليم الفقيرة البائسة في باقي أشلاء الوطن .. والله شي بيفلق بجد .. كيف يستقيم خطابنا بأننا شعب محاصر ونتحدث بهذا الخطاب؟ وكيف يستقيم حال شعبنا المحاصر وما يقوم به المتحكمين به من سياسات ومواقف تتعارض مع ذلك؟ فالشعب المحاصر بحاجة للرحمة والإسناد لتخفيف معاناته ودعم صموده، وهو بحاجة لان يبتعد الحكام عن كل ما يراكم همومه ويضاعف كربه .
هل يعقل أن يطالب الناس في قطاع غزة من اجل تعبئة مولداتهم الكهربائية بالوقود، ان يأتوا بها إلى محطات التعبئة ؟! برر احدهم هذا الإجراء بسبب قيام بعض ” الجشعين ” بتعبئة صفائح البنزين بحجة تعبئة مولدات الكهرباء المنزلية ليبيعها في السوق السوداء بمرابح إضافية!! قلت، هل يعقل أن يقوم المواطن بإنزال مولده الكهربائي من الطابق الثالث مثلا وقد يزن ما لا يقل عن خمسين كيلو أكثر او اقل حسب قدرته، وان يستأجر سيارة لنقله إلى محطة التعبئة ومن تم إعادته بنفس المعاناة؟ هم يعرفون جيدا بان من يريد ان يتاجر بالوقود في السوق السوداء يتفنن في الحصول على الوقود من محطات التعبئة، فالكثيرين يملئون سياراتهم او دراجاتهم النارية بالوقود حيث يقومون بإفراغها والعودة مرة ثانية وثالثة ورابعة لتكرار ذلك . بربكم قولوا لي هل من مسئول حكومي لديكم او احد أبنائه، او قيادات الحزب الحاكم او أبنائهم يعتلون مولدات كهرباء منازلهم، ويقفون في الطوابير عند محطات التعبئة، وذلك من باب الحكم العادل وان المسلمين أسوة وأخوة، ولا فرق بين عربي و عجمي او اسود وابيض إلا بالتقوى ؟!!!
أما إن كان الهدف وكما يقولون الحفاظ على ان لا يتم استغلال المواطنين برفع الأسعار، بربكم قولوا لي كيف يختلف ذلك عن ما تقومون به من جباية تشرعونها حيث تجنون ما يزيد عن 200% من الأرباح من كل لتر وقود مصري مهرب يتم شرائه من محطات التعبئة ؟ علما بان القانون يجيز للحكومة جني ما قيمتة 17% فقط من جراء ذلك – طبعا كرسمي -، وإذا ما كان بعض المواطنين نتيجة ظنك الحال يأتون على فكرة بيع الوقود في السوق السوداء لربح القليل – أنا لا أشجع ذلك طبعا – فماذا نقول برفعكم لأسعار الوقود تزامنا مع أزمات الوقود في البلد، تماما كما جرى قبل فترة، وقد رفعتم سعر لتر البنزين بنسبة تقارب 15% إضافية ؟!
يهربون الناس من مصيبة وكارثة انقطاع الكهرباء عندنا التي أصبح برنامجها مناصفة، ثماني ساعات وصل بثماني قطع وهكذا، ليقعوا في مصيبة الحصول على الوقود . الأسس أن تعالج كارثة انقطاع الكهرباء حتى لا يجبر الناس ليس فقط على ” مرمطة ” الحصول على الوقود، وإنما لوقف نزيف مصاريفهم الإضافية التي ترهقهم إلى جانب مصاريف الحياة التي تضاعف بؤسها . لقد حاولنا التواصل مع الجهات المسئولة عن حال الكهرباء في بلادنا للوقوف على حقيقة الحال الذي بتنا لا نعرف رأسنا من قدمينا فيه، لكننا لم ننجح بالوصول الى نتيجة مقنعة حتى الآن، ومن تجربتنا، سهل على المسئولين أن يبرروا ذلك بخلل من مصر او من إسرائيل او من محطة توليد الكهرباء، صحيح أننا ندرك أن هناك مشكلة في نقص الطاقة الكهربائية اللازمة لقطاع غزة، لكننا لم نعد نثق بالمبررات التي تقدم لحجم هذا النقص، لأننا لسنا جهة مسئولة تستطيع التدقيق والاطلاع على صحة ما يقولون، كما أن هناك العديد من الشواهد اليومية في كيفية إدارتهم لهذه الأزمة تعزز من فقدان الثقة فيما يقولون .
إن الحكومة المقالة في قطاع غزة هي المسئولة بصورة مباشرة أمامنا كجمهور عن متابعة أزمة الكهرباء وعلاجها، وذلك بالوقوف على كافة التفاصيل من حيث دقة الأرقام التي تطرحها شركتي الطاقة وتوزيع الكهرباء، وكمية الكهرباء الواردة، وهل يتم التصرف بها بعدل بين المحافظات؟ وإذا ما يجرى توزيعها بعدل داخل كل محافظة؟ والاهم من كل ذلك مسئوليتها في توفير موارد طاقة إضافية، فكما يُرفع الصوت بعدم تسييس قضية الكهرباء وزجها في معترك المناكفات السياسية، فالصوت نفسه يجب أن يرتفع تجاه من يحكم باعتباره المسئول بالدرجة الأولى عن توفير الخدمات لعامة الناس ، وإذا ما كان سبب الأزمة هو الحصار فان الواجب الوطني والأخلاقي يفرض على حكام البلاد وضع مصلحة الناس ومستقبلهم فوق كل الاعتبارات حتى ولو كانت مصالح فئوية لهذا الحزب او ذاك، وبخاصة العمل الجدي لإنهاء ملف الانقسام المخزي .. وإذا لم يستقيم الأمر وفقا لذلك، فمن حق الناس أن تتحدث عن أسباب غير معلنة لاستمرار أزمة الكهرباء وتضخيمها، فمن حقهم أن يقولوا هناك مصالح للبعض من وراء ذلك، وفي مقدمتها المحافظة على نبع الأموال التي يتم جبايتها من كل بيت يقوم بتشغيل مولده الكهربائي ليستهلك ما متوسطه لتر في كل ساعة أي بقيمة 3،4 شيكل في كل ساعة بواقع ربح صافي يزيد عن 2 شيكل في الساعة مضروبا بعدد المولدات الكهربائية الموجودة في قطاع غزة والتي لا يكاد بيت يخلو منها .
المصدر : معا