فعلها مرسي !
طلعت رميح (كاتب ومحلل سياسي مصري)
الجمعة 04 محرم1435 الموافق8 تشرين الثاني / نوفمبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
مخادعاً ليستدر تعاطف المواطنين، ولم يبدو خانعا أمام من وقفوا يحيطون به، بل هو تعمد أن يبدو في وقفته وحركته ومشيته متقدما الجميع وأن يبدو على ما تعود الناس أن يروه من قبل.
ولم يكن دفاعيا في موقفه وكلماته في ذاك الصباح، بل كان هجوميا، وهو الذي حرص من قبل حين كان صاحب القرار والسلطة العليا أن يكون في موقف المدافع ضد هجمات مغرضة، لم يكن يهاجم إلا بالقدر والنذر اليسير، لكنه كان هجوميا في ذاك الصباح بلا تردد ولا وهن.
وهو حين دخل قاعة المحكمة أظهر بجلاء أنه يركز رهانه على الشعب بعد المولى سبحانه وتعالى، حين تحدث بصفته الرئيس الشرعي الذي لا يفرط في أمانة حملها الشعب له عبر صناديق الانتخابات بالملايين. تحدث بصفته الرئيس بعد غياب قسري لأكثر من أربعة أشهر كان معزولا فيها عن الدنيا، لكي تأتي تلك اللحظة وهو في حالة ضبابية. لكنه ظهر على الناس وهو في كامل لياقته الذهنية والسياسية.
لم يمكن د.محمد مرسي خصومه من التقاط الصورة التي أرادوها.. ولم يمنحهم الفرصة التي خططوا لها، كانوا قرروا أن ينتزعوا في أول يوم محاكمة، رسالة من الرئيس، يجري توجيهها للشعب بأن الرجل ضعف واستسلم وبأن كل شيء انتهى.. وأنه أصبح مثله مثل مبارك في بداية أيام خلعه.. رئيسا سابقا ومتهما وخلف الأسوار، ومستسلما.
تحدث قائلا: أنا الرئيس، وقال إنه موجود في هذا المكان بالقسر.. وحمل سامعيه مسؤولية التغطية على الانقلاب الذي جرى على الشرعية. وجاء دخوله القاعة بعد دخول كل من جيء بهم قسرا واتهموا مثله، ليكون البروتوكول مضبوطا، فهو الرئيس. وزاد من ترتيبات البروتوكول أن صفق له من سبقوه بما أضفى جوا حقيقيا من التناغم مع قوله: أنا الرئيس. استقبل رئيسا وودع كذلك، حتى إن الرأي العام تناقل معلومات أو تمنيات– فور انتهاء الجلسة-عن إصداره قرارات بعزل المسؤولين والمشاركين في الانقلاب على الشرعية.
كان خصومه قد أعدوا العدة لتلك اللحظة. فقد حضر من كان معدا أو مستعدا للهتاف ضده في داخل القاعة. وكان إعلامهم حاضرا مستعدا للتشويه بكامل طاقته.. أو لشن الحرب النفسية الأخطر على الشعب. وكانت خطتهم –كما ظهر جليا-أن يلتقطوا صورا لمرسي وهو كسير الرأس أو زائغ البصر، أو جاءت خطتهم على أن يركزوا كاميراتهم على تحركاته (العفوية والطبيعية ليحصلوا على كادرات) وإحضار من يحلل الصور تشويها للرجل، نفسيا وسياسيا وإنسانيا. كانوا يريدون أن يستخلصوا من الصور والحركة والسكنات والنظرات.. رسائل إعلامية سرعان ما كانوا سيوجهونها للشعب، ليقولوا إنه مكتئب.. أو مستسلم.. أو خانع أو ضعيف.
وكان هدفهم، الأمل، أن يرسلوا رسالة للرأي العام أن عصر مرسي انتهى ليس فقط بأن أصبح متهما.. بل لأن أمر تمثيل الشعب رئيسا، قد انكسر من داخله.. ليرسلوا إلى من يؤيدوه ويدافعوا عن إرادتهم التي سلبت بأن كل شيء.. انتهى، وأن الرجل تخلى عمن انتخبوه ومن مازالوا يساندوه.
فعلها مرسي.. كان مواجها وقويا. فتراجع خصومه عن إذاعة الجلسة على الهواء، وأصبحوا هم من يقف موقف الدفاع والخوف، حتى قال البعض إنه أقوى منهم وهو سجين. لم يستطيعوا أن يحصلوا على أي صورة إلا وهي تحمل رسالة قوة وصمود من الرئيس لا العكس. بل أعاد ظهوره طرح القضية الأصلية. وهي أنه الرئيس الشرعي. كان ومازال.
فعلها مرسي.. ولو لم يفطنوا في اللحظات الأخيرة لخطورة نقل الجلسة على الهواء على كل ما فعلوه، لكانت أمور من سجنوه أسوأ.هم من تراجعوا وخافوا وهم يخشوه وهو لا يخشى إلا الله. تلك هي الرسالة التي خرج بها المتابعون.
المصدر : بوابة الشرق