القدس والأقصى ومحاولات التهويد

السبت -9 ذوالقعدة 1434 الموافق 14 أيلول /سبتمبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).

عبدالكريم السمك 

قال رئيس وزراء إسرائيل وأحد مؤسسيها بن غوريون يوماً: “لا قيمة لإسرائيل إذا لم نأخذ القدس، ولا قيمة للقدس إذا لم نأخذ الأقصى، ولا قيمة للأقصى إذا لم نقم ببناء الهيكل“!

 

الأقصى والقدس وفلسطين، أراض باركها الله، وحباها من الإيمان ودين الإسلام، وهي أمانة في أعناق المسلمين إلى يوم القيامة، فالمسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى، وهو مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبوابة السماء من الأرض، وثاني مسجد في الأرض بعد المسجد الحرام، وحبه من الإيمان والإسلام.

 

بهذه الخصوصية كان موقع الأقصى والقدس وفلسطين وأهلها بالنسبة لساسة هذا البلد وولاة أمره من عهد الملك عبدالعزيز -رحمه لله- إلى جل أبنائه البررة، وقد وثق هذا الوفاء ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز -سلمه الله- نيابة عن خادم الحرمين الشريفين، بدعم الانتفاضة الفلسطينية وإنشاء صندوق للقدس، وآخر لدعم الشعب الفلسطيني في انتفاضته، في مؤتمر القمة العربية الذي عقد في القاهرة للظروف الطارئة التي تعيشها فلسطين وأهلها هذه الأيام، فكان هذا بمنزلة مد جسر مباشر بين المملكة وفلسطين وشعبها، ومثل هذه المواقف ليست بحديثة عهد على هذه البلاد الكريمة بولاة أمرها وشعوبها.

 

وكل هذا كرد للجميل لشعب اختاره الله لحمل أمانة الدفاع عن فلسطين والأقصى، بعد أن بشره الرسول عليه الصلاة والسلام أنهم في رباط إلى قيام الساعة – كما هو في حديث معاذ رضي الله عنه- كيف لا وإن جذور هذا الشعب لتمتد في فروعها وأصولها إلى هذه الأراضي الكريمة، وأن المتتبع لأسر الشعب الفلسطيني ليجد أنها كلها تنسب في كناها إلى أسماء من سكن فلسطين من الصحابة وأقاموا فيها، واليوم يتحمل هذا الشعب الصابر أمانة المواجهة عن العرب والمسلمين لحماية فلسطين والقدس والأقصى من خطر التهويد.

 

فإليك يا فلسطين هذه الرسالة لخلاصك من هذا الليل الذي بدأ يشرق صباحه.. إن مع العسر يسرا… إن مع العسر يسرا…. ولن يغلب عسر يسرين إن شاء الله.

 

فلسطين وعروبتها:

فلسطين هذه البقعة المباركة، بوابة بلاد الشام في الجنوب الغربي، حاضنة القدس ومسجدها، ساحة المعترك التي تهاوت فيها قوى الظلم والبغي منذ أربعة آلاف سنة، حتى جاءها الإسلام فعلى أرضها عاش سكانها من الكنعانيين واليبوسيين العرب، وقد حررها الإسلام من الروم، وعلى أرضها اندحرت جيوش المغول، وعلى أرضها شهد الغرب الصليبي أكبر هزائمه، وها هي اليوم بفعل الاستعمار الأوربي الحديث لها، تقوم عليها دولة إسرائيل، وإسرائيل نبي الله – يعقوب عليه السلام- بريء من شعب هذه الدولة.

 

لم تحمل فلسطين في ماضيها أي اسم عبراني، فجميع كتب العهد القديم التي يدين بها اليهود تشير إلى اسم (فلستياء) أو (فلسطين)، فعندما وقع الغزو اليهودي لهذه الأرض، لم يغادر أهلها أرضهم وإنما عاش معهم اليهود، فترة لم تمتد إلا إلى عقود من الزمن، بحيث لم تكن أكثر من هذا الزمن الذي يعيشه يهود اليوم والذي لم يتجاوز الستة عقود.

 

ففي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفي السنة الخامسة للهجرة، كان الفتح الإسلامي لفلسطين ليؤكد هويتها العربية والإسلامية، ثم تتالت على فلسطين غزوات المغول والصليبيين، وقيض الله لهذه الأمة النصر، ومع ظهور الهجمة الجديدة الأوربية على العالم العربي في دائرة الاستعمار الأوربي الغربي من بريطاني وفرنسي، وتحقق لليهود أمنيتهم باستعمار الإنكليز لفلسطين وإصدارهم وعداً لليهود بإقامة دولة لهم على أرض فلسطين، عرف بوعد بلفور لسنة 1917م.

