واجب الأمة نحو تعليم القرآن والمشتغلين بحفظه

الثلاثاء،12 ربيع الاول 1435ه الموافق 14 كانون الثاني /يناير2014م وكالة معراج للأنباء “مينا”.

الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر

الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
أما بعد:
فمن المتقرر لدى كل مسلم أن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى الذي أنزله سبحانه هداية عبادة وموعظة لهم وذكرى ونوراً وشفاء وتبياناً لكل شيء وهادياً للتي هي أقوم إلى غير ذلك من أصوافه العظيمة الدالة على عظمته وعظم بركته وحسن عاقبته على من يتعلمه ويتلوه حق تلاوته.

فهو فضل الله تعالى على عباده أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم الرحمة المهداة وهما أعني بالقرآن والرسول أعظم مفروح بهما في هذه الحياة الدنيا قال الله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58]، فيشرع الفرح بهما، وينبغي إظهار الاغتباط بهما، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ((ما أذن الله – أي استمع – لشيء أذَنَه – أي استماعه – لرجل حسن الصوت يتغنى بالقرآن)) كيف لا وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((ما بعث الله نبياً قبلي إلا أتاه من الآيات ما آمن على مثله البشر وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إليَّ – يعني القرآن وبيانه من السنة فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة)) وقد تحقق ذلك بحمد الله فصارت هذه الأمة أكثر الأمم إتباعاً للمرسلين وهي أكثر أهل الجنة يوم الدين.

اقرأ أيضا  من آثار المحبة الإلهية ومظاهرها .. أن يربيه الله تعالى ويرعاه ويؤدبه (2)

ففي الحديث السابق إشارة إلى أمرين:
الأولأن القرآن أعظم آيات الأنبياء التي أيدهم الله تعالى بها على الإطلاق.
الثانيعظم أثره في إصلاح القلوب، وإنارة البصائر، وهداية البشرية إلى دين الله تعالى.

فالقرآن هو آية الله الباقية على مر الدهور والمعجزة المستمرة على توالي العصور، والنظام الشامل والشرع الكامل للمكلفين من الجن والإنس وقد بلغه النبي صلى الله عليه وسلم كما أنزل إليه وبينه للناس كما أوحاه الله تعالى إليه.

وكتاب هذا شأنه ينبغي أن يكون محل عناية المسلمين عامة وأولياء الأمور خاصة وأن تتظافر جهود الجميع كل بحسبه على توجيه الهمم إليه وإعانة أهل الإسلام على حسن تلاوته وفهم معانيه ومعرفة كيفية العمل به:
أ– فالآباء يوجهون أبناءهم إلى مجالس دراسته وحفظه ويرغبونهم ويلزمونهم ويؤدبون المتكاسل واللاعب.


ب– وجماعات تحفيظ القرآن تعنى بتوفير المدرسين الأكفاء المؤهلين الأمناء ذوي الاعتقاد الصحيح والعمل الصالح والخلق الحسن، وتواصل متابعة الإشراف وتقويم الأداء ودراسة النتائج ضماناً لتحقيق الغرض وحذراً من ظهور نشء يقرؤون القرآن ويتأولونه على غير تأويله، فيهلكون ويهلكون غيرهم.

اقرأ أيضا  شعوباً وقبائل لتعارفوا

 

جـ– وأهل المال والفضل يبذلوه بسخاء في سبيله طمعاً في مضاعفة المثوبة ورفعة الدرجة في الدنيا والآخرة فإن هذا الاتجاه أفضل ما تتفق فيه الأموال: {وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}[سبأ: 39].

 

د– ومعلموا القرآن يتذكرون قوله صلى الله عليه وسلم: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)) فيصبرون على التعليم والمتعلمين ويعلمونهم الآيات وما فيها من العلم والعمل ويحتسبون اللحظات والأنفاس عند الله تعالى في الموازين، وقد جلس أبو عبدالرحمن السلمي – رحمه الله تعالى – لتعليم القرآن أكثر من خمسين سنة.

 

هـ – وولاة الأمور من العلماء والحكام وكافة المسؤولين في الدولة يؤدون واجبهم نحو هذا المشروع الخيِّر بنصيحة وحسن رعاية وجدية في المتابعة كما ينصحون لسائر فئات الأمة أداء للأمانة وضماناً للمسيرة وإن الله ليزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن، وأجرهم على الكريم عظيم الإحسان. مع إخلاص النية وحسن الأسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم تكلل الجهود بالنجاح وتوفر أسباب الصلاح والفلاح ولن يصلح آخر هذه الأمة ما أصلح أولها، وقد أصلح أولها بالإيمان بالله ورسوله والعمل الصالح ابتغاء وجه الله تعالى عن علم ويقين والنصح للخاص والعام ومحبة الخير لسائر أهل الإسلام وصدق الله العظيم إذ يقول: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً * وَإِذاً لآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً * وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً *ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنْ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً}[النساء: 66، 70].

اقرأ أيضا  هكذا علمتنا الصلاة !

وصلى الله على نبينا محمد وصحبه وأزواجه وذريته.

المصدر:الألوكة

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.