كيف فاز حزب العدالة والتنمية في تركيا ؟

.م. علاء الدين البطة

الخميس 23 محرم 1437//5 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية

منذ عام 2002 هذا هو السباق الانتخابي الحادي عشر لحزب العدالة والتنمية التركي الذي يفوز فيه بل ويحقق مفاجأة كبيرة ومهمة بخوضه  تجربتين انتخابيتين في غضون أٌقل من ستة شهور ،الأولى كانت في يونيو الماضي حيث حصل الحزب على 41% من أصوات الناخبين والثانية في الأول من نوفمبر وحصل فيها على 49.43%.

والمفارقة أنه في الانتخابات الأولى مُنى الحزب بخسارة أو تراجع مقداره 8 نقاط انتخابية كانت السبب في  حرمانه من الانفراد الطويل والمتواصل في تشكيل حكومة لوحده والذي بدأ عام 2002 في تأسيسه مع الإشارة إلى أن الحزب كان يحتاج فقط إلى 18 مقعداً برلمانيا ليشكل الحكومة بمفرده في الانتخابات السابقة.

إلا أنه وبمهارة بالغة استطاع خوض هذه الانتخابات المبكرة وتسجيل ضربة قوية ضد خصومه بحصوله على أكثر مما كان يتوقع الكثير من المتفائلين،  إذ تمكن من العودة إلى وضعه السابق وتعويض النقاط الثمانية التي خسرها وزيادة بل وتحقيق ليس فقط الـ 18 مقعداً التي كانت تعيق تشكيله الحكومة منفردا بل والحصول على 60 مقعداً إضافيا وأكثر من خمسة ملايين صوت انتخابي في هذه الفترة القياسية .

وهنا يتردد سؤال على ألسنة الجميع وهو من أين وكيف حصل حزب العدالة على هذا الدعم الشعبي الكبير؟

لا يستطيع أحد أن ينكر حجم الديناميكية العالية والتفاعل المستمر لحزب العدالة والتنمية مع قضاياه – وخصوصا المحلية الوطنية – إذ أنه وبعد تراجعه المباشر في يونيو الماضي أعلن الحزب أن ( رسالة الناخب التركي الاحتجاجية قد وصلته) وشرع فوراً في عمل دراسات ومراجعات وتقييم التجربة والوقوف عند جملة من الاخطاء التي وقع فيه الحزب ولا بد من التعاطي معها والإنتباه الجيد لها والتي كان من أهمها:

اقرأ أيضا  7 وسائل طبيعية لخفض ضغط الدم

1. التعاطي مع خيارات الناخب التركي البسيط الذى لا يعنيه موضوع الاصلاحات الدستورية بقدر ما  يبحث عن  خطط فعالة ومُقنعة وعن إمتيازات تخاطب المصالح الاقتصادية الفردية للمواطن التركي الذي تأثر سلبًا بعد موقف تركيا المُساند بشكل كامل لقضايا اللاجئين،  ويتضمن ذلك مزيدا من  الإصلاحات الاقتصادية والحوافز المادية مثل تخفيض الأسعار وزيادة الأجور وتوفير مزيد من فرص العمل بل والمنازل للفقراء  وبالفعل فقد أطلق الحزب وعودا انتخابية تتراوح قيمتها بين 20-30 مليار دولار أمريكي مستهدفا هذه الشريحة المهمة  وكانت النتيجة واضحة حيث تم استقطاب ما يقارب  مليوني شخص من المواطنين الاتراك.

2. إستيعاب التخوفات لدى المعارضة التركية  بل ولدى الشارع التركي من المس بالحالة الديمقراطية في البلاد عبر التخويف الذى أثارته المعارضة التركية من  تحويل النظام السياسي التركي من النظام البرلماني إلى النظام شبه الرئاسي  وهى المادة التي استغلتها المعارضة في الإساءة إلى حزب العدالة  والإيعاز بأن السيد اردوغان لا يريد الخروج من الحكم في تركيا و أن هذا النظام يسعى لتكريس الديكتاتورية ، ولذا فإننا لاحظنا – بعد انتهاء انتخابات يونيو – تخفيفا كبيرا بل عدم تعاطي في التصريحات السياسية التي تتحدث عن إصلاحات دستورية تفضى إلى تحويل نظام الحكم في تركيا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي  أو شبه الرئاسي.

3. سياسة الحزب الجديدة و التي اتجهت نحو إستقطاب المزيد من التأييد من الأوساط القومية في تركيا التي ترى في حزب العمال الكردستاني عدواً لا يمكن السلام معه نهائياً. ، خاصة بعد أن اندلعت المواجهة مع حزب العمال الكردستاني في إبريل 2015 ، حيث  نجح حزب العدالة  في إقناع إبن مؤسس الحركة القومية المعارض والنائب عن الحزب في العاصمة أنقرة – “طغرل تركش”  في الانضمام لحكومة تسيير الأعمال التي يقودها أحمد داود أغلو  بل وتم تعيينه نائباً لرئيس الوزراء رغم رفض الحركة القومية لهذا الانضمام  بل وسحب عضوية النائب من الحزب ، وهذا ما أدى إلى  الإستفادة من الكثير من أصوات القوميين في الانتخابات  بصورة واضحة  حيث بدا واضحاً في تراجع حضور الحزب بنسبة كبيرة  زادت على 4% وأكثر من مليون صوت انتخابي يمثلهم 40 عضوا في البرلمان الجديد.

