أدب الوصايا والمواعظ
الإثنين 28 ذو الحجة 1436//12 أكتوبر/تشرين الأول 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
إن الأدب العربي القديم يشمَل أشكالاً شتَّى، وله موضوعات متعدِّدة؛ ففيه الشعر والنثر؛ من قصة وخطابة، وأمثال وحِكَم ووصايا.
وإذا كان الشعر والقصة والخطابة قد نالَتْ حظَّها من الدراسة، فإن بعض فنون الأدب العربي النثرية لم تحظَ بذلك الاهتمام، وكان الدارسون للأدب عامَّةً يمرُّون بها مرورًا عابرًا.
ولكن أخانا الدكتور عدنان النحوي، الذي ألَّف أكثر من أربعين كتابًا تتراوَح بين الدين والأدب – اهتمَّ بهذه الفنون المهضومة الحق، وألَّف كتابًا يَزِيد على ثلاثمائة صفحة من القطع المتوسِّط هو كتاب “أدب الوصايا والمواعظ”، أعاد فيه لهذا الفن الأدبي الاعتبار، وكان مُنطَلقه في كتابه هذا الندوة الأدبية التي عقَدَها الشيخ أبو الحسن الندوي في دار العلوم في حيدر أباد في الهند، تحت عنوان (أدب الوصايا والمواعظ في الإسلام).
وقسَّم الدكتور كتابه إلى سبعة أبواب:
دارَ الحديثُ في الباب الأول منها حول مفهوم الأدب الملتزم وترسيخ مفهوم الأدب الإسلامي.
ثم تحدَّث في الباب الثاني عن هذا الفن عند غير العرب وعند عرب الجاهلية، وخصَّص الباب الثالث للحديث عن الخصائص الإيمانية لهذا الفن، وفي القرآن الكريم وأحاديث الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – خاصَّة، وبدأ بعد ذلك يَعرِض لنا نصوص المواعظ والوصايا التي خلَّفها لنا الخُلَفاء الراشدون، يأخذها من مصادرها الأدبية ويعلِّق على كلِّ نصٍّ منها مُبرِزًا بعض سماته.
وانتَقَل في الباب الخامس إلى وصايا ومواعظ خُلَفاء بني أميَّة وبني العباس، وبعض القادة والوُلاَة والأُدَباء المشهورين.
وأشار إلى أن الوصايا والمواعظ عُولِجت شعرًا كما عُولِجت نثرًا، فخصَّص الباب السادس لذلك، واستعرَضَها في شعر سبعة وعشرين شاعرًا، وهم بين مُقِلٍّ أوْرَد له ثلاثة أبيات كالحُطَيئة، ومُكثِر أوْرَد له أكثر من ثلاثين بيتًا كالشافعي وأبي العتاهية.
ولكن المُلاحَظ عليه في هذا الباب أنه اختَلَط لدَيْه شعر الحكمة بشعر الوعظ والوصايا، فهو يقول مثلاً: “ولأبي العلاء المعرِّي مواعظ وحِكَم نأخذ منها…”.
ويختم الباب السابع بالحديث عن الدراسة الفنيَّة لبعض نصوص الوصايا والمواعظ، وهو يقول في هذا المجال: “وكان الجَمال الفني والمستوى الأدبي الذي حملَتْه المواعظ والوصايا على درجة عالية من الإبداع، حمل جماله الفني من عظَمَة الإيمان والتوحيد، وعظَمَة منهاج الله وعظَمَة اللغة العربية”.
والكتاب جديرٌ بالتوقُّف عنده، وارتشاف ما فيه من هذا الإمتاع الأدبي الفني، ومن الغذاء الروحي والنفسي، بأَخْذِ العِظَة والعبرة من هذه النصوص.
الألوكة