عمل اليوم والليلة

الثلاثاء،24صفر1436الموافق16ديسمبر/كانون الأول2014 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
بقلم الدكتور صالح بن محمد آل طالب
نبذة مختصرة عن الخطبة
ألقى فضيلة الشيخ صالح بن محمد آل طالب – حفظه الله – خطبة الجمعة بعنوان: “عمل اليوم والليلة” ، والتي تحدَّث فيها عن أهمية السنة واتباعها ، وبيان فضل الأذكار اليومية التي تُقال من الصباح إلى المساء ، والأذكار المُوظَّفة ، وحثَّ على تأدية السنن المهجورة والمتروكة للتقرُّب إلى الله – جل وعلا – ، ومرافقة النبي – صلى الله عليه وسلم -.
الخطبـــــــــــــــــــــــــــــــــة الـــــــأولــــــــــــــــــــــــــــى
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مُضِلَ له ، ومن يُضلِل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، صلى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين ، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد:
فوصية الله تعالى للأولين والآخرين تقواه: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ .
من أصلح سريرته أصلح الله علانيته ، ويسَّر أموره ، وحبَّبه إلى الخلق ، فاللهَ اللهَ في إصلاح السرائر ، فإنه ما ينفع مع فسادها صلاحُ الظاهر.
أيها المسلمون:
إن أهم ما يعتني به المسلم في حياته اليومية: هو العمل بسنة الرسول – صلى الله عليه وسلم – في أقواله وأفعاله ، وحركاته وسكناته ، حتى يُنِّم حياته كلها على سنة الرسول – صلى الله عليه وسلم – من الصباح إلى المساء ، وفي زمنٍ كثُر فيه المُدَّعون لمحبة النبي – صلى الله عليه وسلم – ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ .
وإن منزلة المؤمن تُقاس باتباعه للرسول – صلى الله عليه وسلم – ، فكلما كان تطبيقه للسنة أكثر كان عند الله أعلى وأكرم ، التمسُّك بالسنن تحصينٌ للفرائض والواجبات ، وبابٌ لزيادة الأجور والحسنات ، وجنوحٌ إلى الأجمل والأكمل.
إنه شرف الاتباع ، وحلاوة الاقتداء ، وحياة الوعي ، فلا تزيغ به الأهواء ، وفوق ذلك: محبة الله الجليل ، “مَا يَزَالُعَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِحَتَّىأُحِبَّهُ “.
أيها المسلمون:
وهذه مُقتطفاتٌ من سنن اليوم والليلة ، من التزمها كان في حفظ الله وكنفِه ، وترقَّى في مراتب الصلاح والهدى حتى يكون مُنتهاه الجنة ، سننٌ ينبغي علينا تعلُّمها وتعليمها ، والتذكير والتواصي بها ، وتزكية من تحت أيدينا بها من الأهل والأقربين.
عباد الله:
والمسلم يقتفي الهدي النبوي ، ويعمل بالسَّنَن المحمدي منذ أن يأوي إلى فراشه ، كما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يفعل ، فيتوضَّأ قبل النوم ، ويجمع كفَّيْه ثم ينفُثُ فيهما فيقرأ: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ ، و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ ، و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده ، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده ، يفعل ذلك ثلاث مرات ، كما في “صحيح البخاري”.
ويقرأ آية الكرسي؛ فمن قرأها ” لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ حَافِظاً ، وَلَا يَقْرَبهُ شَيْطَان ” رواه البخاري أيضًا.
ويقول: ” باسمك ربي بِاسْمِكَ رَبِّـيوَضَعْـتُ جَنْـبي،وَبِكَ أَرْفَعُـه،فَإِن أَمْسَـكْتَ نَفْسـيفارْحَـمْها ، وَإِنْ أَرْسَلْتَـها فاحْفَظْـها بِمـا تَحْفَـظُ بِه عِبـادَكَ الصّـالِحـين”رواه البخاري ومسلم.
ويقول: «اللهم قِنِي عذابَكَ يوم تبعثُ عبادَك» ثلاث مرات؛ رواه أبو داود والترمذي. يقوله إذا وضع يده اليمنى تحت خدِّه ، كما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يفعل.
وينام على جنبه الأيمن ويقو أيضًا: ” سُبْحَانَ اللَّهِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةًوَاللَّهُ أَكْبَرُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ “؛ رواه البخاري ومسلم.
ويقرأ آخر آيتين من سورة البقرة من قوله تعالى: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ .. ﴾ إلخ الآيتين ، ” مَنْ قَرَأَ بِهِمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ “؛ رواه البخاري ومسلم.
وإذا استيقظَ من النوم مسح أثر النوم عن الوجه باليد ، وقد نصَّ على استحبابه النووي وابنُ حجر ، لحديث: فاستيقظ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فجلس يمسح النوم عن وجهه بيده؛ رواه مسلم.
ويدعو بقوله: “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانًا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ “؛ رواه البخاري.
وفي “الصحيحين”: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا استيقظ من الليل يشُوص فاه بالسواك.
عباد الله:
ولدخول الخلاء سنن:
منها: الدخول بالرجل اليسرى ، والخروج بالرجل اليُمنى ، ودعاء الدخول: ” اللَّهُمَّ إِنِّيأَعُوذُ بِكَمِنَالْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ”؛ متفق عليه. ودعاء الخروج: ” غُفْرَانَكَ “؛ أخرجه أصحاب السنن إل النسائي.
وللوضوء سننٌ أيضًا ينبغي تعلُّمها والحرصُ على تطبيقها:
ومن السنة: الاقتصاد في الماء؛ كان – صلى الله عليه وسلم – يتوضَّأ بالمُدّ؛ متفق عليه.
وصلاةُ ركعتين بعد الوضوء ، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” مَنْ تَوَضَّأَ وُضُوئِي هَذَا ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ “؛ رواه البخاري ومسلم. وعند مسلم من حديث عقبة ابن عامر: “إِلاَّ وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ”.
ومن السنن العظيمة: السواك ، قال – صلى الله عليه وسلم -:”لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ”؛ رواه البخاري. وفي “السنن”: “عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ” .