 

والذي أريد قوله هنا أن لا علاقة لليهود بفلسطين مطلقاً وذلك في أن يكون لهم فيها وطن قومي يقوم على أساس ديني، فمشروع الدولة اليهودية، إنما كان بمثابة قيء تقيأه المجتمع الغربي للخلاص من اليهود المكروهين القذرين في مجتمعات دول أوربا ذلك اليوم، فقبل فلسطين كان مشروع الدولة اليهودية قد طرح على أرض أوغندا، والأرجنتين وليبيا وصحراء سيناء وشمال العراق، حسب ما أشارت إليه الوثائق البريطانية. لكن بريطانيا وإن كان اليهود عندها لهم شأن، فشأنهم هذا لا يعادل شيئاً أمام مصلحتها كدولة استعمارية، بعد أن شعرت بأن منطقة الخليج العربي وشمال العراق تقوم على بحور من النفط، وكان القدر هو أن تكون فلسطين، والقصد من ذلك فصل العالم العربي الأسيوي عن الأفريقي بهذا الشعب المنبوذ، وبذلك يتحقق لقوى الغرب الاستعمارية ما تريد لتجزئة العالم العربي حسب مؤتمر وزراء ثلاث عشرة دولة أوربية استعمارية لسنة 1906م الذي عقد في لندن وعرف بمشروع (كامبل بانرمان) يومها.

اقرأ أيضا  الجحيم الإسرائيلي .. جرائم تحت جنح الظلام بحق عمال فلسطينيين (تقرير)

 

ودخلت بلاد الشام في دائرة الاستعمار البريطاني والفرنسي، بموجب اتفاقية (سايكس بيكو)، وكانت فلسطين هي نصيب الاستعمار البريطاني في 17 ديسمبر 1917م ليقيم على أرضها دولة يهودية، وصدر من أجل ذلك على لسان وزير خارجيتها وعد بلفور في 2 نوفمبر 1917م، وفتحت أبواب الهجرة اليهودية لفلسطين تحت رعاية بريطانية، وبدأت سياسة التهويد لفلسطين مع تاريخ الوجود البريطاني على أرض فلسطين، إلى أن كانت سنة إعلان انسحاب بريطانيا من فلسطين، ليقوم على أرض فلسطين دولة إسرائيل في 14 مايو 1948م.

 

وكانت إسرائيل دولة لشعب لا أرض له على حساب حق الشعب الفلسطيني في أرضه.

 

القدس وأصالتها العربية والإسلامية:

لقد جرى على القدس ما جرى على فلسطين من أمر التهويد، فاسمها (أورشليم) سماها به الكنعانيون، وقد كان سكانها من العرب، وملكها هو (مليك صادق) أو (ملكي صادق) ولم يكن في القدس قبله أي يهودي، وقد سكن اليهود مع اليبوسيين في عهده في القدس، وقد كان حكمه لفلسطين قبل ألفي سنة قبل الميلاد، أي قبل ألف سنة من بناء الهيكل في عهد داود وسليمان عليهما السلام كما يدعون.

 

و(ملكي صادق) في التوراة كان (كاهناً لله العلي) حيث التقى فيه سيدنا إبراهيم عليه السلام، وقد قدم له الماء والخبز ودعا لنبي الله إبراهيم بالبركة من الله، قد رد على ذلك إبراهيم عليه السلام بإهدائه (لمليك صادق) عشر ما اكتسبه من غنائم بعد إنقاذه لابن أخيه لوط، وقد صلى إبراهيم عليه السلام و(مليك صادق) في الكهف المجاور للصخرة المشرفة، ومن هنا تقدس المكان ليكون الأساس الذي بني عليه المسجد الأقصى.

 

وإلى هذا يشير المرحوم الأستاذ حسن ظاظا على أنه لم يكن لليهود أي علاقة بأسماء القدس سواء فيما عرفت باسم القدس أو أورشليم أو إيلياء، أما بالنسبة لاسم إيليا فقد كان اسماً رومانياً، وكان متداولاً حتى الفتح الإسلام لبيت المقدس، وجاء في نص العهدة العمرية.

 

ولم تشر مدونات التاريخ منذ الفتح الإسلامي لها، إلى أي وجود يهودي فيها، إلى أن وقعت فلسطين في دائرة الاستعمار البريطاني، وقد زادت الهجرة اليهودية مع وجود الاستعمار البريطاني، فأي ثمن قدمه اليهود لبريطانيا حتى قدمت بريطانيا فلسطين أرضاً ليقيموا عليها دولتهم؟!

