الإخوان في مصر.. بين قيود «كامب ديفيد» وتفعيل الشعارات..!
الجمعة 18 محرم1435 الموافق22 تشرين الثاني / نوفمبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
وضَع تولِّي جماعة (الإخوان المسلمون) إدارة دفة الحكم في مصر، العلاقة بـ(دولة) الكيان الصهيوني في دائرة الضوء مباشرة، ففي حين أكد شيخ الأزهر الشريف الإمام الدكتور أحمد الطيب أن ما تقوم به سلطات الاحتلال الصهيوني من تدنيس للمسجد الأقصى يومياً في رمضان المنصرم عدوان خطير لا يمكن السكوت عليه، رأى مراقبون أن ما أفرزته نتائج الانتخابات المصرية من تحول أيديولوجي في منظومة الحكم إضافة إلى حادثة سيناء التي ادت إلى مقتل الجنود المصريين يجعلان من معاهدة كامب ديفيد الموقعة بين مصر و(إسرائيل) موضوعاً للبحث من حيث أهميتها لأمن مصر والمطالبات بين إلغائها أو تعديلها.
ضغوط مرتقبة
ويعد مستقبل معاهدة كامب ديفيد من القضايا المهمة التي يواجها حكم الرئيس المصري محمد مرسي ذي الخلفية الإسلامية، لاسيما وأن الاتفاقية كانت محل انتقاد من قبل جماعة الاخوان المسلمين، والذين كانوا من المعارضين لها، لكن ثمة من يرى أنه وبعد وصول الإخوان إلى السلطة عبر تولِّي مرسي مقعد الرئاسة بدأ هذا الخطاب يخف، وجرى تطمين (إسرائيل) وأمريكا بأن هذه الاتفاقية ستُحترَم ولن تُطرح للاستفتاء الشعبي. ويشير مراقبون إلى أن المسألة تنطوي على ازدواجية في الخطاب، لأن إطلاق الشعارات قبل الوصول إلى الحكم أمر يختلف عما تكون عليه بعد ذلك.
ويعضد من الاتجاه ذاته التزام الرئيس محمد مرسي حتى الآن بـ(احترام) اتفاقية كامب ديفيد، إذ إنه لم تصدر عنه أية إشارات على طرح هذه الاتفافية للنقاش أو أي التزام بتغيير أي بند من بنودها. لكن ثمة من ينبه إلى أن التغيير الأخير الذي أقدم عليه مرسي بإقالة وزير الدفاع والأركان وتعزيز سلطته يجعل منه المسؤول عن اتخاذ القرارات بشأن القضايا المهمة داخلياً وخارجياً، وتوقع البعض أنْ تزداد الضغوط الشعبية على الرئيس المصري فيما يتعلق بهذه الاتفاقية، خاصة بعد تحقيق معظم مطالب الثورة المصرية على الصعيد الداخلي.
وقد رشح محللون سياسيون مسألة تعديل أو إلغاء اتفاقية كامب ديفيد لأنْ تأخذ حيزاً من الجدل في الشارع المصري في المرحلة المقبلة، بحيث ترتفع الأصوات المطالِبة بتعديلها، فيما تؤكد تقارير موازية أن الشعب المصري يتطلع إلى التحرر من قيود هذه الاتفاقية، في وقت لم تُطرَح فيه أية رؤى بشأن كيفية التعامل مع هذه الاتفاقية في المستقبل.
مطالب بتعديل المعاهدة
وكانت المعاهدة محل (تقديس) بالنسبة للنظام المصري السابق الوريث لنظام أنور السادات الرئيس المصري الأسبق الذي وقع على الاتفاقية عام 1978، والذي لم يغير ولم يطالب بأي تعديل أو إلغاء لأي من بنودها، والتي تعتبر – في حد ذاتها – صك استسلام لمصر مقابل مساعدات مالية وعسكرية أمريكية.