والسواك يُسنُّ للصلوات الخمس ، وللسنن الرواتب ، ولصلاة الضحى ، والوتر ، وعند دخول البيت ، وأول ما يبدأ به الرسول – صلى الله عليه وسلم – عند دخوله البيت هو السواك ، كما أخبَرَتْ بذلك عائشة – رضي الله عنها -؛ أخرجه مسلم.
وكذلك عند قراءة القرآن ، وعند تغيُّر رائحة الفم ، وعند الاستيقاظ من النوم ، وعند الوضوء ، وقد قال – صلى الله عليه وسلم -:”السِّواكُ مَطهَرَةٌ للفَمِ مَرضاةٌ للربّ” رواه الإمام أحمد.
وفي اللباس سننٌ:
منها: أن يقول: ” بِسْمِ اللهِ ” سواءً عند اللُّبْس أو عند الخلع ، قال النووي – رحمه الله -: “وهي مستحبَّةٌ في جميع الأعمال – أي: قول: بسم الله -” ، وكان – صلى الله عليه وسلم – إذا لبِسَ ثوبًا أو قميصًا أو رداءً أو عِمامة يقول: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهِ وَخَيْرِ مَا هُوَ لَهُ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا هُوَ لَهُ” رواه أبو داود والترمذي.
ثم البدء باليمين عند اللُّبس ، لحديث النبي – صلى الله عليه وسلم -: “إِذَا لَبِسْتُمْ وَإِذَا تَوَضَّأْتُمْ فَابْدَءُوا بِمَيَامِنِكُمْ” رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجة بإسنادٍ صحيح.
وقال – صلى الله عليه وسلم -: “إذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيُمْنَى ، وَإذَا خَلَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ. … لِيُنْعِلْهُمَا جَمِيعاً، أَوْ لِيَخْلَعْهُمَا جَمِيعاً ” رواه مسلم.
أيها المسلمون:
ولدخول المنزل أيضًا سننٌ:
قال النووي: “يُستحبُّ أن يقول: بسم الله ، وأن يُكثِر من ذكر الله تعالى ، وأن يُسلِّم” ، لحديث النبي – صلى الله عليه وسلم -: “إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ ، قَالَ الشَّيْطَانُ : لا مَبِيتَ لَكُمْ وَلا عَشَاءَ..” رواه مسلم.
ويذكر دعاء الدخول ، لحديث النبي – صلى الله عليه وسلم -: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ الْمَوْلَجِ وَخَيْرَ الْمَخْرَجِ، بِسْمِ اللَّهِ وَلَجْنَا، وَبِسْمِ اللَّهِ خَرَجْنَا، وَعَلَى اللَّهِ رَبِّنَا تَوَكَّلْنَا، ثُمَّ لِيُسَلِّمْ عَلَى أَهْلِهِ ” رواه أبو داود.
فيستشعِرُ التوكُّل على الله في دخوله وخروجه من البيت ، فيكون دائمَ الصلة بالله.
ومن سنن دخول المنزل: السواك ، كما مضى في “صحيح مسلم”.
وكذلك: السلام ، لقول الله تعالى: ﴿ فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً﴾ .
أما الخروج من البيت فيقول: “بِسْم اللَّهِ توكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ ، ولا حوْلَ ولا قُوةَ إلاَّ بِاللَّهِ ، يقالُ لهُ هُديتَ وَكُفِيت ووُقِيتَ ، وتنحَّى عنه الشَّيْطَانُ ” رواه الترمذي وأبو داود.
عباد الله:
وللذهاب إلى المسجد سننٌ:
منها: التبكير في الذهاب ، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ ما في النِّداءِ والصَّفِ الأوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلا أنْ يَسْتَهِمُوا عليه لاسْتَهَمُوا. وَلَوْ يَعْلَمُونَ ما في التَّهْجِيرِ لاسْتَبَقُوا إليه. ولَوْ يعلمون ما في العَتَمَةِ والصُّبْحِ لأتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوا” متفق عليه.
ومن السنن: دعاء الذهاب إلى المسجد بالدعاء المعروف ، وكذا المشي بسكينةٍ ووقار ، قال – صلى الله عليه وسلم -: “إِذَا سَمِعْتُمْ الْإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ وَلَا تُسْرِعُوا ..” رواه البخاري.
ومن السنة: الدعاء عند الدخول إلى المسجد ، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيَقُلْ : اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِك ، وَإِذَا خَرَجَ فَلْيَقُلْ : اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك مِنْ فَضْلِك ” رواه مسلم.
وعند أبي داود وابن ماجة: “إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ لِيَقُلِ: .. ” الحديث.
قال أنس بن مالك – رضي الله عنه -: “من السنة إذا دخلتَ المسجد أن تبدأ برِجلِك اليُمنى ، وإذا خرجتَ أن تبدأ برِجلِك اليُسرى”.
ثم تحية المسجد ، لحديث: “إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ ” متفق عليه.
أما سنن الأذان فهي خمس سُنن ، كما ذكر ذلك ابنُ القيم في “زاد المعاد”:
الأولى: أن يقول السامع كما يقول المؤذِّن إلا في لفظ: (حي على الصلاة ، حي على الفلاح) ، فإنه يقول: “لَاحَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ » رواه البخاري ومسلم.
وهذه السنة تُوجِبُ لك الجنة ، كما ثبت أيضًا في “صحيح مسلم”.
والسنة الثانية: أن يقول السامع: “وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولا ، وَبِالإِسْلامِ دِينًا ، غُفِرَ لَهُ ذُنُوبُهُ ” رواه مسلم.
والسنة الثالثة من سنن الأذان: أن يُصلِّي على النبي – صلى الله عليه وسلم – بعد فراغه من إجابة المُؤذِّن ، قال – صلى الله عليه وسلم -: “إِذَا سَمِعْتُمِ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ” رواه مسلم.
والسنة الرابعة: أن يقول بعد صلاته عليه: “اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ ، وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ ، وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي وَعَدْتَهُ ” رواه البخاري.
وثمرة هذا الدعاء: أن من قاله حلَّت له شفاعةُ النبي – صلى الله عليه وسلم -.
والسنة الخامسة: أن يدعو لنفسه بعد ذلك ، ويسأل الله من فضله ، فإنه يُستجاب له ، لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: “قُلْ كَمَا يَقُولُونَ – يعني: المُؤذِّنين – فَإِذَا انْتَهَيْتَ ، فَسَلْ تُعْطَ ” رواه أبو داود ، وحسَّنه الحافظ ابن حجر ، وصحَّحه ابن حبان.
فاللهم وفِّقنا لاتباع السنة ، واجعلنا من أتباع نبيك محمد – صلى الله عليه وسلم – المُترسِّمين هديَه ، المُقتفين أثرَه ، اللهم أورِدْنا حوضَه ، واحشُرنا في زُمرته ، وارزُقنا شفاعتَه ، اللهم آمين ، اللهم آمين.

