العلماء وحتمية الدعوة إلى الله
الأربعاء،22جمادى الثانية1435الموافق23نيسان/أبريل2014 وكالة معراج للأنباءالإسلامية”مينا”.
محمد حافظ
العلماء وحتمية الدعوة إلى الله
الراشدون من العلماء أُمناء الله في أرضه، ودُعاته إلى دينه، قد منَحهم وراثة أنبيائه، وكلَّفهم بأن يكونوا قائمين بالقسط، آمِرين بالمعروف ناهين عن المنكر، ورفعهم درجات فجعل لهم في الدنيا مقامًا كريمًا، وفي الآخِرة أجرًا عظيمًا، ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة: 11]، فهم الذين يَصِلون ما أمر الله به أن يوصَل وينهَون عن الفساد في الأرض، وهم سُفراء الإسلام للجماهير، يدعون إلى الله بالحكمة والموعِظة الحسَنة على هدى وبصيرة، كما أمر الله بذلك رسوله الكريم فقال له: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [النحل: 125].
الدعوة الإسلامية الخالدة
الناس أمام الدعوة للهِداية:
منهم من شرح الله صدره للإسلام، فأولئك هم خير البرية، وأولئك هم المُفلِحون، ومنهم الذين يُعرضون عن قبول الحق، والحق لا يخفى على العقلاء، ولكن نفوس هؤلاء مرتابة ومتردِّدة، ولولا ذلك لاستقر الحق في قلوبهم، وخالط الإيمان وجدانَهم، وظهرت آثاره في أعمالهم وأقوالهم؛ لأن القلوب السليمة تتَّجه إلى الله بفطرتها؛ لعِلمها بأن الإسلام دين الحق، ومنهاج الحياة، وسبيل السعادة والسيادة.
والدعوة إلى الله تَنتصِر إذا التزم بها الدعاة وأحبَّتها قلوبهم، وسلَكوا سبيل الاعتدال فيها بالوسائل التي أمر الله بها رسوله الكريم، فقال له: ﴿ فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ [الشورى: 15].
والحق بطبيعته يَنشر نوره، فتسري روحه، ويسير بقوته الفعّالة ليعمل عمله في النفوس عن طريق العقل المستنير والفِكر السليم، ولا زال دين الحق يَغزو القلوب من غير إكراه أو قهر أو تسلُّط قائلاً: ﴿ اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ ﴾ [الشورى: 47].
ومَن ذا الذي يُنكِر أن الدعوة إلى الله أحسن القول وأجمل الحديث، وأسمى الرسالات، وأنبَل الغايات؟! والله يقول: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33].
والحق يَحتاج لقوة تَحميه وتُظهِره؛ فلا قيام للباطل إلا في غفلة الحق، فإذا سكَت الحق، نطَق الباطل وانتعش وانتفش وتمرَّد وتنمَّر، ولكن الحق سيَنتصِر مهما طال الزمن، ومهما كان الثمن؛ ﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ﴾ [الأنبياء: 18]، وأما الباطل، فسينهار ويَندحِر؛ ﴿ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴾ [الإسراء: 81]؛ لأن الحق أحقُّ أن يُتَّبع، وهو باقٍ لا يَبلى ولا يَفنى ولا يُنسى؛ ﴿ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ﴾ [الرعد: 17]، فليَجهِر العلماء بالحق؛ لأن الدعوة إلى الله في أعناقهم أمانة ﴿ فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ ﴾ [البقرة: 283].
وعلى كل مسلم أن يَنشر دين الله بقدر استطاعته؛ ((مَن رأى منكم منكرًا، فليُغيِّره بيده، فإن لم يَستطِع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)).
والداعية إلى الله يكون قويًّا في غير عنف، ليِّنًا في غير ضعف، فلا يُداهِن الداعية ولا يُهادِن في عقيدته، ولا يَنثني أمام العواصف الجارفة، ولا يَنحني أمام الأعاصير التي تَنشُر الأباطيل والأضاليل والمذاهب الدخيلة المستوردة الكريهة!
وللدعاة في رسول الله أسوةٌ حسنة، وكل مسلم يجب أن يكو داعية إلى الله، على الأقل في بيته وبيئته وأهله، وهذا دَين في رقاب القادِرين من المُثقَّفين والمتفقِّهين في الدين، هذا ولقد انصبَّت اللعنات على بني إسرائيل لما تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكَر وعَصوا ربهم وكانوا يَعتدون ويَغدِرون؛ ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة: 78، 79]، ألم تر كيف كان ترْك النهي عن السوء سببًا في استحقاق اللعنة التي استحقها هؤلاء، على لسان الرسل والأنبياء؟! ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ [الأعراف: 165].
