ماذا عن ضربة أوباما … وما الدور المطلوب

د. خالد حسن هنداوي

الإثنين-4 ذوالقعدة 1434 الموافق 9 أيلول /سبتمبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).

لا ريب أن كل عربي ومسلم ذي ضمير حي يتمنى من قلبه وشعوره ووجدانه وبدافع الغيرة العربية والإسلامية أن يكون العرب ممثلين بجامعة الدول العربية والمسلمون بمظلتهم منظمة التعاون الإسلامي هم أول من يبادر في التحشيد السياسي بل والعسكري للوقوف كقوة واحدة رادعة للجزار السفاح في سورية خصوصا بعد مجزرة الكيماوي الشنيعة في غوطتي دمشق والتي سبقتها مجازر بالمئات بسلاح تقليدي أو كيماوي أحياناً كما نعرف بدقة نحن السوريين من عهد الأب قبل الابن وطبعا من أشبه أباه فما ظلم!

ولعل من نافلة القول أن نفصل عن موقف العقل والطبع والشرع عن خطورة استعمال الكيماوي إنسانياً ولكن يكفي أن نتذكر أنه ليس من شرط امتلاك هذا السلاح استخدامه. فأمريكا والاتحاد السوفيتي في مرحلة الحرب الباردة لم يمارسا ذلك وإن الأصل في القانون الإسلامي بل والدولي اليوم أنه لا يجوز قتل من ليس له علاقة بالحرب كما حدث للأطفال والنساء وغيرهم في ريف دمشق وهم غافلون نائمون. ومن قبل الذي يدعي أنه الحاكم الوطني والذي زعم أنه أصدر أوامره منذ البداية ألا يجرح أحد ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قتل حيوانا وهؤلاء هم الذين قتلوا حتى الحمير والمواشي كما هو موثق بالصورة. وقد فعله سلفهم السيئ من القرامطة قديما حين قتلوا في مدينتي حماة ومعرة النعمان الدواب في الطريق إضافة إلى الناس كما ذكر ابن كثير في كتابه البداية والنهاية وإن الإسلام ليعكس صورته في الأمن والسلم دوما عبر تاريخه الطويل ويعرف حقوق الإنسان بغض النظر عن دينه ومذهبه وحتى لو استحق القتل فإن قانونه هو ما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم: (إذا قتلتم فأحسنوا القتلة…) وكذلك للحيوان وقال: (لا يعذب بالنار إلا الله)

اقرأ أيضا  في ذكرى مئويته.. رايات غضب تحاصر "وعد بلفور" بأرجاء العالم (محصلة)

وهذا السلاح الكيماوي أخطر من النار فهل تكون ضربة أوباما على النهج نفسه أو قريب منه أم محدودة كما غلب على التصريحات والمعروف سابقا أن أمريكا تسير وفق عقليتها المسلحة. فهل غيرت أو عدلت الأزمة الاقتصادية المعروفة وكذلك خسارتها في أفغانستان والعراق من الموقف أم أن سقوطها الأخلاقي إزاء القضية السورية على مدى ما يقارب ثلاثة أعوام حيث لم يأت منها إلا الكلام رغم سقوط حوالي مائتي ألف قتيل ناهيك عن الجرحى والمعتقلين من الجنسين وملايين المشردين في الداخل والخارج وردا على استخدام الكيماوي الذي اعتبره أوباما خطا أحمر وقد استعمل ولم يفعل شيئا واليوم تفاقم الاستعمال كما في مجزرة الغوطة المروعة إنسانيا بكل المقاييس هو الذي أجبره على الرد والضربة. أم أن مصالح أمريكا لم تكن كافية في سورية وبغية حماية إسرائيل حماية حقيقية بالضربة التي ستضعف الأسد وإيران وحزب الله ومن معهم وستقلص النفوذ الروسي في معقله الأخير وستتيح للأمريكان إعادة الخارطة في سورية وما حولها وتسمح لها بإنشاء قاعدة عسكرية مع الناتو هناك وستجعل المعارضة السورية مضطرة لشكرها وقبول تشكيلها السياسي لسورية المستقبل إلى غير ذلك من مصالح والتي من أهمها القضاء قدر الإمكان على الجماعات الراديكالية المعارضة لتطمئن على اعتدال مكونات المجتمع السوري وتريح خاطر إسرائيل منها إلى الأبد إن مثل هذه التساؤلات وغيرها لابد منها كي نعرف أن أمريكا قادمة بالضربة العسكرية بعد موافقة الكونجرس أو الحشد الدولي الكافي مع أن أوباما يستطيع حتى دون الموافقة على غرار ما حدث في بلدان أخرى.

اقرأ أيضا  عشرات العائلات الفلسطينية تتظاهر ضد تمديد قانون لم الشمل

 إن قادم الأيام هو ما يرجح لنا الموقف مع اعتبارنا أنه لا يوجد أحد يحب الحرب والضرب ولكن عندما يتميز الموقف على أرض الواقع وندرك أن المقصود – إن كان صادقا – هو ضرب الأسد وقواته وليس سورية الوطن والشعب فإن الموقف في الرؤية سيختلف. إذ قد سقط الرهان على معظم حكام العرب والمسلمين أن يغاروا فيفعلوا شيئا لشعبنا الذبيح فإذا كان التدخل الأمريكي مع كلفته الباهظة وخطورته أقل علينا من كلفة بقاء نظام القتل والسحل والوحشية الشنيعة فإن هذا لا يمنع تأييد الضربة إذا تعينت خلاصا وحيدا لبقاء كرامة بقية السوريين لا ذهابها بالكامل على يد المستبدين الذين ثبت أنهم أشد خطرا من المحتلين الذين لم يفعلوا ولا حتى الصهاينة مثل أفعالهم الفظيعة.

 أما ما يتحدث به الروس والنظام والقومجيون واليساريون عما يكررونه عن السيادة لدولة مستقلة فأين كانت السيادة عندما تمت خروقات قصف إسرائيل عدة مرات للبلاد دون رد وأين هي حين قصفت إسرائيل منذ أسابيع مستودعات الأسلحة بغاراتها وهل تمت بإذن من مجلس الأمن فأين الرد وأين هي عندما قتلت أمريكا سابقا في الحدود ثمانية مدنيين؟

اقرأ أيضا  موغريني: القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة

إن رد النظام إنما هو على الشعب وحده عدوه اللدود وعليه فلا بد من الرد العربي والإسلامي دائما فإن بقي العجز كما نرى فإن التدخل بالضربة الأمريكية على مرارته الشديدة مبرر شرعا ووضعا وطبعا وعرفا لضرورة حماية العباد قبل يهلكوا جميعا والبلاد

ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى عدوا له ما من صداقته بد

أليس أوباما قد أقر مؤخرا ولو تحت أي نية: لا يمكن للعالم أن يقف متفرجا إزاء ما يجري في سوريا.

ونحن نقول إن الحرب الإيرانية العراقية السابقة قد كلفت مليون قتيل في ثماني سنوات دون تدخل وإن الكويت قد رجعت بعد أسابيع بالتدخل أليس توفير الدماء المتبقية في سورية مطلوباً فليخجل المؤيدون للسفاحين الطغاة على أنفسهم وليأخدوا بفقه الضرورات الإنسانية فهو الذي ينسجم مع الواقع ولو كره الطائفيون الحاقدون والقومجيون واليساريون.

المصدر : بوابة الشرق

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.