ماذا عن بقية الأسرى .. يا حماس
السبت- 29 ذوالقعدة 1434 الموافق5 تشرين الأول /أكتوبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
زياد آل سليمان
صفقة وفاء الأحرار ووعد الياسين – رحمه الله – تحققت اليوم، وأصبح الحلم حقيقة، طويت صفحات بيضاء مليئة بقصص البطولة والفداء والتضحية والشجاعة والإقدام والوفاء…
طويت تلك الصفحات لتبقى حاضرة، ترسم للأجيال القادمة طريق العزة والكرامة والانتصار والأمل واسترداد الحقوق لا استجدائها، لم تكن تلك السنوات كافية لكي يتعلم اليهود أنا قوم لا نترك أسرانا ولا ننساهم مهما طال الزمان أو قصر، لذا فقد بقي من الأسرى من بقي، لكنهم يعلمون كما علم يهود أن كتائب الشهيد عز الدين القسام قد وعدت وأنها ستفي بوعدها.
لقد عزم القسام على فتح صفحة جديدة لتنضم إلى ذلك السجل العظيم، ها هم أسود القسام يستعدون للانطلاق نحو الهدف الجديد فقد حانت ساعة الإفراج عمن تبقى من الأسرى، ودقت ساعة القسام لتؤذن بموعد آخر مع النصر والعزة والكرامة، معلنة هزيمة جديدة لليهود، ولتسطر صفحة جديدة للكتائب بيضاء بغايتها، حمراء بدماء شهدائها، خضراء برايتها، سوداء على أعدائها.
انطلق المجاهد فرحاً مسروراً لقد تم اختياره ليشارك في هذه المهمة النبيلة، كم من أخ له نافسه لكي يحظى بهذا الشرف، وفي الطريق يمضي مسرعاً إنه يرى دمعات الأمهات والآباء الذين خارت قواهم ووهنت عظامهم وهم في شوق للقاء ابنهم الأسير بعد طول غياب..
ولا تسل عن زوجة حرمت من زوجها لتتولى بنفسها مهمة تربية الأبناء ورعايتهم، لربما انشغل الزوج عن شؤون البيت أياماً فانزعجت الزوجة وتعبت واشتكت، فكيف بمن غاب زوجها عنها سنين، بل ولا تعرف أيعود أم لا.. بماذا تجيب أولادها عند سؤالهم متى سيأتي أبي؟ ..
أما الأبناء فلا شيء يمكن أن يعوضهم عن فقدان الأب وغيابه، إنه الحرمان من الحنان والعاطفة والنصح والتوجيه، إنها مشاعر شبيهة بمشاعر اليتيم، وإن كان اليتيم قد وطن نفسه على عدم اللقاء، فإن ابن الأسير يعلم أنه والده يعذب عند أشد الناس عداوة للذين آمنوا، يكبر أطفالنا، ويدركون من المعاني ما يحاول الكبار تجاهله أو نسيانه.. يرون آباء أصدقائهم فتهيج في نفوسهم من المعاني ما تعجز الكلمات عن تفسيره أو شرحه ..
إنها حكاية ألم وحزن تمتدد لكل حبيب، لكل أخ وأخت، وعم وعمة، وخال وخالة، وجد وجدة، وجار وصديق.. والله لولا الإيمان بالله عز وجل وقدره وقضاءه لمات الأحبة كمداً وحزناً..
انطلق المجاهد مستذكراً معاناة إخوانه الأسرى، في سجون يهود، الذين يمارسون أبشع أنواع الإذلال، والتعذيب النفسي والجسدي ضدهم..
ينادي بأعلى صوته أخاه لا تحسب أنا نسيناك، كم أثلجت وشفيت صدورنا وأذهبت غيظ قلوبنا ببطولاتك، كم دمعة يتيم مسحتها، كم أرملة أسعدتها، كم أم ثكلى أنسيتها جراحها، كم عدو عذبته وأخزيته وهزمته، كم أمل أحييته في نفوسنا..
تغبر قدماه فيسرع مستذكراً قول الرسول عليه الصلاة والسلام: “من اغبرت قدماه في سبيل الله فهما حرام على النار” البخاري، يقتحم البطل حصن اليهود فيهدمه، وتنهار مع الجدران قلوبهم، تتعالى صيحات التكبير تجلجل في المكان، أما اليهود ففي حيرة وارتباك وخوف ورعب وذهول، هنا صريع، وهنا جريح، يستيقظ اليهود من الصدمة، ليبدأ في إحصاء الخسائر ولملمة ما تناثر، لقد فقدنا رحاميم! أين إيلان؟ ..
إبدأ يا أحمد الجعبري بالتفاوض ولا ترضى بأقل من تبييض السجون، إن كان شاليط بألف وأكثر، فهؤلاء اليوم بألفين وأكثر..
يا ليتني شعرة في جسدك أيها المجاهد وأنت تقتحم حصون اليهود وتزلزلها وتدكها، أتراك تسمح لي بتقبيل يديك ورأسك.. ألم يقبل عمر الفاروق رضي الله عنه رأس عبدالله بن حذافة السمهي وقال: حق على كل مسلم أن يقبل رأسه عبدالله بن حذافة وأنا أبدا بذلك، وذلك عندما وجه عمر جيشًا إلى الروم وفيهم عبد الله بن حذافة فأسروه، فقال له ملك الروم: تنصر أشركك في ملكي، فأبى فأمر به فصلب، وأمر برميه بالسهام، فلم يجزع، فأنزل وأمر بقدر فصب فيها الماء وأغلى عليه، وأمر بإلقاء أسير فيها، فإذا عظامه تلوح، فأمر بإلقائه إن لم يتنصر فلما ذهبوا به بكى، قال: ردوه، فقال: لم بكيت؟ قال: تمنيت أن لي مائة نفس تلقى هكذا في الله، فعجب، فقال: قبل رأسي، وأنا اخلي عنك، فقال عبدالله: وعن جميع أسارى المسلمين، قال: نعم، فقبل رأسه فخلى بينهم فقدم بهم على عمر، فقام عمر فقبل رأسه وقال مقولته المشهورة.
المصدر: صيد الفوائد