وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ

الأربعاء،4 رجب 1436//22 أبريل/نيسان 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
لطالما استوقفتني هذه الآية الكريمة، ومست شغاف قلبي، فعزمت على معرفة خفاياها، وبدأت جولة البحث في المراجع قديمًا وحديثًا، وقد تشرفت بالتعرف عليها بعمق أكبر.
التطوع: هو تلك الأفعال النابعة من الإنسان طواعية من تلقاء نفسه، لايريد من ورائها إلا وجه الله! فالله- عز وجل- هو الذي يثيب على القليل بالكثير، ولايبخس أحدًا مثقال ذرة من عمل.
إن للتطوع أبوابًا عظيمة مفتحة لكل شخص، مادام في جسده روح تتنفس، كل على حسب استطاعته، وفي المكان الذي تهواه نفسه، فلا يوجد فينا أحد إلا وهناك هواية محببة إلى قلبه، وقد يبدع فيها أكثر من إبداعه في وظيفته! فعلى سبيل المثال أعرف شابا يعمل طبيبا، ولاتخفى عليكم تلك المتاعب التي تواجه كل ممارس لهذه الوظيفة، من انشغال مع المرضى وعمليات متعبة بشكل يومي، ناهيك عن تلك (النبطشيات) الدورية، إلا أن ذاك الشاب عاشق للإلكترونيات وبرامج الحاسوب الاحترافية بشكل جنوني، وما بين ليلة وضحاها قرر، وبكل حب، أن يتقرب لخالقه بما يحب، شاكرًا لله على تلك الموهبة التي حباه إياها، فقام بتأسيس إذاعة شبابية منوعة تبث على مدار الساعة، وتشرف بالقيام على إنجاز مصحف إلكتروني في غاية التميز والجمال، وعمل جاهدًا في مجال تصميم الشعارات والبرمجة بلغات مختلفة من باب التطوع، دون أي مقابل، كل ذلك أثناء أوقات الفراغ التي تتيسر له، والتي لا يفكر أحدنا إلا في الاسترخاء فيها وفي كوب من “الكابتشينو” وفي التقلب ما بين القنوات الفضائية المختلفة.
جُّل ما أرنو إليه من هذه الحكاية هو الالتفات إلى تلك النفس النقية الطاهرة في داخل كل إنسان، والعمل على سقيا تلك البذرة الخيرة في داخلنا، بابتسامة نرسمها على شفاه الفقراء والمحتاجين، وبيد رحيمة نمسح بها رأس يتيم نجاور بعدها سيد الخلق محمدًا صلى الله عليه وسلم في أعلى المنازل، بمشاعر التفاؤل نشارك مريضًا أنساه الألم لذة الأمل، بسياراتنا، بمنازلنا، بأبنائنا، بخلق حسن تستثار به نفس تتساءل دهشة: من بتلك الأخلاق قد اتصف؟ أي نهج عظيم حمله بين جنباته يدعوه لذاك الرقي؟ قد تهدي روحًا إلى جنات النعيم دون أن تعلم! إنه إبداع لانهاية له!
قال تعالى:{وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الحج:77)، قد نكون منهم بمجرد فكرة من الأفكار الرائدة النافعة، أو بحرفة متقنة، أو بعلم ننشره ولوكان قليلًا، فرب قليل نال بركة جليلة بنية صادقة، ما أجمل أن يقال بعد رحيلك (قد كان هنا فلان)!.
عمل الخير يضاعف أجرك، بل ويضاعف مشاركتك مع الآخرين، من خلال انخراطك بنشاطات مختلفة مع أناس لا يرجون من عملهم ربحا ولا نظيرا إلا الارتقاء بأنفسهم عن كل شائبة تخدش نقاءها والخيرية التي تسكنها، تفكر بكل ما تملك من مواهب وإمكانيات وعلم، جرب أن تمارس شيئا من ذلك في تلك الزاوية المسماة بالتطوع.. قال صلى الله عليه وسلم: «لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين» (رواه مسلم).. هل بعد ذاك الرقي رقي؟
ــــــــــــــــــــــ

اقرأ أيضا  الحوار في القرآن الكريم والسنة النبوية

أنوار الزنكي
رئيسة قسم العلاقات العامة
(الفريق التطوعي)
[email protected]

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.