اقرأ أيضا  خطبة المسجد الحرام - جزاء الحج المبرور

الخطبــــــــــــــــــــــة الثانيــــــــــــــــــــــــــــــــة

الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملكُ الحقُّ المُبين ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد ، فيا أيها المسلم:
هل تريد بيتًا في الجنة؟ استمع لهذا الحديث؛ قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي لِلَّهِ كُلَّ يَوْمٍ ثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ ; إِلَّا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ أَوْ إِلَّا بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ “رواه مسلم.
وهي: أربعٌ قبل الظهر ، وركعتان بعدها ، وركعتان بعد المغرب ، وركعتان بعد العشاء ، وركعتان قبل الفجر.
ومن فضائل السنن: صلاة الضُّحى ، عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أنه قال:” أَوْصَانِي خَلِيلِي – صلى الله عليه وسلم – بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍمِنْكُلِّ شَهْرٍ وَرَكْعَتَيِ الضُّحَىوَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَرْقُدَ”متفق عليه.
وأقلها ركعتان ، وأكثرها ثمان ركعات ، وقيل: لا حدَّ لأكثرها.
ولصلاة الليل شأنٌ عظيم ، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ” رواه مسلم.
وللصلاة سننٌ قبلها ، وفيها ، وبعدها ، وكذلك أذكار الصلاة التي تُقال بعدها ، وأذكار اليوم والليلة ، والصباح والمساء.

