لنكن من دعاة الرحمة في الدنيا!
الإثنين،2 رجب 1436//20 أبريل/نيسان 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”a
إن مجتمعنا المسلم أصبح يعج بالعمالة غير المسلمة من مختلف الجنسيات والديانات المتعددة، ونحن كمسلمين قد كلفنا بتبليغ الدين الإسلامي إلى جميع الناس بغض النظر عن ألوانهم وأجناسهم ودياناتهم، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}، وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}، والدين الإسلامي ليس مقصورًا على فئة معينة أو مجتمع معين، كما هو في الأديان السماوية السابقة مثل النصرانية واليهودية، بل هو ناسخ لجميع الأديان، واجب على كل من علم به أن يدخل فيه وينضم تحت رايته، وأن يدع ما هو عليه من دين باطل أو محرف لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: لو كان موسى حيًّا ما وسعه إلا اتباعي.
ومن هنا نقول إن واجبنا أن نبلغ هذا الدين إلى العالم حتى لا نتحمل الإثم لقوله صلى الله عليه وسلم: من كتم علمًا يعلمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار، وإذا كنا نعتذر بعدم القدرة على السفر إليهم فقد كُفينا ذلك بحضورهم إلينا وكفينا هذه المشقة، ومع ذلك مازلنا مكلفين بتبليغ الرسالة إلى العالم أجمع وليكن على أقل تقدير هؤلاء الذين حضروا إلى بلادنا.
والمكلف بالدعوة إلى الله تعالى هو كل مسلم ومسلمة، لأن الأمة الإسلامية تتكون منهم، فكل عاقل من أبنائها مكلف بهذا الواجب، ذكرًا كان أو أنثى، فلا يختص العلماء بأصل هذا الواجب، لأنه واجب الجميع، وإنما يختصون بتبليغ تفاصيله وأحكامه ومعانيه، نظرًا لسعة علمهم به ومعرفتهم بجزئياته، ويؤيد الأمر وضوحًا قول الباري عز وجل: { لقد أجريت +1 لهذا بشكل عام. تراجعقلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، فأتباع الرسول صلى الله عليه وسلم المؤمنون به يدعون إلى الله على بصيرة ويقين، ومعنى ذلك أن من اللوازم الضرورية لإيمان المسلم أن يدعو إلى الله فإذا تخلف عن الدعوة دل تخلفه هذا على وجود نقص وخلل في إيمانه يجب تداركه بالقيام بهذا الواجب، وواجب الدعوة إلى الله تعالى شرف للداعي، فمكانته مكانة عظيمة جدًّا، فقوله في الدعوة إلى الله أحسن الأقوال في ميزان الله تعالى وهو أصدق الموازين، قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.
وهناك سؤال يطرحه المسلم على نفسه دائمًا: لماذا الالتزام بالدعوة إلى الله؟ لماذا نؤثر التعب على الراحة؟ لماذا نحن نلتزم بالدعوة؟ وقد تصطدم مع كثير من المصالح، قد تتعرض لمصلحة الجاه، لمصلحة المنصب، لمصلحة الثراء، لمصلحة الشهرة…إلى آخر ذلك من رغائب الدنيا الكثيرة.
ولكننا نأبى إلا أن نلتزم بالدعوة إلى الله ولو لم يبق لنا من حظ دنيانا إلا أن ننام على الرصيف، ونأكل كسرة الخبر ونشرب جرعة الماء، وعلينا ثياب بالية في سبيل رضا ربنا، ونشر دعوته، واتباع نبيه والرغبة في جنته، والفردوس الأعلى ورؤيته سبحانه وتعالى.
نلتزم بالدعوة إلى الله لكي نحوز معيه الله، يقول سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}، نلتزم لنطلب الفلاح، يقول تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، نلتزم بالدعوة إلى الله لهداية الحائرين الذين يقول الله عنهم في محكم التنزيل: {كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى}.. فسارع وكن أنت هذا الصاحب- الداعي للخير- الذي يدعو ذلك الحائر إلى الهدى!
بقلم: د. وفاء العجمي