حلاوة الإيمان

الجمعة-1 ذو القعدة 1434 الموافق6أيلول /سبتمبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).

الحمد لله على نعمه وعلى ما هدانا إليه من حبه وحب رسوله وكتابه، أحمده سبحانه، فلا حب خالص إلا له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، المتفرد بكمال الجلال والقدرة الموجبة لإفراده بالحب والعبادة، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي حبه مقدم على حب النفوس، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه، أهل الحب والوفاء لله وللمصطفى.

أما بعد:

فيا أيها الناس: اتقوا الله تعالى حق التقوى، واعملوا بما يحب ويرضى، واعلموا أن حلاوة الإيمان بتقديم العبد حب الله تعالى ورسوله – صلى الله عليه وسلم – على كل ما يهوى؛ ففي الحديث الشريف: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا).

فالمؤمنون لا يقدمون محبة أحد على محبة الله تعالى ورسوله – صلى الله عليه وسلم -؛ قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ  [1].

عباد الله:

لقد جاء الوعيد الشديد والعذاب الأكيد لمن قدم حب العبيد على حب رب العبيد، وحكم عليه بالفسق والخروج عن الطريق؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ  [2]، وإذا قدم الإنسان محبة شيء على حب الله تعالى، استحق نفي الإيمان عنه أو بعض الإيمان الواجب؛ قال عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين). وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (يا رسول الله، لأنت أحب إليَّ من كل شيء إلا نفسي)، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: (لا، والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك)، فقال له عمر: (والله لأنت أحب إليَّ من نفسي)، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: (الآن ياعمر).

اقرأ أيضا  سيادة الدين وسيادة الأمة

عباد الله:

إن للإيمان حلاوة وطعما وتلذذا لا يذوقها ولا يتلذذ بها إلا من أثرت فيه محبة الله تعالى ومحبة رسوله – صلى الله عليه وسلم -، وكانت المحركة له في تقديم محبة الله تعالى ومحبة رسوله – صلى الله عليه وسلم – على محبة نفسه، ومحركة له بالهروب عن الكفر، ومحركة له بحب ما يحبه الله تعالى ورسوله – صلى الله عليه وسلم -، وبغض ما يبغضه الله تعالى ورسوله – صلى الله عليه وسلم -، وبهذا يكون ولياً لله تعالى؛ وفي الحديث: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار). وفي الأثر عن ابن عباس: (من أحب في الله، وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله؛ فإنما تنال ولاية الله بذلك).

اقرأ أيضا  القواعد التشريعية

أيها المسلمون:

إن لمحبة الله تعالى أسبابا استنبطها علماء المسلمين من كتاب الله تعالى وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم -:

أحدهاقراءة القرآن بالتدبر والتفهم لمعانيه وما أريد به.

 الثانيالتقرب إلى الله تعالى بالنوافل بعد الفرائض.

 الثالثدوام ذكره على كل حال باللسان والقلب والعمل والحال، فنصيبه من المحبة على قدر هذا.

 الرابعإيثار محبته على محبة نفسك عند غلبات الهوى.

 الخامسمطالعة القلب لأسمائه وصفاته ومشاهدتها، وتقلبه في رياض هذه المعرفة وميادينها.

 السادسمشاهدة بره وإحسانه ونعمه الظاهرة والباطنة.

 السابعوهو أعجبها انكسار القلب بين يديه.

 الثامنالخلوة وقت النزول الإلهي وتلاوة كتابه ثم ختم ذلك بالاستغفار والتوبة.

 التاسعمجالسة المحبين الصادقين، والتقاط أطايب كلامهم، ولا تتكلم إلا إذا ترجحت مصلحة الكلام وعلمت أن فيه مزيداً لحالك ومنفعة لغيرك.

العاشرمباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله عز وجل.

اقرأ أيضا  تعظيم النبي ووجوب محبته وطاعته (1)

 وقد قيل في تفسير قوله تعالى﴿ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ  [3]، لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن بالقرآن، ولا يحمله بحقه إلا الموقن؛ لقوله تعالى﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ  ­ [4].

 قال تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ  [5].

 بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

المصدر :الألوكة

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.