الوضع الإنساني في سوريا .. الضرورة الملحّة
علي الرشيد (صحفي سوري)
الأربعاء 25 ذوالحجة1434 الموافق30 تشرين الأول / أكتوبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
يزداد الوضع الإنساني في سوريا تفاقماً خلال العام الحالي وبصورة متسارعة، وتشتدّ تبعاً لذلك معاناة المدنيين السوريين، فيما ينتظر أن يتواصل تدهور هذه الأوضاع على المستويات الأمنية والمعيشية والصحية والاجتماعية، وتردي أحوال الناس سوءا في العام القادم 2014، خصوصا مع تباشير دخول فصل الشتاء، وفي الأعوام الذي تليه.. حسب تقديرات المنظمات الأممية والدولية.. دون أن يتم أخذ ذلك بالجديّة اللازمة، من قبل الأطراف المعنية بهذا الشأن والقيام بأدوارها المطلوبة كواجب أخوي وأخلاقي، وفقاً للشرائع الدينية والأعراف والقوانين الدولية.
ونوجز فيما يلي أهم هذه المؤشرات والإحصاءات التي تتضمن تحذيرات صريحة وضمنية للمعنيين بشأن الوضع الإنساني للمدنيين السوريين، مع استمرار الأزمة وتصاعدها، وزيادة تشرذم وتعطل الخدمات الأساسية، وتآكل آليات التعايش بدرجة أكبر:
ـ من أصل إجمالي عدد سكان سوريا والبالغ عددهم 23 مليونا، هناك 9.7 مليون سوري يعيشون على خط الفقر و4.4 مليون في فقر مدقع.
ـ إضافة مليوني لاجئ جديد إلى دول الجوار، ونزوح 2.25 مليون شخص عام 2014، وهذا يعني أن أكثر من 8.3 مليون سوري سيحتاجون لمساعدة إنسانية في 2014، أي بزيادة 37 بالمائة مقارنة مع هذه السنة.
ـ ارتفاع معدلات ما يسمى بالهجرة غير الشرعية لأوروبا عبر قوارب الموت وازدياد عدد الغرقى في عرض البحر بسبب ذلك والذين صارت جثثهم طعاما للحيتان، وآخرها غرق قارب قرب سواحل إيطاليا، ومقتل 374 مهاجرا.. النسبة الكبرى منهم من السوريين والفلسطينيين (بحسب بيانات للداخلية الإيطالية خلال هذا الشهر، فقد وصل إلى البلاد بحرا خلال العام الحالي أكثر من خمسة وثلاثين ألف مهاجر غير شرعي، بينهم ما يقارب عشرة آلاف سوري).
ـ 64 % من المستشفيات العامة في البلاد قد تضررت أو دمرت، وفرار نحو %70 من العاملين في القطاع الصحي في بعض المناطق السورية.
ـ الاشتباه بعودة شلل الأطفال إلى سوريا في دير الزور، ونصف مليون طفل لم يتم تطعيمهم خلال العامين الماضيين.
ـ صدور فتاوى من علماء الدين بجواز أكل القطط والكلاب الضالة في المناطق المحاصرة كما في غوطة دمشق.
ولا شك أن النظام السوري يعتبر هو المسؤول الرئيسي والأكبر عن هذه الأوضاع ليس بسبب إصراره على مواجهة وقمع ثورة شعب يريد كرامته، وقتل وتشريد المدنيين العزل وارتكاب المجازر بحقهم فحسب، بل لأسباب كثيرة أخرى كما أكدت ووثّقت ذلك جهات محلية ودولية مثل: قصف الأفران، استهداف وتدمير المرافق الطبية والمستوصفات التي تسيطر عليها المعارضة، محاصرة مناطق معينة ومنع دخول الغذاء والوقود إليها، ومنع أو عرقلة دخول المساعدات الإنسانية والطبية الدولية لاسيَّما للمناطق التي لا تقع سيطرته، وغيرها كثير.
وإلى جانب النظام تتحمل جهات أخرى هذه المسؤولية بدرجات متفاوتة:
ـ الأنظمة العربية التي لم تعط جلّها هذا الأمر الاهتمام الكافي، وبالتالي لم تقدّم الدعم الكافي لشعب يريد أن يواجه الموت والأوضاع التي تتفاقم، رغم أن هذا حق تفرضه أخوة النسب ووشائج القربى والدم والعقيدة.
ـ المجتمع الدولي (حكومات ومنظمات دولية) لتقصيرهم الكبير، في الأخذ على يد النظام، وتوفير ممرات آمنة لإيصال المساعدات للمدنيين المحاصرين، ونقل المرضى والجرحى وكبار السن عند الحاجة وحمايتهم، وفي تقديم ما يكفي من عون إنساني وإغاثي، واقتصار تقديم كثير من مساعداتهم عبر النظام السوري، وعدم المساعدة في معالجة مشاكل اللاجئين في دول الجوار.
ـ الهيئات المسؤولة عن المعارضة السورية وذلك لعدم إيلاء ملف الإغاثة وخدمة الجوانب المدنية مزيدا من الاهتمام وتقديم الدعم المالي واللوجستي اللازم لها.
ـ المعارضة على الأرض وإدارات المناطق المحررة وإدارات المجالس المحلية الثورية وذلك لعدم التنظيم الفعال لتوزيع المواد الغذائية والاحتياجات المعيشية أحيانا، وعدم الأخذ على يد بعض الجشعين من التجار والمنتفعين.
ـ الحراك الثوري وذلك لعدم الاهتمام بجانب منظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية والتنموية، مقارنة بالاهتمام بالشؤون العسكرية والسياسية والإعلامية، رغم الحاجة الماسة له ولا يزال عمل منظمات المجتمع المدني الناشئة يتميز بالعشوائية وعدم المأسسة ونقص الكوادر وقلة الخبرة وعدم التركيز.
الجانب الإنساني يحتاج من الكل المحسوبين على أصحاب الهم السوري، ومن الأشقاء والأصدقاء نظرة مختلفة واهتماما لائقا، حتى نجنب المدنيين السوريين مزيدا من الويلات والعذابات، ونخفف من آلامهم ومعاناتهم، ونحفظ كرامتهم الإنسانية، خصوصا بعد أن صارت أجسام أطفالهم طعاما لسمك القرش..وبعد صدرت فتاوى من علمائهم تجيز لمحاصريهم أكل لحم القطط والكلاب.
المصدر : بوابة الشرق