إصلاح المؤسسات المالية العالمية .. فن الممكن أم المستحيل
السبت12 محرم1435 الموافق16 تشرين الثاني / نوفمبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
حمادي ولد باب حمادي(محلل اقتصادي).
حين تتصارح المجموعة الدولية مع ذاتها وتقدر حجم الخسائر والأضرار التي خلفتها الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي نعيش تداعياتها وتنتهج الطريق الفعلي المؤدي إلي إصلاح النظام المالي العالمي لا بد وأن تمر بخطوات موجعة فالسبب الكامن وراء فداحة الخسائر وطول مدة الأزمة وبقاء مؤسسات بذاتها أثرا بعد عين واندماج أخري رغبة في الديمومة وانتقال تأثيرها «المدمر» من القطاع المالي والمصرفي إلى الاقتصاد بشكل واسع، الذي ما كان له أن يتأثر لولا طول أمد التقاضي عن تلك الانتهاكات التي سادت أسواق المال منذ وقت ليس بالقصير و التساهل مع الممارسات غير المسئولة للقائمين على القطاع المالي بهدف الحصول على “مكافآت كبيرة “والتفنن في إخفاء الأموال عن مسئولي الضرائب و عمليات التهرب الضريبي وغسيل الأموال . وإذا كان إصلاح أو تلافي النظام المالي العالمي أمر في منتها الأهمية سواء بوضع قواعد جديدة للتسيير والرقابة والتشدد في الخروقات التي هي أصلا مكمن الخطأ أو النظر في الأسباب الكامنة وراء التدهور السريع الذي عاشته أسواق المال العالمية نتيجة الخروقات والتجاوزات والانتهاكات الصريحة لقواعد النظام المالي السائد أو بالقبول بالمستجدات الدولية الراهنة سواء منها ما يتعلق بالاقتصادات الناشئة والتي أصبح لها دور لا يمكن تجاهله أو التلاعب بمدى أهميته وتقويض قيمته على مستوى الاقتصاد العالمي أو المتعلق منها بالاقتصاد الأمريكي الذي أحكم قبضته على الاقتصاد العالمي منذ وقت ليس بالقصير والذي أصبح المصدر الوحيد للعديد من الأزمات العالمية وبالخصوص الاقتصادية والساعي إلى عدم الانتقاص من قيمة عملته في وقت لم يبق لائقا بها أن تبقى في المكانة التي تبوأها الدولار من قبل فعلى الرغم من بوادر الانتعاش التي يشهدها الاقتصاد العالمي والتي يجري الحديث عنها بشكل مستمر ومع ذلك فمادامت لغة المجاملات تسود على لغة المصارحة أثناء القمم ولغة التعامي عن مكمن الخطأ تسود على لغة وضع الإصبع على مكمنه داخل القطر الواحد فإن أي تحرك لإصلاح المؤسسات المالية سيكون الطريق إليه مقرونا بتقليب المصلحة العليا على المصلحة الشخصية فإصلاح المؤسسات المالية ينبع أولا من كل دولة على حدة فمراقبة مؤسساتها المالية والحرص على إيقاف مارثون الفوضى الذي ساد البنوك منذ بداية العقد المنصرم ومراجعة قواعد القرض لديها وإرسائها على قواعد تسمح للمقرضين بالحد الذي يمكنهم من سداد قروضهم كما تسمح للمؤسسات بنيل ما أقرضته بطرق ميسورة وليست أعباء مالية جزافية أجبرت المقرض مدى الحاجة على طلبها ووجدت المؤسسات المالية الفرصة لإرباكه بديونها وعدم الخلاص منها كما هو الحال بالنسبة لمؤسسات التأمين التي هي الأخرى أصبحت في العديد من البلدان عرضة للنهب من طرف المتحايلين على التأمين هذا من جهة ومن جهة أخري فإن مواجهة أجهزة القطر الواحد للمتنفذين والمنتهكين لحرمة القانون والمتلاعبين بالقواعد والممتلكات الخاصة والعامة وكذلك توفير رجال السلطة الحماية اللازمة لسماسرة المؤسسات المالية مقابل امتيازات معتبرة ومكافأة الممولين لرؤساء مؤسساتهم نظرا لنجاحهم في الخروقات التي نجحوا فيها كلها أمور تجعل رأس المال مرفق بالعديد من الشبهات وهو قيض من فيض تتفق فيه مجمل دول العالم فإن أحكمت الدولة الواحدة قبضتها على مؤسساتها وتم تسييرها بشكل معقلن يسمح للمؤسسات الاستفادة وتحمي الدولة المواطن من نهم وجشع المؤسسات المالية الساعية إلى تحقيق أكبر قدر من الأرباح وفي أقصر الآجال وتبدي القدر الكافي من التعاون مع المجموعة الدولية في محاربة الخروقات العابرة للحدود والقارات سواء منها ما يتعلق بتبييض الأموال أو التهرب الضريبي وغيرها من الأمور التي أصبحت تثقل كاهل الاقتصاد العالمي ومهيأة لإشعال فتيل الأزمة في أي وقت ممكن فالعافية التي يكثر الحديث عنها لا تعدو كونها جمرا فوقه رماد فالمؤسسات المالية تبدي تعافيا بفضل التحفيزات المالية ولكن في الواقع مازالت بوادر الركود قائمة وإن تراجعت العافية التي يشهدها الاقتصاد العلمي فستخرج الأمور عن السيطرة كليا.
المصدر: بوابة الشرق