إندونيسيا : استنكار لما وقع من الإساءة للقرآن الكريم بتلاوة آية منه على أنغام الموسيقى في إندونيسيا
الثلاثاء،9 شوال 1435الموافق5 آب /أغسطس 2014 وكالة معراج للأنباءالإسلامية”مينا”.
الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
استنكار لما وقع من الإساءة للقرآن الكريم
بتلاوة آية منه على أنغام الموسيقى في إندونيسيا
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله محمد، وعلى إخوانه من النبيين، والصحابة والتابعين، أما بعد:
فقد تداول كثير من الناس مقطعاً مصوراً لفرقة موسيقية في إندونيسيا يقوم أفرادها من الرجال والنساء بتلاوة آية قرآنية كريمة من سورة الحجرات على إيقاع الموسيقى وألحانها.
ولا ريب أن تلاوة القرآن الكريم بألحان الموسيقى والمعازف محرم ومرفوض بإجماع المسلمين، لما فيه من الاستخفاف بآيات القرآن وتعريض كلام الله الكريم للسخرية والامتهان.
وقد سعيت للتواصل مع أهل العلم والمثقفين في إندونيسيا لتبين حقيقة الأمر، فأفادوا أن هذا العمل وقع في قاعة مخصصة للصلوات المسيحية بمدينة غالبيتها من النصارى، وقام به عدد من أتباع الكنيسة وليس فيهم مسلمٌ واحد، وكان دافعهم محاولة التقرب من مواطنيهم المسلمين، فاختاروا آية للترنم بها، كما يصنعون في صلواتهم ظناً منهم أن هذا مقبولٌ أو جائزٌ عند المسلمين.
هذا ما أفاده عدد من المثقفين وأهل العلم في إندونيسيا والعهدة عليهم، وقد أبدوا استنكارهم الشديد لهذا العمل وأنه مرفوض لدى جميع مسلمي إندونيسيا.
ومهما يكن من أمرٍ، وفي ضوء ما تقدم أقول:
1- لا شك أن تلاوة القرآن الكريم على أنغام الموسيقى وأصوات آلات المعازف عملٌ محرمٌ أشدَّ التحريم، بل صرح العلماء بأنه نوع من الكفر لما فيه من اتخاذ آيات الله هزواً. وقد كان موقف العلماء في القديم والحديث موقفاً حازماً في منع وتحريم تلاوة القرآن أو تلحينه على أنغام الموسيقى والمعازف، وصدرت الفتوى بذلك عن أئمة علماء عصرنا، ومن ذلك ما صدر لجنة الإفتاء بالمملكة العربية السعودية وعن دار الإفتاء في مصر وغيرهم من العلماء.
وقد أخبر الله جل وعلا أن معارضة القرآن بأعمال المغنين من التصفيق والتصفير هو مسلك الكفار المعاندين: قال الله تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ﴾ [فصلت:26].
كما أن تلحين آيات القرآن بالموسيقى والمعازف نوع من الإلحاد في آيات الله، وقد توعد الله من يفعل ذلك فقال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا ﴾ [فصلت:40] قال الإمام التابعي مجاهد رحمه الله: (يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا) بالمكاء والتصدية واللغو واللغط.
2- إن المعهود عن الشعب الإندونيسي حبهم وعاطفتهم الجياشة نحو الإسلام ونحو القرآن الكريم، وهذا العمل هم بريئون منه، والمأمول من أهل العلم والمثقفين في إندونيسيا ووزارة الشئون الدينية إعلان معارضة هذا العمل ومنع تكراره، لما فيه إساءة لدين الإسلام، وجرح لمشاعر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها في أعظم المقدسات لديهم.
3- أذكِّر الجميع بأن هذا الخطأ ينبغي أن يعالج بالحكمة بعيداً عن الاندفاع الخاطئ أو التسبب في الأذى نحو الأشخاص أو الممتلكات، فالخطأ لا يعالج بالخطأ، بل بالحكمة والمبادرة النافعة والمثمرة، ومن ذلك: بيان عظمة القرآن الكريم وتوضيح مكانته وتفسيره وتدبره، وأنه كلام الله جل وعلا، فيه الهداية والنور والسعادة والفلاح في الدنيا والآخرة لمن آمن به وسار على هديه. قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء/9] وقال سبحانه: ﴿ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [يوسف: 111].
4- وأوصي أحبتي من المسلمين في إندونيسيا وهم بهذا العدد الكبير بحمد الله أن يحافظوا على استقرارهم ونسيجهم الاجتماعي وتعايشهم مع الطوائف الأخرى بما تتحقق به مصالحهم الوطنية العليا، وبما فيه خير إندونيسيا واستقرارها ورخاؤها، وبما يحصل به المستقبل الطيب للإسلام في إندونيسيا.
كما أحث المتعاملين مع وسائل التواصل والإنترنت بتجنب تداول وإرسال المقطع المشار إليه، فهو منكرٌ ينبغي طَمْرُه، ويتعين مطالبة موقع اليوتيوب بحذفه.
نسأل الله الكريم أن يحفظ المسلمين والمسلمات وأن يسبغ على أوطانهم الأمن والخير والرخاء، وأن يصلح أحوالنا جميعاً ويجنبنا الفتن، وأن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
المصدر:الألوكة