الأقصى بين أنياب الأفعى والقدس تحت مطارق العدوان.. ونحن نائمون!

الأربعاء،15جمادى الثانية1435الموافق16نيسان/أبريل2014 وكالة معراج للأنباءالإسلامية”مينا”.

 شعبان عبدالرحمن (*)

 اليوم يقف المسجد الأقصى وحيداً كعادته في مواجهة هجمة صهيونية جديدة بدأت منذ صباح الأحد 13/4/2014م.. الهجمة جردها المستوطنون الصهاينة وأعدوا لها جيداً لتنفيذ سلسلة من الاقتحامات لساحات المسجد، وتقديم ما يسمونه «قرابين الأعياد»، وسوف تتواصل حملة الاقتحامات – وفق ما أعلنه الصهاينة – حتى نهاية أبريل الجاري.
ورغم إعلان الشيخ ناجح بكيرات، مدير المسجد، النفير العام والرباط في المسجد الأقصى مساء الأحد (13 أبريل) وذلك قبيل بدء موجات الاقتحام للمتطرفين اليهود الاثنين(14 أبريل)، فإن العالم العربي والإسلامي يصم آذانه تماماً عن تلك الجريمة، ولم تلقَ تلك الدعوة استجابة إلا من أهلنا داخل فلسطين المحتلة عام 1948م الذين يتقاطرون في قوافل متواصلة منذ سنوات وبصورة يومية للرباط في داخل المسجد لحمايته من احتلال وعبث وعدوان المستوطنين تحت حماية الشرطة.
وليست تلك هي الهجمة الأولى على الأقصى المبارك.. وإنما هو هدفهم الأكبر منذ السيطرة عليه بعد «نكسة» عام 1967م، حيث تتواصل حملات التهويد والتخريب في حملة صهيونية تستهدف السيطرة الكاملة على القدس باحتلال أراضيها وطرد سكانها الذي لا يتوقف.
شبكة الحفريات
في أغسطس 2008م كشف الشيخ المجاهد «رائد صلاح» عن خطة متكاملة لحفريات جديدة حول الأقصى، وإقامة مجموعة من الكنس اليهودية عند أسواره، وأظهر الشيخ «رائد» الخرائط التي تضم المخطط الجديد، وهو ما أثار حنق الكيان الصهيوني الذي كان يتكتّم على هذا المخطط، فبادرت قواته إلى مصادرة مؤسسة «الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية»، التي يديرها الشيخ «رائد»، وتنطلق منها كل حملات الدفاع عن الأقصى ضد الاعتداءات الصهيونية، وتشرف على عمليات ترميم وإعمار الأقصى والمقدسات الإسلامية، بل إن الذي تمَّ كشفه عقب ذلك هو مخطط لاغتيال الشيخ «رائد صلاح»، الذي نذر نفسه للدفاع عن الأقصى بكل ما يملك.
لقاء مع الشيخ «رائد صلاح»
وقد التقيت الشيخ «رائد» قبل سنوات بالقاهرة والدوحة، واستمعت منه إلى شرح مفصّل لسائر المخططات المبرمجة التي يضع يده عليها، ويحفظها الرجل كما يعرف كف يده، وهي المخططات التي تظهر تباعاً يوماً بعد يوم، ولقد بحّ صوت الشيخ «رائد» وإخوانه المنافحين عن الأقصى وهم ينادون العرب والمسلمين لإنقاذ المسجد السليب، ولكن دون جدوى حتى الآن!
ودفع الرجل ثمناً غالياً من صحته وحريته، بل ومعيشته اليومية لقاء مواقفه الجهادية ضد العدوان المتكرر، فهو الآن قيد الاعتقال والتحقيق، وقبل ذلك اعتقلته السلطات الصهيونية لمدة ستة وعشرين شهراً (13 مايو 2005م – 17 يوليو 2007م) بتهم باطلة، ثم وجَّهت له في أغسطس من عام 2007م اتهامات بالتحريض على العنف والعنصرية عندما دعا إلى انتفاضة فلسطينية دفاعاً عن الأقصى.
وبين الحين والآخر أتقابل مع مقدسيين قادمين من جوار المسجد، وأستمع لشهاداتهم ومشاهداتهم، وأطلع على ما معهم من وثائق وبيانات، وكلها تؤكد أن عملية الخناق على «الأقصى» تضيق يوماً بعد يوم، وفق مخطط متدرج، وصولاً إلى هدمه والاستيلاء عليه، كما أن عمليات السيطرة على المسجد فوق الأرض وتحتها مازالت قائمة على قدم وساق.. ونحن نائمون!
أشهر خبراء جغرافية فلسطين
