عامنا الذي سنودعه ماذا أودعنا فيه ؟

الإثنين 30 ذوالحجة1434 الموافق4 تشرين الثاني / نوفمبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).

الشيخ محمد جمعة الحلبوسي  

أخي المسلم… أختي المسلمة:

بعد أيام سنودع عاما هجريا… وسنستقبل عاما هجريا جديدا… فيا ترى عامنا الذي سنودعه ماذا أودعنا فيه؟ هل أودعنا فيه صلاة وصياماً وقياماً وذكراً ودعوة وبكاء وخشية وتوبة وصبراً على المكاره؟ أم أودعنا فيه لعباً ولهواً وقضاء للشهوات واغتراراً بمتاع الدنيا الفاني؟

 

هل رآنا الله نتهجد في ظلمات الأسحار ونحني أصلابنا على القرآن الكريم، ونبلل الأرض بالدمع في خشوع؟ أم رآنا ساهرين على مشاهدة الحرام وسماع الحرام، لاهين عما أمرنا الله به، مقبلين على ما نهانا عنه؟

 

أسئلة كثيرة يجب على مسلم ومسلمة أن يجيب عنها بصدق وصراحة وإن كانت الصراحة مرة في بعض الأحيان.

اقرأ أيضا  توصية رمضان ١٤٣٨ ه

 

كان يزيد الرقاشي يقول لنفسه: «ويحك يا يزيد! من ذا يصلي عنك بعد الموت؟ من ذا يصوم عنك بعد الموت؟ من ذا يترضى عنك بعد الموت؟ ثم يقول: أيها الناس! ألا تبكون وتنوحون على أنفسكم باقي حياتكم.. من الموت موعده.. والقبر بيته.. والثرى فراشه.. والدود أنيسه.. وهو مع هذا ينتظر الفزع الأكبر.. كيف يكون حاله؟! ثم بكي رحمه الله.

 

وكان الربيع بن خثيم يتجهز لتلك الليلة، ويروى أنه حفر في بيته حفرة فكان إذا وجد في قلبه قساوة دخل فيها، وكان يمثل نفسه أنه يقد مات وندم وسأل الرجعة فيقول: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون: 99، 100].

اقرأ أيضا  الإخلاص والرياء

 

ثم يجيب نفسه فيقول: قد رجعت يا ربيع!! فيرى فيه ذلك أياماً، أي يرى فيه العبادة والاجتهاد والخوف والوجل.

 

فيا من تمرّ عليه السنة بعد السنة، وهو غارق في نوم الغفلة والسِنة، يا من يأتي عليه العام بعد العام، وقد لج في بحر الخطايا والأوهام، قل لي بربك لأي يوم أخرت توبتك؟! متى يا أخي ستفيق؟، وحتام تستبين الطريق؟‍

 

فيا أخي الكريم وأنت تستقبل العام الجديد دع اللهو جانباً، وقف بالباب تائباً، فالله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها

 

وليعاهد كل منا نفسه أن يكون له في كل يوم قبل نومه لحظة حساب، فإن لم يكن ففي الأسبوع مرة، فإن لم يكن ففي الشهر مرة، فإن لم يكن ففي السنة مرة

اقرأ أيضا  لئـن شكرتم..

 

فالعاقل من اتعظ بأمسه، واجتهد في يومه، واستعد لغده.

المصدر: الألوكة

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.