مسار جديد للثورة
طلعت رميح
السبت 14 ذوالحجة1434 الموافق19 تشرين الأول / أكتوبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
تدخل الثورة السورية عامها الرابع، وهي في وضع اضطراري خطر، بعدما ظهر عمليا سراب الدعم والمساندة الدولية أو لنقل الغربية. انتهى الأمر الآن إلى انكشاف شديد للمواقف الغربية، التي أعمتها مصالحها السياسية وحفاظها على تفوق وأمن إسرائيل، ولو على حساب الثورة والشهداء والمشردين واللاجئين والجائعين في سوريا. ولم يعد للثورة من نصير بعد الله إلا أهل سوريا وبعض الدول العربية وتركيا. والأهم والأخطر، أن الغرب لم يتحول إلى نمط من انتهاز الفرصة لحماية أمن إسرائيل وبقائها عبر تفكك السلاح الكيماوي للنظام، بل هو مندفع للضغط على الثورة ومؤسساتها السياسية والعسكرية وعبر تجويع اللاجئين.
أصبحت الثورة في وضع اضطراري تواجه فيه الاتفاق والتحالف الروسي الإيراني مع الولايات المتحدة والغرب، وصارت تواجه كتلة دولية وإقليمية تسعى لتحقيق أهدافها ومصالحها،وتضغط على الثورة ومؤسساتها بهدف تطويع إرادتها لمصلحة تلك الاتفاقات. وعلى رأس تلك الاتفاقيات وأول مخاطرها أن يبقى الأسد من الآن وحتى إنهاء عملية تفكيك السلاح الكيماوي التي قيل إنها ستستغرق عاما كاملا، وهو ما يعني أن الثورة صارت تدخل في عامها الرابع مع قرار دولي بأن تظل تواجه نظام الأسد لعام جديد من الآلام والمحن، التي زادت مخاطرها بحكم أن الأسد لم يعد بقاؤه مستندا إلى القوة النارية لحلفائه التقليديين في روسيا وإيران وحزب نصر الله والمالكي وغيرهم، بل صار محميا – إذا شئنا الدقة – باتفاق دولي الطابع والأهداف، ولذا كان طبيعيا أن يتبادل المسؤولون الروس والأمريكان توجيه التحية العلنية لبشار على تنفيذ خطط تفكيك وتدمير السلاح الكيماوي.
ليس المهم الآن أن نتوقف عند حدود القول، بأن تلك هي السياسة الدولية القائمة على تحقيق مصالح الدول ولو على حساب موت الشعوب الأخرى، وأن نعيد التذكير بأن ضعف الأوضاع العربية والإسلامية هو ما أدى إلى تلك الوضعية الخطرة وتلك المذبحة التي يعيشها الشعب السوري، وأن الغرب بقيادة الولايات المتحدة أثبت للمرة الألف أنه يتحرك في سياساته الخارجية بعيدا عن كل المبادئ والقواعد القانونية التي صدعوا بها رؤوس الجميع حول القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان..الخ، ولكن المهم والأشد حيوية وضرورة الآن هو أن تبحث الثورة السورية في أوراق قوتها وتحدد أولوياتها وخططها للمرحلة الخطرة التي تمر بها، بعد أن تستخلص الدروس الإستراتيجية والسياسية لما مرت به طوال الأعوام الماضية.
لا أحد يشكك في انتصار الثورة السورية مهما طال أمد الصراع وتضاعفت التضحيات، فتلك إحدى أدوات ومفردات خطط النظام وحلفائه انتهازا للحظة الراهنة، إذ الإعلام المضاد للثورة مليء الآن بخطط وألاعيب الحرب النفسية. بل يجب التأكيد على أن الثورة السورية حققت على الأرض ما لا يستطيع لا النظام ولا حلفاؤه إلغاءه أو وقفه أو إضعافه، فقد انتهت إمكانيات وفرص الحكم في القضاء على الثورة، خاصة مع تلك الإرادة غير المسبوقة للشعب والثوار لتحقيق الانتصار. ولكن كل ظرف يحتاج إلى ملامح خطة تتعامل مع المتغيرات التي جرت خلال الأيام الأخيرة.
الآن صار مطلوبا تركيز جهود وخطط الثورة على حماية وتعميق وحدتها وحشد صفوفها الداخلية وتوحيد رؤاها السياسية، أكثر من أي وقت مضى حتى لا تفقد أي جهد أو دور، ولأجل أن تتمكن من مواجهة محاولة التقسيم والاختراق الداخلي التي تجري بشكل محموم خلال المرحلة الراهنة. وصار مطلوبا التركيز بشكل حاسم على تقوية وحماية الحاضنة الشعبية داخل الأراضي السورية وعلى الحدود، إذ المتابع يلحظ تزايد النشاط المستهدف الضغط على الداخل باللاجئين في الخارج وكذا التعامل مع اللجوء المؤقت على أنه لجوء دائم بفتح الأبواب أمام لجوء بعض السوريين إلى حالة اللجوء الدائم في الدول الغربية.
ويمكن القول إن الظروف مواتية أكثر للقتال والانتصار بعد زوال كل الأوهام.
المصدر : الشرق القطرية