العريفي بجامع الإمام: الوالدان.. الطريق الأقرب لنيل رضوان الله

الدكتور محمد العريفي

السبت،16 ربيع الاول 1435ه الموافق 18 كانون الثاني /يناير2014م وكالة معراج للأنباء “مينا”.

مصر- القاهرة

قال الدكتور محمد العريفي: إن الله قسم حقوق العباد وجعلها مراتب عنده ـ سبحانه ـ وإن اعظم تلك الحقوق الحق العظيم بعد حق عبادته، الذي ثنى به وماذكر نبياً من الانبياء الا وذكر معه هذا الحق الذي من أقامه كفّرالله له به السيئات، ورفع به الدرجات، وضاعف به الحسنات وهو الإحسان للوالدين.. وقال الداعية السعودي في خطبته اليوم بمسجد الامام محمد بن عبدالوهاب: إنه حتى في الجاهلية كان الرجال والنساء والولدان والغلمان يفتخرون به اذا اقاموه، قال فيه تعالى: “وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا”، و”واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا“.

حسن العلاقة بالوالدين

واوضح الدكتور العريفي ان الله سبحانه وتعالى لما ذكر صفوة خلقه من الانبياء والمرسلين ذكر قصصهم وحسن علاقتهم بوالديهم، فقال الله عز وجل في نبي الله يحيى عليه السلام: “وبَّرا بوالديه”، وذكر عيسى عليه السلام: “وبرا بوالدتي”، ولما ذكر سليمان عليه السلام قال: “فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ، وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ”، ولما ذكر نوحا قال: “رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا”، ولما ذكر الله خليله وحبيبه أبا الانبياء ابراهيم عليه السلام: “وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَّبِيًّا” ابتلي إبراهيم بأب كافر يصنع الاصنام ويبيعها ويعبدها ويدعو الناس لعبادتها، فهو في ظلمات، ورغم ذاك كان إبراهيم عليه السلام يعامله بالحسنى: “إِذْ قَالَ لأبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ، فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً *”

اقرأ أيضا  الأمم المتحدة: الصومال يشهد ارتفاع الوفيات بسبب المجاعة الأخيرة 260 ألف شخص

وقال الخطيب: ان نبي الله يكلم أباه الكافر بألطف العبارات وأرقها وأحسنها، لكن أباه يرد عليه: “قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا”، يطرده من البيت ويجيبه عليه السلام بلطف: “سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا“.

أحق الناس بالصحبة

وذكر د. العريفي انه جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال له: يارسول الله من أحق الناس بحسن صحبتي (أتحمل خطاه وشدته وأولى بالابتسامة والمكالمة والسؤال والاهتمام والاحسان) فأشار صلى الله عليه وسلم الى عجوز في زاوية من زوايا بيته، فقال: أمك (اذا ما عندك الا ساعة فراغ اجعلها لأمك، واذا ماعندك الا هدية واحدة اجعلها لأمك وهكذا..)، قال ثم من؟ قال: أمك، قال ثم من؟ قال: أمك، ثم ابوك ثم أدناك فأدناك. واشار إلى ان النبي صلى الله عليه وسلم جعل الوالدين هما الطريق الاقرب والاسرع لنيل رضوان الله تعالى بعد توحيده، لذلك كان الصحابة رضوان الله عليهم يفقهون ذلك ويعرفون ان الاحسان للوالدين من اعظم القربات وان كانا كافرين، كما قال ربنا: “ووصينا الانسان بوالديه حسنا”.. ثم قال: “وإن جاهداك على إن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا”، وهو ماطبقه الصحابة رضوان الله عليهم، وفي هذا السياق رد ابو هريرة رضي الله عنه يوما على نداء امه له: لبيك أماه، ثم شعر أن صوته ارفع من صوت أمه قليلا فجلس يستغفر، وذهب للسوق واشترى عبدين مملوكين واعتقهما لوجه الله، توبة من خطأ علو صوته على أمه قليلاً، وهو يقول لها مستجيباً لندائها: لبيك.. كما اشار الخطيب إلى قصة عبدالله بن مسعود رضي الله عنه الذي طلبت منه والدته ماء وتوجه لإحضاره، ولما رجع ومعه كأس الماء وجدها نائمة، فكره ان يوقظها من نومها، وأن يضع الماء بجانبها خشية ان تستيقظ ولا تعلم ان الماء عندها فتبقى عطشى، فجلس عندها مستيقظاً وكاس الماء بيده، إذا تعبت يده اليمنى امسكه باليسرى حتى لا ينام، وحتى اذا استيقظت في ظلمة الليل سقاها، وبقي على تلك الحال حتى طلع الفجر وناولها الكأس.

اقرأ أيضا  نيجيريا :14 قتيلا بهجوم انتحاري على مسجد

طاعة الوالدين واجبة

وفي السياق ذاته روي أن حيوة بن شريح احد الائمة كان اذا جلس في المسجد يدرس الطلاب تأتي أمه وفي عقلها شيء تطل عليه من نافذة المسجد، تناديه يا حيوة يا حيوة، فيلتفت إليها قائلا: لبيك أماه فتقول له قم فالق الشعير للدجاج، اقطع درسك وفارق طلبتك وخذ الشعير وانثره للدجاج ـ مع ان الدجاج لن يقع له شيئا ان انهى درسه وجاء ينثر له الشعير ـ لكنه كان يراعيها ويقول لطلابه تدريسكم نافلة، وطاعة امي واجب، فان شئتم انتظروا وان شئتم انصرفوا، فيقوم ويمسك بيد أمه ويمضي الى البيت، ويفعل ما أمرت، واذا رضيت عاد لدرسه متقرباً بذلك الى رب العالمين، وهو يعلم أن هذا البر هو الطريق للتوفيق في العلم والفقه والإدراك.

اقرأ أيضا  عاصفة في الجزائر بسبب خطاب حكومي بمنع ارتداء الحجاب

المصدر:بوابة الشرق

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.