 

وهذا هو الثمن، ففي سنة 1946م في شهر آذار وفي قاعة الشبان المسيحيين بالقدس، كانت لجنة التحقيق الأنجلو- أمريكية تعقد جلساتها العلنية لتسمع الشهادات حول حق العرب واليهود في قضية فلسطين، ومحاضر الجلسة كبيرة ومتنوعة، وفيها شهادة لواحد من أعظم مؤسسي دولة إسرائيل هو وايزمان، ويسأل أحد أعضاء اللجنة (ريتشارد كروسان) -وهو إنكليزي- وايزمان عن تعلقه بالقدس وفلسطين كدولةمحتملةللشعب اليهودي؟

 

فيجيبه وايزمان وهو متكئ على كتف زوجته من جهة، ومتكئاً من جهة أخرى على عصاه، ليقول وهو أول رئيس لدولة إسرائيل، ورئيس الحركة الصهيونية بعد هرتزل:

لقد أعطيت بريطانيا خلاصة حياتي في الحرب العالمية الأولى، أعطيتها اختراع المطاط الاصطناعي، الذي كان من أبرز العناصر في صناعة العتاد الحربي، وفي الحرب العالمية الثانية سقط ولدي وهو يحارب مع الحلفاء ضد النازية وفي جميع الحالات كان حبيللقدسهو الذي دفعني للوقوف إلى جانب بريطانيا، لقد أحببت بريطانيا من خلال حبي للقدس“.

 

وعند ذلك صفق الحاضرون له على بلاغة كلامه ووفائه لبريطانيا كي يتحقق أمل اليهود بدولة إسرائيل.

 

وهكذا استطاع اليهود الحصول على فلسطين كأرض لإقامة دولة إسرائيل، والقدس عاصمة لها.

 

والأمل بالله أن تعود فلسطين كل فلسطين والقدس منارة لها، وتعود لمساجدها وأهلها الحرية والحياة الكريمة وتعود فلسطين دار الإسلام كما كانت.

 

وتلك هي قصة القدس.. وفي ظل نشأة دولة إسرائيل، كانت القدس الغربية عاصمة لإسرائيل، وفي حرب سنة 1967م، سقطت الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي، ووقع الأقصى أسيراً مع مناطق القدس الأخرى، ومن يومها نشطت بل زادت حركات التهويد لكل معالم القدس الإسلامية، بما في ذلك المسجد الأقصى وما حوله، وكذلك مصادرة الأراضي وتهجير السكان الفلسطينيين، الأمر الذي جعل الشعب الفلسطيني يثور على عمليات التهويد، ويناهضها وخاصة في مشاريعه الاستيطانية، ويعيش الشعب الفلسطيني اليوم أكبر ثورة شعبية ورسمية في مناهضة الاحتلال ومن ورائهم إخوانهم من الشعوب العربية والإسلامية.

اقرأ أيضا  ذاكر نايك.. داعية هزمهم بالحجّة والمنطق فحاربوه بالإنتربول

 

المسجد الأقصى وسياسة التهويد:

يقوم المسجد الأقصى على بقعة مباركة، هي بمثابة بوابة السماء من الأرض، وقد جاء القرآن ليبين قدسيته وسمو مكانته فيقول تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الإسراء: 1]، وهناك الكثير من الدلائل القرآنية على قدسية المسجد الأقصى وما حوله، وعلو شأنه عند الله وسمو مكانته.

 

وقد واكبت السنة القرآن في بيان سمو مكانة المسجد الأقصى، فمما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أراد أن ينظر إلى بقعة من بقاع الجنة فلينظر إلى بيت المقدس»، وفي وصيته صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل أنه قال: «إن الله سيفتح عليكم الشام من بعدي من العريش إلى الفرات، رجالها ونساؤها وأبناؤها مرابطون إلى يوم القيامة»، كما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» وفي رواية «لمسجد إيليا»، وهذا غيض من فيض في دلائل السنة لسمو مكانة القدس ومسجدها، لتؤكد لنا هويتها الإسلامية هي وما احتوته.