ومن هؤلاء الذين التقيتهم د. خليل التفكجي، وهو أشهر الخبراء في جغرافية فلسطين، وهو يعيش في القدس ويطلع على كل دقائق المخططات الصهيونية هناك.. التقيته في الجزائر في مؤتمر عن «القدس»، وأفرغ في حديثه جانباً كبيراً عمّا في حوزته من وثائق تؤكد أن خطوات تهويد القدس تتسارع بطريقة محمومة، وإن هناك إصراراً «إسرائيلياً» على أن تظل النسبة القائمة للسكان اليهود والعرب في المدينة الموحدة (78% يهوداً مقابل 22% عرباً) خاصة أن الدارسات «الإسرائيلية» السكانية تؤكد أن العرب سيكونون في عام 2050م أغلبية.
وبناء على هذه الخطوات، شنّت السلطات الصهيونية حملة شرسة للتضييق والضغط والإرهاب ضد سكان القدس؛ لحملهم على هجرة المدينة إلى عالم الشتات داخل الأراضي الفلسطينية، ومن يفر مختاراً يتم طرده بأساليب بوليسية أخرى، والهدف كما هو معروف؛ تحويل القدس أرضاً وسكاناً وعمارة، إلى كيان صهيوني مصغر، حتى الأرصفة التاريخية تم خلعها من الشوارع وتغييرها بأرصفة ذات طابع يهودي.
حملة لطرد سكان القدس
ومن بين أساليب التضييق والضغط ضد العرب:
عدم السماح للفلسطيني بالبناء على أكثر من 75% من مساحة الأرض كحد أقصى مقابل دفع 30 ألف دولار مقابل رخصة البناء، بينما يسمح لليهود بالبناء بنسبة تتجاوز 300% من مساحة الأرض بمقابل تافه.
إقامة المزيد من المدارس الصهيونية، مقابل تقليص أعداد المدارس العربية حتى يتوجه الطلاب اضطراراً للتعليم الصهيوني، أو يبقوا بدون تعليم، حتى بلغ عدد الطلبة الذين يدرسون في المدارس «الإسرائيلية» 27 ألف طالب، مقابل 18 ألفاً في المدارس العربية الخاصة والتابعة للأوقاف.
هذا، إضافة إلى خطة لجلب 100 ألف يهودي سنوياً، وهو ما يعني أن 500 ألف مستوطن سيتم استيعابهم للعيش بالقدس عام 2010م.
قامت السلطات الصهيونية بدمج شطري مدينة القدس، لبناء الأحياء اليهودية في القدس الشرقية، لتقام عليها سلسلة من المستوطنات أحاطت بالقدس من جميع الجهات، وملأتها بالمستوطنين لتخلق واقعاً جغرافياً وديموجرافياً جديداً تكون فيه النسبة الغالبة يهودية، فبعد أن كان العرب يسيطرون على 100% من الأراضي، أصبحوا يسيطرون على 14%.
ولم يترك الصهاينة من بقي من العرب في القدس، وإنما يحاولون تدميره بالمخدرات، وإغراقه في أوحال الانحلال والإباحية، وهذا ما أكده لي السيد عصام جويحان، المدير المهني للهيئة الوطنية العليا للحدّ من انتشار آفة المخدّرات في القدس.
لكن شعب القدس مازال صامداً وسيظل صامداً حتى آخر نفس وآخر قطرة في دمائه.
ومازال الشيخ «رائد صلاح» – ومعه أهلنا في فلسطين – يقود ملحمة الصمود دفاعاً عن القدس والمسجد الأقصى، وما زال صوته يشق عباب السماء، منادياً العرب والمسلمين لنجدة الأقصى ولكن دون جدوى!
فالصمت بات سيد الموقف عند العرب والمسلمين، وقد شق ذلك الصمت هذا الأسبوع استجابة نصارى مصر لنداء «التطبيع» مع الصهاينة، قاطعين المقاطعة التي فرضتها الكنيسة على أتباعها تضامناً مع فلسطين والقدس، فقد تم تسيير جسر جوي بين مصر وفلسطين المحتلة يومياً لنقل حوالي عشرة آلاف مسيحي مصري بتأشيرات سفر»إسرائيلية»؛ تدشيناً لعهد جديد من التحالف مع الصهاينة تناغماً مع تحالف الانقلاب العسكري مع الصهاينة والذي كان بابا الكنيسة أحد أركانه.
لقد بدأ الأقباط «التطبيع» الفعلي مع اليهود، وغداً نتساءل عن سعيهم لتقسيم البلاد.
(*)
كاتب مصري- مدير تحرير مجلة المجتمع الكويتية

اقرأ أيضا  الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات

المصدر:السبيل

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.