شعوباً وقبائل لتعارفوا
الإثنين،12ربيع الثاني1436//2 فبراير/شباط 2015وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
فهد عامر الأحمدي
لا أعرف شيئا أفضل من التواصل المباشر بين الأمم لإزالة الأحقاد والضغائن.
لا أعرف شيئا أفضل من السياحة والسفر لفهم ثقافة الآخر وطريقة تفكيره ونظرته للحياة.
لا أعرف أعظم من السفر والترحال لتوسيع المدارك وزيادة الخبرات وتقييم الأفكار.
أؤمن بشدة بأن الله خلقنا شعوبا وقبائل لتعارفوا؛ وليس شعوبا وقبائل لتناحروا ويقتل بعضكم بعضا.. حين تبحث عن تاريخنا الحقيقي (الذي طُمر تحت كم هائل من المبالغات والأساطير) تكتشف أن الإسلام انتشر من خلال هجرات سكان الجزيرة العربية الى مصر واليمن والشام وشمال أفريقيا.. معاركنا العسكرية كانت لتحطيم الجيوش وليس لتحطيم المعتقدات وإجبار الناس على دخول الإسلام بالقوة غالبا (فمن غير المعقول التصديق بإمكانية تغيير قناعات الانسان الداخلية بحد السيف فقط).. والدليل أن الإسلام انتشر في افريقيا السوداء وجزر الملايو واندونيسيا واليمن والصومال وجنوب الفلبين دون غزوات وصليل سيوف.. وفي المقابل فتحنا أسبانيا وقبرص وجنوب فرنسا وسيطر الأتراك على شرق أوروبا لعدة قرون ولم يجعل ذلك أهلها مسلمين..
السفر والترحال له تأثير حميد سواء على المسافر ومن يلتقي بهم من أهل البلد.. ومنذ كنت طالبا في أمريكا أدركت أن التواصل المباشر (مع المواطنين هناك) أفضل وأسرع وسيلة لتكذيب الإعلام المناوئ للعرب والمسلمين.. لا تحتاج لأكثر من لقاء مباشر لتغيير كل ما سمعوا من الاعلام المشوه طوال سنين.. واليوم أصبح تعرفي على أصدقاء من الدول الأخرى من أساسيات السفر التي أكررها في كل بلد (وتجد في النت مقالات كثيرة بهذا المعنى مثل: السياحة مع أهل البلد، وأصدقاء حول العالم، وأصدقاء من أمريكا الجنوبية)..
والحقيقة هي أن السفر بالإضافة الى منحنا سبع فوائد يخدم ثقافتك المحلية، ويوسع مداركك الثقافية، ويزيد من تجاربك وخبراتك الشخصية.. وفي المقابل يتسبب خوفك منه بضيق الأفق، وكراهية الآخر، والمبالغة في التعصب، وتبني ثقافة وحيدة بالاعتقاد بأنها فريدة ومقدسة..
وفي حين يملك “الرحالة” أفقاً أوسع، وتفهماً أكبر، ونظرة أشمل؛ يتسبب الانغلاق في الكراهية وعدم التقبل واعتبار ما نشأنا عليه محورا ومقياسا نقيّم من خلاله ثقافات العالم..
وبناء على كل ماسبق؛
لا أتردد في نصحك بالسفر والانفتاح على العالم ما استطعت الى ذلك سبيلا.. ستشعر بعد ثاني أو ثالث رحلة أنك أصبحت مواطنا عالميا يملك مشاعر إنسانية تسمو فوق كافة الخلافات العرقية والعنصرية والثقافية والمذهبية..
لا تعتقد يوما أن الانغلاق والمكابرة والتزمت ستقنع أحدا بأفكارك ومعتقداتك الخاصة…
لا تخدع نفسك وتعتقد أنك تملك ثقافة وتقاليد فريدة من نوعها…
لا تصدق من يخبرك أن ديننا الحنيف انتشر بحد السيف أو الفتوحات العسكرية فقط…
على العكس تماما؛ سياحتك في بلاد الله هي من يقدم أنموذجا عمليا لأفكارك ومعتقداتك الخاصة…
يمكن لأخلاقك العالية وتعاملك الحميد أن يزيلا في لحظات ركام سنين من الأكاذيب والافتراءات…
لا يمكنك أن تحصر حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (وخالق الناس بخلق حسن) ببيئتك المحلية فقط كونه قال “وخالق الناس” ولم يقل “وخالق المسلمين” أو “خالق بني قومك وعشيرتك الأقربين”!!
.. صدقني.. من لم يغادر بلاده يوما يملك الكثير من الأفكار الخاطئة عن “الآخرين”..
المصدر:الرياض