 

وقد سعى اليهود منذ منتصف القرن الماضي حثيثاً للحصول على وجود شرعي لهم في فلسطين، ومع نشاط المذاهب اليهودية كالماسونية، ونشاط الحركة الصهيونية في الحياة الفكرية والثقافية والدينية في المجتمعات الأوروبية، مستفيدين من انحسار الفكر والثقافة في المجتمعات العربية والإسلامية، كانت قصة فكرة عودة المسيح المخلص، في أعقاب قيام الدولة الموسوية على أرض فلسطين، وبعد بناء الهيكل على أنقاض خراب المسجد الأقصى، وقد استطاع اليهود بذلك تهويد الفكر النصراني حول هذا الموضوع، وخاصة على مستوى المذهب البروتستانتي.

 

وكان أول أكاذيب اليهود لذلك، هو ادعاؤهم أن جدار حائط البراق هو الجدار الخاص بالهيكل، ولذلك لا تقوم دولة إسرائيل إلا ببناء الهيكل، وسعى اليهود لذلك عن طريق نشاطهم السياسي في منتصف القرن الماضي.

 

فأي هيكل يزعمون إذا ما عرفت مساحته حسب ما جاء به الإصحاح الخامس من سفر الملوك الأول، حيث بين فيه أن عدد العمال الذين بنوه كانوا مائة وخمسين ألف عامل، وأبعاده على الشكل التالي: (طوله ستون ذراعاً وعرضه عشرون ذراعاً وسمكه ثلاثون ذراعاً)؟!

 

وقد فند كذب اليهود هذا الكثير من علماء الآثار الغربيين، وذلك لكون حاكم القدس الروماني (هدريان) أزال كل أثر يهودي سكانياً وعمرانياً، وحول اسم المدينة أي القدس إلى (إيليا كابيتوليناء) وعلى أنقاض هيكلهم هذا أقام هذا الإمبراطور معبداً رومانياً وضع فيه مجسمات لآلهة الرومان مثل جوبيتير وفينوس، وغدت مدينة (إيلياء) خالية من اليهود إلى أن كان الفتح العربي، الذي صالح سكانها من الرومان النصارى، ولم يكن فيها من اليهود أحد.

 

وكانت العهدة العمرية بين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبطريرك الروم في القدس (صفرونيس)، ونص العهد لم يشر إلى اليهود بأي شيء، كدليل على عدم وجود أي من اليهود فيها.

 

وشكر الله للدكتور النحوي جميل صنعه عندما صاغ واقعة دخول عمر للقدس شعراً حيث يقول:

عمر بن الخطاب! أقبل فهذي 

القدس حنت إليك فيها الكبود 

وفلسطين كل شبر عليه 

من دم المؤمنين دفق جديد 

 

إلى أن يقول:

علمتهم أن الذي يفتح القدس 

أمير للمؤمنين رشيد 

 

الشعب الفلسطيني ومناهضته لسياسات التهويد:

كان يوم 8 ديسمبر 1987م يوماً مباركاً في تاريخ الشعب الفلسطيني، في هذا اليوم كانت انطلاقة الشرارة الأولى للانتفاضة التي امتدت إلى ثلاث سنوات، ثم تحددت بعد مؤتمر مدريد للسلام، ثم أطفئت شعلتها بعد وصول السلطة الوطنية لأرض فلسطين، ومنذ ذلك التاريخ راهن الفلسطينيون من أصحاب الحقائب على تحقيق السلام على يد حزب العمل، والذي عرف عن هذا الحزب أنه أكثر كراهية للعرب من اليمين اليهودي المتطرف، فهو أي الحزب شعاره معروف في طرحه حسب ما رسمه له ساسة الحزب، بالقول: (إذا أردت أن تفاوض فاضرب خصمك ضربة موجعة تجعله يرمل السير في التفاوض) تلك هي سياسة الحزب، وقد وثق ذلك حادثة قانا في جنوب لبنان على يد المجرم شمعون بيريز، الذي فشلت سياسته في لبنان ونجح فيها مع أصحاب الحقائب من الفلسطينيين.

اقرأ أيضا  فلسطين.. جنود الاحتلال ومستوطنوه يهددون حياة مئات الطلبة

 

فباراك الذي راهن عليه الجميع جاء في مفاوضاته بما لم يأت به الأوائل، فقد استطاع في مفاوضاته تحييد المسجد الأقصى من المفاوضات وكانت سابقة له لم يقدم عليها أحد من ساسة اليهود، والانتفاضة الفلسطينية التي يعيشها اليوم شعب فلسطين والمؤرخة في يوم الخميس غرة رجب لسنة 1421هـ والموافق ليوم 28 أيلول 2000م، كانت رداً مباشراً على مستوى الشعب الفلسطيني الذي وجد في التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي تحت المظلة الأمريكية ضياعاً لحقوقهم، وتهويداً لمقدساتهم وذلك عندما أقدم المجرم شارون على زيارة المسجد الأقصى بحماية أمنية من باراك المفاوض العمالي صانع السلام مع الفلسطينيين وفق سياسة التهويد في ظل الرعاية الأمريكية للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية.