وتدرك مصر أنه في حال إجراء أي تغيير في هذه الاتفاقية لايصب في مصلحة (الكيان الصهيوني) ستفقد مصر المساعدات الأمريكية، بالرغم من أن هذه المساعدات لاتذهب للشعب المصري وإنما المستفيد من هذه المساعدات هي المؤسسة العسكرية فقط. وينبه البعض إلى أن معاهدة كامب ديفيد التي كان من المفروض أنْ تضمن لمصر الاستقرار والأمن كانت السبب في وقوع حدث مقتل الجنود المصريين في سيناء خلال شهر رمضان المنصرم وحوادث تفجير محطات وأنابيب الغاز فيها مرات عدة، نتيجة الشروط المذلة التي تضَمَّنها الملحق الأمني لهذه الاتفاقية، والذي ضمِن أمن (إسرائيل) على حساب الأمن المصري، دون أخْذ الاحتياجات الأمنية المصرية بعين الاعتبار.
ويقول مراقبون إن هجوم سيناء الدامي الأخير أظهر نقاط الضعف المصرية على الصعيد الأمني في سيناء بسبب هذه الاتفاقية التي أدت إلى نشوء حالة من الفراغ الأمني على الحدود مع (إسرائيل)، كاقتصار التواجد العسكري المصري على تواجد عدد محدود من الجنود المصريين، وأيضاً تحديد نوعية الأسلحة اللازم أن تكون بحوزتهم. كما أدت حالة الإهمال والفراغ الأمني إلى جعْل شبه جزيرة سيناء معقلاً للمتطرفين ونقطة انطلاق لهم، واعتبر البعض أن الدفاع عن أمن مصر القومي يبدأ بتعديل اتفاقية كامب ديفيد والتحررمن قيودها، لأن المستفيد الفعلي الأكبر منها هو (إسرائيل).
معركة دبلوماسية
وتعد الفترة المقبلة مرحلة اختبار للحكومة الجديدة والرئاسة المصرية في ظل الأوضاع الجديدة التي تعيشها مصر نتيجة الربيع العربي وتغيير النظام فيها، فالحكومة والرئاسة مطالَبان بتحديد موقفهما من هذه الاتفاقية المذلة وتغيير قواعد اللعبة عبر إجراء بعض التعديلات على بنودها لمصلحة مصر.
وفي السياق ذاته طالب عدد من القوى السياسية المصرية بضرورة تغيير الملحق الأمني لمعاهدة السلام بما يضمن لمصر بسْط سيطرتها الأمنية على سيناء وحماية حدودها، مؤكدين تورُّط (إسرائيل) فى الحادث الأخير أن ذلك لا ينبىء بخير، وقد يجعل معاهدة السلام على المحك. وفي هذا الشأن قال كارم سليمان عضو الهئية العليا لحزب الحرية والعدالة: «إن مستقبل معاهدة السلام سيتحدد بعد التوصل إلى مرتكبى حادث رفح، وما إذا كان لـ(إسرائيل) دخْل فيه أم لا»، مضيفاً أنه فى حالة ثبوت تورُّط (إسرائيل) فى تلك الحادث سيتطلب ذلك طرح معاهدة السلام على الشعب المصرى ليتخذ ما يراه مناسباً.
وتابع سليمان القول إنه فى حالة رفْض الجانب (الإسرائيلي) تعديل معاهدة السلام بما يسمح بزيادة أعداد الجنود المصريين فى سيناء فعلى الجانب المصرى أن يتحرك فى اتجاه ذلك من جانب واحد بغض النظر عن الجانب (الإسرائيلي).
ومن جانبه أشار جمال حشمت عضو مجلس الشعب السابق عن حزب الحرية والعدالة إلى أن القرار بخصوص معاهدة السلام يناقَش على مستوى مؤسسة الرئاسة. وفي السياق نفسه وصف الدكتور عبدالله الأشعل مساعد وزير الخارجية الأسبق والذي خاض انتخابات الرئاسة المصرية الأخيرة، مطالبة مصر بتعديل الملحق الأمنى بالاختبار لـ(إسرئيل)، مضيفاً أن رفض (إسرائيل) للطلب المصرى بتعديل المعاهدة يعد إثباتاً لتورطها في الوضع المتدهور فى سيناء، وفضْح لسياستها تجاه مصر. وطالب الأشعل بضرورة دخول مصر فى معركة دبلوماسية وفضْح (إسرائيل) دولياً وإثبات تآمرها ضد مصر.
المصدر:النبأ