صلة الرحم

الخميس 8 رمضان 1436//25 يونيو/حزيران 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
ولله عتقاء من النار.. وذلك كل ليلة
دعت آيات القرآن الكريم، وأحاديث النبي إلى صلة الرحم، ورغبت فيها أعظم الترغيب، وكان الترغيب دينياً ودنيوياً، ولا شك أن المجتمع الذي يحرص أفراده على التواصل والتراحم يكون حصنًا منيعًا، وقلعـة صامدة، وينشأ عن ذلك أسر متماسكة، وبناء اجتماعي متين يمد العـالم بالقادة والموجهين والمفكرين والمعلمين والدعـاة والمصلحين الذين يحملون مشاعل الهداية ومصابيـح النور إلى أبناء أمتهم، وإلى الناس أجمعين.
معنى الرحم وصلة الرحم:
قال الراغب الأصفهاني: ( الرحم: رحـم المرأة.. ومنه استعير الرحم للقـرابة لكونهم خارجين من رحم واحدة ).
والمراد بالرحم: الأقرباء في طرفي الرجل والمرأة من ناحية الأب والأم. ومعنى صلة الرحم: الإحسان إلى الأقارب في القول والفعل، ويدخل في ذلك زيارتهم، وتفقد أحوالهم، والسؤال عنهم، ومساعدة المحتاج منهم، والسعي في مصالحهم.
فضل صلة الأرحام:
1- صلة الرحم من الإيمان:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله :
“من كان يؤمن بالله واليوم الآخـر فليـكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت” [رواه البخاري].
أمور ثلاثة تحقق التعاون والمحبـة بين الناس وهي: إكرام الضيف وصـلة الرحـم والكلمة الطيبة. وقد ربط الرسول هذه الأمور بالإيمان فالذي يؤمن بالله واليوم الآخر لا يقطع رحمه، وصلة الرحم علامة على الإيمان.
2- صلة الرحم سبب للبركة في الرزق والعمر:
كل الناس يحبون أن يوسع لهم في الرزق، ويؤخر لهم في آجالهم لأن حب التملك وحب البقاء غريزتان من الغرائز الثابتة في نفس الإنسان، فمن أراد ذلك فعليه بصلة أرحامه.
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله :
“من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه”. [رواه البخاري].
عن علي رضي الله عنه عن النبي قال:”من سره أن يمد له في عمره، ويوسع له في رزقه، ويدفع عنه ميتة السوء، فليتق الله وليصل رحمه”. [رواه البزار والحاكم].
3- صلة الرحم سبب لصلة الله تعالى وإكرامه:
عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي أنه قال:”الرحم متعلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله”. [رواه مسلم].
وقد استجاب الله الكريم سبحانه، لها فمن وصل أرحامه وصله الله بالخير والإحسان ومن قطع رحمه تعرض إلى قطع الله إياه، وإنه لأمر تنخلع له القلوب أن يقطع جبار السموات والأرض عبدًا ضعيفاً فقيراً.
4- صلة الرحم من أسباب دخول الجنة:
فعن النبي أنه قال: “يأيها الناس أفشوا السلام أطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام” [رواه أحمد والترمذي وابن ماجه].
الصلة الحقيقية أن تصل من قطعك:
المرء إذا زاره قريبه فرد له زيارته ليس بالواصل، لأنه يـكافئ الزيارة بمثـله، وكذلك إذا ساعده في أمر وسعى له في شأن، أو قضى له حاجه فردّ له ذلك يمثله لم يكن واصلاً بل هو مكافئ، فالواصل حقاً هو الذي يصل من يقطعه، ويزور من يجفوه ويحسن إلى من أساء إليه من هؤلاء الأقارب.
عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله قال: “ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها” [رواه البخاري].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسـول الله إن لي قرابة أصلهـم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إليّ، وأحلم عليهم ويجهلون عليّ فقال : “إن كنت كما قلت فكأنما تُسِفهّم المَلّ ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك”. [رواه مسلم].
والمَلّ: الرماد الحار، قال النووي: يعني كأنما تطعمهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم، ولا شيء على هذا المحسن إليهم لكن ينالهم إثم عظيم بتقصيرهم في حقه وإدخال الأذى عليه.
ففي الحديث عزاء لكثير من الناس الذين ابتلوا بأقارب سيئين يقابلون الإحسان بالإساءة ويقابلون المعروف بالمنكر فهؤلاء هم الخاسرون.
قطع الأرحام
إن الإساءة إلى الأرحام، أو التهرب من أداء حقوقهم صفة من صفات الخاسرين الذين قطعوا ما أمر الله به أن يوصل بل إن ذلك جريمة وكبيرة من كبائر الذنوب. وإن الإنسان منا ليسؤوه أشد الإساءة ما يراه بعيـنه أو يسمعه بأذنيه من قطيـعة لأقرب الأرحام الذين فُطر الإنسان على حبهم وبرهم وإكرامهم، حتى أصبح من الأمور المعتادة أن نسمع أن أحد الوالدين أضطر إلى اللجوء للمحكمة لينال حقه من النفقة أو يطلب حمايته من ابنه، هذا الذي كان سبب وجوده.
ولا يفعل مثل هذا الجرم إلا الإنسان الذي قسا قلبه وقلت مروءته وانعدم إحساسه بالمسؤولية.
قاطع الرحم ملعون في كتاب الله
قال الله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُم}. [محمد:32-33].
قال على بن الحسين لولده: يا بني لا تصحبن قاطع رحم فإني وجدته ملعوناً في كتاب الله في ثلاثة مواطن:
قاطع الرحم من الفاسقين الخاسرين:
قال الله تعالى: {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ * الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [البقرة:26-27].
فقد جعل الله من صفات الفاسقين الخاسرين الضالين قطع ما أمر الله به أن يوصل ومن ذلك صلة الأرحام.
قاطع الرحم تعجل له العقوبة في الدنيا:
ولعذاب الأخرة أشد وأبقى:
عن أبي بكر رضي الله عنه عن رسول الله قال: “ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه بالعقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم”. [رواه ابو داود والترمذي وابن ماجه].
وقد رأينا مصداق هذا في دنيا الواقع، فقاطع الرحم غالباً ما يكون تعباً قلقاً على الحياة، لا يبارك له في رزقه، منبوذاً بين الناس لا يستقر له وضع ولا يهدأ له بال.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : “إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة: قال نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ؟ قالت: بلى قال: فذلك لك”. [رواه البخاري].
وما أسوأ حال من يقطع الله.. ومن قطعه الله فمن ذا الذي يصله.
_______________
– قصة الإسلام

اقرأ أيضا  خطبة المسجد النبوي - فضل صلة الرحم
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.