والرسول – عليه الصلاة والسلام – قام بتغيير المُنكَر وبالدفاع عن العقيدة في صلابة الأقوياء، وثقة الأنبياء، وعزة الأنقياء، وكان لقولته المشهورة يوم عُرضت عليه المغريات أثرُها في تدريب الدعاة على الاعتصام بالحق، فقد قال – صلوات الله وسلامه عليه – يومها: ((والله لو وضعوا الشمس في يَميني، والقمر في يساري؛ على أن أترك هذا الأمر، ما تركتُه حتى يُظهِره الله أو أهلِكَ دونه)).
وقد اختار الله لدينه من عباده أقوامًا اصطنَعهم لنفسه، واصطَفاهم من بين خلقِه، واجتباهم ورباهم وهيَّأهم لرسالاته الخالدة النافعة، ﴿ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ﴾ [الحج: 75]، فهو الذي يَمنح الدعاة لدِينه استعدادًا قويًّا لهذه المهمَّة الهامة، ﴿ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ﴾ [الأنعام: 124]، وهو الذي يُعبِّئهم بالشجاعة التامَّة، واليَقين الثابت، والصلابة في الدفاع عن العقيدة ومُناصَرة الحق؛ وذلك ليصدُّوا الذين يُناوِئون الدعوة الحقة، والله له دعوة الحق، وأنزل القرآن بالحق، وأرسل رسوله بالهدى ودين الحق، والآمرون بالحق الداعون إلى الخير يسيرون في الحياة إلى مرضاة الله بخطوات مسدَّدة موفَّقة لا تضلُّ ولا تزلُّ؛ لأن كلمة التوحيد الخالصة – وهي لا إله إلا الله – تَكمُن فيها القوة الفَعالة، والعزيمة الصادقة، وبِناءُ القوة في القلوب لا يَصنعه إلا الإيمانُ الراسخ، الناتج عن الفِكر السليم، الموصل إلى المَعرفة واليقين الثابت والعلم الراسخ، وبالتفكُّر في هذا الكون الفسيح يَستجمِع الناظر من عناصره دلائل العظَمة والجلال والإيمان بوجود بديع السموات والأرض، وهو القاهر فوق عباده، وهو القائل: ﴿ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ﴾ [النمل: 60].
والإسلام شريعة الله، وهو دين رسُلِ الله جميعًا، فلا يصحُّ أن يُقارَن أبدًا بفلسفات أهل الأرض، ولا بمَذاهِب البشر التي اصطنَعوها هم، ولقد قال الإسلام للعقل البشري: اسبح كما تشاء؛ ولكن احذر من الغرق، والإسلام دين قويٌّ يَكره الضعف ويَمقُت الإمعاتفي الشخصية الذين أذابوا أنفسهم في غيرهم، ورسول الله – صلوات الله وسلامه عليه – يأبى على أتباعه أن يكونوا إمعات فيقول: ((لا يكن أحدكم إمَّعة، يقول: أنا مع الناس، إن أحسن الناس أحسنتُ، وإن أساؤوا أسأتُ، ولكن وطِّنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تُحسِنوا، وإن أساؤوا أن تَجتَنِبوا إساءتهم)).
والأمر بالمعروف يشمَل كل خير، فيَشمل طاعة الله وعبادته، ويشمل الإحسان إلى الناس بكريم القول وجميل العقل.
والدعاة إلى الخير أفضل خَلقِ الله؛ لأنهم يبلغون رسالات الله ويَخشون ربهم – جل جلاله – ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]، فإذا تحقَّق الإخلاص في نَشر الدعوة إلى الله، كان لذلك عند الله أحسن المثوبة؛ لأنهم ورثة أنبياء الله في تبليغ الرسالة ﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ﴾ [الأحزاب: 39]، وأفضل الدُّعاة جميعًا هم رسل الله – عليهم السلام – والداعيَة إلى الله لا تأخذه في الحق لومة لائم، والله معه وسيَحفظه من الناس، وما جعَل طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة إلا ليُؤدي أهل العلم واجبهم لله؛ ولذلك رفع الله قدر العاملين من العلماء، فقال: ﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر: 9]؟ لأن العلم هو الوسيلة للفقه في دين الله ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 43]، والعلم هو الوسيلة أيضًا إلى تصحيح العبادات والمعاملات وفهم الآيات البينات في كتاب الكريم؛ ﴿ وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ… ﴾ [الأعراف: 52]، والعلم هو طريق الخير ((من يرد الله به خيرًا، يُفقِّهه في الدين))، ﴿ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ﴾ [العنكبوت: 49]، وقد سُئل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن خير الناس فقال: ((آمَرُهم بالمعروف، وأنهاهم عن المُنكَر، وأوصلهم للرحم)).
وفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تَسقط مع القدرة عليها، وهي محتَّمة على كل من وجبَت عليه من علماء الإسلام الراشدين، ومن المُتفقِّهين في الدين، ولن تُغني الدنيا شيئًا عن المُقصِّرين أو المتقاعسين عن هذا الواجب المقدَّس، والمتخلفين حرصًا على المنافع والمصالِح الشخصية، ورضًا بالحياة الدُّنيوية فحسْب.
عن ابن ماجه بسند رواته ثقات عن أبي سعد الخدري – رضي الله عنه – عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ((لا يحقرنَّ أحدُكم نفسَه)) قالوا: يا رسول الله، وكيف يحقر أحدنا نفسه؟ قال: ((يرى أمر الله عليه فيه مقال، ثم لا يقول فيه، فيقول الله – عز وجل -: ما منعك أن تقول كذا وكذا؟ فيقول: خشيتُ الناس، فيقول: فإياي كنت أحق أن تخشى)).
إن الضعفاء الذين همُّهم أن يُشبِعوا نهمَهم الدنيوي يقولون: حسبُنا ما وجدْنا عليه آباءنا، فهم يَعيشون في جَفاف روحي، وانقِباض نفسي وحَيرة؛ لأنهم يحملون أوزار ما أصاب بعض المسلمين من جهالة بدينهم، يحملون أوزار الذين لم يتفقَّهوا في الدين، وقد كُلفوا بتبصير المنحرفين والجاهلين والشاردين من آداب الإسلام التي جاء بها القرآن وبيَّنها لنا الرسول – عليه الصلاة والسلام – وطريق الإسلام واضح، ولكنه يجب أن يُقام كما أنزله الله، فليتَّجه الدعاة إلى الله وليَقتدوا بأنبياء الله في صدق العزيمة وتبليغ رسالات إله الحق، وقد اختار الله لدينه رسلاً من أطهر الأصلاب، وأرقى الأنساب، ومن ذوي النفوس الكريمة، والبصائر المُستنيرة، ﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 33، 34].
فليتَّجه الدعاة إلى بيان الإسلام الصحيح، وليكن كل قادر مثقَّفٍ داعيةً لله بعلمه وقوله وسلوكه؛ لينتشر الوعي الإسلامي، وليتيقَّظ المسلمون إلى واجبِهم نحو دينهم، والحياة يُصلحها الدين الذي يُهذِّب القول والفعل، ويُنقِّي السلوك، ويطهِّر السُّمعة، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [الأنفال: 24].
والمسلمون اليوم – وقد تكالَب عليهم المُستعمِرون، فزيَّنوا لهم المذاهب الوافدة، والأخلاق المستورَدة، الشبيهة بالنَّبات الغريب الذي لا يصلح في مناخ أرض الأحرار – هم أحوج إلى الوحدة والقوة والاعتصام بحبل الله؛ لأن أسلوب الإسلام في بناء الإنسان هو أفضل ما عرَفه العالم بأسرِه، هذا ولن تُجدي مصمَصة الشفاه شيئًا من طرد إسرائيل من أرض الحريات، ولن يَدفع ضرًّا عن مهبط الرسالات هزُّ الرؤوس والتحسُّر على ما فات، ولقد علم المسلمون أن عَزمهم من عزة الإسلام، وأن الوحدة والقوة ركنان مهمان في الدفاع عن المقدَّسات والمعتقدات، فأعدُّوا القوة المُستطاعة ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ ﴾ [فاطر: 10]، ومتى اتَّحدت الأمة الإسلامية وأخلصَت لله، فقد استمسكَت بالعُروة الوثقى، والتعاون على البر والتقوى مُحبَّب إلى نفوس الأبرار، والتوادُّ والتراحُم من شيمة المؤمنين الأحرار الأخيار، والله قد حبَّب إلينا الإيمان، وكرَّه إلينا الكفر والفسوق والعِصيان، ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2]، والبر حليف الخير، والله يحب كل ناهٍ عن الشر والضرِّ، ويَكره كل مُفرِّق للجماعة، ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 114].
المصدر:الألوكة