 

إن حادثة شارون هذه لم تكن مجرد مصادفة أو بدون إعداد وتدبير، فقد قامت على غطاء سياسي من الحكومة الإسرائيلية، وذلك بتوفير الأمن لشارون عند الزيارة، وحقد عنصري ضد غيرهم من عرب فلسطين لسنة 1948 الذين هم ضمن إسرائيل حيث قتلت الشرطة منهم ما يعادل ثلاثة عشر عربياً وكان عدد الجرحى يزيد على المائة. والحقد الديني القائم على تهويد المسجد الأقصى والنيل منه بعد أن وجدوا أن بناء الهيكل على أنقاض الأقصى قد طال أمده.

 

كل هذا كان سبباً لتفجير الانتفاضة لتهز ضمير العالم الذي غض طرفه وبصره وسمعه عما تفعله إسرائيل مع شعب فلسطين، إضافة لكثير من التراكمات التي كان سبباً لها، وأسلوب المفاوضات، والانحياز الأمريكي لليهود ضد العرب، سواء في الدعم العسكري أو الغطاء الأمريكي المتمثل في حق الفيتو في مجلس الأمن، ضد أي مشروع يدين إسرائيل، وجاء على هذا كله التمادي اليهودي في سياسة التهويد، فكانت ثورة الحجر في أرجاء فلسطين جميعها لتصل إلى عرب 1948م الذين يعرفون بـ(عرب إسرائيل)

 

وإن انتفاضة الأقصى التي نعيشها اليوم أتت بما يلي:

♦ قوَّة عزيمة الشعب الفلسطيني في مواجهة اليهود وجبروته.

 

♦ جبن اليهود وخوفهم مما دفعهم لترك مستوطناتهم.

♦ سحب قرار التسوية من يد المفاوض الفلسطيني ليحملها المواطن الفلسطيني حامل الحجر.

♦ الخيرية التي جبلت عليها الشعوب العربية في دعم إخوانهم من أهل فلسطين.

♦ المساندة الإسلامية للانتفاضة على مستوى دول العالم الإسلامي.

 

♦ تعيش إسرائيل وشعبها اليوم حالاً لا يحسدون عليه أمام صمود الشعب الفلسطيني في وجه الغطرسة اليهودية فقد أثبت الشعب الفلسطيني اليوم للعالم أجمع حقه القائم والدائم في بلده فلسطين، وكشفت الانتفاضة للعالم المتحضر الصورة الحقيقية لوجه المجتمع اليهودي الحاقد والعنصري، الذي كان وما زال مرفوضاً من المجتمعات الإنسانية، وإن سعي الولايات المتحدة الأمريكية اليوم لجمع الطرفين في واشنطن إنما القصد منه إعادة صقل وجه اليهود لدى المجتمع الأمريكي والعالمي على أنه مجتمع متحضر إنساني بعيد عن أي شكل من أشكال العنصرية والكراهية لغيره من بني الإنسان.

 

وبارك الله لأهل فلسطين ثورتهم اليوم فيما قدموه للعالم اليوم من كشف هوية إسرائيل وشعبها في حادثة مقتل الطفل محمد الدرة، الذي فاقت قضيته مقتله سلوك النازيين، فاضحة في اليهود حياتهم السادية المتعطشة للدماء، مما دفع بالمجتمع الأوروبي دون الأمريكي والمتمثل بأصحاب القرار السياسي في العودة للتعرف بشكل أكبر على حقيقة اليهود وكراهية جميع المجتمعات الإنسانية لهم.

 

وقد ذكر لي من التقى بالدكتور مراد هوفمان الذي قدم إلى الرياض لإلقاء محاضرة له معنية بكتابه (الإسلام كبديل) أن الكثير من زملائه الألمان عندما شاهدوا ما يجري على أرض فلسطين ذهبوا إلى القول بأن النازية هي عند اليهود، ومن صنع اليهود أنفسهم.

 

فإلى الشعب الفلسطيني الذي كشف هذا القناع مبيناً صورة اليهود وحقيقتهم، تحية إجلال وإكبار على جهادهم هذا، والله واعد إياهم بالنصر على عدوهم إنه ولي ذلك والقادر عليه.


المصدر : الألوكة

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.