الثورات العربية والإسلام
الإثنين- 2 ذوالحجة1434 الموافق7 تشرين الأول / أكتوبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
إن ما نراه وما يُدركه العالم أجمع بصفة عامة، وما تمر به أمَّتنا الإسلامية والعربية بصفة خاصة من ثورات، تسعى جاهدة لإحقاق الحق وإقامة العدل، رافضة بكل ثباتٍ للظلم والعدوان أين خبر إن؟!!؛ فإن المنهج الإسلامي العتيد لا بد وأن يبين أطرًا أساسية تحمي هذه الاضطرابات في بعض المناطق، والثورات في دول أخرى بكل ما تعنيه هذه الكلمات من معانٍ؛ لعلها تكون محمية من دسائس الجهلاء الذين يتبجحون، والمتنطعين الأغبياء الذين يتهمون هذه الثورات بأنها نتاج غربي، أو أنها بدعمٍ غربي أو تحريض غربي، وكأنهم يعيشون على كوكب آخر.
أولاً: ﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7]، توثيق الصلة به – سبحانه وتعالى – والتأكيد الحتمي على الإيمان به؛ ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ﴾ [الحج: 40].
ثانيًا: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 103]، وجوب – نعم وجوب، وليس السعي – توحيد الصف، وجمع الكلمة، وعدم الفُرقة أو الاختلاف بأي شكلٍ من أشكالهما، وخصوصًا في هذه الآونة الحالية، ووجوب إبعاد النزاعات؛ تنفيذًا لقوله – تعالى -: ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ [الأنفال: 46].
ثالثًا: إن أول شغل للمُغرِضين أن ينفثُوا سموم الشائعات المغرضة والمثبّطة، ويحاولوا تسريبها في أحلك الظروف، وهنا لا حل لمواجهةِ هذه الشائعات المغرضة المثبطة إلا بالإيمان الذي لا يتزعزع بالله – سبحانه وتعالى -: ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾ [آل عمران:173، 174].
رابعًا: السعي الدؤوب – رغم تلك الظروف – إلى دفع المجالات العاملة لمضاعفة الإنتاج، والحث على استمرارية البحوث العلمية، والوقوف بصلابة أمام مواجهة كل التحديات التي تواجه أمتَنا الإسلامية، والعمل الدؤوب على التجهيز الحقيقي وإعداد العدَّة اللازمة ببذل أقصى ما في الإمكان؛ تنفيذًا لقوله – تعالى -: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 60].
خامسًا: تنقية القلوبِ من الحقد والكراهية، مع الأخذِ بالأسباب، ومع الحفاظِ على الصفِّ وحمايته، واستمرار إعداد العدَّة، ومتابعة ما يُتاح من الإنتاج في بعض مجالات العمل العاملة وغير المتأثرة، وأن نواصل بل نستزيد من تقواه – سبحانه وتعالى -: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27].
سادسًا: المحافظة على دُور العبادة وترسيخ قواعد (الوحدة الوطنية)، وعدم السماح بالتعرض بسوء إلى المساجد ولا إلى الكنائس، وأن نتذكرَ قوله – تعالى -: ﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ﴾ [الحج: 40].
سابعًا: الالتزامُ الحقيقي بما أوصانا به نبيُّنا الرسول – صلى الله عليه وسلم – بأهل الذِّمَّة والمعاهَدين: ((ألا مَن ظلَم معاهَدًا أو انتقَصه، أو أخَذ منه شيئًا بغير طِيب نفس، أو كلَّفه ما لا طاقةَ له به – فأنا حجيجُه يوم القيامة)).
توجيه معنوي للمحافظة على الوحدة الوطنية، والمحافظة أيضًا على حقوق أهل الكتاب، وكم كان موقف الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية عظيمًا عندما طالب قائدَ التتار بردِّ الأسرى، فردَّ أسرى المسلمين فقط، فلم يقبَلِ ابن تيمية ذلك وقال: “لن أخرج من هنا حتى يفك جميع الأسرى من اليهود والنصارى”، فاستجاب له قائدُ التتار وأطلق جميع الأسرى من المسلمين وغيرهم.
إن محافظتنا الدؤوب الحقيقية على الوحدة الوطنية وإبقاءها كنسيج وطني واحد، هو من باب أن يظلَّنا الله – سبحانه – بالأمن والأمان والسكينة والاستقرار.
المصدر : الألوكة