اقرأ أيضا  داود أغلو يرفض الحديث عن وجود الخلافات بينه وبين أردوغان

4. ممارسة مزيد من الضغوط على الحزب الشعوب الديمقراطي الكردي – الحصان الرابح في الانتخابات السابقة-  وممارسة مزيد من الضغوط عليه وأبرزها التهديد بحظر نشاط الحزب ومنع قادته من العمل السياسي عبر تقديمه وكأنه الجناح السياسي لحزب العمال الكردي بقيادة عبد الله أوجلان والمصنف إرهابيا في تركيا -، خاصة بعد أن اندلعت المواجهة مع حزب العمال الكردستاني في إبريل  ، عدا عن ممارسة المزيد من الضغوط على “الإسلاميين الأكراد” الذين انتقلوا من دعم العدالة والتنمية إلى الشعوب الديمقراطي في الانتخابات الماضية، حيث استجاب لهم بتغيير الكثير من الأسماء الغير مقبولة لديهم في سبيل كسب ولائهم ، وهذا ما أدى بالمجمل إلى تراجع واضح في شعبية الحزب بلغت ثلاث نقاط وحوالي مليون صوت انتخابي يمثله 25 عضوا في البرلمان.

5. الاستجابة لكثير من مطالب حزب السعادة التركي الصغير والتحالف مع الجزء الاكبر منه ، وهذا ما منح حزب العدالة والتنمية ما يزيد على 700000 صوت إضافي من أصوات حزب السعادة في هذه الانتخابات ، مع أن هذه الاصوات  كانت تكفيه للفوز وتشكيل الحكومة في انتخابات يونيو الماضي  حيث كانت مفاوضات التحالف بين الحزبين في الانتخابات السابقة قد وصلت الى طريق مسدود بسبب تعنت الطرفين.

6. ترتيب الوضع الداخلي للحزب في المؤتمر العام الخامس في شهر سبتمبر 2015 عبر الاستجابة لمطالب العديد من قيادات الحزب والتي كان أهمها الغاء قرار أردوغان السابق بمنع ترشح كل من مَرت عليه ثلاث ولايات متتابعة، وهو ما أدى- في انتخابات يونيو – الى  إستبعاد عدد كبير من القيادات المؤسسة والتاريخية  للحزب ، مثل ( بولنت أرينتش وعلي باباجان وبشير آتالاي)  وغيرهم وهو ما أفقد الحزب أكثر من مليون صوت من أبناء ومؤيدي الحزب الذين قاطعوا حزب العدالة في الانتخابات الماضية إما بالتصويت الاحتجاجي للقوميين والاكراد أو البقاء في بيوتهم .

اقرأ أيضا  مسلمو بريطانيا يطلقون مبادرة لمكافحة جرائم الطعن

 يمكن القول أن تجربة حزب العدالة والتنمية التركي هي تجربة رائدة ومهمة وتستحق البناء عليها بل وتشكل نموذجا ومصدرا للإلهام لدى الكثير من حركات وقوى الاسلام السياسي في الإقليم وخصوصا في المنطقة العربية ولكن يجب على الحركات الاسلامية دراسة تجربة حزب العدالة التركي بعمق وتجريدها من كافة النواحي بما يمكنها من الاستفادة الحقيقية التي تتطلب إجابات واضحة في مدى قدرة هذه الاحزاب في تقديم نماذج حقيقية في الديمقراطية والتدوير وكيفية إشغال المناصب وتمثيل الشباب والمرأة ومدى القدرة على تحقيق مطالب المواطنين بتجرد وحكمة.

     الحزب تاريخ الانتخابات النسبة عدد المقاعد عدد الاصوات
حزب العدالة و التنمية نوفمبر 2015 49.4% 316 000,469,23
يونيو 2015 41% 258 000,867,18
حزب الشعب الديمقراطي نوفمبر 2015 4,25% 134 000,056,12
يونيو 2015 25% 132 000,518,11
حزب الحركة القومية نوفمبر 2015 9,11% 41 000,665,5
يونيو 2015 3,16% 80 000,519,7
حزب الشعوب الديمقراطي نوفمبر 2015 7,10% 59 000,084,5
يونيو 2015 2,13% 80 000,058,6
حزب السعادة نوفمبر 2015 6,5% 000,324
يونيو 2015 2,2% 000,033,1

 

المصدر : البيان

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.