في الأعوام الماضية كان موسم الزيتون يشهد طقوسا شعبية تزينها أغاني التراث القديمة والدبكة والكوفية الفلسطينية قبل أن تغيبها الحرب الإسرائيلية
ـ عودة بركة: موسم هذا العام سيئ بسبب الحرب وصواريخ إسرائيل التي تحمل مواد سامة كما أننا لم نقدم الرعاية للأشجار بسبب الحصار ونقص الإمكانات
ـ ابتسام ناجي: كنا نعد فعاليات شعبية خلال قطف الزيتون لتعريف الناس بأهميته خاصة الأطفال لكن كل شيء جميل غاب عن الموسم الحالي
للعام الثاني على التوالي، غابت الطقوس الشعبية عن موسم قطف الزيتون في قطاع غزة بسبب الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
في الأعوام الماضية، كان موسم الزيتون يشهد طقوسا شعبية تراثية، إذ تتشارك العائلات إعداد إفطار يتضمن أكلات تقليدية مثل الدقة والزيت والزعتر مع خبز الصاج، بينما يتكون الغداء من المقلوبة الفلسطينية المطبوخة على النار.
** طقوس مفقودة
ولم تكن أغاني التراث القديمة والدبكة الشعبية والكوفية الفلسطينية تغيب عن المزارعين الذين يقطفون الزيتون منذ ساعات الصباح وحتى المساء، حيث يستمرون في العمل لعدة أسابيع.
قراءة المزيد: حماس: طرد سفير إسرائيل من مؤتمر إفريقي بإثيوبيا قرار
لكن تلك المشاهد غابت هذا العام، وحلّت محلها مشاعر الخوف والألم نتيجة الحرب الإسرائيلية على غزة وما خلفته من معاناة على مدى قرابة عام.
وعلى مساحة واسعة من أشجار الزيتون، يقطف الفلسطيني عودة بركة وأفراد عائلته الزيتون من أرضهم التي نزحوا إليها بفعل الحرب، وسط مشاعر خوف وقلق من أي استهداف إسرائيلي.
وهذا العام، لم يكن موسم الزيتون وفيرا بسبب الحرب وما تبعها من حصار مشدد على القطاع، حيث غاب اهتمام المزارعين بأراضيهم، فلم يقوموا بتسميدها ولا سقي المزروعات كما في الأعوام الماضية.
ويعاني القطاع نقصا حادا في المستلزمات الزراعية كما الأدوية والغذاء وحليب الأطفال، نتيجة الحرب والحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع.
قراءة المزيد: إندونيسيا تكتسح اليمن وتتأهل إلى مونديال الناشئين 2025
وتغلق إسرائيل معابر القطاع خاصة معبر رفح الحدودي مع مصر الذي سيطرت عليه في 7 مايو/ أيار الماضي ودمرته، ما حال دون دخول المساعدات والمستلزمات إلى غزة.
ويقول بركة: “موسم الزيتون هذا العام سيئ بسبب الحرب وصواريخ إسرائيل التي تحمل مواد سامة، حيث تساقط الحمل، كما أننا لم نقدم الرعاية اللازمة للأشجار بسبب الحصار ونقص الإمكانات”.
ويتابع للأناضول: “في الأعوام الماضية، كان موسم الزيتون أفضل بكثير، حيث توفرت الأسمدة والمياه، لكن هذا العام لا يوجد شيء”.
ويشير إلى أنه لم يمر عليه هذا الحال في السنوات الماضية، لكنه سيجمع ما يستطيع من ثمار الأشجار لتكون زادا له في ظل الشح الذي يعانيه القطاع المحاصر.
قراءة المزيد: واشنطن تواصل إلغاء تأشيرات طلاب متضامنين مع فلسطين
واعتاد بركة وعائلته كل موسم أن يأتوا إلى أرضهم التي تتجاوز مساحتها دونمين في ساعات الصباح لقطف الزيتون، حيث كانوا يعدون إفطارهم وغداءهم على نار الحطب ويستمعون لأغاني تراثية.
لكن اليوم في ظل الحرب غاب هذا المشهد ليحل محله دوي القصف والطائرات الحربية وصوت سيارات الإسعاف.
** غذاء وسط الحرب
وعلى مقربة من بركة، تجلس ابتسام ناجي (22 عاما)، التي تعمل على فرز حبات الزيتون الصالحة ووضعها جانبا في سلة برفقة عدد من الأطفال.
وتأمل ناجي أن تكفي حبات الزيتون التي تجمعها لتكون مصدر غذاء لعائلتها في ظل الظروف الصعبة وحالة النزوح التي يعيشونها.
قراءة المزيد: مجموعة العمل للأقصى تدعو الحكومة الإندونيسية إلى تشديد منح التأشيرات لمؤيدي الصهيوني
واعتادت ابتسام سابقا على الطقوس التراثية في قطف الزيتون، لكنها تشعر بالحزن هذا العام إذ فقدت كثيرا من اللحظات الجميلة التي كانت تميز المواسم السابقة.
وتقول للأناضول: “كنا نعد فعاليات شعبية في موسم قطف الزيتون لتعريف الناس بأهميته، خاصة الأطفال، لكن هذا العام غاب كل شيء جميل عن هذا الموسم”.
وتضيف: “نعيش هذا العام بين النزوح والدمار، حيث قصف منزلنا ونزحنا من مدينة غزة إلى وسطها”.
وتشير إلى أن “موسم الزيتون هذا العام يعكس الخوف والتوتر، وضعف الإنتاج بسبب تداعيات الحرب”.
قراءة المزيد: وزير خارجية الإمارات ونظيره الإسرائيلي يبحثان تطورات المنطقة
وبحسب وزارة الزراعة في قطاع غزة، هناك 33 ألف دونم مزروعة بالزيتون تُنتج نحو 23 ألف طن.
لكن هذه الإحصائية تعود إلى ما قبل الحرب على القطاع الذي شهد تجريفا وقصفا لأراضيه الزراعية الغنية بأشجار الزيتون.
ويشهد أحيانا، بدء موسم قطف الزيتون وعصره في قطاع غزة مراسم حكومية واحتفاء شعبيا، ويتوشح العاملون بالكوفية، ويقضون أوقات عملهم بإنشاد الأهازيج الفلسطينية، على اعتبار أن الموسم بالنسبة إليهم فرصة لتأكيد الهوية.
وبدعم أمريكي مطلق تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر الماضي، حربا مدمرة في غزة خلفت أكثر من 137 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
قراءة المزيد: جماعة المسلمين تؤيد فتوى علماء الأمة بالجهاد ضد “إسرائيل
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
وكالة مينا للأنباء
قراءة المزيد: مظاهرة حاشدة لدعم فلسطين والتنديد بالمجازر في غزة