اقرأ أيضا  خطبة بعنوان ” لاتحملوا هم الرزق ” للشيخ ايمن صيدح

أيها المسلمون:
ومن السنن التي علينا إشاعتُها: السلام ، سُئِل الرسول – صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الإسلام خيرٌ؟ قال: “تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأ السَّلامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ ” رواه البخاري ومسلم.
ومن السنة لمن أراد أن يُفارِق أحدًا من الناس: أن يأتي بالسلام كاملاً ، لحديث: “إِذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إِلَى المَجْلِسِ فَلْيُسَلّمْ، فإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ فَلْيُسَلّمْ فلَيْسَتِ الأولَى بِأَحَقّ مِنَ الآخرة ” رواه أبو داود والترمذي.
والابتسامة سنة ، قال – صلى الله عليه وسلم -: “لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ” رواه مسلم.
والمصافحة ، قال – صلى الله عليه وسلم -: “مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا” رواه أصحاب السنن إلا النسائي.
وقال – صلى الله عليه وسلم -: “الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ ” رواه البخاري ومسلم.
والله تعالى يقول: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا﴾ .
عباد الله:
وللطعام سننٌ يجمعها حديث: “يَا غُلامُ سَمِّ اللَّهَ ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ ” رواه مسلم.
وأيضًا: حمدُ الله تعالى بعد الأكل”إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا ” رواه مسلم.
وكان من دعاء النبي – صلى الله عليه وسلم – بعد الطعام: “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا ، وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي ، وَلاَ قُوَّةٍ ” وثمرة هذا الدعاء: “غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ” رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة ، وحسَّنه الحافظ.
وكذلك: التنفُّس أثناء الشرب خارج الإناء؛ أي: على ثلاث مرات ، ولا يشربه مرةً واحدة ، وكان – صلى الله عليه وسلم – يتنفَّس في الشراب ثلاثًا؛ رواه مسلم.
ألا فالْزَموا سنة نبيكم ، واتْبَعوا هديَه تفوزوا وتُفلِحوا.
ثم صلُّوا وسلِّموا على خير البريَّة ، وأزكى البشرية: محمد بن عبد الله الهاشمي القرشي ، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد ، وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وأزواجه أمهات المؤمنين ، وصحابته الغُرِّ الميامين ، وارضَ اللهم عن الأئمة المهديين ، والخلفاء المرضيين: أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليٍّ ، وعن سائر صحابة نبيك أجمعين ، ومن سار على نهجهم واتبع سنتهم يا رب العالمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين ، وأذِلَّ الشرك والمشركين ، ودمِّر أعداء الدين ، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا وسائر بلاد المسلمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، وأيِّد بالحق إمامنا ووليَّ أمرنا ، اللهم وفِّقه لهداك ، واجعل عمله في رضاك ، وهيِّئ له البِطانة الصالحة ، اللهم وفِّق وليَّ عهده لما تحب وترضى ، وأتمَّ عليه الصحة والعافية ، اللهم وفِّق النائب الثاني لما فيه الخير للعباد والبلاد ، واسلُك بهم جميعًا سبيل الرشاد ، وكن لهم مُوفِّقًا مُسدِّدًا لكل خيرٍ وصلاح.
اللهم ادفع عنا الغلا والوبا ، والربا والزنا ، والزلازل والمِحَن ، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بَطَن.
اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان ، اللهم اجمعهم على الحق والهدى ، وأصلِح أحوالهم ، واكبِت عدوَّهم ، اللهم وانصر المُستضعَفين من المسلمين ، اللهم انصر المُستضعَفين من المسلمين في كل مكان ، اللهم انصرهم في فلسطين ، اللهم اجمعهم على الحق يا رب العالمين.
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين.
اللهم عليك بأعداء الدين فإنهم لا يُعجِزونك.
﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ .
اللهم اغفر ذنوبنا ، واستر عيوبنا ، ويسِّر أمورنا ، وبلِّغنا فيما يُرضِيك آمالنا ، ربنا اغفر لنا ولوالدينا ووالديهم وذرياتهم ، إنك سميع الدعاء.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت ، أنت الغني ونحن الفقراء ، أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم أغِثْنا ، اللهم أغِثْنا ، اللهم أغِثْنا ، اللهم أعطِنا ولا تحرِمنا ، وزِدنا ولا تنقُصنا ، اللهم أنزِل علينا الغيثَ ، واجعل ما أنزلتَه قوةً على طاعتك ، وبلاغًا إلى حين.
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، وتُب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المصدر:منبر الجمعـــــــــــــــــة من الحــــــــــــــرم المكـــــــــــي

اقرأ أيضا  خطبة المسجد الحرام - التنافس في فعل الخير
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.